احزاب تعز تقترح حلا لمواجهة الوضع الاقتصادي المتأزم وتطالب الرئاسة والحكومة بسرعة انقاذ العملة العليمي يبحث مع سفير واشنطن الدعم الإقتصادي المطلوب وموقف اليمن من انتهاكات إسرائيل في فلسطين مسئول كبير في الشرعية يكاشف الجميع حول قضايا وملفات مهمة: سبب التراجع عن قرارات البنك المركزي ومصير التوقيع على خارطة الطريق وخيار الحسم العسكري كوريا الشمالية تختبر صاروخاً باليستياً يمكنه الوصول الى أمريكا الإعلام الأمني ينشر أسماء ضحايا حادث التصادم الأليم في طريق شحن بمحافظة المهرة موسكو هربت قيادي ايراني من ميناء الحديدة.. تورط متزايد لروسيا مع الحوثيين في اليمن وامريكا تدرس كيفية الرد اول دولة عربية تعلن عن تطوير 8 منظومات متكاملة لصناعة الطيران مركز الملك سلمان للإغاثة يقدّم مساعدات غذائية في الضالع حادث مروري مروع في المهرة يخلف 11 ضحية إعادة فتح طريق مطار عدن بعد سنوات من الإغلاق
رغم أن كل التوقعات تشير إلى أن الرئيس علي عبدالله صالح سيكون مرشح المؤتمر الشعبي العام لفترة رئاسية مقبلة ولن يحدث أي تغيير في المشهد السياسي إلا أن هذا الاستنتاج ربما يقودنا في اليمن إلى حرب أهلية قد لا يعرف أحد مخاطرها. ورغم أن هناك من يطالب الرئيس الحالي بالبقاء في السلطة بحجة أنه صمام أمان وموضع اتفاق بين القوى جميعها إلا أن استمراره في واقع الأمر لا يعني سوى استمرار الوضع الحالي كما هو عليه، أو في أحسن الأحوال تأجيل مواجهة استحقاقات ضرورية، وإغلاق الأبواب على أي أمل في التغيير لصالح البلاد وبالتالي تفاقم الاحتقان بما يمهد لثوران الشارع وانفجاره في وجه أهل السلطة والمعارضة معا.
ولهذين السببين وأسباب أخرى محلية وإقليمية ودولية لا مجال لإيرادها في الوقت الحالي استطيع أن أقول إن هناك بصيص أمل مازال قائما في أن يكون الرئيس صادقا هذه المرة فيما وعد به شعبه في يوليو تموز من العام الماضي،لأنه صاحب مفاجآت وقد لا يعرف أحد ماذا يدور في ذهنه حتى اللحظة الأخيرة. وإذا كان هناك من يمكن أن يبلغه الرئيس بما يدور في ذهنه قبل أيام قليلة من حلول آخر موعد للترشيح فهو مدير مكتبه وكاتم أسراره المخلص «بوتين اليمن» علي محمد الآنسي.
ولا نستبعد أيضا أن يقدم الرئيس على اختيار علي الآنسي لإكمال مسيرة الحكم لأنه الشخص الذي يدير اليمن بالفعل حاليا ولن يكون غريبا عن السلطة، مثلما أن السلطة ليست غريبة عليه، وفي ذات الوقت من المؤكد أنه ليس من صالحه أن ينقلب على الرئيس بعد رحيله. والذي يجعلنا لا نستبعد مثل هذه الخطوة هي الظهور المفاجئ لعلي الآنسي في وسائل الإعلام على غير عادته وتعمد إلقاء محاضرات عن الأمن القومي لا يهملها الإعلام الرسمي علاوة على اختياره رئيسا للجنة مكافحة الفساد بحكم أنه من أقل المسؤولين المشتبهين بالفساد وأكثرهم دراية بمكامن الفساد وبؤر الفاسدين.
وتنطبق الشروط المطلوبة في الخليفة المحتمل على علي الآنسي لأنه مقطوع من أي بعد قبلي أو بعد عسكري رغم أنه يحمل رتبة عميد، وليس له أي بعد إقليمي أو امتداد دولي سوى احترام السفراء الأجانب له وإعجابهم بدماثة أخلاقه.
لكن نقطة ضعف الآنسي الوحيدة هي الغيرة والحسد وربما الكراهية التي يكنها له كبار قادة الوحدات العسكرية من أقارب الرئيس لأنه من وجهة نظر بعضهم يهيمن على قلب وعقل الرئيس. وبما أن القوة مازالت بأيدي هؤلاء القادة الغيورين فقد يرتكب أحدهم مغامرة للإطاحة بالرئيس المقبل إلا إذا استمر علي عبدالله صالح في منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة وهو أمر غير مستبعد وفقا للخصوصية اليمنية.
ومن المعروف أيضا أن الرئيس هو الذي يحمي علي الآنسي من بطش الخصوم، ولايمكنه حاليا أن يستغني عن شخص مثله في غاية الترتيب والتنظيم والتهذيب بالمقاييس اليمنية على الأقل، وبإمكانه أن يسبغ عليه الحماية ذاتها لو تنازل له عن الرئاسة بحكم هيمنة علي عبدالله صالح على القوات المسلحة وهي الهيمنة التي يبدو أنه يأمل في استمرارها بعد تخليه عن الرئاسة عن طريق امساكه بخيوط الهاتف والأدوات الأخرى.
ومن المعروف عن علي الآنسي أنه منكب على العمل ساعات طويلة ولا يضيع وقته في جلسات قات أو غيرها لأنه لا يمضغ هذه الوريقات، وهذا العامل كان من أهم عوامل نجاحه في عمله، ويستطيع بقليل من الجهد ترتيب وتنظيم الأوضاع وإصلاح الفوضى التي أحدثها الرئيس كما فعل بوتين مع رئيسه في روسيا بوريس يلتسن. وقد تمكن علي الآنسي من تنظيم مكتب رئاسة الجمهورية بشكل غاية في الدقة واصبح في المكتب أغنى قاعدة بيانات في اليمن علاوة على استحداث دوائر متخصصة تغني عن وزارات عديدة مثل الدائرة السياسية التي يمكن أن تكون بديلا لوزارة الخارجية والدائرة الإعلامية التي تغني عن وزارة الإعلام ودائرة الأمن والدفاع التي يمكن أن تنوب عن وزارتي الداخلية والدفاع، ودائرة الشكاوى والمظالم..
لقد كان بوتين شريكا مع يلتسن في السلطة ومقربا منه ويعرف كل صغيرة وكبيرة عن سلفه ولم يصعد للسلطة بسلاسة إلا بعد اتفاق مع بوريس يلتسن على ضمان عدم محاسبته بعد رحيله أو تعريضه لأي مساءلة. ورغم اختلاف الظروف في اليمن إلا أن أكبر عامل يدفع علي عبدالله صالح للتمسك بالسلطة بيديه ورجليه وأسنانه هو خوفه مما يمكن أن يحدث له بعد ترك السلطة. وربما أن علي عبدالله صالح يعتقد أن لا أحداً يمكن أن يحميه من المساءلة في مستقبل الأيام أو يحمي تاريخه من التشويه سوى نجله أحمد ولهذا يسعى لتمهيد الطريق له كي يتولى السلطة من بعده، ولكن من الجائز أن يكون قد أدرك مؤخرا أن علي الآنسي من الكفاءات التي لا تقل استحقاقا للثقة عن أولئك الذين تربطهم بالرئيس روابط الدم والقرابة، ويمكن الوثوق به في مرحلة ما بعد الرحيل.
من المؤشرات على ذلك أن الرئيس عندما اختار ابن أخيه عمار محمد عبدالله صالح ليدير جهاز الأمن القومي وهو أهم جهاز أمني في اليمن سرعان ما وضعه للتدريب تحت إشراف الشخص الذي يثق فيه علي الآنسي، وهذا يعطينا دليلا إضافيا أن الثقة في الآنسي غير متناهية.
أما مخاوف الرئيس مما يمكن أن يحدث بعد تسليمه الرئاسة فإن الشئ الوحيد الذي يمكن أن يحميه ويحمي تاريخه هو مغادرة السلطة طوعا لأن قراراً مثل هذا لو تم بالفعل فسوف يجعل له مكانة عظيمة في قلوب الناس محليا وعربيا وعالميا ولن يجرؤ أحد حينها على المساس به أو التعرض له مطلقا، بل سيتم الاستعانة به في حل نزاعات إقليمية ودولية بما يمهد الطريق أمامه للحصول على جائزة نوبل للسلام. وقد يقول قائل إن تمهيد الطريق لخلافة الرئيس لا بد أن تتم خلال السبع السنوات المقبلة، وأنا شخصيا أشك بقدرة الشارع اليمني على تحمل علي عبدالله صالح سبع سنوات أخرى مهما أدخل من إصلاحات تجميلية في بداية السبع سنوات. وأعرف تماما أن الرئيس أعلن عدم ترشيح نفسه قبل عام كامل من حلول موعد الترشيح للرئاسة لتكون لديه مدة كافية تمكنه من تمهيد الطريق أمام الخلف لاستلام الحكم بعده بكل سلاسة، ولا يحتاج الرئيس لأكثر من الفترة التي مضت لتنفيذ الخطة المرسومة في ذهنه التي سنعرفها في القريب العاجل.
ومن الواضح أن الرئيس ينوي إجراء ما يشبه الإصلاحات خلال فترته الأخيرة مثل ربط الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة بمجلس النواب وتقديم بعض الضحايا من الفاسدين للمحاكمة كدفعة أولى على الحساب، والتنازل عن بعض صلاحياته. ولكن حسب رأيي الشخصي فإن الإصلاحات التجميلية لم تعد تكفي حتى لعودة المساعدات الدولية وقروض الصناديق الدولية إن لم تكن لها تبعات عكسية تؤجج الغليان وتقرب موعد الإنفجار. وقد يصر الرئيس على عدم ترشيح نفسه ويوعز في نفس الوقت لحزبه بعدم تقديم مرشح آخر بغرض إحداث نوع من الفراغ بما يؤدي إلى تأجيل الانتخابات 90 يوما حسب الدستور وبالتالي إيجاد مخرج للرئيس فيما بعد لترشيحه تحت وابل من المطالبات والمناشدات وكأنه لم يتراجع عن وعده بل أجبره الناس على التراجع.
ولكن مهما كانت السيناريوهات المرسومة فإن استمرار علي عبدالله صالح في الحكم لا يعني سوى تأجيل مواجهة الأزمات التي تسبب بها طوال حكمه وسوف يترحم الناس على عهد علي عبدالله صالح فيما بعد ليس لأن عهده هو الأفضل ولكن لأن دولة الفرد تتعرض للدمار بمجرد غياب هذا الفرد. ومن واجب المعارضة أن تحتمي بالشارع وتلجأ إليه في رفضها لتقديم أي تنازلات تمس بمصالح الشعب. وفي رأيي أن بلادنا بحاجة إلى ثورة بيضاء وانتفاضة سلمية للخلاص من الديكتاتورية والفقر والتسلط.