البحر الأحمر كان مسرح اختبار وتدريب للبحرية الأمريكية خلال الأشهر الماضي .. واشنطن تكتشف حقيقة أنظمتها نهاية مأساوية لمدرس وزوجته وابنه .. وأخر يفشل في بيع إحدى كليتيه بصنعاء الحوثيون يشيعون ستة من قياداتهم العسكرية بالعاصمة صنعاء أكثر من 43 برجا بدون تراخيص ومخالف للمواصفات.. محافظ إب بيع التراخيص وينهب الشوارع برعاية حوثية من مدير مكتب الأشغال دراسة دولية...ألمانيا تواجه أزمة سياسية واقتصادية متفاقمة.. وهذه أسبابها؟ تفاصيل اتفاق السيسي وترامب بخصوص الحرب في غزة وفاة امرأة بانفجار لغم في مديرية نهم ومنظمة شُهود تحمل الحوثيين المسؤولية يوتيوبر مصري يكشف لحظات الرعب وتفاصيل إختطافه من قبل مليشيات الحوثيين الإرهابية قائد عسكري يتفقد جبهات محور الباحة بين تعز ولحج إيران حول قدرتها على تصنيع النووي: ''آية الله أفتى بحرمة ذلك''
يبدو المشهد السياسي في اليمن كمجموعة غرقى في بحيرة آسنة تشدّ الجميع إلى قاعها المظلم! بينما يتعلق الغرقى بقشّةٍ يحسبونها طوق نجاةٍ, وأمل حياةٍ حتى لو كانت هذه الحياة مجرد الطفو على سطح البحيرة التي هي أقرب إلى مستنقعٍ مميت!
مثلا, كان الرئيس السابق علي عبدالله صالح, ولسنواتٍ طويلة يتعلق بقشّةٍ اسمها "الإرهاب" وبذكائه تخلّقت قشّة الإرهاب على يديه وتحت ناظريه لأسبابٍ يعتقد أنها كافية كي يتحالف مع الولايات المتحدة وينسّق مع السعودية, والتحالف والتنسيق هما للحفاظ على الوحدة-كما كان يظن- حتى لو أصبحت البلاد برمّتها رهينةً للأمريكان يديرها المندوب السامي الجديد: السفير الأمريكي! وعندما طارت قشّة الإرهاب, وبعدها قشّة الحوثي بعد أن غاضت البحيرة الآسنة بمن فيها, تعلّق بقشّةٍ أخرى هائمة طافية وهي.. المؤتمر الشعبي العام! باعتباره رئيسا له,.. فالمؤتمر هو الوسيلة الشرعية الوحيدة الباقية!.. أي قشّة النجاة الأخيرة, ومنبر الكلام والحوار والتعازي!
علي محسن الأحمر هو الآخر لم يجد تعلّةً لبقائه واستمراره إلّا قشّة اسمها الخطر الحوثي! لكن, من يدعم خطر الحوثي على المستوى الداخلي؟ إنه المؤتمر الشعبي العام, أو مراكز قوى فيه! مراكز تدعم السبب الأساسي لبقاء واستمرار علي محسن وأحمد علي.. فمن سيقاتل الخطر الحوثي غيرهما؟ وهي ورقة إغواء حتى لدول الإقليم.. فلا معنى لبقاء علي محسن وأحمد علي من دون الخطر الحوثي!
الحوثيون لا يجدون تعلّةً لظهورهم ووجودهم إلّا قشّة الانتقام من علي محسن وضرورة خروجه من المشهد! ولأنهم أكثر ذكاءً فقد احتاطوا بقشّة أخرى أكثر عمومية وضبابية وهي إعلان الحرب على أمريكا واليهود! رغم أنهم فقط يقتلون الآلاف من المواطنين وأفراد الجيش الذي كان ضحية علاعلة القرار وعلّته! ولا بدّ أن نسلّم بأن علاعلة القرار هم من يتحمل مسؤولية مذابح صعدة ومآسيها.
إن هذه اللعبة أرهقت اليمن وأنهكته, واستمرارها عملية خنقٍ للتغيير ووأد للمستقبل, وموت بطيء لآمال الشباب في يمن جديد, وسط أهوال من الصمت والمواراة والمداراة!
الإصلاح يبدو حائرا بين ميراثٍ كان جزءا من السلطة لسنوات طويلة, وتطلعاته في نفس الوقت لتجارب تونس ومصر وتركيا! يبدو حائراً مأخوذاً بأحلام الزمان الجديد واستحقاقاته من ناحية, مشدوداً بشوائب البحيرة الآسنة التي تشدّه إلى القاع من ناحيةٍ أخرى! لقد فاجأتْهُ رياح التغيير على غير انتظار! وهو مطالبٌ بالتغيير تناغما مع إلحاح الواقع ومقتضياته,.. وفي الواقع أن الإصلاح يستطيع أن يفعل الكثير إذا ما سلّم الدفّة للأجيال الجديدة فيه, فهذا الحزب الضخم يجب أن يكون أكثر ليبرالية, وتقبّلاً للرأي الآخر-رغم أنه قطع شوطاً في ذلك- بما يتناغم مع العصر وضروراته, والمعرفة الإنسانية التي أصبحت إيدلوجيا العصر,.. وحتى بما يتناغم مع الفراغ السياسي المخيف في اليمن,.. ما جعل البعض يتجه بعيونه الزائغة صوب الحوثيين! وأظن أن الإصلاح بالدرجة الأولى يتحمل جزءاً من المسؤولية في ذلك, بسبب عدم الانفتاح الكافي, والتغيّر الخلّاق في الخطاب وسائلَ وأهدافاً. فما زلنا في انتظار عبدالفتاح مورو, والغنوشي في نسختهما اليمنية!؟
وإذا كان الإصلاح حائرا, فإن الاشتراكي يبدو شارداً, بين ماضٍ لا يريد أن يذهب, ومستقبل يأبى أن يطل! ولأنه سليل الأحلام الكبيرة, فقد كان الأسبق في التغيّر, وكان جار الله عمر-رحمه الله- عرّاب حقبة سياسية قلبت موازين العمل السياسي في اليمن, وغيّرته,.. وأظن أنها كانت الأكثر فعالية وما تزال, وأتمنّى ألا تلوح أمام الاشتراكي وهو سليل الأحلام الكبيرة قشّة الفيدرالية التي بدَأَتْ باللمعان على سطح البحيرة الآسنة السوداء!
تبقى الكتلة الأكبر وهي الملايين من الشعب الصابر الذي ينتظر بالأمل أن تصفو مياه البحيرة الآسنة, ويرقُبُ بالصبر العائمين وسط القشّات الطافية الهائمة!
الشعب يتساءل لماذا وحدها نخب اليمن ما تزال غارقةً حتى آذانها في إشكالية اللادولة, واستخدام السلاح, والارتهان للغير واستجدائه! هل هي مشكلة النخب أم مشكلة الشعب؟
كل شيءٍ يبعث على الاكتئاب, إلّا أن تحضر ندوةً أو احتفالاً, أو حواراً للشباب الثائر الرائع! ورغم ألوان الطيف الفكري أحياناً, إلّا أنّك تجد اليمن حاضرةً في أجمل تجلياتها, ثقافةً وصدقاً, ونقاءً, ومستقبلاً, ووعياً قد لا تدركه ديناصورات العمل السياسي, وكهنة الوفاق الذين يظنون أن الحياة مجرّد صفقات! وهم لم يعرفوا يوماً أو يعيشوا روح هذا البلد وعروق جباله, وكلام ريفه, وضحكةً سهوله, وترحاب وديانه!
يديرون حواراً بعد أن أداروا أزمات البلاد لأربعين عاماً خَلَتْ!.. لو كان فيهم الخير لما كُنّا قد وصلنا إلى هنا!