مليشيات الحوثي تختطف مواطناً من جنوب اليمن للضغط على شقيقه عاجل .. دعم سعودي لحكومة بن مبارك ووديعة بنكية جديدة كأس الخليج: تأهل عمان والكويت ومغادرة الإمارات وقطر دراسة حديثة تكشف لماذا تهاجم الإنفلونزا الرجال وتكون أقل حدة نحو النساء؟ تعرف على أبرز ثلاث مواجهات نارية في كرة القدم تختتم عام 2024 محمد صلاح يتصدر ترتيب هدافي الدوري الإنجليزي .. قائمة بأشهر هدافي الدوري الإنجليزي مقتل إعلامية لبنانية شهيرة قبيل طلاقها قرار بإقالة قائد المنطقة العسكرية الأولى بحضرموت.. من هو القائد الجديد؟ دولة عربية يختفي الدولار من أسواقها السوداء تركيا تكشف عن العدد المهول للطلاب السوريين الذين تخرجوا من الجامعات التركية
ثمة ألاعيب سياسية تفرضها الأحداث أو المصالح المشتركة بين المتخاصمين، وربما عوامل ضعف لدى طرف من الأطراف، تدفعه لافتعال حروب افتراضية، تمكنه من حفظ ماء وجهه أمام شعبه، أو رغبة في المحافظة على سلطة ما وأجندة معينة في المنطقة، أو انحناءة لمرور عاصفة عابرة؛ فليس كل ما هو ظاهر يكون حقيقياً على أرض الواقع.
لقد نبّش ترمب، في لحظة من لحظاته الجنونية، وبعيداً عن الخيوط والأعراف الدبلوماسية، عن المستور الذي ظلت إيران تخفيه وأمثاله في كثيرٍ من تعاملاتها مع القوى الغربية.
إغتالت الولايات المتحدة الأمريكية قائد الحرس الثوري الإيراني وخليفة المرشد الخامنائي قاسم سليماني، في الثالث من يناير عام 2020، بقصف صاروخي في مطار بغداد الدولي، وهو أعلى قائد عسكري في إيران، وكان على إيران أن ترد بجدية تامة لمقتل قائدها الأبرز، إلا أن شيئاً من ذلك لم يحدث، وكان الرد على استحياء كإسقاط واجب وحفظ ماء وجه إيران داخلياً وخارجياً.
وقبل أن ترد إيران على مقتل سليماني، كما كشف الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، فإن إيران استأذنته "في إطلاق 18 صاروخاً على قاعدة أميركية في العراق، لكنها لن تستهدفها مباشرة، بل ستستهدف فقط محيط القاعدة"!
تلك الصواريخ سقطت في محيط القاعدة العسكرية الأمريكية في بغداد ولم تصب أي جندي أميركي بأذى، بحسب ترمب.
قبل ذلك الحدث، وكمبرر لاغتيال سليماني، أسقطت إيران طائرة مسيرة أميركية قديمة، وكان خلفها طائرة تجسس أميركية ضخمة تحمل تقريباً 39 مهندساً وطياراً، لكنها لم تعترضها، بحسب ترمب، وكان إسقاط هذه الطائرة يمكن أن يشكل ضربة كبيرة للولايات المتحدة، إلا أن إيران لم تفعل، فأسقطت درون قديمة لا أهمية لها.
في منتصف أبريل الماضي قامت إيران بإطلاق 170 طائرة مسيرة و30 صاروخ كروز على إسرائيل، كرد انتقامي على قيام إسرائيل بقصف القنصلية الإيرانية في العاصمة السورية دمشق، وقتلت أبرز قياداتها من الحرس الثوري والمشرفين على الحرب في سوريا، لكن تلك الطائرات المسيرة والصواريخ لم يدخل أيٌ منها المجال الجوي الإسرائيلي، وقد تم إسقاطها جميعاً خارج الحدود الإسرائيلية على يد إسرائيل وحلفائها.
قبل الإطلاق وساعة الإطلاق كانت إيران قد أعلنت نوعية السلاح الذي ستطلقه وتأثيره ووقت انطلاقه ومتى سيصل وجهته، وما هي بنك الأهداف المستهدفة، في أطرف وأسخف إعلان وهجوم في تاريخ الحروب البشرية، والتي يكون كثير منها مباغتاً على حين غرة، عد بمثابة فضيحة عسكرية لإيران من كل النواحي.
تكرر ذات الأمر اليوم مع الرد الإيراني على مقتل زعيم أكبر ذراعٍ إرهابية لها في المنطقة، وهو حسن نصر الله، وعلى الرغم من إطلاقها أكثر من مئتي صاروخ على إسرائيل إلا أن أياً منها لم يصب إسرائيلياً واحداً بأذى، بل إن إحداها قتل مواطناً فلسطينياً.
وقد أوضح مراقبون أن إيران نزعت الرؤوس المتفجرة من الصواريخ، ولو أن كل الصواريخ التي سقطت في الأراضي الإسرائيلية (الفلسطينية المحتلة) كانت مادتها التفجيرية مفعلة لأحدثت دماراً واسعاً، وشكلت ضرباتٍ كبيرةً وقاصمة لإسرائيل!
في حقيقة الأمر لا تريد إيران ولا أمريكا ولا إسرائيل الدخول في حروبٍ كبيرة ومباشرة بينها وحاسمة، وكلها تبقي على صراع الشد والجذب في حالة من اللا حرب واللا سلم، بمناوشات بعيدة فقط، وخاصة إيران التي تستخدم متارسها البعيدة وأذرعها الإرهابية في كل من اليمن والعراق ولبنان وتعريض مصالح تلك الشعوب للدمار والخراب دون الاكتراث لأيٍ من مصالحها طالما والعمق الإيراني بعيداً عن المساس به!
فالنظام الإيراني الحالي هو صنيعة أمريكية أوروبية في الأساس لتفتيت المنطقة بالحروب الطائفية التي تضعفها، وتملأ إسرائيل –كرأس حربة المشروع الصليبي الجديد- هذا الفراغ.
وهو ذات الأمر الذي ستقيمه الولايات المتحدة الأمريكية لاحقاً بعد نظام الخميني ولكن على نطاق أضيق في الفروع؛ كإقامة الأنظمة الطائفية الصغيرة لتفتيت المفتت وتجزئة المجزأ، عن طريق المليشيات الطائفية الصغيرة القُطْرِية في كلٍ من العراق ولبنان وسوريا واليمن، بعد أن نجحت في النظام الأم (إيران)، وأظهر فاعلية كبيرة في النتائج، ولذلك تحاول الولايات المتحدة الأمريكية الحفاظ على هذه المليشيات والكانتونات بكل إمكانياتها من السقوط.
لم تكن أذرع إيران الإرهابية بعيدة عن السياسة الإيرانية في تلك المسرحيات؛ فالمليشيات الحوثية تعلمت فصولها تماماً منذ وقت مبكر.
فشعار الحوثي (الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل...) واحدة من تلك المسرحيات المفتعلة على الأرض، باعتراف حوثي وأمريكي؛ حيث اعترف يحيى الحوثي؛ شقيق زعيمي تلك المليشيا الهالك حسين وعبدالملك، أنه مجرد شعار في الهواء، لم يقتل أمريكياً واحداً ولا إسرائيلياً، وهو ذات الاعتراف للسفير الأمريكي الأسبق في اليمن جيرالد فايرستاين، حينما سئل: ماذا يمثل لهم الشعار من خطورة؟، قال: مجرد كلام لم يضر أي أمريكي، ولذلك كانت الاجتماعات الدورية المستمرة بين قيادات مليشيا الحوثي والسفارة الأمريكية في صنعاء، حتى أن الانقلاب الحوثي على الدولة تم برعاية أمريكية، وتم انتشال الحوثية من أكثر من هزيمة محققة ومن سقوط انقلابها، وطيلة الفترات الماضية ترفض الولايات المتحدة الأمريكية تصنيف الحوثية منظمة إرهابية، على الرغم من كل ما فعلته من دمار في اليمن.
تجلت أبرز هذه المسرحيات في البحر الأحمر بين أمريكا والحوثية؛ ففي الوقت الذي تعمل المليشيا الحوثية كقرصان دولي على السفن وتهديد الملاحة البحرية في البحر الأحمر، إلا أن أمريكا تنفذ ضربات محدودة على أماكن فارغة في المناطق التي تسيطر عليها المليشيا الحوثية، دون أن تصيب أي قيادي حوثي بأذى، على الرغم من معرفة أماكن إقامتهم وهم يتجولون في الشوارع دون تخفٍ أو احتياطات أمنية كبيرة، وتعاملت معها أمريكا بكل برود، بعكس تعاملها مع القراصنة الصوماليين بأسلحتهم البسيطة وعناصرهم وأفعالهم التي لا تكاد تذكر، ومع ذلك حشدت ضدهم تحالفاً دولياً، وجلبت مختلف البارجات الحربية بذريعتهم إلى المياه الدولية في خليج عدن منذ عام 2008 ولا تزال متواجدة فيها إلى اليوم، ما يعكس أجندة خفية في تلك الحشود.
حتى إسرائيل ذاتها، بدل أن تستهدف القيادات الإرهابية الحوثية عمدت إلى تدمير مصالح اليمنيين وبناهم التحتية في الحديدة، بينما تتجول تلك القيادات دون اكتراث، وهي ستقوم بالتحرشات المستمرة لإسرائيل، مما يعكس لدى المتابعين مئات علامات الاستفهام حول القضية برمتها، ما لم تكن هناك تطورات جديدة مغايرة.
أخذ الحوثيون هذه المسرحيات من آبائهم وأجدادهم الأوائل من الأئمة قبلهم؛ فقد كان القاضي أحمد السياغي محافظاً لمحافظة إب وقعطبة للإمام أحمد حميد الدين ينسق مع الانجليز، ويفتعلون بعض المسرحيات على المواطنين، الذين أسموهم بالقرويين. يقول كيندي ترافيسكس، المعتمد البريطاني للجنوب اليمني المحتل:
قال لي السياغي بخجل: "إنني أعتذر عن هذا الحادث (حادث دعم تمرد بعض العناصر القبلية في قعطبة على الانجليز)، فلمعلوميتك فإنني أنا الذي فجرت هذا الحادث البسيط، وقبل أن أشرح لك لماذا رتبت على أن تهجم قريتنا على قريتكم، دعني أقدم ترضيتي، وهي أنني أترك لك وحدك تقرير تسوية هذا الموضوع، وكل ما تقوله سأوافق عليه، ولكن فضلاً لا تغضب. بعد أن نخرج من هذه الغرفة لمناقشة الموضوع أمام القرويين، فيما إذا بدوتُ صعباً ومتعنتاً وكلت الشتائم ضد الاستعمار فهذا ما هو مطلوب عمله هذه الأيام".
يكمل كيندي ترافيسكس: وبعد أن قام السياغي بالمسرحية أحسن قيام أمام القرويين السذج يشرح الأسباب وراء ذلك، وكيف أنه كان من مصلحة الجانبين التوصل إلى حل!
بعد فترة سنجد محافظاً آخر للإمام أحمد، وهو محافظ البيضاء أحمد الشامي، الذي أرسله البدر للتفاوض مع الانجليز، يقوم بنفس المسرحيات، ويقول للانجليز: "على الرغم من خلافاتنا غنحن نعرف أنكم أنتم الأصدقاء الحقيقيون، وما نوده هي صداقتكم وليست صداقة الروس أو المصريين"!
كانت المصالحات والمصالح البريطانية - الإمامية تقوم على منافعهم الخاصة على حساب مصالح الشعب اليمني عموماً في الشطرين، وعند سؤال المفاوض البريطاني للشامي عن شروط المصالحة، قال الشامي: حان الوقت لنتصارح فيما بيننا، فكلانا مهدد بالخطر من قبل أيادٍ أخرى، وبدلاً من أن يحطم أحدنا الآخر ونتحارب على المحميات، فمن المستحسن أن نسحب كلانا ادعاءاتنا عليها ونسمح للولايات بأن تحصل على استقلال فوري. لن يكون استقلالاً حقيقياً!
هي ذات المفاوضات والمصالح التي يقيمها الحوثيون اليوم مع البريطانيين والأمريكيين، وغيرهم في المنطقة، وما زال البريطانيون إلى اليوم يقدمون الاستشارات والنصائح للإماميين الجدد، وقد ثبت أن المبعوث الأممي إلى اليمن السابق البريطاني مارتن جريفثت كان يقدم العديد من الاستشارات للحوثيين يتحركون بموجبها في مواجهة الحكومة الشرعية، وفي عهده تم فرض اتفاق استكهولم بالقوة الذي أجبر الشرعية على الانسحاب من الحديدة وإيقاف تحريرها، والبريطانيون كانوا قد قدموا الفيتو على تحرير الحديدة!