القربي: الأخطاء من البشر وليست من الوحدة
بقلم/ متابعات
نشر منذ: 14 سنة و 7 أشهر
الخميس 27 مايو 2010 04:19 م

حاورته لـ"الشرق الأوسط"/ سوسن أبو حسين:

 

* إلى أي مدى استقر الموقف على عقد اللجنة الخماسية الوزارية المختصة ببحث مبادرات إصلاح العمل العربي وهيكلة الجامعة العربية؟.

- المعلومات التي وصلتنا من عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية أن الأمانة العامة تعد ورقة للتصور حول دور اللجنة في إدارة الخطوات المتعلقة بالمبادرة اليمنية وإعادة هيكلة الجامعة، والأفكار المقدمة من الكثير من الدول في إطار تفعيل العمل العربي المشترك، وفي مقدمتها ليبيا وغيرها من الدول العربية، وأنها ستقدم أولا لكبار الموظفين والمندوبين الدائمين لدى الجامعة، ومن ثم ستقدم لوزراء الخارجية للدول الخمس، وقد طلبت دولة قطر عقد اجتماع للجنة الخماسية على مستوى وزاري لوضع التوجهات العامة التي تسترشد بها مجموعات العمل المختلفة التي تنظر في آلية تفعيل العمل العربي المشترك، والأمور تسير الآن في هذا الاتجاه ونحن في انتظار آراء الدول الخمس حول هذا الموضوع وهي مصر وقطر وليبيا واليمن والعراق لترتيب الاجتماع الوزاري.

* ما هي رؤية اليمن كواحدة من الدول الخمس؟.

- أعتقد أن اجتماع وزراء الخارجية سيكون لوضع التوجهات العامة والآليات، ونحن نرى أن ذلك مهم جدا قبل البدء بأي خطوة، حتى عندما تجتمع المجموعات الفنية يكون أمامها بعض الخطوط التي على ضوئها تبدأ عملها وتسير على طريق واضح للنظر في المبادرة اليمنية، والأفكار المقدمة من دول كثيرة لوضعها في صيغتها النهائية ومن ثم تقديمها إلى وزراء الخارجية حتى نتمكن من عرضها على القمة الاستثنائية القادمة.

* هل سيتم إلغاء ميثاق الجامعة العربية في حال إقرار الاتحاد العربي، وهل يتعارض مع الميثاق؟.

- هذا الموضوع ضمن القضايا التي ستبحث من قبل المختصين القانونيين، ونرى أن ما يتفق عليه من تعديلات يتطلب وضع ميثاق جديد للعمل العربي أو تعديلات في الميثاق الحالي، وكما هو معروف عندما تقدمت اليمن بمبادرتها في البداية كان هناك رأي بأن تؤخذ بعض الأفكار، وأن يعدل الميثاق الحالي، وهذا ما تم في بعض الجوانب، والآن الموضوع سوف يترك لوجهات النظر التي تشمل الاتجاهين (اتجاه التعديل واتجاه الميثاق الجديد)، وأنا لا أعتقد أن هناك مبررا لأي مخاوف من أن يكون هناك ميثاق جديد للعمل العربي المشترك، وسيكون ذلك أسهل على الأقل للدفع بالعمل العربي المشترك أفضل من أن نستمر في عمليات الترميم للميثاق الحال الذي لم يعد يواكب التطورات التي يشهدها الإقليم والعالم.

* ما هو موقف اليمن من رابطة الجوار العربي، وهل سيتم ذكرها في الوثائق الجديدة؟

- أعتقد أن رابطة الجوار العربي لا تحتاج إلى نص في الميثاق لأنها تأتي في إطار نص عام يستوعب تعامل الدول العربية مع دول الجوار والمجموعات الدولية من دون تفصيل ذلك على دولة بعينها، لكن اليمن يرى أن فكرة الرابطة مهمة بالنسبة للعالم العربي لأن هناك دول جوار لنا يفترض أن نعزز علاقتنا بها، وأن تكون بيننا آليات حوار لحل أي خلافات تطرأ بين الدول العربية، وكذلك كيفية تعزيز الشراكة مع هذه الدول السياسية والاقتصادية والثقافية والعلمية وأن يدرك كل طرف ما هي الخطوط الحمراء للعلاقة بين المجموعة العربية ودول الجوار.

* ألا ترى أن إيران ستظل العقبة أمام الدفع بالفكرة؟.

- دائما هناك خلاف في نظرة الدول لأي دولة من دول الجوار، وعلى سبيل المثال عندما تنظر الآن دول الاتحاد الأوروبي لتركيا هناك اختلاف واضح في نظرة الدول الأوروبية إلى انضمام تركيا للاتحاد، ولا يزال الجدل يدور حول هل الانضمام الكامل لتركيا أو العلاقة بينهما، وهذا يمثل مشكلة لأن الدول العربية في النهاية هي التي ستحدد الاتجاه الذي تسير فيه المجموعة العربية في علاقاتها مع دول الجوار.

* هل من إمكانية لأن يبدأ حوار عربي إيراني يخدم المصالح العربية ومن دون توتر أو تصعيد في الملفات العربية، خاصة أن اليمن اشتكى وتضرر من الدعم الإيراني للحوثيين؟.

- أعتقد أنه من مصلحة إيران والعرب البدء في حوار لتحديد مستقبل العلاقة العربية الإيرانية، وأن ننظر في حل القضايا الخلافية القائمة بين العرب وإيران وفي مقدمتها عدم التدخل في الشأن الداخلي وحل قضية الجزر الإماراتية الثلاث، وكذلك الشأن الداخلي للعراق، وقضايا كثيرة أعتقد أنه من مصلحة الجميع التحاور بشأنها وبما يضمن مصلحة، كل الأطراف ونحن لا نريد تهديد مصالح إيران ولا أن تهدد إيران المصالح العربية.

* ماذا عن العلاقات الثنائية بينكم وبين إيران؟

- عادية، ولا يزال هناك تواصل، والسفارات مفتوحة.

* هل نجحت الدبلوماسية اليمنية في توضيح ما يحدث في اليمن خاصة بالنسبة للحراك الجنوبي؟.

- الرئيس علي عبد الله صالح أوضح الموقف بالكامل خلال اتصالاته مع القادة العرب، وكذلك في خطاباته ورسائله للمجتمع الدولي، وكلها تؤكد أن اليمن لديه القدرة على تقديم مبادرات، ومعالجات لحل القضايا الداخلية التي كانت بسبب عوامل اقتصادية ونتيجة لتحديات التنمية في اليمن ونتيجة للتطرف والإرهاب، ثم استغل كل ذلك من بعض العناصر التي خسرت معركة الانفصال في عام 1994، وتحاول أن تعلق على الوحدة كل هذه الصعوبات التي تواجهها اليمن بينما الوحدة بريئة من كل ذلك، وإذا كانت هناك أخطاء فهي من البشر وليست من الوحدة، وهناك استعداد لمعالجتها، وهذا ما جاء في خطاب الرئيس عشية عيد الوحدة ودعوته إلى الحوار وبحث كل القضايا والاستعداد لتشكيل حكومة وحدة وطنية.

* ما تصورك للمساعدات العربية لليمن للخروج من أزمته الراهنة؟.

- المساعدة بالنسبة لنا هي كيفية إيجاد آلية عمل لإيجاد نمو اقتصادي متوازن لدول المنطقة الواحدة، وهو ما فعلته دول جنوب شرق آسيا عندما نظر بعضها إلى بعض، وأدركت أهمية أن تخلق في مجموعتها نموا اقتصاديا متوازنا لأنها تبنت النظرية التي طرحها مهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا السابق، وهي «أغن جارك تغتن معه»، وقد سبقتنا هذه الدول نحن كعرب. بالإضافة إلى هذا النموذج أمامنا أوروبا التي عاشت قرونا من الصراعات والحروب، واستطاعوا تجاوز ذلك، حتى الاختلافات العرقية، وأدركوا أهمية التنمية في كل الدول، لكن للأسف في العالم العربي نعمل ومنذ نصف قرن كدول منفردة، ونرى المخاطر تحيط بدولنا بدرجات وأسباب مختلفة دون أن ندرك خطورة ما يجري وما تتعرض له أي دولة من أزمات سياسية أو اقتصادية وأنها في النهاية سوف تنعكس على الجميع، ونرى اليوم انعكاس الوضع العربي على الموقف العربي فيما يتعلق بالقضايا الدولية والإقليمية، وهذا هو الهدف الآن من إعادة النظر في آليات العمل العربي المشترك وأهمية تعزيز الشراكة وترابط المصالح والاستثمارات، وأعتقد أنه لو صرفت 20% من الاستثمارات العربية التي دفع بها إلى الغرب لأحدثت نقلة هائلة اقتصادية في الكثير من الدول العربية، وربما كان ذلك سيسهم في معالجة الأوضاع الأمنية والاقتصادية التي تعاني منها هذه الدول.

* هل انضمام اليمن كعضو كامل لمجلس التعاون الخليجي يسهم في إنهاء مشكلاته؟.

- الانضمام في ذاته لا يمثل المعالجة، لكن المعالجة في نظرة دول مجلس التعاون إلى اليمن، وأهمية الوقوف مع اليمن لمواجهة هذه التحديات الاقتصادية والأمنية وتوفير الدعم الذي تحتاجه اليمن لتحقيق التنمية وخلق فرص العمل وفتح الأبواب أمام العمالة اليمنية في دول مجلس التعاون، وهذه عندما تنعكس في تنمية اقتصادية وفي تحسن الأوضاع الأمنية والاقتصادية في اليمن ستؤدي بشكل متدرج إلى انضمام اليمن إلى مجلس التعاون، والتوجه الآن الذي نسير فيه مع الإخوة في المجلس هو كيفية تحقيق اندماج وشراكة اقتصادية ومصالح مشتركة، وفي مؤتمر المانحين في لندن عام 2006 قدمت دول مجلس التعاون ما يقرب من 65% من إجمالي الدعم الذي قدم لليمن (نحو مليارين وسبعمائة مليون دولار)، كما تتبنى المواقف في إطار أصدقاء اليمن لتقديم المزيد من الدعم، كما انضم اليمن للكثير من المجالس الوزارية والهيئات التابعة لمجلس التعاون، وكل ذلك يعكس أن هناك الآن رؤية جديدة ورغبة حقيقية في خلق شراكة مع اليمن.

* هل لكل أزمة فوائدها، وما حدث في صعدة والجنوب استفاد منه اليمن في المعالجة؟.

- نحن لا نريد الأزمات لأن لها ثمنا، وما عاشته اليمن في صعدة ومع حراك الجنوب و«القاعدة» أثر على الاقتصاد اليمني، رغم أنه قد تأثر نتيجة الأزمة المالية العالمية ونتيجة لانخفاض النفط وأسعاره، لكن أعتقد أن أهمية الأزمات أنها تنبه الآخرين ولو متأخرا إلى أهمية عدم تجاهل احتياجات دول الجوار.

* كيف تفسر رفع الحراك الجنوبي لعلم الانفصال في الجنوب، وألا تعتقد أنه يمثل خطرا أكثر مما تطلقون عليه مجرد تحركات فردية؟.

- هذه المجموعة التي أشرنا إليها وهي تحاول الترويج للانفصال رفعت العلم كواحدة من الطرق لإظهار الرغبة في الانفصال، وهو سلوك لا نعتبره أكثر من المظاهرات التي يخرجون بها، وكثير من هؤلاء الذين يخرجون يكون ذلك لأسباب مادية لأنهم يحصلون على مقابل مادي، وليس رغبة في الانفصال، وهذا يحدث نتيجة الأوضاع الاقتصادية، حيث يرى المواطن البسيط فرصة للخروج في مظاهرة نظير مبلغ مالي وكأنها حرفة، وهذه الأموال تأتي من عناصر انفصالية خرجت عام 1994، وحملت معها الملايين من أموال الشعب اليمني، والآن تقوم هذه العناصر بإنفاقها على المظاهرات، ويزعمون أن هناك حراكا من أجل الانفصال، ولكن أينما ذهبت ستجدي أن الأغلبية العظمى لا يمكن أن تفرط في الوحدة.

* كيف ترى التدريبات العسكرية التي تقوم بها إسرائيل وكذلك إيران، هل تتوقع أن يكون صيف 2010 مثل صيف 2006 في لبنان؟.

- الأمور لا تبشر بالخير، وأعتقد أن إسرائيل تريد تصفية الحساب مع حزب الله، وهذا ما تؤشر إليه التقارير التي جاءت على مدار العام الماضي واستمرت حتى اليوم، وهي تفكر في كيفية توجيه ضربة لحزب الله، ولحسن الحظ كلما تأخر قرارها استعد حزب الله لمواجهة أي اعتداء إسرائيلي، ونرى أنه إذا غامرت إسرائيل بحرب جديدة أعتقد أنها سوف تواجه المصير نفسه الذي حدث لها في عام 2006.