الاستخبارات الألمانية تستعين بجيمس بوند
محكمة أبوظبي تصدر أحكاما رادعة بحق 54 شخصا بعضهم بالمؤبد والسجن والابعاد في قضية «التجمهر»
تحذير سعودي شديد اللهجة لكل القادمين الى المملكة بتأشيرة الحج.. وتلويح بالعقوبات
تدخل عاجل من المجلس الصحي السعودي بخصوص علاج السكري والأعشاب
خفايا و «كواليس» قرار انسحاب بايدن من السباق الرئاسي الأمريكي .. تفاصيل
قبيلة آنس تشيع العميد الاكوع أحد قيادات الجيش الوطني الى مقبرة الشهداء بمأرب
استئناف العمل بميناء الحديدة وحصيلة أخيرة بضحايا القصف الإسرائيلي
خبير عسكري يأتي برواية مختلفة تماما ويكشف عن طرف ورط الحوثي لتبني الهجوم على تل أبيب!
شركة هواوي تزف خبر سار وتكشف عن أبرز مواصفات حاسب المحمول الجديد
إسرائيل تستنفر استعدادا لكل السيناريوهات.. ومسؤول يتحدث عن صراع طويل الأمد مع الحوثيين
إنه الموت، ورهبة الموت، فالموت هو الموت كماعرفناه منذ نعومة أظافرنا، حين يأتي لايستأذن ولا يطرق الأبواب.. فيرحلون.. القوافل تلو الأخرى، وأرواح تليها أرواح وهو نفس الموت الذي داهم طالب الجامعة الشاب لا أدري لماذا عندما قرأت نبأ موته رددت بمرارة:
«أحنُّ إلى خبز أمي
وقهوة أمي
ولمسة أمي»
وقتها لامسني شعور ما في داخلي مزّقني أشد ممزق، ناهيك عن الرعب الذي زلزل كياني.. وأنا أتخيل أني أسمع صوت بكاء أمه، وتوقفت كثيراً عند نوع البكاء الذي تبكيه.. هل هو بكاء بدموع وصوت..!! أم بكاء بلا دموع ولا صوت..!! وكلاهما من أصعب أنواع البكاء لأنهما لن يتكررا ولن يعودا.
وسألت نفسي سؤالاً: لماذا الرأي العام لم يهتم لبكاء أم الطالب المقتول.. واهتم أن ينشر لنا تلك الصورة السلبية لأولياء الدم المسفوح وهم يزيدون الطين بلّة بانتهاكهم الحرم الجامعي واغلاقهم لأسوار الجامعة لمدة ساعة كاملة وكأن من يحكمنا هي شريعة الغاب..!! ولا نمتلك قانوناً له قنواته لتحقيق العدالة.؟!
لماذا لم يخبرنا الرأي العام عن وضع الأم وهي تبكي ابنها الشاب وتسأله بكل حنان أن يخبرها كيف تحمّل ضمة القبر وهو مازال في ريعان شبابه..!!؟ وهل يعاني من وحشة ورعشة اللحد..!؟ لماذا انصب الرأي العام ليبرز لنا قوة نفق القبيلة المظلم.. متجاهلاً فضاء الوطن وجندي الوطن حين وقف ليقوم بواجبه ليجد له أخاً في وطنه ومن نفس عمره لا يعترف بقانون ولا دستور ولا ينتمي لدولة.. حاصراً نفسه حول خبز أمه، وقهوة أمه، الذي غادرها وهو جاهل بأنه سيلقى حتفه باسم «الفتونة» وأنه أقوى من إطار القانون والواجب ولديه آلية من الصح والخطأ يمشي عليها وحده، متجاهلاً بأنه ضمن هذا الإطار سيلقى حتفه ولن يبكي عليه سوى أمه التي نسمع صراخها اليوم وهي تناديه وتسأله«أحقاً ياأغلى من على الأرض افترقنا..!!؟ أحقاً بقيت وحدي أبحث عنك في كل الاتجاهات فلا أجد سوى شبح غيابك المقيت..!؟» فينهار بعضها على بعضها، ويخذل كلها كلها، وتتساقط فلا يبقى أمام الموت أحدً مرفوع الجبين.
وتذكرت الأم الأخرى «والدة الجاني» وتخيلت بكاءها بدموع دون صوت.. فالحزن لديها أكبر من الصوت، والصوت لايعبر عن الحزن.. وهي تعيش رعباً أن يكون بيتها في الغد القريب فارغاً.. وفي قرارة نفسها تعلم أنه يستحق ما أقدم عليه..! وبرغم علمها هذا فإنها تبكيه بلاصوت، خاصة وهو كان يردد دوماً لها مقطع محمود درويش:
«أعشق عمري.. لأني إذا متُ أخجل من دمع أمي» كلما أوصته بوطنه خيراً وبأن يقوم بواجبه على أكمل وجه فماذا عن دموعها التي سكبت على قارعة النبأ الأليم..!؟ فهل كانت أماً غبية وهي تغرس حب الوطن في نفس ولدها.. يا اللّه.
إني أسطر خفايا قلمي اليوم بنفس خائفة، وقلب مرعوب لأوجه أسئلتي إليكم: هل ما حدث في الحرم الجامعي يدل على تدني الوعي القانوني الذي يجعل من ثقافة حكم الغابة الشرعة التي يتضاءل أمامها الإطار القانوني..!؟ ولماذا كل هذا الهروب ياشبابنا من فضاء القانون إلى نفق القبيلة المظلم..!؟
مرعبة كل تلك القضايا.. فبالأمس بكيناهم.. وفي الغد سنبكي آخرين.. وعجلة الجهل لا تتوقف إلا عند نبأ الموت.