كل العلامات تشير إلى أن الحملة نشيطة ومثيرة |
خرجت أتمشى في منطقة باب اليمن، وهو المدخل الرئيسي لمدينة صنعاء القديمة المحاطة بالأسوار، وخلال المشوار استطعت أن أحصي أكثر من 300 ملصق وإعلان للرئيس علي عبد الله صالح.
كان أبرزها ثلاث صور عملاقة ولوحة إعلانات تجارية لدعم إعادة انتخاب الرئيس رعاها أحد بنوك المدينة.
سيارات ودكاكين ومنازل عبر أصقاع اليمن، وقد ألصقت عليها صور للرئيس ولمنافسيه الأربعة الآخرين.
آلاف الناس يقبلون كل يوم لسماع المرشحين الرئاسيين يتحدثون أمام الحشود الجماهيرية التي تنظم في كل مدينة رئيسية في البلاد.
تغطية إعلامية مكثفة
أما في المنازل، فيتسمّر الناس حول شاشات التلفزيون الحكومي الذي يقدم تغطية مكثفة للحدث، كما يتابعون الصحف التي تسيطر عليها قضايا الانتخابات.
إن الكثير من الملصقات والسيارات لا تعبر عن القناعات السياسية الحقيقية للناس، فهم يريدون حماية أنفسهم. أما في العشرين من سبتمبر/أيلول فيستطيعون التصويت لمرشح مختلف
حافظ بخاري، مدير مركز اليمن لاستطلاع الرأي |
ويبدو الأمر في ظاهره وكأنها حملة انتخابية حيوية وشعبية بكل ما للكلمة من معنى.
إلا أنه لا يتعين أخذ مثل هذه المظاهر العلنية والواضحة للدعم وللمشاركة بمعناها الظاهري، كما يقول حافظ بخاري، مدير مركز اليمن لاستطلاع الرأي.
يريدون حماية أنفسهم
يتابع بخاري قوله: "إن الكثير من الملصقات والسيارات لا تعبر عن القناعات السياسية الحقيقية للناس، فهم يريدون حماية أنفسهم. أما في العشرين من سبتمبر/أيلول فيستطيعون التصويت لمرشح مختلف".
ويجادل بخاري أن المعارضة اليمنية ليس لديها فرصة متكافئة في هذه الانتخابات.
أمضى عبد الله صالح 28 عاما في سدة الرئاسة |
ويضيف: "اليمنيون ليس لديهم بعد فهم كامل للديمقراطية، فالعديد من الناس ببساطة لا يستطيعون التفريق بين الحزب الحالي الحاكم وبين الدولة".
في سن الرابعة والستين، وبعد 28 عاما أمضاها في كرسي الحكم، يصارع الرئيس علي عبد الله صالح لكسب حملته الانتخابية الثانية، وهو يواجه للمرة الأولى متحديا حقيقيا.
انتخابات مباشرة
ففي عام 1999، وفي أول انتخابات رئاسية مباشرة تشهدها شبه الجزيرة العربية، خاض علي عبد الله صالح منافسة مع مرشح من حزبه وانتخب بنسبة 96 بالمائة من الأصوات.
أما المتحدي الراهن للرئيس، فيصل بن شملان، فهو يمثل تحالفا من خمسة أحزاب معارضة، بما فيها التجمع اليمني للإصلاح، وهو أكبر حزب إسلامي في البلاد، وحزب الإصلاح، والحزب الاشتراكي اليمني.
وكان رجل الاقتصاد، البالغ من العمر 72 عاما، قد استقال من منصبه كوزير للنفط عام 1995 احتجاجا على قضايا الفساد.
يقول علي سيف حسن، مدير منتدى اليمن للتنمية السياسية، وهو مركز أبحاث مستقل:
فيما لو حصل بن شملان على 30 أو 40 بالمائة من الأصوات، فسيرزح عبد الله صالح تحت ضغط يضطره لإجراء إصلاحات جوهرية في الحكومة خلال ولايته التالية التي ستمتد لسبع سنوات
ناصر عربية، صحفي يمني |
"صار لنا نتحدث عن الديمقراطية في اليمن لخمسة عشر عاما، ولكن لم يكن هناك أبدا فرصة للتغيير. أما هذه المرة فالأمر مختلف".
نقاط الضعف والقوة
يضيف حسن: "نستطيع الآن تقييم نقاط القوة والضعف لدى الرئيس وأن نقارنه مع مرشح ذي مصداقية".
إلا أن حسن يقول إن معظم اليمنيين سيبقون يصوتون للرئيس عبد الله صالح لأنهم لم يجربوا أبدا أي شيء آخر مختلف.
ويتابع حسن قائلا: "لقد احتل (علي عبد الله صالح) موقع الوسط لستة عشر عاما كرئيس لليمن ولاثني عشر عاما كزعيم لليمن الشمالي قبل التوحيد. فالناس يعتقدون أن 'أفضل شيطان هو ذاك الذي تعرفه'".
سيكسب الرئيس
أما الصحفي ناصر عربية فيوافق أن الرئيس علي عبد الله صالح سيكسب الانتخابات في كل الأحوال، إلا أنه يعتقد أن العامل الحاسم هو هامش الفوز.
يمثل المرشح فيصل بن شملان تحديا حقيقيا لعبد الله صالح |
يتساءل عربية: "فيما لو حصل بن شملان على 30 أو 40 بالمائة من الأصوات، فسيرزح عبد الله صالح تحت ضغط يضطره لإجراء إصلاحات جوهرية في الحكومة خلال ولايته التالية التي ستمتد لسبع سنوات".
يذكر أن استفتاء أجري أخيرا من قبل مركز اليمن لاستطلاع الرأي أظهر أن الفقر والفساد والبطالة شكلت أهم ثلاث أولويات للناخبين في هذه الانتخابات.
تحديات معتبرة
وتواجه اليمن بالتأكيد تحديات معتبرة في السنوات القادمة، فالبلاد تصنف بين الدول الخمسين الأقل نموا في العالم، حيث تعاني من اقتصاد ضعيف ونمو سريع للسكان.
تقول إحدى المراقبات للشأن السياسي في اليمن عبر فترة طويلة من الزمن، والتي زارت البلاد بشكل منتظم خلال السنوات العشر الماضية، إنها صدمت بالشعور الواضع لعدم الرضى وبالتعبير العلني عن الحاجة للإصلاح التي تناولتها هذه الحملة بشكل واضح.
تقول المراقبة: "قد لا تأتي نتائج هذه الانتخابات مزلزلة، إلا أنها ستطلق قطار الإصلاحات الجدية، إذ ليس بوسع اليمن أن يبقى في حالة ثبات فيما لو أعطي شعبه فرصة لائقة".
في السبت 16 سبتمبر-أيلول 2006 07:15:27 م