ماذا يعني قرار مجلس الأمن الأخير بشأن اليمن؟ إنهيار مخيف للريال اليمني في عدن صباح اليوم الخميس محكمة الاستئناف الكويت تحجز قضية طارق السويدان للحكم أردوغان يحسم موفقة من حرب غزه و يعلن قطع العلاقات مع إسرائيل القيادة الأمريكية تعلن عن ضربات جوية جديدة تستهدف مخازن أسلحة الحوثيين وتصدي لهجماتهم في باب المندب مدير أمن المهرة يكشف عن حرب و مواجهات للقوات الأمنية مع مهربي المخدرات مكتب المبعوث الأممي يكشف تفاصيل لقاء سابق مع قيادات من حزب الإصلاح صاغت مسودته بريطانيا.. مجلس الأمن الدولي يصوت بالإجماع على قرار جديد بشأن اليمن الحكم على نجم رياضي كبير من أصل عربي بتهمة الاعتداء الجنسي الحوثيون يخنقون أفراح اليمنيين ..كيان نقابي جديد يتولى مهمة تشديد الرقابة على عمل صالات الأعراس
«نحن نغير خارطة الشرق الأوسط»، قالها رئيس حكومة الاحتلال «بنيامين نتنياهو» قبل 3 سنوات وهو منتفشٌ زهواً، بعد دخول بعض الدول العربية إلى قائمة المطبعين مع الكيان «الإسرائيلي»، وما زالت القائمة تستقبل مطبعين جدداً، حتى ظن «نتنياهو» أن عجلة التطبيع التي سيحاصر بها القضية الفلسطينية تدور دون أن يوقفها شيء.
لكن حدث في السابع من أكتوبر الماضي، أن وضعت عصا المقاومة في تلك العجلة، ليتوقف التطبيع ويتجمد، في ظل دهشة وحسرة من العدو الصهيوني على جهود بُذلت وأموال أُنفقت من أجل التطبيع الكامل مع العرب.
ارتكزت اتجاهات التطبيع العربي مع الكيان الصهيوني على القول بأن الوجود «الإسرائيلي» وجود نهائي –وفقاً لمفهوم فرض الأمر الواقع- يستمد حياته كشكل دولة من وجود قوى عظمى راعية وداعمة، ومن ثم اتجهت للتعاطي مع الملف الفلسطيني في إطار دبلوماسي كخيار أوحد، وعدم اللجوء إلى وسيلة مغايرة للدبلوماسية، نظراً لأن الاحتلال يتعامل مع القضية على أنها صراع وجودي.
الدول العربية لم تستطع التأثير في الموقف الغربي للتدخل الجدي ووقف إطلاق النار
لقد أوجد هذا الاتجاه العربي منطلقات للتقارب العربي الصهيوني تقوم على استبعاد المقاومة الفلسطينية من المعادلة، واتجهت بعض الدول لتصنيف حركة «حماس» كحركة إرهابية، كما حمّلت هذه الكتلة العربية المتقاربة مع العدو الصهيوني حركة «حماس» مسؤولية التصعيد، والتعامل معها باعتبارها سبب الكوارث التي تحل بقطاع غزة.
جاءت عملية «طوفان الأقصى» بما تضمنته من هدم أسطورة الجيش «الإسرائيلي» الذي لا يُقهر، والقوة القاهرة في منطقة الشرق الأوسط، فكان لسان حال المقاومة للدول العربية: هذه هي القوة التي كنتم تخشونها، وقمتم بالتطبيع معها على خلفية هذا الرعب من الكيان المدعوم من الغرب.
بناء على ذلك، لم يعد هناك ما يبرر للأنظمة العربية تخليها عن خيار المقاومة لاستعادة الحقوق، أو القول بعدم جدوى الخيار العسكري، أو إنكار أن القوة من شأنها أن تدفع الكيان لتقديم تنازلات؛ لذلك حتى لو انتهت المعركة، ومهما حاولت الدول المطبعة استئناف مسيرة التطبيع، فلن تجد الصيغة المناسبة التي تطرح بها فكرة التطبيع أمام الجماهير العربية والإسلامية.
استبعاد العرب
لقد أدت المقاومة الشرسة التي أبدتها الفصائل الفلسطينية ضد الصهاينة إلى سقوط أسطورة القوة «الإسرائيلية»، التي حاولت تعويض خسائرها واستعادة هيبتها أمام الداخل والخارج، عن طريق قصف المدنيين بوحشية، ودك المنازل والمساجد والكنائس والمدارس، وخاضت حرباً ضد المستشفيات الفلسطينية في القطاع، وقامت بتدمير البنى التحتية.
التجاهل الصهيوني الغربي للشراكة العربية سيجعل استئناف التطبيع أمراً عسيراً
لم تستجب حكومة الاحتلال لمطالب الدول العربية، لا في وقف آلة الدمار، ولا في السماح بإدخال المساعدات والإغاثات للقطاع الذي اختفت فيه مقومات الحياة، كما لم تستطع الدول العربية التأثير في الموقف الغربي للتدخل الجدي ووقف إطلاق النار –خلافاً لموقفها من الحرب الروسية على أوكرانيا- بل كان «الفيتو» الذي استخدمته أمريكا وحلفاؤها في مجلس الأمن لإبطال مشروع يقضي بوقف إطلاق النار، بمثابة عدم اعتراف بالشراكة العربية حيال القضية الفلسطينية، وهو ما يعني إخراج الدول العربية من المعادلة، التي فشلت في دفع الدول الغربية لتبني مواقف متوازنة حيال العدوان على غزة.
هذا التجاهل الصهيوني الغربي للشراكة العربية، سوف يجعل استئناف مسيرة التطبيع أمراً عسيراً، حيث إنه لم يحفظ للأنظمة العربية ماء الوجه أمام شعوبها؛ لأن التطبيع بالأساس صيغة تشاركية، وهو ما تبين بطلانه خلال الأحداث الأخيرة.
المقاومة لم تصمد أمام الزحف «الإسرائيلي» الذي تقف وراءه أمريكا وحلفاؤها فحسب، بل امتلكت زمام المبادرة، وقامت بتهديد العمق «الإسرائيلي» حتى وهي في حالة الدفاع عن القطاع، ومثلت أنفاقها الممتدة على مسافة 500 كلم تحت الأرض شبحاً يثير الرعب في العدو «الإسرائيلي» الذي ذهب إلى حتفه في غزة.
هذه الأحداث أعادت للجماهير العربية القناعة بضرورة المقاومة كخيار أمثل في التعامل مع قضية الاحتلال «الإسرائيلي» لفلسطين، واكتسبت المقاومة شعبية واسعة النطاق في الدول العربية والإسلامية.
«طوفان الأقصى» أوقفت عجلة التطبيع بعد الهزائم التي ألحقتها بالجيش «الإسرائيلي»
هذه الأوضاع الجديدة جعلت المقاومة الفلسطينية الطرف الأقوى الذي لا يمكن تجاوزه في أي مباحثات عربية «إسرائيلية»، وخيار المقاومة الإستراتيجي قد أثبت فاعليته، ومن ثم سيكون أي اتفاق عربي «إسرائيلي» يستبعد الفلسطينيين سوف يعزز مشروعية المقاومة، ويضع الأنظمة العربية في مأزق الظهور بمظهر العمالة؛ لذلك سوف تعيد هذه الأنظمة النظر في آليات وصيغة التطبيع وجدواه من جديد.
فوضى في «إسرائيل»
أوقفت معركة «طوفان الأقصى» عجلة التطبيع بعد الهزائم المتتالية التي ألحقتها بالجيش «الإسرائيلي»، وكسرت هيبته وأفقدته معادلة الردع، وأظهرت خوره وضعفه العسكري والأمني والاستخباراتي.
ترتب على ذلك خلق حالة من الفوضى في الداخل «الإسرائيلي»، وانقسامات ومعارضة لقرارات حكومة «نتنياهو»، وتزايد أعداد الهجرة العكسية، وفقدان الشعب «الإسرائيلي» الثقة في حكومته حيال المحافظة على أمن مواطنيها، خاصة في ملف الأسرى «الإسرائيليين» في قطاع غزة.
حرب غزة أعادت للجماهير العربية القناعة بضرورة المقاومة كخيار أمثل مع الاحتلال
كل هذا قد جعل الكيان «الإسرائيلي» يستبعد التطبيع مع الدول العربية من قائمة الأولويات خلافاً للسابق قبل انطلاق «طوفان الأقصى»، خاصة أن فكرة التطبيع مع العرب لدى «الإسرائيليين» قد صارت ضرباً من العبث، بعد أن رأوا الشعوب العربية والإسلامية لم تفلح معها محاولات التطبيع، وأدركوا مدى مركزية القضية الفلسطينية في وجدان الشعوب.
لذلك، نؤكد أن أداء المقاومة في هذه المعركة قد ضرب التطبيع في مقتل، وأنه مهما حاول بعض المطبعين استئناف التطبيع مع الصهاينة، فإنه حتماً لن يكون بنفس الشكل والصيغة والآليات والأداء.