في العراق .. عندما تُقدَّم بيوتُ الله قربانًا ..!!
نشر منذ: 18 سنة و 9 أشهر و 28 يوماً
الإثنين 27 فبراير-شباط 2006 11:03 ص

دهشة تملكتنا يلفها الغضب من موقف المراجع الشيعية من حادث التفجير في سامراء العراق , وأحاط بنا الاستغراب لتلك المواقف الغريبة والغير عادلة التي تنبئ عنها تلك الحوادث , فيزاد يوما عن يوم يقين كل متابع لمواقف المراجع الشيعية بأن شيئا خفيا ربما لا يعرفه أحد هو ما يحرك قراراتهم وفتاواهم وشيئا أخفى وأعمق هو ما يدفعهم للجور في ميزان العدل والمغالاة في ميزان الضرر ..

 

 

عبثا حاولت تفهم فتوى المرجعيات الأربعة بالأمس , فقد كنت أسمع كثيرا عن التقية كمبدأ معترف به عندهم ولكنني يوما ما ظننت أن الأمر قد يصل إلى هذا الحد الذي يستهان به بأرواح المسلمين ولا بمساجد الله الآمنة ..

 

 

الفتوى المستبطنة كانت هي السبب الأول والدافع الأساس نحو تلك الثورة العارمة والتحمس الغير منضبط لآلاف الغوغاء الذين لم تحركهم يوما مراجعهم نحو استنكار على محتل قتل آلاف الأبرياء من المسلمين واستباح الحرمات واحتل الأرض ودنس المقدسات ..

 

 

ولئن التمسنا لعامة الشيعة بعض العذر في ألمهم وغضبهم نتيجة تفجير قبر قد قدسوه طوال سنين متتابعة ورأوه في ناظريهم أقدس الأماكن وأرفع الحرمات , وبعيدا عن الأحكام الشرعية الإسلامية الثابتة التي تحرم تقديس المقابر وجعلها مزارات وتمنع اعتبار المساجد قبورا.. فإن مشاعر الحماسة والحرقة التي رأيناها تتصاعد بين عامة الشيعة قد وجدت من يغذيها من تصريحات زعماء الشيعة في شتى البقاع ..ونحاول أن نستقرىء الموقف الفاعل من خلال بعض المحاور المتاحة :

 

 

أولا : هناك محور هام ينبغي اعتباره كفاعل في تلك الأحداث على اعتبار تأثيره في المشهد العراقي في الأيام الأخيرة وهو تلك التصريحات الجديدة وذاك الموقف المغاير من الإدارة الأمريكية تجاه الحكومة الشيعية في العراق والذي عبر عنه السفير الأمريكي حيث وجّه اتهاماً إلى إيران بأنها تقوم بتدريب عناصر شيعية متطرفة، وتزوِّدها بالسلاح، مشيراً إلى أنّ 'إيران تتبع سياسة أخرى هي العمل مع الميليشيات، وتوفير التدريب والسلاح لهم و وأن واشنطن لن تغض الطرف عن وجود عناصر طائفية أو ميليشيات في الحكومة الجديدة أو في قوات الأمن. مضيفاً أنّ وزراء الداخلية، والدفاع، والمخابرات ، ومستشار الأمن القومي، يجب أن يتقلّدها أناس بعيدون عن الطائفية، ومقبولين على نطاق واسع، وغير مرتبطين بميليشيات , هذه التصريحات يجب أن ينظر إليها على أنها قد جاءت في وقت سخونة للأجواء وصراع محتدم بين الأحزاب والتكتلات تجاه تشكيل الحكومة الجديدة , فهل حاولت بعض الأطراف استباق الأحداث بافتعال ذاك الحادث كرد على تلك التصريحات وذاك التوجه الجديد ؟

 

 

ثانيا : قد تداولت الأوساط السياسية – بعد اختيار الائتلاف الشيعي للجعفري - أنباء حول محاولة توحد سنية كردية لتشكيل كتلة برلمانية تزيد عددا عن كتلة الائتلاف الشيعي وبالتالي يكون لها الحق في تشكيل الحكومة وستكون عندئذ يغلب عليها السنة ويستأثرون بالوزارات السيادية وسيفتحون الملفات المخبأة لمجازر وتجاوزات الحكومة الجعفرية – بالمعنيين - .. , فهل استبق بعض المتورطين في المذابح والفضائح الحال بافتعال حادث يقلب الأوضاع وينجيهم من محاكمة لا يعلم مداها أحد ؟ !

 

 

ثالثا : مثلت الهجمات التي تعرض لها ما يقرب من مئتي مسجد للسنة ومقتل الأئمة وجرح المئات إفرازا إجراميا لمخزون الشحن الطائفي المتطرف من مناهج وموروثات وفتاوى وتعليمات المراجع الشيعية التي تمثل السنة على أنهم أعداء لآل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنهم زنادقة متهمون دائما وأن التعايش معهم لا يمكن إلا بالتقية , كما إنها نتيجة تحريض إعلامي مسموم تقوم به الفضائيات التي زاد عددها عن 20 فضائية شيعية تنطلق من العراق وحده وعشرات الصحف والمواد الدعائية , لقد أنستهم الشحناء والغضب كل حرمة وأعمتهم عن كل محظور حتى لو كانت تلك الحرمة حرمة بيوت الله وحتى لو كان المحظور دم مئات المسلمين الذين يرفعون ليل نهار كلمة الشهادة .

 

 

رابعا : الذين تدربوا في دهاليز المخابرات الأمريكية والغربية والفروع التابعة لها وسخروا أنفسهم في خدمتها وتمتعوا بإنفاقها المال عليهم وسمنت لحومهم وشحومهم بأموالها , وبذلوا جهدهم كل جهدهم في الدفاع عن المحتل وكف اليد عنه وتحسين صورته مهما ارتكب من مجازر , هؤلاء لا يمكن لعاقل أن ينتظر منهم ولاء لوطن ولا حرصا على أرواح أو مقدسات .. فغايتهم تبرر وسائلهم وحرصهم على المنفعة يغشي أعينهم.

 

 

خامسا : الاحتلال الأمريكي الآن يدفع ثمن موالاته للآيات الشيعية والحكومات الموالية لإيران على حساب إبادة السنة , ولولا خطر البرنامج النووي الإيراني، وتصاعد التوتر بين طهران وواشنطن لما سمعنا أي تغير في السياسة الأمريكية , فهاهي الإدارة الأمريكية تعلم أن من أكبر أخطائها حل الجيش العراقي الذي كان المؤسسة الوطنية الوحيدة المتوازنة والقادرة على درء تلك الفتن , وتعلم أن الميليشيات التي أتاحت لها الفرصة في الولوغ بالإناء العراقي قد صارت شوكة في حلقها لصالح الإيرانيين ومن شايعهم .

 

 

سادسا : لست أدرى ما الذي صبّر أهل السنة في سامراء طوال تلك الفترة من الاضطهاد الفج حتى يختاروا هذا الوقت بالذات للانتقام ؟ وما مصلحتهم في ذلك ؟ فإننا لم نسمع إجابة واحدة على هذا السؤال من أي مصدر بادرهم بالاتهام سوى بالكلام الإنشائي المرسل الذي يتهم من أسماهم الزعيم الشيعي مقتدى الصدر وغيره ب' التكفيرين والوهابيين ' ثم أين كانت حراسات الشرطة مما حصل وبيان وزارة الداخلية يروي عن فترة زمنية بين الهجوم والتفجير يزيد عن عشر ساعات فهل هذا مستساغ بحال ؟ وكيف عاجلت قوى الأمن باعتقال بعض الأفراد في لحظات قليلات في حين تمضى الأشهر الطوال ولا تجد متهما واحدا لمذابح آلاف العراقيين في طول البلاد وعرضها !!

 

 

سابعا : أردت أن أضع ميزانا لسياسات المرجعيات الشيعية ففشلت وحاولت أن أستوضح منهجا لترتيباتهم وفكرهم فأعيتني الحيل , فميزان المصلحة يأبى , إذ إنهم يزجون بأبناء طائفتهم في آتون الاقتتال والفتن , وميزان الحكمة يأبى , إذ إنهم سيخسرون كل شيء حتما لأن حربا أهلية ستطيح بفرصتهم في الحكم والإدارة , وميزان الإيمان يأبى إذ إنهم يشاركون في هدم بيوت الله وإبادة من يقولون الله الله ..فلم يبق سوى ميزان الهوى الشخصي والأحقاد الدفينة والتصورات العقائدية التكفيرية التي تبيح لهم السكوت والرضا بقتل الآخر وسفك دمه بدم بارد .. فهل يأبى هذا الميزان ؟!

 

 

ثامنا : لقد تعودنا في بلادنا العربية أن تكون المؤامرات التي تحاك بنا مستوردة من الخارج ولكنها تنفذ بأيدي الذين يشربون من مياهنا ويقتاتون على طعامنا ويتحدثون بلساننا , إن العدو دائما لا يورط نفسه ولكنه يبث عملاءه فيقومون بالدور على أكمل وجه , حتى إذا اشتعلت فتنة عمياء كانت تربة خصبة لتشكيل الحياة طبقا لما يريدها من جديد !!

 

 
عودة إلى كتابات
الأكثر قراءة منذ أسبوع
الأكثر قراءة منذ 3 أيام
علي محمود يامن
الفضول … شاعر الخلود الوطني
علي محمود يامن
الأكثر قراءة منذ 24 ساعة
د. محمد جميح
سوريا: علمانية بمواصفات ذقن حليق
د. محمد جميح
كتابات
عواقب الفهلوة!!
طهران وواشنطن.. من يحاصر من؟
إنفلونزا الطيور .. وباء يكتسح العالم
الزنداني مطلوب (رئاسيا) لا أمريكيا!!!
واشنطن لم تطلب الزنداني.. فلماذا يتاجر به الرئيس؟!‏
بِتُــــوع ربّنا قادمـــون
مشاهدة المزيد