في ذكرى مجزرة الكرامة: القتلة على طاولة الحوار
نشر منذ: 11 سنة و 8 أشهر و يوم واحد
الإثنين 18 مارس - آذار 2013 05:54 م
اليوم ينطلق مؤتمر الحوار الوطني بعد فترة من الإعداد والمد والجزر السياسي بين الأطراف المحلية والإقليمية والدولية ، واليوم يصادف ذكرى مجزرة الكرامة التي راح ضحيتها أكثر من خمسين شهيدا من شباب اليمن الثائر ، ولا أدري هل اختيار هذا اليوم موعدا لبدء الحوار هو تخليدا لهم أو عبثا بدمائهم .
يلتقي اليوم على طاولة الحوار من كانوا جزءًا من الثورة مع القتلة في سابقة غير معهودة في مثل هذه الأوضاع ، قد يجلس المتحاورون على الطاولة ربما والكهرباء ليست من المصدر الرئيسي للطاقة الكهربائية بل عبر مولد كهربائي إسعافي بسبب أن الاعتداء على خطوط نقل الكهرباء في مأرب وأن الطرف المتسبب بقطعها جالس للتحاور .
ينطلق مؤتمر الحوار واليمن فاقد للكثير من هيبة دولته وجراحه تتزايد مع مرور الأيام ، الأمن أصبح مهزوزًا بفعل صراعات مقاومة البقاء ومقاومة التغيير كطرف والانطلاق إلى مستقبل أفضل كطرف موازي ، الأوضاع المعيشية تدهورت إلى حدود كارثية ، ظهور نزاعات جديدة من أجل فرض جغرافيا جديدة للواقع اليمني .
ينطلق مؤتمر الحوار اليوم الاثنين 18 مارس 2013م واليمن يعاني من نزعة التقسيم والانقسام ويعاني من الجوع ويعاني من الفساد والفاسدين ويعاني انعدام القانون ، ورغم مرور عامين على الثورة وعام على عهد جديد بدون علي صالح ، وخلع علي صالح هو الذي تحقق ومع هذا يعد إنجازًا لا يستهان به لكنه ليس كل المطلوب ، خلعه كان هدفا وهناك أهداف أخرى لازالت في الانتظار .
في مثل هذا اليوم حاول علي عبد الله صالح أن يعطي شباب الثورة درسًا قاسيًا لإخمادهم وإخماد ثورتهم وبعثرة خيامهم التي نصبوها قرب جامعة صنعاء وتحت معلم "الإيمان يمان والحكمة يمانية" ، هدرت الدماء وذهب ثلة من أطهر شباب اليمن شهداء إلى جنة الخلد ، لا ذنب لهم ولا جريمة إلا أنهم ولدوا في زمن التعاسة وعاشوا سنوات من عمرهم مقهورين لا مستقبل لهم فانتفضوا لصناعة مستقبل لهم وللأجيال من بعدهم .
هذا الفعل كان يعتبره علي صالح عصيانًا وخروجًا على طاعته وتمردًا على دولته الآيلة للسقوط حتما بهم أو بغيرهم لكنها سقطت بأرواح شهداء ثورة الشباب وسقط معها علي صالح محروقا بجروح مظالمه التي انعكست على وجهه لتشوّه صورته ، خلع من كرسي الحكم وبقى يقاوم الثورة بكل الوسائل وربما أنه سيقاوم التغيير الذي يؤمل عليه كثيرون من خلال مؤتمر الحوار الوطني .
على نعوش شهداء الحرية والتغيير جاء تولي نائب الرئيس السابق مقاليد حكم اليمن مؤقتا كرئيس انتقالي وكان حظه أن استلم البلد مدمرا متهالكا مريضا أجمل ما فيه هي الفوضى العارمة التي أنشأها سلفه وهذه الفوضى كالأشواك المتناثرة على الطريق ، الرئيس الخلف هادي يعلم يقينا بنوايا سلفه ويعلم بمخططاته ويعلم انه المستهدف الأول من هذه المخططات لكنه فضل السير بهدوء وهدوء تام .
ينطلق مؤتمر الحوار اليوم في ذكرى أليمة بكى آلاف اليمنيين في هذا اليوم لغزارة الدم وبرودة القاتل الذي يتواجد اليوم على طاولة الحوار وهذا ما يمثل استفزازا واضحا لمشاعر أسر الشهداء والجرحى ومشاعر مئات الآلاف الذين خرجوا للثورة على نظام فاسد اهلك الأخضر واليابس ، وانعقاد مؤتمر الحوار اليوم بوجود من كانوا سببا للقتل مباشرة وغير مباشرة ، فهذا حافظ معياد عضوا في مؤتمر الحوار وهو الشخص الذي قاد عشرات البلاطجة لقتل الشباب وصرف الملايين من اجل دعم البلاطجة والمأجورين لقتل الشباب الثائر ، يوجد ايضا أشهر المحرضين على القتل من خلال فتح وسائل إعلام الدولة أمامهم للتحريض على سفك الدم والقتل وأشهر هؤلاء إيمان النشيري التي استهانت بدماء اليمنيين رخيصة من اجل بقاء الظالم والطاغية ، يوجد سلطان البركاني والعليمي وكثيرا من الأسماء التي شاركت وحرضت على القتل وكان الأولى بالرئيس هادي وبالمؤتمر أن يفتحوا صفحة جديدة مع هذا الشعب وأن يأتوا بأسماء تمتاز بنظافة اليد عن دماء اليمنيين ، لكن المؤتمر يصر على الاستمرار في رهاناته الخاسرة التي دمرت اليمن .
اللقاء المشترك وشركاؤه هو الآخر يدخل مؤتمر الحوار وهو يعاني من أزمات ثقة في صفوفه ، وهو الذي وعد أكثر من مرة واشترط ان لا حوار قبل خروج صالح وان لا حوار قبل اعتزال صالح العمل السياسي وان لا حوار مع القتلة ، هاهو المشترك يجلس اليوم جنبا الى جنب مع القتلة ومع أركان صالح وانصح إخواني وأعزائي أعضاء فريق الحوار من المشترك ان يقرءون الفاتحة على أرواح الشهداء كأقل واجب يذكرونهم به ، صحيح ان المشترك هو من هيا للثورة وهو من ساندها والثورة هي مولود شرعي للمشترك لكن كان عليه ان يحسن من شروط التفاوض ، هو فعل ذلك لكن عصا بن عمر والعصا الإقليمية والدولية كانت فوق رؤوس الجميع ، يمكن للمشترك تعويض ذلك بنتائج أفضل يسعى لانتزاعها لليمن وليس لفريقه الخاص .
نسب قوائم التمثيل غير متكافئة فحزب المؤتمر وهو الحزب الذي قامت عليه الثورة تم منحه نسبة كبيرة بإسمه ونسبه لنائب رئيس المؤتمر وهذا ، ونسبة نائب رئيس المؤتمر تمثل فخا لقوى الثورة في مؤتمر الحوار في حال تم استخدامها استخداما سياسيا معينا .
يعتقد البعض ان مؤتمر الحوار سيأتي بنتائج سحرية وانه العلاج لكل مشاكل اليمن وهذا فهم مغلوط ، كل ما سيخرج به مؤتمر الحوار هو نتائج سياسية واتفاقات على توزيع الأدوار وربما تنظيمها أما مشاكل اليمن فهي ناتجة عن سياسة اللاعبين في الميدان ومؤتمر الحوار لن يستطيع إزاحة هؤلاء اللاعبين قطعا .
صدقوني اذا لم تتحقق أهداف ثورة الشباب السلمية من خلال نتائج مؤتمر الحوار فانتظروا بثورة عارمة تقتلع الكل وستكون ثورة شعبية لا يستطيع أي طرف ان يفرملها كما فرملوا ثورة فبراير
سنطلق حرية تفاعلنا وآمالنا بمؤتمر الحوار من اجل عدم تعكير الأجواء النفسية للناس ، قبل ان تتعكر بنتائج الحوار التي ستؤول باليمن الى يمنات ( لا سمح الله ) لكن هذا التشاؤم له ما يبرره فالرغبة الاقليمية تسعى الى ذلك وتعززها مطالب محلية بتحقيق ذلك ، وبعد مرور فترة على مؤتمر الحوار وتحديدًا عند بدء طرح ومناقشة القضايا الحساسة سأتناول الأجندات التي تحاول التأثير في اليمن من بوابة مؤتمر الحوار
عذرًا شهداءنا فنحن لم نعِ ما كنتم تهدفون إليه .. رحمكم الله وأسكنكم فسيح جناته، والفاتحة على أرواحكم الطاهرة من كل من يقرأ هذا .. ودمتم