شرطة تعز تعتقل قاتل أربعة من أفراد أسرته في صنعاء اشتعال حرب التكنولوجيا ..الصين تسبق الولايات المتحدة في التاكسي الطائر ذاتي القيادة بعداغتيال وزير الإعلام في حزب الله..مصادر تكشف تفاصيل لن تكن معروفة وغامضه احذروه…. القاتل الصامت يعيش في مطابخكم قرارات جديدة وصارمة… .اليمن يطالب الأمم المتحدة باتخاذ إجراءات صارمة لوقف تهريب الأسلحة إلى الحوثيين بايدن يتخذ قراراً "مفاجئاً" لأول مرة قد يشعل الأوضاع في أوكرانيا و"يغضب" بوتين الاعلان عن هلاك قيادي بحزب الله تولى التخطيط والقيادة والسيطرة لعدد من معارك الحوثيين صحة مأرب تدشن حملة توعوية لطلاب المدارس حول وباء الكوليرا مصادر مأرب برس :المليشيا تخنق التجار بجبايات جديدة بالضالع خبير عسكري أردني:التصعيد قادم في اليمن وأمريكا قررت اتباع استراتيجية الاغتيالات التي تمس قيادات الحوثيين
ما قبل البداية؟: لابد من التنويه لملاحظتين هامتين هما:
الأولى: أن منهجية التعاطي مع حدثين تاريخيين ودراسة أوجه التشابه والاختلاف تقتضي بالضرورة الندية والتشابه في الصورة العامة، كأن نقارن بين ثورة 25 يناير وثورة تونس، أو بين حركة وحركه، أو انقلاب وانقلاب مع اختلاف الزمان والمكان، لكن أحيانا نصاب بالخفة التاريخية أو خداع المفاهيم والمصطلحات فيلتهم الوصف الموصوف.
وكما يصف د/ محمد عابد الجابري الفارق بين الممكن الذهني والممكن الواقعي وكيف أننا كعرب ومسلمين نجيد خداع الذات بالمصطلحات والمفاهيم فنسمي "نكسة" حزيران 67 وهي هزيمة، ونسمي الصحراء مفازة، ونسمي الأعمى بصيرا، ونكبة 48 وهي هزيمة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى؟: أن حركة 13 يونيو التصحيحية هي رد الاعتبار للهويه اليمنية في تاريخ اليمن المعاصر، فكيف لا نراها ثورة شامخة كالجبال، وكنا دائما نستظل بتفاصيلها في قراءتنا للتاريخ فنحلي بها الذكريات ونجمل بها الأشواق لمستقبل الإنسان اليمني كون الأحداث التاريخية العظيمة لا تأتي من فراغ ولا تذهب لخواء.. فهذه تسوغ تلك وعلى كل فإني رأيت تغيير العنوان إلى مقاربة أوليه ليكون أكثر حصافة وأبلغ دلالة وأكثر دقه..
الثانية: أعتقد أنه من المبكر الكتابة عن تأريخ ثورة 11 فبراير السلمية، فالثورة لم تكمل تجربتها بعد ولم تبزغ الدولة المنشودة، ومن ثم فالكتابة عن هذه الثورة في هذه الورقة كتابة عن الثورة كحدث، كواقع وليس كتاريخ بالمعنى الحرفي للكلمة، ولاشك أن الأحداث والوقائع جزء من التاريخ لكنه ليس التاريخ لان التاريخ دراسة واقع التحول من عالم الأفكار إلى الفعل الإنساني وانعكاسه على بناء الدولة والوطن على كافة المستويات، ثقافيا واجتماعيا واقتصاديا وسياسيا.
أولا الضرورة:
كما أن الثورة إجابة حقيقية لحاجة شعبية وانتهاء عهد وابتداء عهد، فأن حركة 13 يونيو 1974م كانت كذلك نتيجة الشعور بغياب المشروع الوطني الذي تجسد نظريا بأهداف ثورة 26 سبتمبر 1962م، ابتداء من التحرر من الاستبداد والاستعمار ومخلفاتهما، وإقامة حكم جمهوري عادل، وإلغاء الفوارق والتمييز بين الطبقات، ثم بناء جيش وطني قوي يحمي مكتسبات البلاد إلى آخر تلك الأهداف النبيلة، فهل تحققت تلك الأهداف؟ !
ما حدث هو إفراغ حقيقي لأهداف ثورة سبتمبر السامية والبالغة الدلالة، وتحولت الجمهورية التي كانت غاية الثورة إلى شكل هُلامي يشبه الجمهورية لكنه ليس كذلك.
غادر رئيس الجمهورية الأولى عبد الله السلال للعراق لتغادر معه الجمهورية الأولى التي امتدت من 1962م إلى 1967م، وبقى الجمهوريون المعتدلون – كما تصفهم كتب التاريخ- ليسلكوا سياسة الباب المفتوح والانفتاح لتتشكل الجمهورية الثانية منذ 5 نوفمبر 1967م، لتستوعب الاعتدال الجمهوري بالملكيين، فجاء المجلس الجمهوري كالتالي؟:
1.عبد الرحمن الإرياني، 2. حسن العمري، 3. أحمد محمد نعمان، 4. محمد علي عثمان، 5. أحمد محمد الشامي، وهذا الأخير كان بمثابة وزير خارجية الملكية، فاستوعبته الجمهورية الثانية المرضي عنها سعوديا، ثم تم تشكيل حكومة جمهورية تضم أربعة وزراء من الملكيين سميت "حكومة الوفاق الوطني" آنذاك، سميت هذه الفترة "عهد الحكم الجماعي" أو التقاء رؤؤس الأطراف المعنية لتتجلى "الحكمة اليمنية" التي نتغنى بها دائما!!!!؟؟
فلماذا قدم الثوار اليمنيون أرواحهم ودماؤهم للثورة وفي الثورة التي تعتبر أهم حدث يمني في القرن العشرين؟؟ ! ولماذا حاربت الثورة فلول، الملكية منذ 1962م إذا كانت ستتصالح معها؟؟ أليست الجمهورية غاية لتحقيق غايات!! تحول انقلاب نوفمبر1967م لخليط من سياسيين مرموقين وسياسيين محترفين ومشائخ وضباط ذوي علاقة بالمشائخ أو ذوي مصالح (جمعية سبأ). ...
ألم تقم الثورة على التحالف الطبقي العسكري المشائخي الديني السياسي لتحقق حكم جمهوري عادل يلغي التمييز بين الطبقات؟ ! والأدهى؟: أن انقلاب نوفمبر أبعد الوجوه الجمهورية المحاربة والمخلصة والنقية لتبقي على وجوه "مرضي عنها "...
صحيح أن هذا "الوفاق الوطني" أنهى صراع سياسي عسكري دام ثمانية سنوات وأنهى حربا أهلية كادت تشتعل وعمل على صياغة الدستور وانتخاب مجلس الشورى، لكن هذا الوفاق المدعو ما هو إلا غطاء لمراكز قوى متصارعة، وأن من يحكم هي أطراف بل أشخاص، وهذا ما قاله الشهيد الحمدي في إحدى خطبه الرائعة (لا المجلس الجمهوري كان يمارس سلطته، كان شخص واحد هو الذي يحكم، ولا مجلس الشورى يمارس سلطته لكن شخص هو الذي يحكم، وكانت تختفي وراءها المصالح والأطماع للحكم وفي الحكم) ثم دخلت إثر ذلك الجمهورية الثانية في أزمة خانقة متعددة الأطراف والمشارب بلغت ذروتها في خوض الجمهورية المأزومة حرب ضد الجنوب عام 1972م، فلا استقرار ولا بناء، وغاب المشروع الوطني لدولة الجمهورية، بل إن ما حدث كان عبث بأموال الأمة وعبث بمقدراتها، وعبث بأمنها، وفساد. كل ذلك و أسباب أخرى لا يتسع ذكرها هنا، كانت أسباب كافية لثورة تصحيحية لمسار ثورة سبتمبر 1962م، كي تعيد ألقها ورونقها وتعيد أمل المواطن اليمني بالثورة والجمهورية..
ولذلك في عام 72م كتب الأستاذ البردوني قصيدته الرائعة (لافتة على طريق العيد العاشر لثورة سبتمبر)؟:
أيها الآتي بلا وجه إلينا .....لم تعد منا ولا ضيفا علينا
غير أنا يا لتزييف الهوى ........نلتقي اليوم برغم رغبتينا
سترانا غير من كنا كما .....سوف تبدو غير من كنا رأينا
أسفاً ضيعتنا أو ضعت .....من قبضتينا يوم ضيعت يدينا
قبل عشر كنت منا ولنا....... يا ترى كيف تلاقينا..وأينا؟؟
أنت لا تدري ولا ندري متى .. فرقتنا الريح. .أو أين التقينا؟
وإلى أين مضى السير بنا دون..أن ندري؟ ومن أين انثنينا؟
على جانب المقاربة الأخر.. فإن ثورة 11 فبراير السلمية ليست فقط إجابة للحاجة الشعبية لكنها ضرورة شعبية بكل المقاييس الإنسانية وبكافة المستويات. يكفي أن نعرف أن نظام الجمهورية الرابعة (جمهورية نظام صالح) خلق غربة بين الشعب اليمني بعضة البعض، وغربة بين الشعب والدولة والسلطة، وبين السلطات المختلفة فضلا عن الغربة بين اليمن والعالم الذي أصبح متقاطعا ومتداخلا حد الدهشة، صارت فيه اليمن البلد الأفقر والأسوأ، البلد التي تثير الشفقة والأسى، بلد لا ترى العالم ولا يراها..........
صارت اليمن تعيش في أزمات عامة ومركبة، أزمات متلاحقة, وهنا سأكتفي بالإشارة إلى أنه في عام 2005م احتلت اليمن الترتيب 8 بين 20 دولة (الفئة الأولى) من الدول الفاشلة في العالم وتعريف الدولة الفاشلة أنها: انهيار الدولة وعدم تمكنها من أداء وظائف التنمية الأساسية وحماية الأمن العام والأمن الفردي للناس وفرض السيطرة على أراضيها وحدودها، وهناك مؤشر لتسمية الدولة الفاشلة يتكون من 12 درجه وعاملا دالا منها؟:
وجود دولة داخل دولة
بروز نخب سياسية أو عسكرية تسمح بتدخل دولا أخرى
أما المؤشرات التي تستند عليها عملية التقييم: فقد كانت المؤشر الاجتماعي، والمؤشر الاقتصادي، والمؤشر السياسي، الذي يذكر تفاصيل هذه المؤشرات كأنه يصف تماما الحالة اليمنية !
ويذكر د/ سعيد المخلافي "ترجع الخلفية الحقيقية للازمة السياسية للنظام الجمهوري في اليمن إلى عقد الستينات من القرن الماضي وتحديدا منذ قيام الثورة في الشمال عام 1962 وتحقيق الاستقلال الوطني في الجنوب 1967م، حيث ظلت العديد من التناقضات الاجتماعية والسياسية المزمنة تتراكم دون حل سوى كبتها بالقوة المرة تلوى الأخرى.. ويقول: "في مثل هذه الأنظمة يُختزل الوطن والدستور والدولة في شخص (الزعيم الأوحد) الذي يقاس الولاء الوطني بمدى الولاء للطاعة له، فهو ولي الأمر الذي لا يجوز انتقاده مهما كانت أخطاؤه وتصرفاته، وهو الحكيم الذي يجب أن تحفظ أقواله وترددها في كل المناسبات كمقولات مطلقة لا يخالطها الشك، وهو المالك الوحيد لكل ثروات الدولة وهو من يستطيع أن يهبها لمن يشاء ويمنعها عن من يشاء".
إذا تتفق ثورة 11 فبراير السلمية 2011م مع حركة 13 يونيو 1974م في كون ضرورات وجودهما تتشابه إلى حد التطابق، وكونهما تمثلان قلب الطاولة على التحالف القبلي العسكري الديني السياسي العصبوي الذي اختطف السلطة والدولة والثورة والوطن عموما إلى غياهب الجب.. وأصبح اليمنيون مجرد رعايا بل عبيد لسادة هم الأقرب لعبودية المال والسلطة، خصوصا وأن هناك تدخل سعودي سافر في الحالتين!!
ولذلك كانت حركة 13 يونيو 1974م إعادة الاعتبار لكل اليمنيين كما قال الشهيد القائد إبراهيم الحمدي في أحد خطاباته.
ألا ينطبق ذلك تماما على ثورة 11 فبراير السلمية، وكثير ما ذكر الشباب في معظم الأنشطة والفعاليات الثورية أن ثورة 11 فبراير السلمية هي إعادة اعتبار للهويه اليمنية.
إن ما حققته حركة 13 يونيو 1974 كان تغييرا جذريا شاملا على كافة المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
إذا لماذا سميت عملية التغيير تلك باسم حركة 13 يونيو وهي ثورة بكل المقاييس..؟؟ !!!!
ربما يرجع ذلك لسببين وجيهين؟:
السبب الأول: قصر الفترة الزمنية بين بداية الانحراف عن المبادئ الثورية وبداية التغيير، فالفترة بين 5 نوفمبر 1967م وبين 13 يونيو 1974 هي 7 سنوات لا تكفي لثورة مجددا، بل لعملية تصحيحية، ربما لان الأخطاء تشعبت في كل الاتجاهات لكنها لم تتجذر أو تتعمق، فالفترة الزمنية القصيرة غير كافية لتجذير المشاكل والقضايا الشائكة (استدلال بابن خلدون).
السبب الثاني؟: ذكاء التعامل وحصافة القرار من قبل الحمدي ورفاقه مع نظام الجمهورية الثانية، وإلزامهم بشكل مباشر أو غير مباشر بتقديم استقالة جماعية وبدون إراقة قطرة دم واحدة.. فهل إسالة الدماء الزكية هي السبيل الوحيد للثورات؟ !!
ولما كان حاضن حركة 13 يونيو 1974م هو الجيش الوطني أو المؤسسة العسكرية، تماما كثورة سبتمبر 1962م، فأن الحاضن السياسي والاجتماعي لثورة 11 فبراير السلمية هو الشعب بكل أطيافه وتوجهاته، والجميل أن الشباب هم الطليعة في الحالتين..
ويكفي أن نعرف أن رفاق حركة 13 يونيو التصحيحية معظمهم من الشباب مع العلم أن الشهيد القائد/ إبراهيم الحمدي كان عمرة 31 عاما حين تولى منصب رئيس الجمهورية في عام 1974م، وكانت أعمار معظم القيادات التي حملت مشروع 13 يونيو التصحيحي أصغر بكثير منه.. هذا من جهة، ومن جهة أخرى فكما كانت حرب 1972 مع الجنوب تمثل ذروة الوهن الحقيقي للجمهورية الثانية، فإن حرب صيف 1994م ضد أبناء الجنوب كانت بداية الانهيار لنظام الجمهورية الرابعة (جمهورية نظام صالح). .
وكما قال د/ ياسين سعيد نعمان في مقال له بعنوان "إشكالية من واقع ثورة الفرصة الأخيرة، كلمة للتاريخ" (لم يدرك نظام علي صالح أن ما يسمى "الانتصار" الذي حققه في حرب 1994م على الجنوب كان بداية نهايته تماما مثلما كان هزيمة للوحدة السلمية الطوعية).
والذي يدعو للاستغراب والتأمل أن القوى القبلية الدينية العسكرية المتحالفة سياسيا هي نفسها صاحبة مشروع الحرب ضد المشروع الوطني في كلتا الحالتين!!!!!
الحقيقة أنه منذ 5 نوفمبر 1967م حدث تكييف للجمهورية والملكية، وبالمثل في المبادرة الخليجية التي قزمت ثورة 11 فبراير السلمية - التي راعيها الأول والأوحد الشعب بكل فئاته وطبقاته وأطرافه - وتحويرها إلى أزمة سياسية، بتدخل سعودي تعامل فقط مع طرفين سياسيين للسهولة والخفة، ومحاولة لتقزيم قامة الثورة ومنع امتدادها كتجربة رائده في الخليج العربي عامة والمملكة السعودية على وجه الخصوص.
وكما أنصهر الملكيون مع الجمهوريين "المعتدلين"، انصهر النظام الحاكم مع المعارضة السياسية وصارا الاثنان (المؤتمر و المشترك) نظاما ومعارضة في الوقت ذاته، نظاما على الشعب، ومعارضة لبعضهم البعض، والجميع يدعي وصلا بليلي..
فهل يحسن القياس بالدلائل والمسببات والنتائج؟ ! لان تكرار نفس الأسباب سيؤدي لتكرار نفس النتائج.. فباسم من وقع "المشترك" على المبادرة الخليجية؟ ! أما النظام فوقع باسمه وهذا طبيعي لأنه وحده الراعي الرسمي للخراب والعبث، والفساد لكن ثورة 11 فبراير السليمة قامت عليه كإرادة شعبية بامتياز وكان الشباب بمقدمتها ثم الشعب.. ولاشك أن الأحزاب كانت جزءً أصيلاً من الشعب، فكيف تجرأت هذه الأحزاب للتوقع نيابة عن الجميع؟ !! وهل من الحصافة تجاوز الشعب كحاضن سياسي واجتماعي للثورة؟؟؟؟ وهل المشترك جدير ليحمل رسالة الثورة؟؟ ! وهل هو أمين عليها؟؟ !
صحيح أن (الثورة وضعت في فوهة كماشة العنف) كما يقول د.ياسين سعيد نعمان ويضيف (والذي لم يكن له غير معادل موضوعي واحد هو الحرب الأهلية لكن الطابع السلمي للثورة وتمسك الثوار بقيم الثورة السلمية وضعهم أمام مسؤوليتهم التاريخية بالوصول بالثورة إلى غاياتها سلميا)، كما يضيف أيضا؟: (إنه لم يكن أمام قوى الثورة من خيار سوى مواصلة السير في طريق الخيار السلمي والذي يعني فيما يعنيه السير في طريق التسوية السياسية التي ستنجز عملية التغيير والتحول..)
فلماذا يختزل الدكتور ياسين الخيار السلمي بالتسوية السياسية المشوَهة والمشوِهة؟، ولماذا هذه الوصاية في الخطاب وفي فرض الخيارات في ثورة قامت ضد الوصاية ونشيدها الوطني يردد دائما (لن ترى الدنيا على أرضي وصيا)؟ !، ولماذا يخوفنا الدكتور ياسين بالحرب الأهلية فيقول إما التسوية أو الحرب الأهلية؟ !
ألم يكن النظام على مدى سنين حكمة يخوف الشعب اليمني بالحرب الأهلية إذا غادر هو المشهد السياسي، أو طالب الشعب بحقوقه كون هذا النظام وحده يملك تعقيدات الأطراف ويملك مفاتيحها ويبدع الحل والعقد؟
ألم يهدد بحرب من بيت لبيت ومن طاقة لطاقه؟ فلماذا يخاطبنا المشترك والدكتور/ ياسين تحديدا بهذا الأسلوب (أسلوب صالح)؟
يبدو أن الضحايا يتعلمون من جلاديهم أحيانا والشواهد التاريخية كثيرة!!! لكننا نقول أن خيار الحرب الأهلية كان بعيدا لسببين؟:
الأول؟: أن الحرب الأهلية تقتضي تعدد وتداخل الطوائف والأعراق والإثنيات أفقيا ورأسيا وبالتالي يخلق مبرر للصدام الغير مفض لحلول تتقاطع فيه الأطراف، وهذا غير موجود في اليمن.
الثاني؟: إن الثورة السلمية كنمط جديد للثورات، كفكر لثورات اللاعنف، لها من التكتيكات والأساليب والوسائل المبتكرة والمتنوعة، من استثمار نقاط ضعف النظام وضرب نقاط قوته – إن كانت موجودة فعلا، ومن تجمهرات ومسيرات ذات عناوين ودلالات، والساحات والاعتصامات والعصيان المدني و الإضرابات، وغيرها الكثير المبني على أفكار جديدة كلها بصدور الشعب العارية من كل شيء إلا من الإيمان بعدالة القضية. فأنى لها تجر لحرب أهلية والجميع يدرك كيف ظهر هذا النظام هشا ومتهاويا لأقصى مدى عقب جمعة الكرامة؟؟ !! فهل القوى السياسية تطورت بما يكفى كي تستوعب نبض الشارع ومطالبه لمواكبة متغيرات العصر؟؟؟؟ !!!
النتائج:
إن غياب المشروع الوطني لبناء الدولة نتيجة لطبيعة الحكم العصبوي والمركزي الذي يرتكز على مراكز قوى (تحالف قبلي عسكري ديني مناطقي بوجوه سياسية) حول الوطن لمزرعة عائلية وجعل المواطنين رعايا وعبيد. .
هذه الضرورة لقيام ثورة 11 فبراير السلمية وحركة 13 يونيو التصحيحية لكن ما هي النتائج للحالتين التاريخيتين؟
إن حركة 13 يونيو (الجمهورية الثالثة) بقيادة الشهيد/ إبراهيم الحمدي فتحت أبوابا مشرعة على أبواب، وآفاقاً متعددة للنهضة والبناء، محققة قفزة نوعية حقيقية للمشروع الوطني "الحلم" ببناء الدولة اليمنية الحديثة، اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وثقافيا، لتشهد اليمن "شهر عسل" حقيقي على حد وصف البعض، فاختفت العصبيات القبلية والنزاعات الطائفية والثارات والصراعات المسلحة، وتلاشت الوساطات والمحسوبيات والرشا بفعل لجان التصحيح المالي والإداري، وصار الأمن والاستقرار لبناء دولة النظام والقانون واقعا ملموسا للجميع، وتفكك التحالف القبلي العسكري الديني السياسي. .
إضافة إلى أن الرئيس إبراهيم الحمدي هو الأب الحقيقي لحركة التعاونيات اليمنية التي شقت عشرات آلاف الكيلومترات من الطرق، وشيدت مئات المدارس، وبنت مئات المستوصفات والمراكز الصحية...
كما ساهمت في تأسيس البنية التحتية لتنفيذ أي خطة اقتصادية أو تنموية.. وأيضا حطمت الفوارق بين مستوى العيش بين الريف والمدينة (مؤشر للتطور)، فتضاءل التضخم ونقص مؤشر البطالة وانحسر الركود الاقتصادي.. والكثير من الانجازات والبناء المؤسسي وإعلاء لقيمة المواطن اليمني في الداخل أو في بلد الاغتراب الذي أصبح يشعر بالفخر أنه يمني!! كل ذلك في 3 سنوات و 4 أشهر!!!
وكي يحسن التقابل والقياس؟: نستعرض نتائج ثورة 11 فبراير السلمية؟:
إن حكومة الوفاق الهزيلة (حكومة باسندوة) ليست بعيدة الشبة عن حكومة (الوفاق الوطني) في الجمهورية الثانية من 67 حتى 74؟؟ واللاعب الإقليمي لم يغير موقفة لان مصالحه لم تتغير! ويبدو أن محترفو السياسية لم يتغيروا؟؟
هل صراع مراكز النفوذ والأطراف المعنية في الجمهورية الثانية (مثلا عبد الرحمن الإرياني والشيخ عبد الله بن حسين الأحمر) يختلفوا كثيرا أو قليلاً عن الصراع بين أحمد علي وكل من حميد الأحمر وعلي محسن؟؟ وهل يختلف بين التجمع اليمني للإصلاح والمؤتمر الشعبي العام؟
أليس هذا الخبز من ذاك العجين؟ !!
أليس المجلس الجمهوري المعتدل المرضي عنه سعوديا يشبه سلطة عبد ربه منصور هادي بوجه من الوجوه؟
الجدير ذكره؟: أن طبيعة تلك المرحلة – كما يقال - كانت تستلزم حكم جماعي لكل الأطراف المعنية.. ما أشبة اليوم بالبارحة، وربما الجميل أن أطراف الحكم الجماعي قدموا استقالة جماعية للشهيد القائد إبراهيم الحمدي لأنهم اقتنعوا أو تم إقناعهم بعدم صالحيتهم للحكم.
ولكن هل أطراف ومراكز القوى المتصدرين للمشهد الثوري اليوم عرفوا أنهم يخلقون مشاكل لا حلول؟ وهل ستتوفر لديهم قناعات أنهم غير جديرين بالحكم فيستقيلوا لصالح الوطن الذي "ضيعه أهله"؟
وهل هناك مؤسسة ثوريه بقامة الشهيد إبراهيم الحمدي؟؟؟؟؟؟؟؟؟
إن الجيش الجمهوري وهو يمثل مؤسسة وطنية ظل يراقب صراع الأطراف ومراكز القوى في الجمهورية الثانية، وراقب ذلك الانهيار المتسارع للدولة والوطن بكل المستويات، فقدم رؤية وبرنامج للإصلاح المالي والإداري الذي قدمه الشهيد إبراهيم الحمدي باسم مشروع القوات المسلحة، بعدها عين الحمدي نائبا لرئيس الوزراء للشئون الداخلية ليشرف شخصيا على تنفيذ ومتابعة مشروعه التصحيحي، ثم عين نائب القائد العام للقوات المسلحة، وبعدها تسلم رئاسة مجلس القيادة الجديد ليصبح رئيسا للجمهورية الثالثة..
ومن جهة أخرى فأن ثورة 11 فبراير لم يكن الجيش الجمهوري حاضنا لها ضد مراكز القوى وأطراف الصراع، بل كان نفسه طرفا من أطراف الصراع، حيث انقسم الجيش تبعا لانقسام رؤساءه ووفقا لولاءاتهم الشخصية والقبلية لا الوطنية.. وأعتقد أننا لن نجافي الحقيقة إن قلنا أن الجيش اليمني بصورته العامة إصطف مع القوى المضادة للثورة غالبا!!
والسؤال؟: بين الجمهورية الثانية وبين نظام على صالح ما الذي حدث لهذه المؤسسة العسكرية لتصبح كانتونات ومزارع خاصة لؤلئك؟؟
لماذا هذا التراجع المخيف للمؤسسة العسكرية وكيف؟؟ تساؤل يستحق الدراسة؟
فماذا حققت ثورة 11 فبراير السلمية إلى الآن؟؟ !
لعل الإجابة المنطقية على هذا السؤال أو التساؤل يقتضي الصبر كي تأخذ الفترة الثورية أقصاها لكن لنحاول التعاطي مع واقع السؤال في ممكنات زمان ومكان اللحظة فماذا حققت ثورة الشباب السلمية؟
ربما الكثير من الأهداف حققتها الثورة لأن الثورات تأتي بقيمها الجديدة وطريقة تفكير جديدة، وإرادة جديدة للمكن والمستحيل والغايات والوسائل. ... وفهم الشعب اليمني والمواطن قدرته على التغيير ويكفي أنه فهم؟: "أنه يستطيع" !!! وأصبح الشعب الذي كان هامشيا ومجازا، أصبح حقيقة ممكنة حتمية التأثير..
لكن على مستوى الدولة فإن من تصدر المشهد الثوري في حكومة "باسندوه" لم يأتي بجديد يستحق الذكر، بل حالة من التيه والتقاسم والمحاصصة والمناكفات ووضع العصي في دواليب الآخر، والنتيجة أن المواطن لم يلمس مؤشراً لتحسين حياته بأي تفاصيلها ولا حتى بمتطلباتها الضرورية كالكهرباء والماء والأمن والسلع الضرورية.. ومع ذلك لن تستطيع أن تمارس حقك في القول أن حكومة باسندوه فاشلة، لان من يحكم يشرب من نهر الجنون! لكننا مسكونون بالأمل، بالثورة وبالأحرار من جميع المشارب والأطراف.
وبالقياس تحضرني قصة يتداولها الكثيرون من الذين عاصروا فترة حكم الشهيد الحمدي، يذكرون أن الطائرات كانت ترمي بأكياس بلاستيكية مليئة بالحلوى والشكليت للأطفال، وكانت تخلق سعادة غامرة لديهم..
ولكن كما يقول الكاتب المبدع فكري قاسم؟: لم يكن الهدف منها إسعاد الأطفال فحسب بل إنها علمتهم كيف يرفعون رؤوسهم إلى السمااااء!!
أن ثورة 11 فبراير خلقت آمالاً كثيرة للإنسان اليمني بحالة قطيعة مع نظام علي صالح وكادت أن تخلق شهر عسل شبيه بشهر عسل الحمدي، وقضية نجاحها بتحقيق أهدافها بدولة مدنية حديثة تحقق قيم العدالة والحرية والمساواة مرهون بنضال الجميع وتحمل الجميع لمسؤلياتهم.
ينبغي أن نعرف أن الثورة ليست طلقة بندقية لكنها خطوات متتابعة من التصويبات والمواصلة والانجاز.. موجات متعاقبة من الهدم والإصلاح والبناء وهذه مسؤوليتنا جميعا في الساحات والمؤسسات أوفي البيوت والمنتديات وفي كل مكان!
الكل ينبغي أن يعنى بالثورة والكل ينبغي أن ينجز ثورته لان الوطن للجميع وهمه بالتالي يجب أن يكون هم الجميع، كي نستطيع مجددا أن نرفع رؤوسنا للسمااااااء.....