حرب صعده اليمنية
بقلم/ د: عبدالله الشعيبي
نشر منذ: 17 سنة و 6 أشهر و 17 يوماً
الأربعاء 02 مايو 2007 09:37 م

مأرب برس ـ بريطانيا ـ خاص

بداية دعونا نتساءل هل هي حرب ضد جماعه متمرده ام جماعه ارهابيه وانفصاليه ام تخليص صعده واليمن من سيطرة الساده ... ام ماذا؟؟؟

في عام 2004م بدأت حرب صعده الاولى بين النظام وجماعة الشباب المؤمن بقيادة المرحوم حسين بدر الدين الحوثي ... توقفت الحرب على اساس هدنه ... لكن الهدنه لم تستمر .

عام 2005م سقطت الهدنه وانطلقت الحرب للمره الثانيه بين نفس الطرفين ثم توقفت من دون نتيجه تذكر ايضاً ... اي ان الفشل كان هو السبب في استمرار الحرب .

عام 2007م تجددت الحرب الحاليه –والثالثه- المستمره منذ اكثر من ثلاثه اشهر فاشتدت سعيرها وتضاءلت كل فرص الهدنه والحوار لوقف الحرب التي لازالت مستمره ومشتعله ونتائجها غير معروفه كما هي اسباب بدايتها .

 ومهما كانت النتائج معروفه وواضحه

 او غير واضحه ومعروفه

 فأنها بكل المقاييس مدمره ومؤلمه

 ومكلفه على الوطن والشعب

 مكلفه مادياً وبشرياً واجتماعياً

والخاسر الاوحد هو النسيج الاجتماعي للشعب .

 الاف من القتلى والجرحى والمشردين ... جميعهم يمانيون على مانظن ..

 ملايين الدولارات يخسرها الوطن والشعب من دون فائده ...

 الحرب في الوطن وبين اهله ..

الحرب اسقطت كل خيارات الحوار والتواصل ..

 الحرب كانت اقوى من لغة الحوار والبناء ..

وعندما تنطلق الرصاص تتضاءل لغة الحوار وتسقط رأية السلام ..

 وفي ظل الحرب يتزايد عدد المستفيدين من استمرار الحرب ..

 وينهض الاتجار باقوات البشر ومصالح الوطن والشعب ..

 وكل هذه الامور كما يبدوا انها لاتعني احد من ابناء الوطن ..

 حرب بعد حرب ... يعني ثلاث حروب خلال ثلاث سنوات ونيف ...

 بدأت الحرب الاولى تحت تسمية مكافحة جماعه متمرده ..

 وفي الحرب الثانيه تغيرت التسميه الرسميه

 الى حرب لمكافحة جماعات الارهاب والانفصال ..

 وفي الحرب الراهنه او الثالثه تغيرت المفاهيم

 وتبدلت المصالح ثم التسميات وتسمى الحرب الراهنه

 حرب تخليص صعده وربما اليمن من سيطرة الساده او الهاشميين ..

أيعقل ان يكون الهدف هذا ؟

يعني حرب طائفيه لاتذر ولا....تسر.... ولا ... ترحم

 ولأن الحرب لاترحم ولاتذر ... فقد اعلن عن دخول اطراف اقليميه

 هدفها تأجيج الحرب ..

 النظام اتهم كلاً من ايران وشيعة الخليج والعراق ..

 واخيراً ظهرت ليبيا على الخط .. لكن ليبيا ..

 وعلى لسان زعيمها العقيد معمر القذافي ( عميد الرؤساء العرب )

نفى الاتهام وقال بلغه متهكمه وساخره :

(نحن لانعرف الحوثي او الحوتي... والرئيس اليمني هو من اعطانا رقم هاتف الحوثي وطلب منا الوساطه بينه وبين الحوثي) .

أذن اين تكمن الحقيقه ؟

ومؤخراً يعلن دولة الدكتور علي مجور على تورط ليبيا ولكن من دون ادله ...ويعلن عن رفض النظام للحوار مع المتمردين او الارهابيين والانفصاليين ... والقوه هي الفيصل او الحكم النهائي ... انها مهام صعبه القيت على حكومة مجور التي لم تكمل الأسابيع الاربعه ...

وهنا يبرز تساؤل مهم عن الهدف من تجديد الاتهام على ليبيا : هل هي وسيلة لابتزاز ليبيا مادياً ام ماوراء الاكمه لايعرفه الا قله لها مصلحه مباشره بإدخال ليبيا على الخط واستمرار الحرب المجنونة ؟

 أين هي الادله الدامغه على تدخل اقليمي في الشأن اليمني وبالذات حرب صعده ؟

والاهم كيف بدأت الحرب وماهي مسبباتها الحقيقيه ؟

وهل نتوقع ان يمتلك اي من الطرفين الشجاعه الوطنيه والاخلاقيه لقول الحقيقه ام انهم سيسعون لتجاوزها لاهداف ذاتيه كما هي في نفس يعقوب ؟

 يبدو ان حرب صعده باتت مشكله معقده خصوصاً في استمرارها لاكثر من ثلاث سنوات ... يعني ام المشاكل بالنسبه للنظام والوطن والشعب .

يبدو ان النظام لم يحسب حسابه جيداً وبصوره عقلانيه لا من حيث الهدف والاسلوب ولا من حيث النتائج .. وهذا الموقف اصبح مع الايام ينتج تعقيدات

لا حصر لها ستواجه النظام مستقبلاً وستلقي بظلالها على الوطن والنسيج الاجتماعي للشعب .

 والمصيبه ان هناك ابواق اعلاميه رسميه وتابعه لاتكف من الحديث عن الانتصارات الرائعه والمتلاحقه للجيش اليمني من دون ما نشاهد توقف تام ونهائي للحرب بهزيمة نكراء للمتمردين والارهابيين والانفصاليين وبقايا النظام الامامي المتخلف ... ولكن من انتصر على من ؟ وهل يجوز لنا الافتخار بنصر على جثث واشلاء وتشرد اخوان لنا في الوطن والدين واللغه والتاريخ ؟ .

ولكن الحقيقة تقول غير ذلك ... تقول ان الواقع معاكس لتوقعات التصريحات الاعلاميه الرسميه التي تتحدث عن الانتصارات بينما الحرب لازالت مستمره وربما تطول وتطول ...

وربما تاخذ اكثر من اتجاه وانحناءات...

 والغريب ان الجيش اليمني اثبت جداره غير متوقعه في الصمود والاستمرار

 بالحرب لأكثر من ثلاث سنوات وعلى فترات متقطعه بينما هذا الجيش لم يستطع الصمود اقل من ساعة اثناء احتلال ارتيريا لجزر حنيش العام 1999م

 وتوجهت اليمن لطلب الوساطه الدوليه والتحكيم الدولي بينها وبين ارتيريا حول احقية جزر حنيش . .. انها مفارقه غريبه بين الاحتكام لصوت العقل مع دوله محتله و الاحتكام لصوت الرصاص والمكابره مع جماعات محليه متمرده او متشدده ... وكم نتمنى لو ان النظام عمل العكس ليجنب الوطن الالام والمأسي والخسائر الماديه والبشريه وهو احوج لها اليوم وغداً في تسخيرها بعملية التنميه البشريه والاقتصاديه والعلميه والسياسيه ...!!! .

 حرب صعده تجاوزت حدود العقل والمنطق واستمرارها تجاوز لكل الأعراف

والتقاليد والقوانين والشرائع السماوية ... انها حرب خاسره مهما كانت النتائج حتى لو أدت إلى هزيمة الحوثيين لأنها ستنتج علاقات اجتماعيه متوتره بين مكونات المجتمع مع المستقبل خاصةً بعد ان حول مسارها الى خلاف عقائدي وطائفي وتبني فتاوي تحريم وتحليل الحرب والمواجهه . 

وقبل ايام قلائل عقد في صنعاء مؤتمر استكشاف الفرص وفقاً لقرارات مؤتمر لندن للمانحين في نوفمبر الماضي وهذا له كلام اخر ليس هنا مجاله... ولكننا نسأل كيف سيتم استكشاف الفرص الاستثماريه في اليمن و صعده بينما الحرب بعد لم توضع اوزارها أم ان صعده لم تدخل في قائمة المناطق المحتاجه للاستثمارات ؟ عفوا ...ً يبدو ان الحكومه تعرف كيف تستثمر الاموال –منح وقروض ومساعدات - فعلاً في اوقات الحرب ؟ وندعوا الله ان يوفقها ويزيل عنا غشاوة عدم الفهم لمعجزات الحكومه الرشيده للرئيس الصالح . ونعدكم بأن لانلبس نظارات سوداء بعد انتهاء حرب صعده ومن يلبسها لابد ان يعاقب وبقوة القانون والقضاء أو بقوة العصى واعقاب البنادق .

 واما عملية إشراك ابناء القبائل في حرب صعده الى جانب الجيش فهذا مايزيد الوضع تعقيداً حيث سيساعد اشراكها الى تنامي عمليات الثأر بين مكونات النسيج الاجتماعي للشعب فهل هذا يفيد البلد والعباد ؟ ... ولا ندري ماهي الحكمه من اشراكها في الحرب الا اذا ذاك يعني ان الجيش اليمني اخفق في التخلص من الحوثيين خلال الفتره المنصرمه ؟ وهذا يضع علامة تساؤل عن مدى استعداد الجيش لمهام الدفاع عن السياده ام انه يستخدم فقط لقمع التمردات الداخليه والفئات التي لا تلتزم ولا تخضع للحاكم .... وتلك مشكله من الصعب ايجاد تفسيرات لها وربما المختصين من العسكريين النافذين هم من يملكون القدره على التحليل والتفسير أن هم امتلكوا الشجاعه في التعبير واما اذا كانوا لايجيدون التحليل والتفسير فتلك من كبرى المصائب .

 حرب صعده اصبحت من اعقد الإلغاز اليمنية لان مكوناته تتعقد يوماً بعد يوم والمصيبة ان الجميع يحاول ان يلبس لباس الحزم والقوه والسطوه (العسكريه) وبالذات ممن نسميهم بالتكنوقراط او المثقفون والعلماء (ليه هو في علماء باليمن ؟) ...ولو ان هولاء أعادوا الحساب العلمي بكل الطرق وقلنا لهم اطرحوا تكلفة التدمير للمباني الخاصه والعامه والطرقات + تكلفة المواد العسكريه والمواصلات + كلفة التشرد + تكلفة الجرحى + تكلفة الجراح النفسيه +تكاليف اخرى = كم ...وكم... وهولاء كوم والكوم الاخر والاخطر هو مقابل الخساره البشريه التي يخسرها البلد كل يوم من أبناءه الا اذا لم يكونوا ابناءه... فابناء من هم؟ ومن اين أتوا؟ ولماذا يتصارعون على ارضنا وبلدنا ؟ ولما لايرحلوا من ارضنا ويتركونا لحالنا ويكفونا والبلد من شرورهم ؟. 

لقد اصبحنا نهين انفسنا بأنفسنا ونذهب للتوسط بين الفرقاء بفلسطين والصومال وربما بين المغرب والبوليساريو بينما نعجز عن حل مشاكلنا بالحوار و التفاوض للتخلص من مشاكلنا الداخليه وايضاً من ضغوط امريكا بشأن مكافحة الإرهاب التي تسبب صداع مزمن وثقيل الحمل للنظام بين الحين والاخر .وحرب صعده ستفتح شهية الاخرين للتمردعلى النظام ان لم يتجه هذا النظام الى وقف الحرب والدعوه لعقد مؤتمر وطني شامل تناقش فيه كل قضايا الوطن من قبل الجميع ومن دون استقصاء لاحد واي كان... مؤتمر يتسع للجميع ... اليس الوطن يتسع للجميع... اذن ليكن الحوار على هذا الاساس... ...اي الاتساع للجميع في الحوار العقلاني والصادق من دون اقصاء او تماطل ووضع كل القضايا على طاولة الحوار .

 واما اذا كانت الحرب عباره عن حرب مصالح او سلطه بين الطرفين فهذا له حديث اخر كما تحدث الاخ العزيز منير الماوري واكد عليها الدكتور عبدالعزيز السقاف اثناء لقاء مع قناة الجزيره (ماوراء الخبر) وليس هنا مجال مناقشته بل في حلقه اخرى اكثر تفصيلاً ... لأن ذلك يعني ويلات ومصائب ليس لها اول ولا اخر .

كاتب وباحث بريطاني – يمني