سعوديه تتحدى الرجال
بقلم/ مأرب برس
نشر منذ: 17 سنة و 7 أشهر و 24 يوماً
الأحد 25 مارس - آذار 2007 07:06 ص

مأرب برس - أ ف ب

لا خلاف على أن "رياح التغيير" لم تهب، إلا في نطاق ضيق، على معادلة التفرقة بين الجنسين في المنحى الرياضي لعالمنا العربي.

ورغم بعض الإستثناءات -الدروس "الخارجية" التي توجت في عام 2001 بفوز الألمانية يوتا كلاينشميت بسباق رالي داكار الصحراوي الصعب، فإن تلك الرياح ما زالت خجولة لناحية فرض ريادة نسائية على مضمار الرياضة الميكانيكية الذي ارتبط بالرجل.

وإذا كان الوضع كذلك في الغرب، فكيف عساه أن يكون شرقاً؟

... تعشق المغامرة وسباق السيارات ولا تتوانى عن تحدي الرجال في عقر دارهم، إنها السائقة السعودية مروة العيفة، ابنة الـ 27 ربيعا.

العيفة، أو "سوبر وومان" (المرأة الخارقة) كما يحلو للب عض أن يطلق عليها، لم تعتبر خطوتها الجريئة - ولوج عالم سباق السيارات بمثابة التحدي الصارخ لقوانين السعودية وقالت "أنا مقيمة وعائلتي في دولة الإمارات العربية المتحدة حيث القوانين تسمح للفتاة بالحصول على رخصة قيادة".

ولكن ثمة من يعتبر أن مروة ذهبت إلى حد التطرف باستخدام هذا الحق عندما قررت المشاركة في سباقات السيارات.

وترى السائقة الشابة، التي تنتمي إلى مدينة بيشة (جنوب السعودية) أن قيادة المرأة للسيارة في السعودية باتت حاجة ملحة يفرضها واقع المجتمع.

بدأ عشقها للرياضة الميكانيكية منذ نعومة أظافرها وتقول في هذا الصدد: "كنت أحب كثيرا اللعب بالسيارات الصغيرة على عكس قريناتي في سني، وكوني مقيمة مع أسرتي في الإمارات فقد كنت مغرمة وشغوفة بتعلم قيادة السيارات. ونظرا إلى حاجتي للسيارة في تنقلاتي من وإلى المدرسة، خضعت للاختبار ووجدت نفسي ناجحة في أول امتحان قيادة في عام 1997".

وتؤكد مروة أنها لم تلق تشجيعا من أحد لولوج عالم رياضة المحركات، "أنا من شجع نفسي بنفسي على دخول هذا المعترك مستندة في ذلك إلى حبي لهذا النوع من الرياضة"، مع العلم أن تخصصها العلمي لا يمت بصلة إلى سباقات السرعة فهي تخرجت من كلية دبي للدراسات التطبيقية في عام 2001 ونالت إجازة في الإعلام، الأمر الذي منحها فرصة للعمل في مجال الترويج لمشاريع الاستثمار والتطوير في حكومة دبي.

بدأت مروة المشاركة رسميا في السباقات في عام 2005 عندما فاجأت الجميع وانتزعت المركز الأول في رالي دبي الدولي للسيدات، الأول من نوعه على مستوى الشرق الأوسط.

لقد كانت اللحظة تاريخية بالنسبة إلى الشابة السعودية التي ردت على سؤال حول السبب في عدم رفعها علم بلادها عقب تتويجها في دبي بالقول: "لم أتوقع الفوز بالسباق نظرا لصعوبة المنافسة، الأمر الذي حملني على عدم الاهتمام بجلب علم أو حتى جلب آلة تصوير.. كانت لحظات مهمة تمنيت فيها رفع العلم السعودي عاليا ولكن يكفي أنني شرفت اسم بلادي في أول رالي دولي للسيدات يقام في المنطقة.. لا شك في أنني أسعى إلى رفع علم بلادي في السباقات المقبلة".

لم يجر تنظيم رالي دبي الدولي للسيدات بعد عام 2005، وتعيد مروة السبب في ذلك إلى عدم تقبل المجتمع للفكرة.

ففي السعودية مثلاً، تفاوتت ردود الفعل على انتصارها في دبي بين مؤيد ومعارض، وتقول في هذا الصدد: "من الأكيد أن الأغلبية ثارت ضد هذا الموضوع".

سبق لمروة أن طالبت بإنشاء اتحاد رياضي للراليات النسائية في الخليج "حتى تتطور هذه الرياضة في دول مجلس التعاون ويجري تنظيم سباقات سنوية في دول الخليج لبنات المنطقة"، وعندما سئلت عن مصير هذا الطلب، أجابت دون تردد: "ما زال حلماً".

ولا تتردد العيفة في تحدي "الجنس الخشن" في مضماره وتؤكد أن هناك الكثير من المواصفات وميادين التحمل في العديد من مجالات الحياة التي تفوقت فيها المرأة على الرجل، "فالرجال يمتلكون العضلات، أما النساء فيمتلكن العقل وحسن التدبير، وهذا يكفي للرد على من يقلل من شأن الجنس الناعم".

وأضافت: "لا أجد أن المشاركة في راليات الرجال أمر محرج بالنسبة لي. سأكون سعيدة في منافسة سائقي السيارات المحترفين لأن من شأن ذلك أن يرفع من قدراتي ويزيد خبرتي، مما يجعلني أحقق المزيد من الألقاب مستقبلاً".

وتفضل السائقة السعودية ترك باب المنافسة مفتوحاً في السباقات بين الجنسين دون اعتماد ترتيبين منفصلين لكل فئة، أحدهما للرجال والآخر للسيدات، "هذا أفضل، ويزيد من الحماس والإثارة".

وتؤكد العيفة أنها على اتصال بزملائها سائقي الراليات في المنطقة، "نحن على اتصال دائم. يتعاملون معي كأخت وصديقة عزيزة، لا كمنافسة لهم"، وترى أنها لو حظيت بالدعم المادي والمعنوي الذي حظي به مواطنها عبدالله باخشب، بطل الشرق الأوسط السابق، فإن ذلك كان سيؤهلها لمنافسة الرجال، وتؤكد أن هذا ما تطمح إليه.

وشهدت بطولة الشرق الأوسط للراليات قبل سنوات حضورا مشجعا للمرأة، وتعيد مروة عدم المشاركة الكثيفة للجنس الناعم في هذه المرحلة إلى انتفاء دعم المجتمع للسائقات، "من المفترض في اعتقادي ألا نعتمد على أحد كي يأتينا بالدعم. علينا الاتكال على أنفسنا مع الالتزام بالاستمرارية والمواظبة، لأنهما الطريق الوحيد المؤدي إلى الاحتراف".

وليس ثمة ما يحول أيضا دون احتراف مروة مستقبلا، ويبدو أنها وضعت نفسها على الطريق الصحيح بعدما حصلت على رعاية من شركة جنرال موتورز وتحديدا من علامة شفروليه التي تقدم لها الدعم، ويساعدها قسم سباقات السيارات فيها في التمارين ويمهد لها طريق الاحتراف.

تشارك مروة حاليا في سباق فئة شفروليه لومينا في المنطقة الذي يحتم إقامة السباقات على حلبات مقفلة، وليس على المسارات الخاصة بسباقات الرالي العادية، وتقول: "جنرال موتورز هي المسؤولة عن تدريبي وتوفير السيارة الخاصة بالسباق. أشارك حاليا في سباقات لومينا تمهيداً للمضي قدماً في مشوار الاحتراف".

وكانت العيفة حصلت على المركز السابع في الجولة الماضية من بطولة لومينا على حلبة دبي أوتودروم في فبراير المنصرم، وتقول: "كانت المشاركة الأولى بالنسبة لي جيدة جدا خصوصا أن المنافسين كانوا من المحترفين، وما أسعدني أن الفارق الزمني بيني وبين صاحب المركز الأول لم يتجاوز 26 ثانية.. ومع التدريب والإصرار، أثق بأنني سأكون قادرة في يوم ما على احتلال المراكز الأولى".

وتستعد السائقة السعودية للمشاركة في الجولة المقبلة من بطولة لومينا المقررة في أبريل المقبل على حلبة البحرين الدولية.

يذكر أن المشاركة في سباق فئة شفروليه لومينا قد تفتح المجال أمام العيفة، وكخطوة تالية، لدخول بطولة الشرق الأوسط للراليات التي تتمنى ولوجها، كما أن على السائقة السعودية أن تشارك في 10 سباقات محلية كي تتمكن من المشاركة خارجياً بحسب شروط الاتحاد الدولي للسيارات (فيا).

وتحلم مروة بالمشاركة مستقبلاً في رالي الأردن الدولي الذي حظي بشرف دخول روزنامة بطولة العالم للراليات، وتعتبر أن ما تشهده المنطقة على صعيد الطفرة الكبيرة في عالم رياضة المحركات بعد استضافة حلبة البحرين لإحدى جولات بطولة العالم للفورمولا واحد، وحصول أبو ظبي على الحق في تنظيم جائزتها الكبرى مستقبلاً واستضافة حلبة لوسيل في قطر لإحدى جولات بطولة العالم للدراجات النارية، يمثل ثورة في مضمار الرياضة الميكانيكية في الشرق الأوسط.

ولا يقتصر اهتمام العيفة على القيادة في السباقات بل إن الجلوس خلف مقود سيارات الدفع الرباعي والسير في الصحراء أصبح هواية تحرص على ممارستها، وهي باتت اليوم تتقن القيادة فوق الرمال بسرعة تتخطى الـ 180 كلم/ساعة، فضلاً عن تمتعها بمهارات خاصة على صعيد السير فوق الكثبان الرملية وهو ما يعرف في السعودية بـ"التطعيس