السلفيون ومرحلة ما بعد الثورة
بقلم/ علي مبارك ملص
نشر منذ: 13 سنة و 7 أشهر و يومين
الأحد 17 إبريل-نيسان 2011 10:46 ص

لقد فاجأت الثورة القائمة في الأقطار العربية جميع الاتجاهات السياسية والاعلامية والاجتماعية والثقافية بلهى الأجنبية مما أدى الى ارباك أصحاب كل هذه المشاريع يضاف اليه أصحاب المشاريع الدعوية أيضا فأصبحت جميع الاتجاهات في غمرة هذا الحدث تتحسس برامجها وتراجع استراتيجياتها وتحاول ان تجاريه ولو بصورة عاجلة وغير متأنية , ونظرا لأن الثورات أصلا تضرب بعباب موجها على جدران الأنظمة السياسية المتهالكة بإسقاط بروجها وهد قواعدها ونظرا لبعد البرنامج السلفي عن حياض السياسة قليلا لسبب أو لآخر أدى ذلك الى اضطراب ظاهر عند الكثير من الاتجاهات السلفية حتى أن البعض منها لم يفق من هول صدمة ما شكلته هذه الثورات فصار يتكلم تحت تأثير هذه الصدمة

وأيا كان الأمر فإنه ينبغي على السلفيين في المرحلة القادمة مراجعة كثير من مشاريعهم الدعوية والحيوية وان كانت مشاريع غيرهم أحوج للمراجعة أيضا , ولكي يستفيد السلفيون من إفرازات واقع هذه الثورات والدخول في هذه المرحلة بقدرة تؤهلهم الى لعب دور المشارك الحقيقي وليس المتفرج نظرا لأن منهجهم لم تشبه شائبات السياسة ولا آثار التنازلات السابقة وانما هو منهج رصين يمكن تطويعه وموائمته لكل مرحلة من مراحل هذه الأمة لأنه ينبني على رؤية منبثقة من روح الاسلام الحنيف الصالح لكل زمان ومكان ولكي يحقق السلفيون هذا المطلب المهم أرى أن عليهم أن يأخذوا بأمور منها

1ـ التدقيق الواعي لكثير من النصوص الشرعية والتي تتوائم مع التعامل الفقهي لواقع الأمة المعاش والمطلوب الشرعي لتطويع هذا الواقع لمقصود الشرع العام من تعبيد الناس لربهم والخضوع له وحده ونبذ ما دون ذلك بأي صورة من الصور

2ـ مراجعة الخطط والبرامج لدى كثير من الاتجاهات السلفية ( ان وجدت ) ووضع هذه الخطط للدخول في المرحلة القادمة تحت مجهر الدراسة الواسعة والواعية حتى يستطيعوا من خلالها تحقيق الأهداف الاستراتيجية والمرحلية وبكافة الوسائل المشروعة .

3ـ الاستفادة من التجارب الإنسانية والتوجهات الفكرية التي لا تتصادم مع المنهج السلفي في تحقيق أفضل المخرجات الدعوية والفكرية والعلمية وبما لا يتعارض ضمنا ولا روحا مع القواعد العامة للمنهج السلفي الرصين

4ـ رص الصفوف واقامة الإتلافات المتعددة وبصورها المختلفة التي تشمل جميع مناحي الحياة المختلفة لمواجهة مد الاتجاهات الفكرية المناهضة أو المخاصمة على جميع المستويات وبدون التركيز على جانب وإغفال جوانب أخرى كما هو حال كثير من الاتجاهات السلفية المعاصرة

5ـ عدم الاكتراث بما يتقول به الكثير من خصوم الدعوة السلفية وعدم الانجرار الى ساحة صراع يدرها هؤلاء الخصوم ويقصدون من وراءها اشغال الدعوة السلفية عن دورها المنوط بها في هذه المرحلة وجرها الى ساحات صراع الفعل ورد الفعل

6ـ عدم تعظيم أثر نظرية المؤامرة على وضع الخطط والبرامج التنفيذية مع الأخذ بنظر الاعتبار عدم اغفال ما يحيكه أعداؤهم أو خصومهم لهم حتى لا تلقي هذه النظرية بظلالها على برامجهم وخططهم في جانب وفي جانب آخر لا يؤخذوا على حين غرة من خصومهم وأعدائهم.

7ـ ازالة الكثير من الحواجز والحزازات القائمة بينهم وبين الاتجاهات الدعوية المخالفة بل لابد من وضع البرامج والتي تضمن بعض التحالفات المطلوبة مع هذه الاتجاهات لدحر اتجاهات أخرى هي أسوأ حالا ومئالا من هذه الاتجاهات والتربية في هذا الجانب على روح المشاركة بدلا من التربية على روح المنافسة والمنابذة

8ـ تعميق مفاهيم المبادئ التي قامت عليها هذه الثورات مضافة اليها مبادئ الدعوة السلفية العريقة وبيان التآخي بين هذه المبادئ جميعا بحيث يصل الى مفهوم الناس أن تخندق الأمة في محاربة الظلم والفساد لا يقل أهمية عن تخندقها في محاربة الشرك والالحاد والذي كان ديدن الدعوة السلفية في المراحل السابقة

9 ـ المراجعة الجادة لكثير من النظرات والاطروحات لمدارس السلفية المختلفة وصياغة قوالب صحيحة للتعامل المنهجي والنظري لهذه المدارس وبناءه على أسس وقواعد الشرع الحنيف وبما يخدم تحقيق الأهداف للدعوة السلفية المباركة

10 ـ تكثيف الجهود في المراحل القادمة على البناء الشامل للمجتمع المسلم المحافظ وذلك بالاختلاط الوثيق بجماهير الأمة المسلمة ليتحقق للسلفيين قربهم ومحبة الجماهير لهم حتى تستطيع الوصول الى قلوبها وتوعيتها بأهم أمور حياتها الدينية والدنيوية دون تخوف ولا حساسية ولا تضخيم لواقع الأمور والتقيد بالحكمة والموعظة الحسنة في ذلك .

ختاما ـ واذا تمكن السلفيون من المراجعة الجادة والاعداد الصحيح للدخول في المرحلة القادمة كمشارك مهم ورقم لا يمكن تجاوزه بقواعدهم الواسعة والعريقة فإنه يتوقع لهم تحقيق نجاحات باهرة للظهور في المرحلة القادمة بعد نهاية مخاض هذه الثورة.