لماذا سمح الغرب بسقوط القصير؟
بقلم/ الجزيرة نت
نشر منذ: 11 سنة و 5 أشهر و 10 أيام
الجمعة 07 يونيو-حزيران 2013 07:50 م

وُصفت بالمعركة الحاسمة للثورة السورية التي ستغير وجه الثورة ووجهتها، ومنهم من اعتبرها بمثابة معركة ستالينغراد التي عُّدّت نقطة تحول بالحرب العالمية الثانية، وآخرون وصفوها ببنغازي الثانية وحذروا من "مجازر وإبادة"، وكل هذا لم يحرك جفنا للغرب الذي سمح بسقوط القصير.

المعركة التي اعتبرها النظام "معركة حياة أو موت" وحشد لها نخبة جيشه، وأرسل إليها حزب الله أكفأ قادته ومقاتليه، باعتبارها معركة "ضد التكفيريين وإسرائيل وأميركا، أي أنها معركة محور المقاومة ضد محور العمالة"، بقي الغرب فيها "بصفوف المتفرجين يُحصي القتلى ويستعلم عن تقدم قوات النظام والحزب، يُدين ويدعو للانسحاب دون أي تدخل أو حتى تسليح" وفق المعارضة السورية.

هذا "الاستياء من الموقف الدولي المتخاذل عن إنقاذ عشرات آلاف المدنيين في القصير الذين تعرضوا لقصف وحشي"، عبرعنه المتحدث باسم الائتلاف الوطني السوري لؤي صافي.

ورأى في حديثه أن الموقف الأميركي "ضعيف جدا" في مواجهة الموقف الروسي، وتساءل عن أسباب هذا "اللين الأميركي بمواجهة التصلب الروسي؟".

وأوضح أن هناك تسويفا ووعودا "واهية" في الموقف الأميركي الذي يُخيم عليه أمن إسرائيل، لا مصلحة الشعب السوري، وقال "نحن تحركنا على أكثر من صعيد لوضع العالم أمام مسؤولياته والضغط في اتجاه تسليح الشعب السوري".

وأشار إلى أن مدينة القصير شبه خالية من السكان الذين تم إخراجهم والجرحى من المدينة إلى محيط القصير الذي يتعرض للقصف، وخلص إلى أنه رغم النداءات فإن العرب والحكومة اللبنانية تركوا المدنيين هناك لقدرهم.

الجيش حاسم

على الضفة المقابلة، تُرسم الصورة بطريقة مختلفة وهي "أنه رغم مئات الملايين من الدولارات، ومئات الأطنان من الأسلحة والدعم السياسي والمعنوي للغرب، فإن الجيش العربي السوري أظهر جهوزية وثباتا وفعالية حسمت معركة القصير لصالحه، وسحقت الإرهابيين".

ويؤكد عضو مجلس الشعب السوري عصام خليل أن ما يسمى "المجتمع الدولي" لم يقصر مع "الإرهابيين" على مستوى الدعم المادي والسياسي والتسليح والغطاء الدولي، ولكن من يشك بقدرة وقوة الجيش السوري "قارئ سيئ" للوقائع. ورأى أن معركة القصير لا تشكل "حالة إستراتيجية حاسمة" بل جزءا من معركة أكبر ولكن سيطرة النظام عليها تعني منع تمرير الأسلحة "للإرهابيين".

وأضاف أن حزب الله لم يكن "عاملا حيويا" في المعركة، وبات الحديث عن مشاركة حزب في كافة المناطق السورية وكأن عدد عناصر حزب الله أكثر "من عدد سكان الصين".

وأشار إلى أن أميركا "تدرك الكلفة الباهظة التي ستدفعها في حال تدخلها بسوريا"، وتابع أنه "لو كان النظام -كما يدعون- يؤمن أمن إسرائيل واستجاب للتوجهات الأميركية ما كان ليحدث ما يجري في سوريا".

وخلص النائب السوري إلى أن الجيش النظامي"عقيدته القتال لا القتل كما يفعل الإرهابيون"، واستدل بذلك على أن "الجيش فتح منذ البداية ممرا آمنا لخروج المدنيين وحتى الإرهابيين الذي يرمون سلاحهم ويسلمون أنفسهم".

وبين هذا وذاك، يرى مراقبون ومحللون أن الغرب لم يتحرك لأنه يتعاطى مع الأزمة السورية بكليتها، ويعتبر سقوط القصير "جولة خسرتها المعارضة في حرب كر وفر" ويضيفون أن موقف الغرب "المتردد والمبهم" لا يقوم على ردات الفعل أو التعامل بخطط قصيرة المدى بل يتحرك إستراتيجيا وعلى المدى الطويل.

روسيا وأميركا

وفي هذا السياق، يقول الباحث والأكاديمي فواز جرجس إن كل المحاولات التي قامت بها المعارضة وحلفاؤها الإقليميون والحديث عن استخدام النظام لأسلحة كيمياوية لم تُغير موقف الغرب الثابت بعدم التدخل العسكري المباشر في الأزمة السورية، أو حتى تسليح المعارضة.

الموقف الغربي متردد ومبهم-حسب جرجس- على عكس الموقف الروسي الصلب والداعم للنظام السوري، والذي شبهه بموقف واشنطن من تل أبيب من حيث الحدة والاستثمار، وأشار إلى أن ثبات موسكو واستخدامها للفيتو خيم على الموقف الغربي وجعله يفكر بأن أي تدخل في سوريا سيضعه في مواجهة مباشرة مع الروس، وسيؤثر سلبا على ملفات أخرى بين الجانبين.

أما عن أسباب عدم التدخل الغربي في سوريا فيوجزها جرجس بثلاثة، أولها، نظرته لسوريا بأنها معقدة ومركبة وخطيرة للغاية، وعلى عكس ليبيا فإن التدخل العسكري ستكون له عواقب وأثمان باهظة.

أما ثاني هذه الأسباب فهو ظهور جبهة النصرة وبعض "القوى المتشددة" داخل المعارضة، وتخوف الغرب من أن مساعدته للمعارضة سيساعدها بإسقاط النظام وتدمير الدولة وسقوطها بيد القاعدة، أما السبب الأخير فهو الخلافات الكبيرة داخل المعارضة.

ولم يقلل جرجس من الدعم السياسي والمادي الغربي والأميركي للمعارضة-رغم أنه لا يقارن بالدعم الروسي الإيراني للنظام- كما قارن بين دعم حزب الله للنظام وآلاف المسلحين الذين قدموا من الخارج لدعم المعارضة.

تأثير قصير الأمد

من جهته، يرى الخبير في النزاعات الدولية إبراهيم شرقية أن سقوط القصير لن يؤثر على قرار الغرب بعدم التدخل بسوريا، لأنهم يتعاملون مع الأزمة السورية بمنظور كلي لا جزئي، وهذا سبب شلل الموقف الدولي.

واعتبر أن تأثير سقوط القصير محصور بتعقيد العملية السياسية المتمثلة بمؤتمر "جنيف2" وسيرفع أيضا سقف مطالب النظام، مما يجعل من الصعوبة التفاوض معه مجددا.

ورغم عدم رغبة الغرب بسيطرة إيران وحزب الله على "حرب سوريا" إلا أن التحالف الغربي لا يتصرف "بردات فعل أو انسياق لمواقف آنية"، وأشار إلى أن الموقف الغربي يمر بمراحل طويلة وآليات معقدة كي ينضج.

واعتبر أن تأثير معركة القصير سيكون على المدى القصير، ولن ينفع النظام إستراتيجيا أو يساعده في القضاء على الثورة، وهذا أيضا يفسر الموقف الغربي الذي يعتبر سقوط القصير "كخسارة المعارضة لأي مدينة أو بلدة".