القانون الذي أجاز لأمريكا قتل أنور العولقي ونجله
بقلم/ عبد الرزاق الجمل
نشر منذ: 12 سنة و شهر و 16 يوماً
الإثنين 01 أكتوبر-تشرين الأول 2012 08:00 م

في تاريخ 30 سبتمبر 2011م قتلت طائرات أمريكا الشيخ أنور العولقي بمحافظة الجوف اليمنية، أي قبل عام تماما من تاريخ صدور هذا العدد. وبعد هذا التاريخ بخمسة عشر يوما، قتلت طائرات أمريكا نجله عبد الرحمن بمحافظة شبوة اليمنية، والذي لم يكن قد تجاوز السادسة عشرة من عمره، وفي تواريخ أخرى قتلت طائرات أمريكا أشخاصا آخرين داخل الأراضي اليمنية، ولا تزال تقتل حتى اليوم. تكاد أيام السنة كلها أن تكون تواريخ لحوادث القتل الأمريكي في اليمن.

بعد مقتل الشيخ أنور العولقي، قال مسئولون أمريكيون إنهم أقدموا على قتله، كأول مواطن يحمل الجنسية الأمريكية، بناء على موافقة من وزارة العدل الأمريكية، وبناء على دراسة أعدها حقوقيون من إدارة أوباما حول "المسائل القانونية المتعلقة بتصفية مواطن أمريكي"، لكنهم لم يفصحوا عن تفاصيل تتعلق بطبيعة الدراسة ولا عما استندت إليه وزارة العدل حينما سمحت بذاك النوع من القتل، بحجة أن ما يتعلق بعمل الطائرات من دون طيار من الأسرار العسكرية التي لا ينبغي أن يطلع عليها أحد.

أمريكا تقتل بقانون وبغير قانون، وتقتل القانون نفسه إن اقتضت مصلحة الأمن القومي الأمريكي ذلك، وإن لم تقتض أيضًا، وإلا ما التهديد الذي كان يشكله طفل بعمر عبد الرحمن العولقي حتى تلحقه بأبيه بعد نصف شهر فقط. كان القصف الذي راح ضحيته عبد الرحمن هو الأول على مدينة عزان التي كان يسيطر عليها أنصار الشريعة، ولم يسبق لطائرات أمريكا أن قصفت داخل المدن المأهولة التي كان يسيطر عليها ويديرها أنصار الشريعة في محافظتي أبين وشبوة، خشية أن يسقط ضحايا من المدنيين، والغريب أن أول قصف على المدينة سقط فيه المدني عبد الرحمن العولقي.

لا يبدو أن ذلك تم عن طريق الخطأ، والرواية التي تقول إن القصف أخطأ هدفه، حيث كان يستهدف المسئول الإعلامي المصري في التنظيم، إبراهيم البنا، غير مقنعة، فلم يكن إبراهيم في موقع القصف، ولا داخل مدينة عزان، وقد تعلمنا أن أمريكا ربما تخطئ في القصف لكنها لا تقصف بناء على معلومات خاطئة، خصوصا داخل الأماكن المأهولة، على أنها لا تتورع في قتل مدنيين إن كان بينهم صيد ثمين، كما حدث في قرية المعجلة، حينما قتلت صواريخها أكثر من أربعين مواطنا، بينهم نساء وأطفال، لغرض التخلص من ستة من قادة القاعدة تواجدوا هناك.

وإذا كانت تنظيم القاعدة قد ضيَّق العمل بقاعدة "يجوز تبعا ما لا يجوز استقلالا" إلى الحد الذي أبطلها أو كاد، كما تؤكده كثير من عملياته التي ألغيت لأن مدنيين كانوا سيُقتلون "تبعا" للهدف المرصود، وكما تؤكده توجيهات الملا محمد عمر المتكررة بضرورة توخي الحذر عند تنفيذ العمليات، حتى لا يتضرر بها مدنيون، فإن أمريكا توسعت جدا في ذلك، إلى درجة أن من قتلتهم "تبعا" في اليمن، أكثر ممن قتلتهم "استقلالا".

على أنها في قتلها، سواء كان تبعا أو استقلالا، تمارس الإعدام خارج القانون، أو تفصل قوانين على مقاس حاجتها للقتل، أو تتولى عرض الطرف المستهدف بصورة تتطابق وما تنص عليه بعض قوانينها. وهنا يبدو تنظيم القاعدة أكثر انضباطا وشفافية، ففي عمليات الاستهداف المتبادلة سنجد أن لدى لجنته الشرعية ما ليس لدى وزارة العدل الأمريكية، بغض النظر عن صحة وخطأ ذلك.

إن القانون الذي أجاز لأمريكا أن تقتل الشيخ أنور العولقي عمدا، هو ذاته الذي أجاز لها أن تقتل ابنه خطأ، إن كان قد قُتل خطأ، كما أنه القانون الذي أجاز له أن تبدأ القتل بعد ذلك لمجرد الاشتباه، وهو القانون الذي قد يجيز لها أن تقتل مستقبلا لمجرد الرغبة في القتل. إنه قانون القوة. 

*القدس العربي

مشاهدة المزيد