صواريخ تضرب تل أبيب في مدارس الحوثيين.. التعليم يتحول إلى أداة لترسيخ الولاء بالقوة الأمم المتحدة تتحدث عن توقف وصول سفن الوقود إلى ميناء الحديدة فيتو روسي صادم في الأمم المتحدة يشعل غضب الغرب الحوثيون يبدّلون المنازل المستولى عليها إلى مراكز احتجاز بعد اكتظاظ سجونهم بالمعتقلين الحوثيون يبدّلون المنازل المستولى عليها إلى مراكز احتجاز بعد اكتظاظ سجونهم بالمعتقلين المحكمة الجزائية في عدن تصدر حكمها النهائي في المتهمين بتفجارات القائد جواس شهادات مروعة لمعتقلين أفرجت عنهم المليشيات أخيراً وزارة الرياضة التابعة للحوثيين تهدد الأندية.. واتهامات بالتنسيق لتجميد الكرة اليمنية أحمد عايض: ناطقا رسميا باسم مؤتمر مأرب الجامع
للحظة فقد الذاكرة وأخذ يحاول أن يجمع شتات أفكاره ليعرف ما حدث، كأنه في حلم أو بالأصح كابوس مرعب، باعد بين أنفاسه تجنبا لدخول الغبار إلى رئتيه رغم أنه يحس بالتراب يلتصق بوجهه وفي عينيه وفمه فأخذ يبصقه مع لعابه. أخيرا تناهى إلى سمعه صوت أنين بجواره، وأحس بيد صغيرة تقبض يده فشد عليها برفق بأطراف أصابعه فقطعت أنينها وصاحت أبنته بصوت مرعوب:
أبي. تذكر أن أبنته الصغيرة كانت بجواره فرد عليها: لا تخافي يا حبيبتي، أنا بجانبك. تذكر طفله الرضيع فأصغى بأذنيه فسمع بكاء طفل صغير أسفل منهم فأيقن أنه أبنه عمر، بدأ شيئا فشيئا يستوعب ما حدث كانوا في شقتهم في الدور الرابع، هو في الصالة مع أبنته ذات التسعة أعوام، بينما زوجته في المطبخ وأبنهما الرضيع ينام في سريره وعلى حين غرة بدأت الأرض ترجف
وسرعان ما انهارت وتداعى المبنى على نفسه ليسقط مع أبنته ويده اليمنى تقبض يدها، وهنا استوعب ما حدث أنه زلزال، كان كل ما حوله يغرق في ظلام دامس، أخذ ينادي على زوجته ظن أنها لا تسمعه فصاح بأعلى ما يستطيع دون فائدة فكر في نفسه ربما هي في غيبوبة، وأخذ يسمع الأنين من حوله ومناداة
بعضهم بعضا فعرف أنهم قاطني الشقق من جيرانه، كان الأنين لأطفال ورجال ونساء، البعض يئن بصوت خافت والبعض متقطع وآخرين مرتفع بينما البعض كان يدعو الله وأناس كانوا يتلون آيات من القرآن، عاد صوت أنين ابنته وبكاء صغيره فتمنى لو كان أصم ولا يسمع أنينها وبكاءه، كان يستلقي على بطنه وجانب وجهه يلتصق بالكوم المختلط من الطوب وبقايا قطع الأثاث الخشبية فحاول أن يحرك يديه ورجليه وقدميه الخدرة بلا فائدة فالكوم من تحته وفوقه وقطع الأخشاب المتعامدة أعلى جسده والملتصقة به منعه من الحراك، تذكر أبنته فصاح بها: هجورة "وهو اسم تدليلها".
أجابته بأنين طويل، فاردف بالقول: هاجر سنخرج الآن فأصبري. وعاد يصيح لصغيره: عمور، عموري، عمر، ستأتي أمك لإرضاعك.
فسكت صغيره قليلا بفعل سماع صوت ابيه وعاد صوت أبنته إلى أذنيه وهي تئن بصوت مرتفع قطعت نياط قلبه فعاد يتلمس بأطراف أصابعه يدها وأصابعها فحركت يدها قليلا فمد ذراعه رغم صعوبة تحريكها حتى شعر أنه
يسلخ لحمه وجلده فأمسك بذراعها متلمسا حتى وصل لمرفقها فأحس بشيء لزج ودافئ فعرف أنها تنزف، صعق من استنتاجه فعاد ينادي زوجته بأعلى ما يستطيع من صوت حتى بُح صوته بلا فائدة، شعر بالعجز مخلوطا بالخيبة، إحساس لم يخالطه إلا اليوم حتى أحس طعمه في فمه فسعل ليخرج مع لعابه التراب وتثير أنفاسه الغبار من حوله ليعود إلى صدره بفعل استنشاقه رغم محاولة كتم أنفاسه، وبلا شعور انحدرت الدموع من عينيه ساخنة مدرارة وبلا مواربة أو خجل اجهش بالبكاء بصوت مرتفع وكأنه طفل ضعيف، يخلط نحيبه بالدعاء: يا رب، يا الله، لطفك وعونك، أعنا وعاونّا، لم يرتب الكلمات والجمل أو حتى معرفة ما ينطق به لسانه؛ فعقله مشغول بأسرته إلا أنه كان يبتهل إلى الله بتلقائية آلية.
زوجته ماتت وهاهي أبنته أغلى ما يملك تموت بين يديه وأبنه سيلحق بهما وهو عاجز لا يستطيع عمل شيء. وكمشاركة لأبنته وأبنه ومن حوله من جيرانه أخذ يئن مثلهم رغم أن جسده سليم هو فقط لا يستطيع تحريكه، مرت ساعات وهو على هذا الحال يئن مع الجميع، قطع ذلك صوت أبنته وهي تقول بصوت ضعيف متقطع:
أبي أنا عطشانة. لم يجد إجابة سوى القول: اصبري هجورتي. ليعود بعد قليل مولولا بالصياح عسى أن يسمعه أحد، بدأ صوت أبنته يخفت شيئا فشيئا فعرف أنها تحتضر وقبل أن تُنزع روحها إلى بارئها ضغطت يدها بتشنج على يده حتى غارت أظافر أصابعها في لحم يده لتدميها، فكز على عينيه مغمضا لهما، وعض شفته السفلى حتى غارت أسنانه فيها ليسيل الدم، ليعود للنحيب من جديد بصوت يَفُتّ الأكباد، ويعود صوت بكاء صغيره.