آخر الاخبار

رئيس الوزراء يبلغ المبعوث الأممي بعد عودته من إيران: السلام لن يمر الا عبر المرجعيات الثلاث المتوافق عليها محلياً وإقليمياً ودولياً وزير دفاع خليجي يصدر بحقه حكم قضائي بسجنه 14 عاما وتغريمه أكثر من 60 مليون دولار حكم قضائي بسجن وزير داخلية خليجي 14 عاما وتغريمه أكثر من 60 مليون دولار . تعرف على القائمة الكاملة للأسماء الخليجية التي توجت في حفل Joy Awards 2025 بيان عاجل من مصلحة شؤون القبائل بخصوص هجوم الحوثيين على قرية حنكة آل مسعود .. دعوة للمواجهة بايدن: حشدنا أكثر من 20 دولة لحماية الملاحة الدولية في البحر الأحمر .. هل سيصدق في استهداف الحوثيين تحركات دولية وإقليمية لإعادة صياغة المشهد اليمني .. والحاجة لمعركة وطنية يقودها اليمنيون بعيدا عن التدخلات  ملتقى الفنانين والأدباء ينظم المؤتمر الفني والأدبي الثاني للأدب والفن المقاوم بمأرب بمشاركة أكثر من 100 دولة و280 جهة عارضة اليمن تشارك في مؤتمر ومعرض الحج 1446هـ بجدة تحركات وتحضيرات للمسابقة القرآنية المركزية تجريها وزارةالأوقاف دعما لمعركة الوعي ضد مشاريع التطرف والإرهاب

صانكي يدم.. أغرب قصص بناء المساجد
بقلم/ إحسان الفقيه
نشر منذ: 9 أشهر و 21 يوماً
الأحد 24 مارس - آذار 2024 10:51 م
  

“كأنني أكلتُ”، جملة لا تُعبّر عن مجرد حالة،

 وإنما هي ترجمة عربية لـ “صانكي يدم”، وهو مسجد شهير في إسطنبول، حمل هذا الاسم تعبيرًا عن ملحمة بطلها رجل فقير، حرم نفسه لذائذ الدنيا من أجل بناء مسجد قربةً إلى الله، وترك أثرًا تتناقله الأجيال بسبب سيطرته على نفسه وحملها على معالي الأمور.

كان الحكام العثمانيون يشيدون المساجد في كل بقعة تمتد إليها أيديهم، ويولونها اهتماما فائقًا وعلى الصعيد الشعبي أيضًا، حيث كان عامة الناس يبنون المساجد بدورهم طلبا للمثوبة، إلا أن لهذا المسجد قصة خاصة زادت من شهرته رغم أنه لا يعد من الجوامع الكبيرة.

يتعلق بناء هذا المسجد بشخصية زاهد، أراد صاحبها رغم فقره الشديد أن يترك أثرًا لما بعد موته، فأقدم على فعل ما لم يقدم عليه كثير من الأثرياء، بناء مسجد بهذا الفقر وهذا الزهد.

ترجع قصة بناء هذا المسجد العثماني إلى القرن السابع عشر للميلاد، وقد نقلها الأستاذ أورخان محمد علي في كتابه “روائع من التاريخ العثماني”، نقلا عن كتاب “جوامع إسطنبول”، لمؤلفه تحسين أوز، وقد ذكر أن باني هذا المسجد هو خير الدين كتشيجي أفندي، وكان يعيش في منطقة “فاتح” في إسطنبول.

كان خير الدين هذا رجلا فقيرًا، كلما مر على الأسواق، واشتهت نفسه شراء فاكهة أو حلوى، قال كلمته الشهيرة “صانكي يدم”، أي “كأنني أكلت”، فبدلا من شراء ما يشتهيه يضع أموالها في صندوق خاص على سبيل الادخار.

مرت الأعوام تلو الأعوام، وهو يحرم نفسه من اللذات، ويكتفي بما يقيم صلبه، حتى تجمع لديه مبلغ كبير من المال، تمكن به من بناء مسجد صغير في المحلة التي يعيش بها، ولكن لم يطلق عليه هذه التسمية، إنما أطلقها سكان الحي، حيث كانوا يعرفون قصة هذا الشخص الفقير الورع، وشأن المسجد، فأطلقوا عليه صانكي يدم.

يقع هذا المسجد في أحد الأزقة في منطقة فاتح، معروف باسم “كرباجي نام”، يقبع هناك بين البيوت القديمة، وهو مبني على مساحة حوالي 100م في الداخل، ومساحته الخارجية 130م، ويتسع لمائتي مصلٍ، وبه مصلى للنساء، وتقام فيه الدروس الدينية، وقد بني من الخرسانة المسلحة، وله قباب كبيرة، وأربع قباب مغطاة بالرصاص، وتحتوي المئذنة على شرفة واحدة مبنية من الخرسانة المسلحة، وهو مسجد بسيط في عمارته، بعيد عن مظاهر الترف والفن المعماري الذي تميزت به المساجد العثمانية الكبيرة.

تعرض هذا المسجد لأضرار بالغة إبان الحرب العالمية الأولى، وتعرض للدمار بسبب حريق كبير نشب به، وظل مهجورا حتى عام 1959م، إلى أن أعيد ترميمه وإصلاحه بجهود ذاتية من سكان الحي، وعلى باب هذا المسجد حجر من الرخام دوّن عليه ملخص لقصة بناء هذا المسجد “كأنني أكلت”.

وفي حديث سابق يعود إلى حوالي ست سنوات مضت، يقول عبد الصمد آيدن نائب مفتي منطقة الفاتح في إسطنبول، إن “خير الدين كتشيجي لجم اشتهاءات النفس البشرية، ووجهها لفعل الخير، وفي هذا عظة كبيرة”.

يعقب المصلح الاجتماعي بديع الزمان سعيد النورسي على قصة بناء هذا المسجد بقوله: “كلما نادت اللذائذ، ينبغي الإجابة بـ (كأنني أكلتُ)، فالذي جعل هذا دستورا له، كان بوسعه أن يأكل مسجدا سمي بـ (كأنني أكلت) فلم يأكل”.

لقد مات خير الدين الذي شيد المسجد، لكنه ترك بصحبة هذا المكان قيمة خيرية وإنسانية لا تنسى، فهو قد أتى ثمرة لمجاهدة النفس، وهذا أمرٌ عظيم يحتاج إلى تدبر، ينصب القدوات أمام الناس في السير على النهج ذاته، وإيثار الشأن العام على الشأن الخاص، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.