آخر الاخبار

أطفال مأرب يطالبون الأمم المتحدة القيام بدورها الانساني تجاه أطفال غزة ويعلنون التضامن مع منظمة الاونروا الخزانة الأمريكية توجه أقسى عقوبة على رجل الأعمال اليمني حميد الأحمر وتضع 9 من شركاته في قوائم العقوبات تعرف على قائمة الهوامير الذهبية التي تضم أسماء 25 قياديا حوثيا تم مناقشة الإطاحة برؤسهم وكيل محافظة مأرب يكشف عن أكبر تهديد بيئي واجتماعي يهدد عاصمة المحافظة المركز الوطني للأرصاد والإنذار المبكر يحذر تسع محافظات يمنية من الأمطار والسيول لأول مرة في تاريخ الغرب.. طوفان من التأييد الأوروبي لغزة وإيبال توثق26 ألف فعالية في 20 بلدا أوروبيا خلال عام الإدارة الأمريكية تتعمد إخفاء الأرقام الحقيقة... واشنطن تغرق إسرائيل بالمساعدات العسكرية تعرف على ابسط الأرقام حريق مخيف يلتهم أحد حافلات النقل السياحي بمحافظة أبين كانوا في طريقهم الى السعودية تاجر الموت بموسكو يعقد أكبر صفقة لبيع الأسلحة الروسية للمليشيات الحوثية في اليمن لضرب الملاحة الدولية وزير الدفاع يفتح ملف التعاون مع أمين التحالف الإسلامي العسكري بالرياض

الشعب يريد بناء النظام
بقلم/ د.صالح الحازبي
نشر منذ: 12 سنة و شهرين و 30 يوماً
السبت 07 يوليو-تموز 2012 04:58 م

في أحد خطاباته الكثيرة أبدى علي صالح استبعاده أن يصل قطار الربيع العربي لبلاده لأن النظام اليمني على حد زعمه ليس نظاماً بوليسياً مثل غيره يكمم الأفواه ويكبت على أنفاس الناس، ربما أن الرجل حينها لم يدرك أيضاً أن نظامه في الجانب الآخر لم يكن نظام دولة بل هو أقرب الى نظام بدائي يعتمد على زعماء القبائل والمتنفذين لتثبيت كيانه في السلطة، وفي سبيل ذلك يستنزف أموال الشعب لكسب ولاء هؤلاء الزعماء. لقد كانت مشكلة الشعب اليمني مع نظامه مختلفة فهي مشكلة غياب الدولة والنظام ولذلك خرج الشعب ليطالب ببناء نظام حقيقي يحفظ أمنه وليس مجرد أمن الزعيم، يريد دولة تحفظ له حقوقه من اعتداء المتنفذين و تقتص له حين يعتدى عليه. حين أتى صالح للسلطة في عام 78 لم يكن لديه أي مشروع لبناء نظام دولة حقيقي وكان مشروعه الأوحد هو البقاء في كرسي الحكم ،.وخلال ثلاثة وثلاثين سنة من حكمه تراجع مفهوم الدولة لدى المواطن اليمني عما كان عليه أيام السبعينات في فترة الرئيس الحمدي في الشمال وعما كان عليه أيام حكم الحزب الاشتراكي في الجنوب. وبتراجع مفهوم الدولة عاد المواطن اليمني بشكل أكبر ليحتمي بالقبيلة ومفاهيمها لحمايته والدفاع عنه، عاد إلى أعراف القبيلة ليحل مشاكله حين غابت سلطة القانون وعدالة المحاكم الرسمية، وأصبح حمل السلاح يمثل عامل توازن في المجتمع لحفظ الأمن في ظل غياب دور الأجهزة الأمنية في ضبط الأمن وتوفير السلم الاجتماعي. واتجه كثير من الناس نحو التعليم الخاص والخدمات الصحية الخاصة في ظل عجز ورداءة الخدمات الحكومية رغم السلبيات في هذين القطاعين بسبب غياب الدور الرقابي للدولة. وفي هذا السياق أيضاً، تراجعت الاستثمارات الأجنبية ولم تنجح المحاولات في جلب أي استثمارات جديدة نتيجة للفساد ومحاولات الاستحواذ من قبل الفاسدين الكبار علي مثل هذه الاستثمارات وكذلك بسبب عدم استقرار الوضع الأمني.

مؤخراً، نجحت الثورة اليمنية في إبعاد صالح عن كرسي الحكم، وبقيت المهمة الأصعب وهي بناء النظام الجديد و ترسيخ مفهوم الدولة وسلطاتها في نفوس الناس، وذلك يستدعي استغلال الفرصة الحالية و شعور الناس بحدوث تغيير سياسي في البلاد، بغض النظر عن حجمه الحالي، لكن ذلك حتماً يولد لدى المواطن استعداداً نفسياً كبيراً لتقبل التغيير لا سيما و هو يطالب بدولة حقيقية تحفظ له أمنه ومصالحه في الداخل وتعيد له كرامته في الخارج.

 إعادة ثقة المواطن بالدولة ودورها يتطلب من الحكومة الحالية احداث تغيير حقيقي في مفاصل الدولة واختيار كفاءات نزيهة تسعى للقيام بالدور الأمثل للدولة تجاه مواطنيها من حيث تقديم الخدمات لهم ورعاية مصالحهم. كما أن ذلك يتطلب من جميع المسؤولين في كل المستويات أن يمثلوا القدوة الحسنة في تطبيق النظام والقانون والالتزام باللوائح. وبشكل موازي لذلك لا بد من تسخير الإعلام لإحداث تغيير ثقافي في ذهنية المواطن حول مفاهيم الحقوق والواجبات والعلاقة بين الدولة والمواطن، وإعادة تشكيل مفاهيم القبيلة وعلاقتها بالدولة بما يضمن تطبيق سيادة القانون والنظام علي الجميع. في الجانب الامني والقضائي تحتاج الحكومة لعدد من المبادرات الجريئة في سبيل تحقيق الأمن وردع المجرمين ومحاسبة الفاسدين الذين يعبثون بمصالح الوطن مهما كانت مواقعهم حتى تعود ثقة المواطن بأجهزة الدولة وقدرتها علي إحقاق الحق وتطبيق القانون.

خلال العقود الماضية، ضاعت علي اليمنيين فرص تاريخية متعددة لبناء نظام دولة حديثة ولعل أبرزها كان بعد تحقيق الوحدة اليمنية عام 1990، حينها كان اليمنيون يتطلعون لبناء دولة موحدة وقوية تجمع محاسن النظامين في الشطرين وتتجاوز السلبيات إلا أن غياب مثل هذه الرؤية لدى النظام السابق أضاع هذا الحلم. فهل تمتلك القيادات الحالية اليوم مثل هذا المشروع لبناء النظام الجديد أم أننا سننتظر عقود أخرى حتى تحين فرصة جديدة !.