استطلاع عالمي يمنح زعيم عربي لقب الأكثر فساداً لعام 2024 تعديلات على المناهج الدراسية في سوريا لجميع المراحل التعليمية .. تغيير جذري حزب الله» يهدد إسرائيل ونعيم قاسم يبشر بعافية المقاومة عاجل وزارة الداخلية السعودية تعلن إعدام 6 أشخاص يحملون الجنسية الإيرانية الأمم المتحدة تعلن عودة مطار صنعاء الدولي لإستئناف رحلات الإغاثة الجوية تدشن برنامج الحملة الوطنية التعبوية لمنتسبي شرطة محافظة مأرب المركز الوطني للأرصاد والإنذار المبكر يحذر المواطنين في خمس محافظات يمنية بشكل عاجل مارب : ندوة توعوية تحذر من خطورةالاستخدام العشوائي للمبيدات على البيئة والصحة لقاء موسع للقيادات الشبابية في محافظة أرخبيل سقطرى الحوثيون يزعمون استهداف يو إس إس ترومان وواشنطن ترد
من دمشق توعد الشاعر المصري عبدالرحمن يوسف "القرضاوي" الأنظمة العربية "الديكتاتورية" بمصير مشابه لمصير الأسد. على الفور تعرض لهجوم "سوري" تجاوزه إلى الهجوم على والده وعلى تنظيم الإخوان المسلمين. وفي طريق عودته إلى مقر إقامته اعتقلته سلطات أمن مطار بيروت الدولي وقد تسلمه إلى سلطات بلاده.
من المفارقات المثيرة هنا:
- لطالما كان مطار بيروت مصيدة لاختطاف السوريين المعارضين وإرسالهم إلى نظام دمشق الفاشي. الآن يحرضه الضحايا السابقون للإيقاع بضحايا جدد، ضحايا الضحايا.
- هجوم الناشطين السوريين على عالم الدين الراحل يوسف القرضاوي لا يتناسب مع دفاع "الشيخ" عن الثورة السورية، وقيادته جبهة دينية واسعة ضد "المحور"، حد إلصاقه وصف "حسن نصر الشيطان" بحسن نصر الله.
- الثورة السورية المسلحة، في نسختها المنتصرة، هي خليط من الإسلام السياسي والإسلام الجهادي. ولرئيس وزراء دمشق الحالي محاضرات عامة، في جمهورية إدلب، يشرح فيها للناس فلسفة حسن البنا ورؤيته للعالم. الأمر الذي يجعلنا نعتقد أن المدرسة الإخوانية "المعدّلة" ربما كانت هي الهبوط الرابع للقائد أحمد الشرع، مؤسس جمهورية إدلب: من تنظيم الدولة إلى القاعدة، من القاعدة إلى النصرة، من النصرة إلى الهيئة، ومن الهيئة إلى جمهورية إدلب.
- الفيديو الذي بثّه نجل القرضاوي كان مثيراً من أكثر من جهة. مثل سواه من الحمقى الخفاف، أبرزهم تميم البرغوتي، ينتقلون من تأليه حسن نصر الله إلى مباركة المنتصرين عليه، من التبشير بمحور الممانعة إلى مديح انهياره، ومن تمجيد رجولة إيران إلى الاحتفال بهزيمة رجالها. كأن العالم بلا ذاكرة. هذه العشوائية الشعبوية خطرة، ومن آثارها الضارة أنها تخلق لصاحبها مشاكل جمة. فالذين حرضوا على اعتقاله كانوا يصفقون له في السابق. يصنع الشعبوي فوضى في الوعي/الرأي العام، وقد يصير ضحية لصنيعه.
مما لم يدركه عبدالرحمن أن سوريا التي انتصرت أخيراً لا تزال تركض وراء ربطة الخبز، وتبحث في المقابر الجماعية عن عظام ذويها. سوريا المنتصرة محاطة ليس بالمخاطر وحسب، بل بالشدائد، وهي بحاجة إلى إعادة دمجها داخل النظام العربي الرسمي، بصرف النظر عن مشاكله.
سوريا لم تهزم نظاما ديكتاتوريا عربياً كما يهرتل عبدالرحمن، بل دحرت شبكة إرهابية حكمت الناس من خلال الترويع. تجاوز النصر مسألة الحرية إلى الاستقلال. ذلك شأن أكثر تعقيداً من هتافات الربيع العربي. على الأرض السورية انهارت إمبراطورية فارسية متوحشة، وعادت السيادة إلى أهل الأرض. تلك مسألة تختلف كلياً عن دعوات الإصلاح السياسي التي تنادي بها الجماهير العربية في كل بلد.
لا أظن حكومة "محافظة" في سوريا ستكون عاجزة عن إقامة علاقة واسعة، استراتيجية، مع السعودية. تدرك السعودية أهمية ما حدث في سوريا لصالح امنها القومي، وهي بحاجة إلى الذهاب إلى الفضاء السوري والإسهام في بنائه. ويدرك السوريون في هذه الظروف أهمية وجود الأخ الأكبر.
ثمة مثال من اليمن، مثال لا يعرفه عبد الرحمن: تعمل السعودية مع الإخوان المسلمين في جبهة واحدة كرفاق سلاح. سألتُ أحد قادة إخوان اليمن إن كان ما قالته اللوموند، قبل سنوات، صحيحاً من أن السعودية قد وجدت في إخوان اليمن "الأصدقاء المفضلين"، قال "نحن رفاق سلاح". لا يقف المتربصون ببعض في خندق واحد.
بالطبع هناك مساحات واسعة للعمل المشترك حين توضع الاستراتيجيا على الشاشة، وفي النهاية فإن سوريا في طريق عودتها لتصبح دولة قبل كل شيء، دولة عربية، لا مهادا للديموقراطية وتصدير الثورات. تلك مهمة أكبر مما يحتمله كتفا سوريا المنهكة.
بالنسبة للأمن القومي المصري فإن "سوريا العربية المستقلة" تبدو غاية في الأهمية، خصوصاً والدولتان العربيتان تقعان بالقرب من مائتي رأس نووي إسرائيلي، وعلى بعد حجر من حكومة توراتية لن ترحل عمّا قريب، وقد لا ترحل مطلقاً.
من اليمن ثمة مثال آخر: قاتل عبدالناصر - عدو إخوان مصر الأشهر- إلى جانب إخوان اليمن (وسواهم) في سبيل ثورة ١٩٦٢. ولولا الجيش المصري لما صمدت تلك الثورة بضعة أشهر.
- اعتقال عبدالرحمن في بيروت يسيء إلى النصر السوري. ذهب الرجل ليحتفل بالنصر، وفيما يبدو فقد جاء من الماضي. فعل ما فعله الرئيس الراحل مرسي حين وقف أمام العمال وألقى خطاباً. ولمّا قال "الستينات وما أدراك ما الستينات" - أراد أن يذم زمن عبد الناصر- فصفق العمال وهتفوا عالياً. لقد ذكرهم بأيام غالية عليهم! كان مرسي - كما عبد الرحمن يوسف- منفصلاً عن سلسلة واسعة من الحقائق.
- فقد مصطلح "الإخوان المسلمون" قيمته ومعقوليته، وتوسع الناس في استخدامه حتى بات يطال المسلم العادي الذي يحاول أن يبني رأياً خارج الإجماع، وبعيداً عن انفعالات التيار العام. من المثير، في هذا السيرك، أن الإخوان التحقوا بالموجة وباتوا ينعتون المختلفين معهم ب"الإخوان". المعرفة والحكمة، كما التماسك، هي من ضحايا هذا السيرك العربي الكبير.