آخر الاخبار
لا بديل عن حوار تشاوري شعبي عام!
بقلم/ أنور بن قاسم الخضري
نشر منذ: 12 سنة و 3 أسابيع و 6 أيام
الثلاثاء 27 نوفمبر-تشرين الثاني 2012 06:34 م

مؤامرة جديدة، يتصارع على إدارتها قوى خارجية وقوى داخلية، لأجل الإمساك بدفة الأمور في الحوار الوطني المنبثق عن المبادرة الخليجية؛ تلك المبادرة التي وضعتها دول الإقليم مؤيدة بالقوى الغربية لعرقلة الثورة الشعبية السلمية عن تحقيق أهدافها.

وفي ظل الحديث عن موازين القوى العسكرية، والقوى \"البلطجية\"، والقوى الاقتصادية، والقوى \"الوطنية.. زورا العميلة حقيقة\"، والقوى \"الحزبية\"، والقوى \"الثورية\"، سيتمكن الذين بأيديهم مقاليد الحل والعقد بين الأطراف من إعادة صياغة الواقع لحسابات خارجة تماما عن مطالب التغيير.

من يرى أن الثورة تمت مخطئ، ومن ظن أن مسار الحوار الوطني يسير باتجاه أهداف الثورة مخطئ، ويبدو أن الثورة -كما سبق وأن قال عدد من رموز الساحات، ممن يتمتعون ببعد نظر- عجزت عن تفرض آليات جديدة تناسب الوضع اليمني، وأن تستهدف جذور مشكلة الاستبداد والفساد في بعدها السياسي والحزبي والقبلي والاجتماعي.

إن مشكلة اليمن –كما يظهر الواقع- لم تكن في النظام البائد الذي لوث كافة بيئات المجتمع والحياة ومؤسسات الدولة، بل هي في طبيعة المجتمع ذاته وما فيه من مستنقعات \"بكتيرية\" و\"فطرية\" و\"جرثومية\". فالأحزاب ذاتها تحمل عبئا كبيرا من الماضي السيئ في فكرها وحركتها وثقافتها وخطابها، والقبائل أسوأ حالا! لا بل المجتمع بلغ حالة من التشظي والتفكك إلى حدٍ تغلب عليه الرؤى الفردية والمصالح الشخصية والفئوية.

ولذلك فإن الحوار الوطني لن يكون بين أطراف تحمل نوايا صادقة وأهدافا نبيلة ورؤى موضوعية وحلولا عادلة. بل سيكون أشبه بحلبة تنافس، لا بل صراعا مغلفا بالدبلوماسية في حين أن كل طرف سيعمل على القضاء على خصومه بضربة قاضية من تحت الحزام!

إن المتابع لما يجري في مصر اليوم، وبعد هذه الفترة من ثورة 25 يناير المباركة، يدرك تماما أن الواقع اليمني –ما لم تتحد فيه إرادة الصادقين والمخلصين والخيرين- سيكون أكثر قتامة، لا من منطلق التشاؤم، ولكن لأن السفن لا تجري باتجاه عكس الرياح! فحيث ما رأيت الرياح تتجه ستتجه السفن!

ولذلك فإن أفضل الحلول لهذه المهزلة التي قد ترسخ واقعا أسوأ، وتجارب اليمنيين في الحوار تثبت ذلك، خياران لا ثالث لهما:

الأول: المشاركة العريضة والجادة والفاعلة والمتوحدة من قبل القوى الإسلامية والوطنية الصادقة والمخلصة والخيرة، بما يعزز تحسين النتائج وتقليل أثر قوى الفساد والعمالة والفلول. وهذا الخيار يجب أن يتم العمل عليه عاجلا وبدعوة كريمة من رموز الدعوة والإصلاح والتغيير.

الثاني: إيجاد حوار وطني موازٍ تقوم عليه القوى الإسلامية والوطنية الصادقة والمخلصة والخيرة، وتحشد له كل طاقاتها، ليمثل البديل المحتمل في حال في فشل الحوار الوطني الذي بات رسميا وبعناية دولية أكثر منه شعبيا ومحليا!

إن عملية التسكين التي تمارسها الرموز السياسية والحزبية والعلمية والاجتماعية في حين تغلي القدر ستنعكس سلبا على القواعد والجماهير التي قد تيأس من الحلول السلمية وتعتمد على السلاح كمخرج وخيار لابُدَّ منه. إن التطمينات التي يطلقها السياسيون اليمنيون بشأن الحوار الوطني لا يتناسب مع نقاشات الجلسات المغلقة التي تديرها أطراف أجنبية ومحلية في سبيل إشعال فتيل البارود.. بما في ذلك ما تنقله بعض الأطراف عن مبعوث الأمم المتحدة جمال بن عمر، والسفراء الغربيون (سفراء بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا وروسيا وغيرها)!

مؤسف جدا ذلك التعتيم الذي يمارس على الشعب في حين أن رائحة الطبخ تفوح من جنبات لجنة الحوار الوطني بزعامة عبدالكريم الإرياني، فالفلول في اليمن باتوا بغطاء أممي! وهناك تنسيق بينهم وبين قوى رأسمالية وقبلية لتوزيع المكاسب لا أكثر ولا أقل!

إن على شباب الثورة وقادة التغيير ورموزه أن تقدم مبادرة موضوعية وواقعية في إطلاق حوار وطني شعبي، من غير رعاية أممية، وبدون شروط أو قيود أو هيمنة، وبمشاركة رموز العلم والفكر والأدب والخبرة، من كافة الأطياف الإسلامية والوطنية، ومن المستقلين المشهود لهم بالخيرية ممن لديهم رؤى وآراء نافعة. ومن الأفضل أن ينطلق حوار كهذا من القواعد الشعبية عبر خارطة اليمن الجغرافي في المديريات والمحافظات.. لينتهي إلى مؤتمر جامع على مستوى الجمهورية. أو أن يبدأ بلقاء مركزي تنبثق عنه أوراق ورؤى توزع على كافة المحافظات والمديريات ليلتقي عليها الناس ويناقشونها ويبدون آراءهم بشأنها. وفي جميع الأحوال يجب أن يتم توسيع الشورى والحوار والنقاش لتبادل وجهات النظر والآراء مهما تباينت واختلفت، فإن المقصود لا فرض آراء بذاتها ولا وجهات نظر بعينها بقدر ما هو البحث عن الصواب والحق والمصلحة العامة.

وينبغي على أصحاب الرأي والخبرة أن يقدموا أفكارهم وحلولهم المناسبة لمؤتمر ينبعث بإرادة شعبية وقناعة مجتمعية نظرا لأنهم المعنيون حقيقة بالخيارات والمسارات الأنسب والأمثل لهم. في حين أن ما سيقدم في الحوار الوطني ما لم تتكاتف الجهود ويتم التنسيق بقوة بين القوى الإسلامية والوطنية الخيرة سيكون أمرا شكليا وديكورا تحسينيا لقرارات وصيغ مسبقة أو معدة في الغرف الخلفية حيث يتم البيع والشراء بأبخس الأثمان!