إضراب شامل في تعز احتجاجًا على تأخر صرف المرتبات ارتفاع ضحايا حادث تحطم الطائرة المنكوبة في كوريا إلى 127 قتيلا دولة عربية تسجل أكبر اكتشاف للغاز في عام 2024 الكويت تعلن سحب الجنسية من 2087 امرأة إنستغرام تختبر خاصية مهمة طال انتظارها حملة تجسس صينية ضخمة.. اختراق شركة اتصالات أمريكية تاسعة اشتعال الموجهات من جديد في جبهة حجر بالضالع ومصرع قيادي بارز للمليشيات الكشف عن إستراتيجية جديدة وضربات اوسع ضد الحوثيين قد لا تصدقها.. أطعمة خارقة تقاوم الشيب المبكر وتؤخر ظهور الشعر الأبيض مليشيا الحوثي تنقل الدورات الثقافية الى بيوت عقال الحارات وتفرض على المواطنين حضورها
منذ قيام ثورة فبراير للتغيير في اليمن والتي كانت تضع من أولوياتها إسقاط النظام من أجل إيجاد حل لمشاكل اليمن بشكل جذري والقضية في جنوب القلب اليمني واحدة من تلك المشاكل لكن الحل لأي من تلك القضايا الوطنية لا يمكن أن يكون عمليا حتى بمجرد التفكير بدون إزالة النظام كأول خطوة عملية في دخول حقيقي في لوضع آليات الحل لمشكلة جنوب القلب اليمني التي كان لها الدافع الكبير في قيام هذه الثورة .
فالتاريخ اليمني زاخر بالأحداث و يمكننا أن نجعله مرجعا لنا فلم يكتب النجاح لثورتي سبتمبر وأكتوبر إلا بعد توحد الشعب اليمني شمالا وجنوبا بالرغم من التقسيم السياسي والجغرافي أن ذاك فسالت الدماء الزكية وروت جبال اليمن بحجارها وذرات ترابها من أجل إعادة لحمة تلك التربة اليمانية التي طالما حاربت كثير من القوى الخارجية في عدم إعادة توحيد الجسم اليمني لكن الواقع اثبت أن القلب الواحد لا يحتمل أن يظل في جسمين مختلفين.
عندما صدر بيان الـ (23) (الى جانب بعض البيانات الفردية الأخرى) وجدنا في الأمر ترجمة غير موضوعية وغير موفقة سياسيا هذا إذا لم تكن ورقة ابتزاز سياسي ضد الثورة خاصة في هذا الظرف التي تمر فيه الثورة اليمنية من تأمر خارجية بتعاون من الداخل أضحت مثلما الكابوس المزعج الذي يراود قيام أي حلم ثوري باليمن... إضافة الى أن هذا البيان كان ضد غالبية إرادة جنوب القلب اليمني المتمثلة بالمتواجدين في ساحات الكرامة في جميع إنحاء الجمهورية والذين عانوا خطايا النظام وإجرامهم بعكس بعض تلك القيادات التي لديها من المميزات ووسائل الراحة التي تبعدهم عن معاناة اليمنيين بل قد وصل البعض منهم بالمتاجرة بألام وجروح اليمنيين.
تلك التصريحات فعلا طعنت خاصرة الثورة و في مقدمتها قضية جنوب القلب اليمني وخدمت النظام وفتحت له ورقة سياسية لعله يستعيد بها توازنه.
الغريب إن من سمع تصريحات وتابع أراء تلك القيادات قبل إعلان المجلس ومطالبتها بقيام مجلس ثوري يدخله الشك و الريب من جراء هذا الانسحاب ولذلك نجد أنفسنا مرغمين على الدخول في مناقشة وتفنيد عدد من الآراء والأطروحات التي تضمنتها بعض من المقالات التي تبرر تلك الانسحابات تحت مبرر المناصفة وتارة ثانية تحت مبرر أن الثورة تعني شمال القلب اليمني ولا تعني جنوبه ومرة أخرى أن الثورة سوف تفقد اليمنيين وحدتهم.
لو أتينا للأمر بموضوعية نجد تلك التحفظات إن جاز وضعها في هذا السياق في ظرف له أولوياته الثورية أنها لم تأتي من فراغ بل لو رجعنا لعقليات تلك القيادات نجدها أن بعضها لها رصيدا مليئا بالاخفاقات التنظيمية والسياسية وأيضا لها سجل زاخر بالتآمرات على الوطن.
ما اريد ان اذكر به تلك القيادات انها سببا رئيسي في ما وصلت اليمن إليه من معاناة وإعطاء الفرص الذهبية واحدة تلو الاخرى لشخص علي صالح الذي استفاد في الماضي من اخفاقات وأخطاء تلك الرموز التى عفى عليها الزمن.
قرأنا الكثير من بعض الأقلام التي تبرر, فبالرغم من صغر سنها وهي تتحدث عن اليمن ووحدته ومشاكله تجدها أنها لم تعايش أهم الحقب السياسية وإحداثها وهذا أنتج فكر غير ناضج يحمل الكثير من النقص والحكم الخاطئ على أحداث هي مفصلية في حياة الشعب اليمني.
فبعضها يقول إن الوحدة الاندماجية كانت مجحفة بحق الجنوبيين بسبب عدم التكافؤ, وأن أحداث 94م حولت أرض الجنوب غنائم وتم شريد أهلها عن وطنهم وما انخراط أبناء جنوب القلب اليمني في ثورة التغيير سوى من باب المساهمة في إسقاط النظام من اجل نيل الاستفتاء والكثير من الأقاويل الأخرى التي لا يتسع المجال لذكرها.
ما أريد توضيحه وبكل شفافية وبكل هدوء حتى نصل إلى تشخيص حقيقي للمشكلة والتعصب للحقيقة وحدها وليس التعصب للرائي الشخصي لان جل ما نريده هو الوصول إلى التشخيص الواقعي وبذلك يكون وصلنا إلى ما نريده.
أولا يجب التسليم المطلق بأن قضية جنوب القلب اليمني هي في قلب العملية الثورية بل هي التي من أجبر ثورة التغيير للظهور كي تحافظ على وحدة الشعب اليمني وهذا ما ثبت أمره فمظاهر الاحتجاج والرفض الشعبي لم تعد مقتصرة على مناطق بذاتها.
قبل ثورة فبرار كانت معاناة الشعب اليمني واحدة في جميع محافظات الجمهورية لكن للأسف الشديد كان الوضع منقسم إلى قسمين كانت قيادة الحراك الجنوبي ثورة في بدايتها بكل معنى الكلمة و يحسب لها أنها سبقت ثورتي تونس ومصر ولكن نظام صالح استطاع اختراقها وحقنها وتعبئتها بالشعارات المناطقية والعنصرية حتى لا تنتقل عدواها لباقي أرجاء محافظات اليمن وجعل الكثير من أبناء اليمن يؤيد المطالب الحقوقية ومبدءا العدل والمساواة لكنه كان يتحفظ على أمر الانفصال...... طبعا هذا الاختراق السلطوي للحراك نجح في تأخير ظهور تلك المظاهرات وانضمامها الى باقي من سبقوها و سرعان ما أصبح اليمن كله مطلب واحد وكلمة واحدة نحو صيحة واحدة تطالب صالح وأركان نظامه بالرحيل لأنهم هم السبب فيما وصلت إليه اليمن.
وسأذكر بعض النقاط الرد عليها:
- الوحدة الاندماجية لم تكن مجحفة فقط بحق أبناء جنوب القلب اليمني وحدهم كما يقال لان الوضع الاقتصادي والمعيشي طال اليمنيين جميعا ولمن هو مشكك يمكنه ان يرجع إلى ازدياد معدلات الفقر واأين هي أكثر نسبة الفقر في محافظات اليمن ...... أيضا يمكن الرجوع لاحصائيات فيز العمل خارج اليمن وعدد المتواجدين في سجون الترحيل من اليمنيين في دول الجوار من أي محافظات وبالنسبة لا بالعدد ... تلك السجون التي لم تميز هذا شمال القلب اليمني أم جنوبه وستكون النتيجة جواب لمن يتكلم بما لا يعلم .
- ما يقال عن التشريد والفقر لأبناء جنوب القلب اليمني بسبب إعادة قيام اللحمة اليمنية ومن يتخذ هذه كحجة وبرهان لشق عصا اللحمة اليمنية نقول لهم ماذا نسمي من هرب أبان ستينات و سبعينات وثمانينات للقرن المنصرم الى دول الجوار من تجار ومواطنين عاديين وقبائل يافع وحضرموت اكثر الناس دراية بهذا ولا نريد أن نذكر أسماء بعينها تجنبا لحساسية الموقف ... هل كانت المشكلة من الوحدة ام من القيادات السياسية إذن لو اخذنا تفكير من يطالبون بفك الارتباط الان فالحل أن يتم الرجوع إلى أيام الشرذمة ونطالب بانفصال المحافظات الجنوبية و عودة السلاطين حسب مفهوم ذاك التاريخ .
وهنا نعطي مثالا لكي نشخص سبب المشاكل بانها تكون من الحكام وليس من الشعوب او الأوطان كما تحاول بعض تلك الأقلام تصويره .
- كتبت بعض الاقلام ( ان الامر استدعى ان نرفع علم ابناء شمال القلب اليمني في هذه الثورة حتى يتمكن من الوصول الى إزالة النظام ووضع استفتاء لتحديد مصير جنوب القلب اليمني ....) المضحك في الامر أنه كما ذكرت سابقا ان الغالبية لا تعلم ان علم وحدة 22 مايو 1990م أول من رفعه أبطال وأحرار جنوب القلب اليمني في جبال ردفان أبان معركة التحرير ضد الاستعمار البريطاني فيا للعجب من أقلام كتبت وهي في غرفة ظلماء تظن كل مزن السحاب تمطر بالماء.
- نجح علي سالم البيض في إدارة المعركة السياسية قبل حرب 94م بالرغم من إغتيال الكثير من أعضاء الحزب الاشتراكي على أيدي النظام لكنه حسم المعركة لعلي صالح بإعلانه الانفصال وكان ينبغي ان يرجع إلى صنعاء بعد توقيع الوثيقة في عمان او على الاقل اعلان استقالته والمكوث في عدن لكنه حرف المسار وذهب إلى بعض دول الجوار وهنا سبب جوهري في بقاء علي صالح حتى 2011م بسبب أخطاء خصومة وليس ذكاء منه.
- عبارة استباحة الاراضي .. مشكلة الاراضي كانت في الجنوب بنظام القطاع العام والذي لا يوجد فيه ملكية خاصة وكانت الاراضي وممتلكات جنوب القلب اليمني ترجع إلى ملكية الدولة والتي كان يمثلها الحزب الاشتراكي الحاكم في تاريخ ما قبل 90م فما حصل من دخول نظام اشتراكي لم يكن يطبق قانون الملكية الخاصة واتى 94م لتدمج مع نظام تأسس على السرق والنهب على الممتلكات الخاصة فما بالنا بالممتلكات العامة.
وما نريد ان ننبه إليه أن مشكلة الأراضي مصدرها النظام الحاكم ولقد رأئينا مشاكل الاراضي ونهبها بشكل علني في الحديدة وصنعاء وتعز وهي أملاك خاصة فماذا نتوقع أن يحدث لأملاك القطاع العام التي تم العبث بها وسرقتها.
- حرب 94م شارك فيها الجميع بمن فيهم أبناء جنوب القلب اليمني وكان لهم عامل إنهاء الحرب بسرعة وهذا ما نريد ان نؤكد ان مشكلة اليمن هي في العقول السياسية التي كتب لها ان تمتلك كثير من القرارات السياسية المصيرية لكنها للاسف جعلت الوطن اليمني بوحدة ترابه وشعبه رهينة المصالح الشخصية والانتقامات السياسية... وكنتيجة حتمية للتخلص من هذه المأسي من قبل قيادات سياسية جلبت لليمنيين الدمار والخراب وسهلت للتدخلات الخارجية في جعل اليمن بشعبه يعيش خارج إطاره الزمني لم يكن لنا كيمنيين سوى تفجير ثورة لتغيير واقعنا اليمني بشكل عصري وما نجاحنا الا بالترابط وتقوية اللحمة اليمنية في زمن تصدعت و تشوهت فيه كثير من المفاهيم فلا يمكن لأي أمة مهما عظم شأنها وتعاظمت مقدرتها من مواجهة الأخطار والأعداء من كل حدب وصوب وأهلها في تفرق وتنازع وقلوبهم شتى فأصل اليمنيين في قوتهم وإتحادهم جميعا .
فالثورة القائمة الان في اليمن اثبت ان اليمن بشعبه المتواجد في الساحات هم أصحاب الكلمة الأولى والأخيرة فخرجوا جميعا إلى الشارع ينشدون الخلاص من الفساد والاستبداد والظلم .
وأختم كلامي بأن حل معضلات اليمن ستكون عن طريق الملف الاقتصادي ذالك الملف الصعب المثقل بتركة نظام صالح الفاسد لكن الملف الاقتصادي ليس بالمستحيل فك رموزه وحله الذي به ستحل معه معظم مشاكل اليمن بجانب إعادة صياغة الوحدة ما يلبي الحاجة ومتطلبات العصر وأفضلها الحكم المحلي للمحافظات فلم يعد يجدي نفعا الدخول في مشاريع فيدرالية على اساس شطري تمهيدا للانفصال بعد ترتيب مؤسسات كل شطر او الدعوة المباشرة إلى فك ارتباط.
أيضا وضع العادل والمساواة بين جميع ابناء القلب اليمني الواحد ومعالجة الجروح والخطايا التي تسبب فيها نظام صالح تجاه أبناء جنوب القلب اليمني عرفانا لهم بما قدموه من تضحيات تجاه وطنهم.
ونذكر كل من وجد في نفسه طريق للشقاق بين أبناء اليمن أننا نعيش ثورة جميع اليمنيين وليست ثورة حزب أو قبيلة او منطقة بعينها فإما أن ننتصر جميعا كيمنيين للثورة وهي تنتصر لنا أو نهزم جميعا وتكون اليمن جزء من تاريخ عابر لم يعد له وجود.