المشترك والجنوب عواصف في وجه الرئيس
بقلم/ أحمد عايض
نشر منذ: 16 سنة و 11 شهراً و 7 أيام
السبت 08 ديسمبر-كانون الأول 2007 09:29 م

  - بدأت مؤشرات المخاض السياسي بين القوى الفاعلة في اليمن تزداد تعسرا خاصة في ظل نشؤ عدد من مراكز القوى الداخلية تقف وبقوة في وجه السلطة , مما سيمنح المعارضة موقفا أقوى من ذي قبل , وستشهد الساحة السياسية اليمنية , خاصة بعد عيد الأضحى منعطفات وتقلبات قد تكون الأكثر إثارة في دول الديمقراطيات العربية بسبب هامش الحرية الموجود حاليا في اليمن .

خاصة واللقاء المشترك قد تشبع كثيرا من دروس الانتخابات الماضية والهزائم المتكررة والتي خلص عبر دراسات ميدانية طيلة عدة أشهر بعد الانتخابات الرئاسية كشفت الخلل الذي تصمم المعارضة وبقوة أن لا تقع فيه مرة أخرى .

المرحلة القادمة من الصراع السياسي ستكون أكثر احترافا من ذي قبل من قبل المشترك خاصة بعد ظهور قناة "سبأ" الفضائية الممولة من الملياردير حميد الأحمر , وستظهر المعارضة اليمنية عبر الفضاء لأول مرة ومباشرة على الهواء لتخاطب العالم بعد احتكار دام لأكثر من " 17 عاما من السيطرة الحكومية على الإعلام المرئي .

شرارة أشعلت اليمن

يمكننا القول أن تحركات المتقاعدين في الجنوب واحتجاجاتهم ومسيراتهم خاصة بعد قيام السلطة بتنفيذ بعض مطالبهم هي الشرارة التي جعلت اللقاء المشترك يُعجل كثيرا ببرنامجه النضالي من الإطار التنظيري إلى الإطار العملي الشعبي .

حيث فتحت مطالب المتقاعدين العسكريين شهية بقية المطالبين بالحقوق , تلك المطالب التي قالت السلطة أنها قد صرفت حسب مصادر رسمية أكثر من سبعين مليار من خزينة الدولة للمتقاعدين فقط .

هذا الحراك المبرمج تنظيميا لن يكون الرئيس صالح بعيدا عن مرمى تلك التحركات , بل سيكون في الواجهة منها , وهنا يبرز التساؤل المهم هل سيُقدم الرئيس صالح مع حزبه تنازلات للحفاظ على كرسيه أم سيواجه ذالك بطرق ستغلف بصلاحياته الرئاسية والتي يمكن أن تُدخل اليمن دوامة أكثر عنفا لا سمح الله .

نعلم كثيرا مدى الحرج السياسي الذي تواجهه القيادة السياسية في تعاملها مع الورقة الجنوبية حيث تتباين الرؤى والمواقف من ذالك كله وكل ما يجري حاليا من حلول هي عبارة عن حلول جزئية لن تكون مع قادم الأيام سوى حلول " مهدئة " ومخدرة موضعيا .

كما منحت تعاملات السلطة مع ضغوط المتقاعدين كل من اللقاء المشترك وقيادات المطالب الجنوبية إلى قناعات تكشف مدى الفوضى في العامل مع أزمات البلد , وتصريحات الرئيس وبقية قيادات السلطة الحاكمة تؤكد مدى التناقضات الكبيرة التي وقعوا فيها تجاه قضايا الجنوب بالتحديد .

وعلى ذالك يراهن اللقاء المشترك للوصول إلى أهدافه على الشعب خاصة بعد أن أتت الإعتصامات والمظاهرات أكلها سريعا .

عجله التغيير التي تحركت :

أكد القيادي الإصلاحي محمد اليدومي في أخر محاضراته التي ألقها مطلع الشهر الماضي أن عجلة التغيير قد تحركت ولن تعود إلى الوراء , وهي إشارة توحي إلى جدية أكبر أحزاب اللقاء المشترك في السير قدما نحو التغيير دون أي تراجع , وإعلان ذالك من شخصية بوزن محمد اليدومي يقطع أي تشكيك وارد أو مناورة سياسية ترسم سيناريوهاتها بل يؤكد انطلاق مشروع نضالي جديد .

في أخر بياناتهم الرسمية يؤكد اللقاء المشترك أن الرهان الرئيسي لهم هو الاتجاه نحو العمل مع الجماهير وتصعيد اعتصاماتهم واحتجاجاتهم حتى النهاية, وسيعمل مع مختلف الفعاليات السياسية والجماهيرية, ومع مختلف المنظمات النقابية والمهنية ومنظمات المجتمع المدني, وممثلي الشرائح والفئات الاجتماعية المختلفة للنضال معاً في سبيل تحقيق أهدافهم .

خلاصه خطرة تكشف الإستراتيجية الجديدة إعلانا للرأي العام القديمة تنظيميا لدى أجندة اللقاء المشترك.

والراصد للحراك السياسي وخاصة بعد نتائج الانتخابات الرئاسية والمحلية والتي تربع الحزب الحاكم على نتائجها يجد ثمة توجه جديد وبقوة نحو التغيير الطويل الأمد من قبل تلك الأحزاب والتي تراهن على التغيير بمواقف الشعب النضالية .

المتابع للخطاب الإعلامي للقاء المشترك وخاصة التجمع اليمني للإصلاح يستوحي ذالك جيدا في أدبياته التي تؤكد على ما أسموه النضالي السلمي لنيل الحقوق والحريات بل كان ذالك شعارا رسميا لأحد مؤتمراتهم العامة واستعانوا في فترات سابقة بعدد من الوسائل لترجمة " مفاهيم النضال السلمي " إلى إسقاطات منظمه على واقع الشارع اليمني.

خناق من نوع جديد

إذا كان الرئيس قبل أيام يتحدث في أحد المحافل ويؤكد للحضور الذي إمامة أن له في عدن قرابة – 42 – يوم في حينها وبغض النظر عما عملة أو أنتجه خلال تلك الفترة فإن ذالك يكشف مدى نجاح المعارضة وقوى الجنوب في تضييق الخناق على الرئيس وإلهائه بقضايا جانبية تخرج عن نطاق عملة الرئاسي .

لذا فإن قادم الأيام سيكون مرا على الرئيس شخصيا وعلى كل قيادات اليمن الأمنية , وذالك لثورة شعبية  - إن صح التعبير - قادمة ستنطلق تحت مسمى " المطالب والحقوق " وقد بدأت بدايات تلك التحركات في عدد من محافظات الجمهورية , سواء في الشمال أو الجنوب.

وعلى صعيد تلك التحركات الشعبية والمطالب التي ستعلن من كل محافظة وقبيلة ستجعل السلطة في موقف لا تحسد علية , كما ستمنح تركيبة اليمن الاجتماعية دورا معززا للتك المطالب والتي ستغذى من قبل اللقاء المشترك أو من سار في فلك تلك المطالب من متقاعدين وعاطلين وغيرهم .

فتجارب الماضي أثبتت أن التركيبة ألاجتماعية للمجتمع اليمني لعبت أدورا ناجحة في صناعة السياسة القائمة على التركيبة القبلية و صناعة القرار السياسي والتأثير على توجهاته , وهي ورقها لن يجعلها اللقاء المشترك تمر مرور الكرام , بل سيعمد إلى استغلالها قدر ما يستطيع , بمعنى أن هناك تظاهرات ومطالب سياسية لكن ربما غلفت بحمية القبيلة وأعراف النصرة وتقاليدها وقد ظهرت بعضا من تلك التحالفات القبلية التي تستسقي توجهاتها من اللقاء المشترك وحظيت بدعم جماهيري كبير وما محافظة مأرب عنا ببعيد .

لذا لا نستغرب في قادم الأيام أن تتحول اليمن وبكل ربوعها باحتجاجات ومسيرات و إعتصامات, تطالب فيها كل قبيلة أو محافظة بحقوقها , ولربما تلجا المناطق ذات البعد القبلي إلى طرق قبلية تطالب فيها عن حقوقها , كما لا نستبعد تفضيل تلك القبائل طرق الإباء والأجداد " وهي الاحتماء بالقبيلة أرضا وإنسانا أي أن القبيلة ستلجأ إلى أي خيارات نفوذها وقوتها في إطار النطاق الجغرافي لها من التقطع أو منع أي جهات حكومية من المرور من أرض تلك القبيلة وما جرى في الجوف ومأرب وشبوة خير مثال.

قادم الأيام سيكون شديدا على كلا الطرفين من السلطة والمعارضة في ظل تمنع عنيف من قبل الحزب الحاكم , وما يجري حاليا من نقاش على التعديلات القانونية التي تقضي بإعادة تشكيل اللجنة العليا للانتخابات سوى مؤشرات المخاض لتلك المرحلة .

باعتبار إن السنوات الماضية مثلت مدرسه سياسيه استوعبت فيها معظم الأحزاب السياسية الفاعلة في اليمن الكثير من الوعي السياسي والمكر التنظيمي الذي يسعى كل طرف منها إلى إحراز نتائج خاصة تعزز مواقفها مستقبلا .

ومع كل فإن اللقاء المشترك خرج بنتيجة مفادها أن السلطة لا تحترم أي اتفاقيات يتم إبرامها بين الطرفين والسبيل للخروج من هذا وذالك هو تصحيح الواقع الذي تأتي منه دائما الهزائم السياسية وهو في نظرهم " السجل الانتخابي والعملية الانتخابية برمتها .

وقد لحظنا في الأيام الماضية توترا كبيرا بين كلا الطرفين, كان مجلس النواب مسرحا لها, حيث شهدت قاعة ذالك المجلس مناوشات وخلافات حادة أقتضى الأمر بانسحاب كتلة المعارضة من قاعة المجلس في محاولة للتعبير عن الرفض القاطع عن أي تعديل يسعى الحزب الحاكم بموجبة إلى تشكيل جديد للجنة العليا للانتخابات .

ولحساسية الموقف وسخونته ارتأت كتلة المشترك في مجلس النواب إلى عقد مؤتمر صحفي في ساحة المجلس, لحظتها لم يهدا سلطان البركاني أحد صقور الحزب الحاكم في اليمن من السكوت على ما يجري في ذالك المؤتمر الصحفي حتى أقتحم علي المشترك مؤتمرهم الصحفي وتلفظ بأقوال وصفت من قبل إعلام المعارضة بأنها محاول لتشويش ذالك المؤتمر .

كما يلحظ المراقب أن الحزب الحاكم لم يباشر التصويت إلى ذالك التعديل في الجلسة التي انسحبت منها كتل المعارضة رغم أن لدية الأغلبية المريحة في المجلس لكن حساسية الوضع جعلت رئيس الجلسة يرجئ التصويت إلى وقت أخر .

تجليات رئاسية :

إعلان الرئيس في الحفل الذي أقيم بمناسبة الـ30 نوفمبر بمحافظة عدن بالسماح بعودة المعارضين خارج الوطن وإتاحته الفرصة لهم بالعمل في أحزابهم أو إنشاء أحزاب جديدة إضافة إلى ممارسة كل الحقوق السياسية دون تحفظ والعفو للموقوفين من أبناء الضالع وردفان وعدن وحضرموت وتوجيه فخامته للجهات المختصة بالإفراج عنهم , قرار يمكن أن يقرأ بقراءتين فالرئيس والحزب الحكم سيقرؤون ذالك بأنه فتح صفحة جديدة مع أولئك الذين أقاموا الدنيا وأقعدوها , وتصوير القرار الرئاسي بأنة استجابة لمطالب الشعب بكل توجهاتهم وربما بالغ بعضهم على إضفاء شيء من الخصوصية لذالك القرار ووصفة بأنه مكرمة رئاسية .

وفي الاتجاه المعاكس يمكن أن يُقرأ إعلان الرئيس من قبل المشترك والقيادات الجنوبية للمتقاعدين وغيرهم بأنة ناتج عن الضغط والعمل الجماهيري وثورة الشعب وسخطه التي ضيقت الخناق على الرئيس وجعلته يخضع لتلك المطالب ويقدم العديد من التنازلات في سبيل إرضائهم .

الأيام حبالي بأزمة سياسية كبرى ستشهدها اليمن خاصة بعد أن لمحنا في تصريحات قيادات المشترك الرفض لما أسموه بجزئيات الحلول وتأكيد أكثر من قيادي إلى عدم خوض المشترك لأي انتخابات قادمة .

ويل لليمن :

في زحمة هذه التداعيات التي ستنتجها " تحركات الشارع " لن ُيرحم الرئيس على موقفه من أي حلول يمكن أن يقدمها في زحمة تلك الأحداث, وإن عمد الإعلام الرسمي كالعادة إلى صقلها وتلميعها إعلاميا .

ولا يستبعد زج الجيش كما هو حاصل الآن في منع تلك المظاهر التي سيقودها المشترك, والتي لن تقابل أيضا إلا بردة فعل قوية من الشارع .

قد يكون أشد الموقف حرجا على الرئيس في حال شعوره بأي تهدد حقيقي قادم على كرسي الرئاسة , لحظتها سينحاز إلى من سيكون حاميا لذالك الكرسي وليس لخيار الشعب الذي يقوده المشترك , في حينها يمكن أن تظهر وبوضوح صارخ نبوءة الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر بدخول اليمن إلى النفق المظلم وليس الدخول فقط بل والسقوط فيه .

قد تخرج اليمن من متاهات القادم المخيف في حال توفر إرادة سياسية حقيقية من كل ألإطراف لرسم مستقبل سياسي جديد بعيدا عن التعنت الحزبي الضيق القائم على الحفاظ على المصالح والمناصب , ما لم فستظل تلك الخلافات تعصف باليمن وويل لشعب عصفت به خلافات السياسة وصناع القرار .

  • رئيس تحرير موقع مأرب برس

Mareb2009@hotmail.com