مفارقات المقارنات بين قادة الغرب وقادة العُرب
بقلم/ د. محمد معافى المهدلي
نشر منذ: 15 سنة و 9 أشهر و 10 أيام
الثلاثاء 20 يناير-كانون الثاني 2009 01:12 م

ما أن كادت الحرب على غزة الصامدة الصابرة، تضع أوزارها حتى تسارع قادة الغرب، ليجتمعوا في شرم شيخهم، لتدارس سبل ضمان أمن إسرائيل ومنع تهريب السلاح، إلى فصائل المقاومة البطلة، ثم اتجه الجميع بعد ذلك وعلى الفور، إلى دويلة الكيان الصهيوني، للاطمئنان على أوضاعه، وتقديم ما يمكن تقديمه من دعم سخي ليعود إلى سابق عهده، وليتجاوز محنته وكارثته ونكبته التي ألحقها به جند الله في غزة، بعد نكبته في لبنان 2006م.

لا غريب في الأمر كبير، وإنما الغريب هو أن غزة المنكوبة والتي تئن من جراحها المثخنة، ومن الدمار الهائل الذي ارتكبه بنو صهيون بها، لم نسمع زعيماً عربيا أو إسلامياً واحداً – باستثناء مرشد الثورة الإيرانية- يرسل برسالة عزاء ومواساة وتضامن مع أهلنا في غزة، وكأن غزة ليست عربية ولا إسلامية، أو أنها ليست على وجه البسيطة، ولعلّ الزعامات العربية لم تسمع بغزة بعد، إلا اللهم من أفواه ساركوزي وميركل، وعاموس جلعاد، ومن على شاكلتهم.

ولكن أنّى لقادة التآمر وأعمدة أسواق الخيانة والنخاسة وبيع القضايا العربية أن تعزي غزة وأهل غزة، وهم من تآمر عليها، وهم السبب الأول في نزيف غزة وجرحها الدامي!!.

ومن المفارقات الغريبة أيضاً بين الفريقين، وهي الأدهى والأمر، أنه رغم الحصار على غزة، وفتح مضخات الغاز والبترول العربي على آخرها، إلى الصهيونية، وآلتها الحربية، وبسعر أقل من سعر التكلفة، تتبجح أنظمة العمالة العربية، عن امتناعها عن دعم المقاومة بالسلاح، حرصاً منها – كما تقول- على الحياد، وألا تسهم في تأجج الحرب وطول أمدها واتساع جغرافيتها...الخ فيما أميركا تقيم جسراً جويا - وليس تهريبا- إلى إسرائيل للأسلحة!!!. أليست هذه من أعظم المفارقات على الإطلاق، وتعد نوعا من أنواع الغباء العربي التاريخي الثقيل!!.

فانظر رحمك الله إلى الفارق بين هؤلاء وهؤلاء، فالقادة العرب يحاصرون غزة ويمنعون عنها حتى حبيبات الدواء وحبات القمح، فيما أميركا والغرب يقيمون جسرا جويا للأسلحة، مع إسرائيل، ويوقّعون معها الاتفاقيات العلنية، غير السرية، وفي وضح النهار، لضمان أمن مواطنيها المغتصبين، فيما الزعامات العربية، تتاسبق جميعاً لمنع تهريب السلاح إلى غزة!!!.حتى لقد رأينا بعض الأنظمة العربية تقف في الخط الأول للدفاع عن إسرائيل، وتناقلت بعض وسائل الإعلام عن أولمرت قوله: \"إنني أصلي كلما تذكرت دور الرئيس...في حماية إسرائيل، وكم كانت ستكون خسائرنا بدونه\"!!.

لقد كشفت غزة كل سوءات الخيانة، حين تقف بعض المظاهرات في البلدان الغربية الأوروبية، على أبواب السفارة المصرية تطالبها بفتح معبر رفح، ونصرة غزة، فيما تأبى القيادة المصرية التجاوب مع أي من ذلك!! بل تقمع حتى المظاهرات الوطنية المطالبة بفتح المعبر!!.

أليس هذا يعد فارقاً واضحاً لا تخطئه العين، بين قادتهم وقادتنا.

ولذا فلا لوم على تلك الجماهير العربية الهادرة أن تنادي ليحكمها، تشافيز، بدلا من الحكام العرب فلديه من الغيرة الإنسانية، ما لم تجده لدى كثير من الزعامات العربية، الذين يخادعون الله والذين آمنوا في لحن أقوالهم، وكذب أفعالهم، ومظاهرتهم ومناصرتهم لأعداء الأمة.

ثم من المفارقات أيضاً - أيها الحليم- ما رأيناه في قمة غزة، عن الرئيس الفلسطيني كأنموذج رائع وفريد من نوعه للأنظمة العربية، حين يأبى الرئيس أبو مازن أن يشارك في القمة، قائلا بأنه لو شارك في القمة فسيذبح من الوريد إلى الوريد!! والحمد لله أن غاب هذا الرجل ومن معه، ليتحدث بدلاً عنه الرجل الذي له من اسمه النصيب الأوفر \"خالد مشعل\" ليشعل بكلماته في أمته روح العزة والكرامة والصمود والتحدي.

أرأيت زعيماً في التاريخ البشري، يأبى مناصرة شعبه ويأبى المشاركة في إحدى الفعاليات المؤازرة لأمته، بدعوى الجبن والخور، ولعلّ المراقب الحكيم يعرف الآن سر اغتيال إسرائيل للزعيم ياسر عرفات على ما فيه، ليخلفه أبو مازن.

وهنا لا يفوتنا أن نسطّر بأحرف من نور موقف الشعب الكويتي ونوابه الأحرار، الذين خرجوا في مظاهرات تندد بمشاركة عباس، في قمة الكويت الاقتصادية، كونه أحد أعمدة التآمر على غزة وذبح أهلها من الوريد إلى الوريد، حقيقة، إلا أنّ أهل غزة ما وهنوا لما أصابهم وما ضعفوا وما استكانوا.

ختاماً: لقد أثبتت معركة الفرقان في غزة أن جماهير الأمة الإسلامية مليئة بالأسود والأبطال، إلا أنه لا ينقصها سوى القيادة المؤمنة الشجاعة، لا غير.

{ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّن بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاساً يَغْشَى طَآئِفَةً مِّنكُمْ وَطَآئِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الأَمْرِ مِن شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنفُسِهِم مَّا لاَ يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحَّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ }آل عمران154.

والحمد لله رب العالمين،،.

Moafa12@hotmail.com