صدمة في اليمن بعد قيام الحوثيين بالإفراج عن أخطر إرهابي يقف خلف مجزرة ميدان السبعين الدامية عام 2012 نيابة الأموال العامة في الضالع تنفذ حملة لإغلاق محلات الصرافة المخالفة في قعطبة تم تعذيبه حتى الموت ..وفاة شيخ مسن ٌمختطف في سجون الحوثيين بمحافظة البيضاء واتس آب تكشف عن ميزات جديدة لمكالمات الفيديو .. تعرف عليها فايننشال تايمز تكشف عن الطريقة التي ستتعامل بها إدارة ترامب مع ايران ومليشيا الحوثي وبقية المليشيات الشيعية في المنطقة عيدروس الزبيدي يلتقي مسؤولاً روسياً ويتحدث حول فتح سفارة موسكو في العاصمة عدن وزارة الدفاع الروسية تعلن عن انتصارات عسكرية شرق أوكرانيا العملات المشفرة تكسر حاجز 3 تريليونات دولار بيان شديد اللهجة لنقابة الصحفيين رداً على إيقاف أنشطتها بالعاصمة عدن محتجز تعسفيا منذ سنه..بأوامر مباشرة من محافظ صنعاء المعين من الحوثيين.. نقل رجل الأعمال الجبر لاصلاحية ومنع الزيارات عنه
أ- مدينة مأرب :
تقع هذه المدينة إلى الشرق من صنعاء وتبعد عنها نحو ( 173 كيلومتراً ) ، وتقع عند مصبات وادي أذنة على الضفة الشمالية للوادي .
التسمية : تسمية هـذه المدينة قديم جداً تعود إلى مطلع الألف الأول قبل الميلاد ، فـقـد ذكـرت
فــي نقوش من القرن الثامن قبل الميلاد باللفظ ( م ر ي ب ) ، وفي بعض النقوش المتأخرة ظهر اسمها باللفظ ( م ر ب ) .
ـ تاريخ المدينة : لقد توصلت الأبحاث الأثرية والدراسات التي أجراها الفريق الأثري الإيطالي في وادي يلا أن مدينة (حفري) ـ ربما ـ هي أقدم مدينة كانت العاصمة الإدارية لمملكة سبأ في بداية ظهورها ، ثم انتقلت بعد ذلك إلى مدينة مأرب وبداية اتخاذها كعاصمة إدارية لمملكة سبأ بدأ يظهر بكل وضــوح فـي الـقـرن الثامن قـبل المـيـلاد ويعـتبـر المستشرق الألمـانـي (WISSMANN H. V ) أن أقدم ذكر هو ما ! ورد في النقش الموسوم بـGL. 1719+1717+1718) )، وهو الذي سجله نائب الملك على مأرب وحاكمها الإقليمي ويذكر فيه مكرب سبأ " يدع إل / ينف " الذي حكم في ( 755 ق . م ) على أن الذي اختط المدينة هو " يثع أمر/ بين / بن / سمه علي/ مكرب / سبأ " وهو المكرب السبئي الذي حكم في نهاية الـقـرن الـثـامـن قـبـل المـيـلاد ـ في (715 ق . م ) ـ وذلك كما دونه هذا المكرب السبئي فـي النـقـش الموسوم بـ (Garbini – mm ) .
وبعـد أن اختط المدينة ذكر بأنه قام بتجديد الاتحاد الفيدرالي لقبائل دولة سبأ والذي يأتي في النقوش بالصيغة ( يوم / هوصت / كل / جوم / ذالم / وشيمم / وذ / حبلم / وحمرم ) .
وهكذا ظلت هذه المدينة هي العاصمة الإدارية لدولة سبأ من القرن الثامن قبل الميلاد حتى القرن الثالث الميلادي ـ أي ما يقارب ألف عام ـ ، لقد شهدت هذه المدينة الكثير والكثير من الأحداث سواءً من جانب تشييد بنيتها التحتية المتمثلة ببناء السد واستصلاح الأراضي الزراعية وبناء الأسوار والمعابد أو من الجانب العكسي وهو المحاولات العسكرية للاستيلاء عليها خاصة تلك الغزوة الرومانية التي وصلت إلى مشارفها في سنة ( 24 ق . م ) والتي عادت على أعقابها خائبة أو تلك المحاولات التي تمـت مـن قبل الريدانيين فـي القـرن الثاني الميلادي حتى أن الملـك المشهور ( شمر يهرعش ) وأبيه ( ياسر يهنعم ) عندما آلت إليهما أملاك الدولة السبئية في الربع الأخير من القرن الثالث الميلادي لم يقتحماها ، ولكن دخلاها بسلام لتنصيب نفسيهما ملكي سبأ وذى ريدان ؛ لأنها تمثل العاصمة السياسية السبئية ، وبعد تنصيب نفسيهما فيها عادا لمزاولة مهام الحكم من عاصمتهما ( ظفار - يريم) .
ـ ومن معالم مدينة مأرب :
- المدينة القديمة
- سد مأرب العظيم
- شبكة قنوات الري ( الجنتان )
- معبد عرش بلقيس ( برأن )
- معبد محرم بلقيس ( أوام )
1- مدينة مأرب القديمة :
تقع مدينة مأرب القديمة إلى الجنوب من مدينة مأرب الجديدة ، وكانت تشتمل على سور محيط بها يحتوى في داخله منشآتها المختلفة مثل المعابد ، الأسواق ، المنازل السكنية ... وغيرها أولاًـ سور المدينة : ذكر بناء السور في بادئ الأمر في نقشين من ( القرن الثامن قبل الميلاد) والموسومان بــ( Gl .418;GL . 479 ) حيث بناه المكرب السبئي " سمه علي ينف " ثم أضاف إليه المكرب السبئي " كرب إل وتر بن ذمر علي " بعض الأجزاء ، وشيدت فيه بوابتان وبعض الأبراج الدفاعية ، وكان ذلك في ( ! القرن السابع قبل الميلاد ) .
وقد شيد هذا السور في مرحلتيه من الأحجار المهندمة التي نحتت بعناية ، واستخدم في بنائه الطريقة الهندسية المعروفة ، وهي أن الصف الحجري الأسفل يبرز قليلاً عن الصف الحجري الأعلى، وهكذا يبدو الجدار بشكل مائل إلى الخارج وذلك ليزيد الجدار قوة ومناعة .
وقد تم توزيع الأبراج الدفاعية على السور بطريقة غير منتظمة تبعاً لاستراتيجية دفاعية اقتضتها الحاجة حينه ، فهناك برجان دفاعيان في الجدار الشمالي بلغت المسافة بينهما ( 10.50 متر ) ، كما أن الأبراج لا تتماثل بسعتها فأبعاد أحدها في جـهـة الغـرب ( 5.35 × 3 م ) وفي الشمال ( 6 × 2.70 م ) و( 5.60 × 3.83م ) ، وهي مشيده بأحجار كبيرة تختلف أبعادها وتقل حجماً كلما ارتفع البناء .
والسور اليوم يكاد أن يكون مطموس المعالم من حيث شكله ولكن استطاع الباحثون من تحديده تماماً بواسطة التصوير الجوي للمدينة القديمة ، وهو يتخذ شكلاً غير منتظم جرفت السيول والفيضانات بعض أجزائه الجنوبية وبقى منه بقية أساسات الأجزاء الأخرى الشرقية والشمالية والغربية ، ولم يعثر على مدخل واضح للمدينة خاصة أننا عرفنا أن " كرب إل وتر " بنى فيه بوابتين في القرن السابع قبل الميلاد ، فهناك فتحه تتخلل السور عند جانبه الغربي يحتمل أن تكون واحدة من أحد المدخلين ـ البوابتين ـ وإن كان هذا الاحتمال ضعيفاً لعدم وجود بقايا البرجين الدفاعيين اللذين دائماً ما يكتنفان مداخل المدن اليمنية القديمة .
تعرضت مدينة مأرب لبعض الأضرار بسبب السيول في عهد الملك " شمر يهرعش " ملك سبأ وذي ريدان الذي حكم في الربع الأخير من القرن الثالث الميـلادي ، حيـث ذكـر النقـش الموسوم بـ ( Ja. 651 ) الذي سجله أقيال قبيـلة مهأنف ـ التي كانت أراضيها في شمال وشمال شرق مدينة ذمار اليوم ـ ، فقد سجلوا بناء تحصينات دفاعية من السيول التي تهدد مأرب إلى جانب التحصينات الدفاعية العسكرية ، ويذكـرون أنـهم بناءاً على تكليف الملك " شمر يهرعش " لهم قاموا ببعض الأعمال والمراقبة في مدينة مأرب أثناء انعقاد الحج والكرنفال السنوي لمعب! د ( أوام ) معبد ( المقة )، صادف أن سقطت أمطار غزيرة فاضطر الأقيال إلى القيام بأعمال الإنقاذ بالترميم والصيانة في المدينة تمثلت في إعادة بناء أسوار ومحافد مأرب إلى جانب قيامهم ببناء منشأة أطلق عليها النقش اسم ( م ض ر ف ن ) لحماية المدينة من أخطار السيول التي تهددها بعد أن هددت السيول الناتجة عن هذه الأمطار مدينة مأرب وخاصة في جزئها الجنوبي المطل على وادي أذنة .
وعندما زار المستشرق ( توماس ارنولد ) مدينة مأرب القديمة في سنة ( 1843 م ) قام بعمل رسم تخطيطي لها وذكر أنها مستديرة وأن بها ثمانية أبواب : فباب العقير في السور الغربي ، باب الحد في الجهة نفسها على مقربة من الركن الجنوبي الغربي ، وفي السور الشمالي باب النصر وباب الكار ، كما يذكر ـ أيضاً ـ باب المحرم وباب الدرب وباب القبلة وباب المجنة ، ولكن السيول جرفت جزءاً كبيراً من الخرائب وجرفت معها جزءاً كبيراً من الجدارين الجنوبي والشرقي ، ويبدو أن هناك أماكن كثيرة مكسورة في الجدران اعتبرها ( ارنولد ) أبواباً وسماها بالأسماء التي كان يطلقها عليها الأهالي .
ثانياً ـ مكونات المدينة داخل السور : تتألف من مرتفعات مختلفة أكثرها ارتفاعاً هو التل الأثـري الموجود قـرب الجانب الشرقي للسور ، إذ يبلغ ارتفاعه عـن مجرى وادي أذنـة حـوالي ( 30 متراً ) ، وهو الذي تقع عليه المدينة وكذلك الجزء الذي كانت تشرف عليه المدينة في جانبيها الشرقي والجنوبي ـ أيضاً ـ ، وتتكون القرية المستحدثة ـ الحالية ـ من مبانٍ طينية ترتفع بعضها إلى ثلاثة أدوار ، منها القليل مازالت مأهولة بالسكان بينما البقية عبارة عن أطلال ، وهذه القريـة يعـود تـاريخها إلى العصور الإسلامية ، شيدت فوق أنقاض خرائب المدينة القديمة التي ـ غـالـبـاً ـ مـا يـمـيـل الإخـبـاريـون وبعض المؤرخـيـن إلـى أنـهـا بـقـايـا قصر سلحين ـ قصر الحكم السبئي ـ ، والواقع أنه غير ذلك إذ يحتمل أن المدينة الحالية أقيمت على خرائب لمجمع تعبـدي ديـني إذ تشير النقوش إلى وجود معبدين هامين من معابد المقة ، أقيما داخل أسوار المدينة ، وهما معبد ( ي ث و ) ومعبد ( م س ك ت ) ، وهما اللذا! ن قلعت أحجارهما لبناء مركز لواء مأرب في فترة الإمامة قبل الثورة .
أما بالنسبة لقصر سلحين فلم تذكر لنا النقوش أن هناك قصراً خاصاً بالحكم ولكن تصف دائماً سلحين بأنه يضم مجموعة من مبـانٍ ملـوك سـبـأ ؛ لـذلك تـذكر النقـوش أحيـانـاً الصيغة ( أ ب ي ت هـ م و / س ل ح ن ) - أي بيوتهم سلحين بصفة الجمع - مما يدل أنها مجموعة من المنازل الملكية تأخذ حيزاً معيناً في المدينة وتعتبر رمزاً للحكم بينما كان الملك يمارس مهام الملك من المعبد .
وأشهر ما في المدينة القديمة من المعالم مسجد سليمان الذي ارتبطت تسميته بالنبي سليمان الذي زارته الملكة بلقيس في ( أورشليم ) .
ثالثاً - مسجد سليمان : يقع هذا المسجد في الجانب الغربي للمدينة ، ويواجه مبنى مركز محافظة مأرب استخدمت في بنائه مادة الحجر ، وهى أحجار قديمة أعيد استخدامها ، ويقوم سقفه على مجموعة من الأعمدة الحجرية الأثرية بلغ عددها ( 52 عموداً ) ، ومعظمها أعمدة مضلعة ذات ثمانية أضلع يصل محيط بعضها إلى ( 1.11م ) ، وهذا المسجد قد اندثر معظم سقفه وبعض أجزائه خاصة الغربية ، ولم يعد يستخدم للغرض الذي أنشئ من أجله .
وهناك قطعتان حجريتان كتب عليهما نفس النص الآتي :
- بسم الله الرحمن الرحيم
- روى عمر بن عبد العزيز بن
- سعيد الماربي عن النقاب وأصحاب
- الحديث أنه بنى هذا المسجد الشريف
- القديم سليمان بن داوود نبي الله
- صلى الله عليه وسلم ..... ؟
- ............ الله ................. ؟
- فيه و ........................... ؟
وهناك أيضاً قطع حجرية كتب عليها النص التأسيسي للمسجد وينص على :
- أمر بعمارة ................. الله
- مسجد سليمان بن داود
- ............. أنه
- ............. أجمعين ........... سنة سبع
- وستين وأربع مائة .
ويدل النص التأسيسي أن هذا المسجد بني في سنة ( 467 للهجرة النبوية ) ، وهو مما يكذب ما كتب على القطعتين الحجريتين ، وقد أوردنا نصهما سابقاً بأن هذا المسجد بناه النبي سليمان ، وهو النبي الذي ظهر في القرن العاشر قبل الميلاد ، وعلى كل الأحوال ما جاء في النص الأخير يجعل من المستحيل أن يكون المسجد بناه نبي الله سليمان بن داود .
2- سد مأرب العظيم :
يقع سد مأرب إلى الغرب من مدينة مأرب القديمة ، ويبعد عنها نحو ( 8 كيلومترات ) ، شيد سد مأرب ـ الذي كانت تطلق عليه النقوش مصطلح ( ع ر م ) ـ على وادي أذنة الكبير بين مأزمي الجبلين ، البلق الشمالي والبلق الأوسط ، وسلسلة جبال البلق وهي التي تؤلف الحاجز الأخير للمرتفعات الشرقيـة قـبل أن تلتقي بالصحـراء ، والصحـراء المعنية هـي ذلك الجـزاء مـن فلاة اليمن ـ أو جُرُز اليمن الشرقي ـ الذي يمتد ما بين مأرب وشبوة ، وتصب فيه معظم أودية الشرق ، ويسميه الجغرافيون العرب بمفازة صيهد ، ويطلق عليها ـ حالياً ـ اسم رملة السبعتين ، وبين مأزمي جبلي البلق الشمالي والبلق الأوسط يضيق وادي أذنة بحيث يكون موقعاً طبيعياً يصلح لإقامة سد، وتتسع منطقة التجمع في أعلى المضيق بحيث تبدو وكأنها حوض مثالي لاحتواء المياه، ووادي أذنه ـ ( ا ذ ن ت ) في النقوش ـ هو أعظم أودية اليمن وميزابه الشرقي ، وتشمل روافده أكبر مساحة بين روافد أودية اليمن الأخرى .
ـ تاريخ بناء السد واندثاره : يعود تاريخ بناء السد إلى القرنين الثامن والسابع قبل الميلاد كأدنى تاريخ معروف ، وذلك بناءاً على ورود اسم أحد مكاربة القرن السابع قبل الميلاد في نقش مثبت على مبنى المصرف الجنوبي ، وهـذا المكرب هو " يثع أمر بين بن سمه علي " ، وقد تعرض هذا السد للتدمير عدة مرات بسبب تراكم الترسبات الطمثية في حوضه ، ذكرت النقوش أربع منها ، الأولى في عهد الملك " ذمار علي ذرح بن كرب إل وتر " الذي حكم في الربع الأخير من القرن الأول الميلادي ، والمرة الثانية في عهد " شرحب إل يعفر بن إلي كرب أسعد " الذي حكم في منتصف القرن الخامس الميلادي ، والمرة الثالثة والرابعة كانت في عهد إبرهة الحبشي في سنة ( 552 ميلادية ) .
والآن لم يبق من آثـار السد القديم سوى بعض معالم لجدار السد أو السد نفسه ، ومباني المصرفين الكبيرين اللذين كانت تخرج بواسطتهما المياه من جانبي السد أو الصدفين الشمالي والجنوبي ، إضافة إلى القناتين الرئيسيتين اللتين كانتا تربطان المصرفين بالجنتين ، ومقاسم المياه في الجنتين ـ الأراضي الزراعية الشمالية والجنوبية ـ ، وهي سدود تحويلية صغيرة تقسم المياه التي تصلها من القناتين الرئيسيتين .
شيد جدار السد من نقطة أساس الوادي على الصخر ( الأم ) بأحجار ضخمة ثم بعلوها جدار السد فوقها تدريجياً ، وقد وصل أعلى ارتفاع له من سطح الوادي حوالي ( 16 متراً ) ، ويقدر سمكه بحوالي ( 20 متراً ) ، وكان طوله يمتد حوالي ( 680 متراً ) عبر الوادي ما بين الصدف الجنوبي القائم على سفح جبل البلق الأوسط والصدف الشمالي والمبني على الصخور المقابلة في جبل البلق الشمالي .
أما الصدفان ـ المصرفان الجانبيان للسد ـ ، فهما عبارة عن مخرجين ـ هويسين ـ كبيرين قد نحتا أصلاً في الصخر ثم استكمل بناؤهما على صخور جبلي البلق الشمالي والأوسط بحيث يكونان قناتي توصيل كبيرتين شق أسفلهما من الصخر وشيد أعلاهما بواجهات سميكة من الحجارة الكبيرة مربعة الأضلاع ، وقد هندمت أحسن هندمة ، وثبت بعضها فوق بعض بتلاحم وترابط ، ووظيفة هاتين القناتين هي تصريف المياه المتدفقة من السد عبر حوضين صغيرين يكبحان شدة تدفقهما ويتصلان بالقناتين الرئيستين اللتين تمدان كل أراضي الجنتين بالمياه على جانبي الوادي ، وآثار بناء الصدفين لا تزال قائمة ، وهي في الواقع أبرز آثار السد ومنشآت الري في مأرب اليوم .
ـ الصدف الأيمن ( الجنوبي ) : يعرف هذا الصدف عند الأهالي بـ ( مربط الدم ) ، ويعني المكان الذي ربط فيه القط بناءاً على الأسطورة التي تقول أن خراب سد مأرب كان بسبب الفئران التي أتت عليه ، فربط الدم هناك في هذا الصدف لكي يحميه من الفئران ، ويعرف في النقوش باسم ( رح ب) ، ويذكر النقش على هذا الصدف أن " سمه علي ينف " مكرب سبأ شيد هذه القناة فـي حافة جبل البلق الأوسط حيث أقام على الصخر كتفي البوابة وهما لا يزالان في حالة جيدة .
يتكون هذا الصدف من دعامة ضخمة ودعامة خلفية صغيرة مع حاجز حجري بينهما ، تمتد الدعامة الضخمة من الشرق إلى الغرب ، وتطل على وادي أذنه ، وقد شيدت على مرتفع صخري عند الكتف الشمالي لجبل البلق الأوسط يُرقى إليه بسلالم حجرية بعضها منحوتة في نفس الضلع والبعض الآخر من أحجار بنائية ، وقـد أقيمت هـذه الـدعـامـة بأحجار مهنـدمـة أبعـادهـا ( 2.16 × 0.30 متر ) ، وتتخلل واجهتيها الجنوبية والشمالية بروزات حجرية بهيئة تعشيق لزيادة القوة في البناء ، وتحتوي بعض الأحجار على زخارف تمثل حليات معمارية تشير إلى أنها منقولة من مبانٍ أخرى ، ويستدل منها على عمليات التجديدات والترميمات التي حصلت للسد ، وقد روعي في بناء هذه الدعامة ـ وكذلك في المرتفع التي تقوم عليه ـ عدم ترك أي فراغات لتسرب المياه حيث تلاحظ فراغات أغلقت بالقضاض لمنع تأثيرات المياه التي قد تنحت بمرور الزمن في الصخر مما سيسبب انهيار هذا المصرف وبالتالي جدار السد ، أما الدعامة الثانية فهي صغيرة وقد شيدت بأحج! ار مهندمة ويبدو جانبها المتجه صوب حوض السد بشكل محدب لتفادي ضغط المياه وجانبها الخلفي يكـون مستويـاً ، وأسند بثلاثـة دعـامـات حجريـة يبلـغ مقياس أكـبرهـا ( 1 × 0.45 × 0.46 متر ) .
وبين دعامتي هذا المصرف أقيم حاجز حجري كمرد للمياه وفي نفس الوقت يقوم بتصريف المياه الفائضة من حوض السد من خلال قناة حفرت في الصخر الذي سويت بعض جوانبه لغرض سقاية الجنة اليمني ، ومازالت بقايا كثير من أبنية هذه القناة ظاهرة اليوم ، ويشاهد في ممرها بعض النقوش على الأحجار التي شيدت بها أبنيتها .
ـ الصدف الأيسر ( الشمالي ) : يبدو من نقوش هذا الصدف أنه شيد بعد الصدف الجنوبي ، ويتكون من سـدة حجرية ـ حاجز مـائي ـ ودعامـة كبيرة وفتحتين بينهما أقيمت السدة بعرض ( 12.20 متراً ) ، وترتكز من الغرب على الكتف الشرقي لجبل البلق الشمالي ، وقد شيدت بأحجار مهندمة بشكل معشق وأحجار طولية وأخرى عرضية مقاسات أكبرها (1.66×0.37 × 0.40 م )، واستخدمت مادة القضاض في ربط أحجار هذه السدة ، ويلاحظ أن واجهتها التي تستقبل المياه مختومة في الأعلى بشرفة من صفوف الحجر تسندها دعامات خلفية لغرض منع تأثيرات المياه المتدفقة وجعلت في الأعلى منافذ لتصريف المياه الزائدة كي لا يرتفع منسوبها أمام السد ، ويلاحظ في صلب البناء أحجار عليها نقوش وأخرى تحمل حزوزاً غائرة رغـم أنها تمثل جليات مـعـمـاريـة ـ ديكور ـ لجدران المباني الدينية ، ووجودها هنا يحمل على الاعتقاد بأنها لم تنحت لهذا البناء بالذات بل جلبت مـن مبانٍ أخـرى ربما في فترات متأخرة أثناء عمليات الترميم
والتجديد المتأخرة .
وتشاهد هناك أحجار فيها ثقوب دائرية ومربعة ذات أعماق غير متساوية ومحفورة على مسافات غير متناسقـة ـ الغرض منها تثبيت الحجر فوق الحجر الأسفل منه وأسفل الحجر الذي عليه بقضيب صغير من مادة الرصاص ـ لتضيف للبناء المزيد من القوة والمتانة من جانب ومن جانب آخر ليضيف للبناء مرونة أكثر في صد فيضانات المياه .
أما الدعامة الكبيرة فأعلى ارتفاع متبقٍ لها يزيد عن ( 10.30 م ) وقد شيدت على سن صخري بأحجار مهندمة أبعاد أكبرها ( 2.10 × 0.42 م ) ، ويلاحظ أنها مجددة واستخدمت في بنائها أحجار منقولة بعضها تتضمن نقوشاً بخط المسند ، وبناؤها يميل عن العمودية إلى الداخل وفيها انحناءات غرضها تفادي ضغط المياه ، وقد طلي ظاهرها بالقضاض ، وعلى الأقسام العليا لها بقايا وحدات بنائية قد تكون لمراقبة ارتفاع منسـوب المياه ، ويفصل بين هـذه الدعامـة والسـدة الحجرية المذكـورة آنفاً فتحتان عرضهما ( 3.55 م ) و ( 2.95 م ) تتوسطهما دعامة صغيرة مشيدة بأحجار مهندمة عرضها ( 4.25 م ) ، وقد سدت واحدة من الفتحتين في فترة متأخرة ، وهما تؤديان إلى قناة كبيرة تتجه صوب مصارف القنوات في الجهة الشمالية ، إذ أقيم جانباها من سدة ترابية رصفت بقطع أحجار جيرية وصخرية مختلفة وغير مهندمة أصغر قياسا من أحجار أبنية المصرف الشمالي للسد .
ـ سد مأرب الجديد : كان نتيجة للحاجة الماسة لتطوير المناطق الشرقية من اليمن حديثاً هو بناء سد مأرب القديم ، وهو جزء من ذلك النهج التطويري الذي بدأه ابن اليمن البار فخامة الرئيس علي عبدالله صالح منذ توليه زمام القيادة ، فقد أعلن في يوليو ( 1984م ) عن إعادة بناء سد مأرب ، وكان هذا الإعلان مفاجأة لكثير من الناس في داخل اليمن وخارجه ، وفي 2 أكتوبر من عام ( 1984 م ) قام فخامة الرئيس علي عبدالله صالح والشيخ زايد بن سلطان بوضع حجـر الأساس لبناء سـد مأرب الجديد في منطقة السـد الجـديـد ـ حـالـيـاً ـ والذي يقع على بعد ( ثلاثة كيلومترات ) إلى الغرب من السد القديم ، وتم افتتاح السد الجديد من قبل فخامة الرئيس علي عبدالله صالح وأخيه الشيخ زايــد بـن سلطان فـي عام 1986م .
السد الجديد
3- شبكات قنوات الري ( الجنتان ) :
(أ) القنوات القديمة
تنقسم الأراضي الزراعية القديمة في أسفل وادي أذنة إلى قسمين شمالي وجنوبي حيث كانت تروى الأراضي الشمالية بواسطة شبكة الري الممتدة من المصرف الشمالي للسد بينما تروى الأراضي الجنوبية بواسطة شبكة الري الممتدة من المصرف الجنوبي للسد .
تبدأ شبكة الري بالقناة الرئيسية الخارجة من السد ثم يليها مقسمات المياه الفرعية ، وقد كانت شبكة الري بكاملها مبنية بهيئة جدار تجري المياه في سطحه الذي شكل بهيئة مجرى ، وتصل إلى المقسم الذي بني بشكل إسطواني يقوم بتفريع المياه إلى ثلاثة اتجاهات ، وبالنسبة لتقسيم الأراضي الزراعية القديمة فقد أمكن تحديدها بواسطة " التصوير الجوي ، وهي عبارة عن حـقول زراعية تبدو ـ غالباً ـ بأشكال مستطيلات متراصة إلى جوار بعضها .
(ب) السد التحويلي :
لقد كان صراع الإنسان عبر مراحل زمنية طويلة لتكييف العوامل الطبيعية المحيطة به والاستفادة من الظروف الجغرافية والمناخية من أجل خلق ظروف الاستقرار الذي يعتمد على الزراعة ، وكانت محاولات أهل اليمن في وادي أذنة ـ وهو ( أ ذ ن ت ) في النقوش السبئية القديمة ـ كثيرة للاستفادة من مياه السيول الجارفة التي تتجمع من مساقطه الواسعة وتسخيرها لخدمة الزراعة ، ومن خلال البحث عن المكان المناسب وجدوا أن بين مأزمي جبل البلق الشمالي وجبل البلق الجنوبي يضيق وادي أذنة ليكون موقعاً طبيعياً يصلح لإقامة سد مأرب ، وتشير الدلائل أن حضارة وادي سبأ في مأرب لعبت دوراً كبيراً في نشوء فكرة السدود وتطوير أنظمة الري والوديان الجافة ، ولكن سد مأرب بتقنيته الهندسية العالية في شكله الأخير الذي ذكرته النقوش السبئية لم يأت فجأة وإنما كان محصلة تجارب سابقة عديدة منها تجربة السد التحويلي " المنشأة (أ) ! " الذي يقع إلى الشرق من سد مأرب العظيم بمسافة ( 200 متر ) ، ويعتبر آخر المحاولات التي شيدت عبر زمن طويل في مواقع متجاورة عديدة في مجرى وادي أذنة ، وفي موقع " المنشأة (أ) " أجريت أعمال التنقيب الأُثري من قبل البعثة الأثرية الألمانية في عام ( 1988 م ) ، وإشارات النتائج أن هذا السد بني خلال النصف الأول من الألف الثاني قبل الميلاد ، وكان طوله ( 55 متراً ) وعرضه ( 30 متراً ) ، قوام بنائه الحجارة ، واستخدم للربط بينها مادة الرصاص .
4- عرش بلقيس ( معبد برأن ) :
يقع هذا المعبد إلى الجنوب الغربي من مدينة مأرب القديمة ، ويبعد عنها نحو ( 4 كم ) ، وإلى الشمال الغربي من محرم بلقيس على بعد ( 1 كم ) .
يعتبر هذا المعبد أحد أهم معابد مملكة سبأ التي بنيت للإله ( المقة ) في محافظة مأرب ، وتكمن أهميته في أنه المعبد الوحيد الذي أجريت فيه تنقيبات أثرية منهجية كاملة على أساس علمي ، ويعود تاريخ أقدم المراحل المعمارية فيه إلى عصر المكربين وبداية ( القرن السادس ق . م ) ، وقـد زار هـذا المعبد عدد من الرحالة وعلماء الآثار ، ونقب فيه فريق مشترك من الهيئة العامة
للآثار بصنعاء .
ويطلق على هذا المعبد المبني للإله ( المقة ) في النقوش اليمنية القديمة اسم ( برأن ) ، عثر على هذا الاسم على أحد أعمدة المعبد ، وقد اشتق أصحاب المعجم السبئي كلمة برأن من الجذر الثلاثي ( برأ ) مهموز الآخر بحذف النون ، وهي بمعنى شـاد أو بـنـى أو بـدى وتـدل ـ أيضاً ـ على ( الإبراء ) ، أي التخلص من الذنوب أو الأمراض .
- التخطيط المعماري للمعبد : من خلال تخطيط المعبد الذي يقوم على أساس فكرة الفناء المكشوف الذي تحيط به الأروقة من ثلاث جوانب ووجود الهيكل في صدر الفناء وهو النموذج الذي استقر عليه تخطيط المعابد السبئية .
- وصف المعبـد :عبارة عن بناء مستطيل الشكل في وسطه فناء على طول الجهات الشمالية والجنوبية والغربية للفناء ، تقوم ثلاثة أروقة محمولة على أعمدة مستطيلة الشكل ، وأركان المعبد موجهة حسب الاتجاهات الأجلية ، وتفتح في منتصف الضلع الشمالي بوابة تؤدي إلى الفناء ، ويبلغ عرضها ( 2 متر ) ، وهـي مناظرة لبوابة ثانية تفتح فـي الضلع الجنوبي ويبلـغ عرضها ( 1.85 م ) كما تفتح في منتصف الضلع الشرقي للفناء الهيكل ، وهو على منصة مستطيلة الشكل مرتفعة عن الفناء ، يصعد إليها من الفناء بواسطة سلم له أكتاف ، ويبلغ طولها من الشرق إلى الغرب ( 23.25 م ) ، وعرضها من الشمال إلى الجنوب ( 17.82 م ) ، ويبلغ ارتفاعها عن أرض الفناء ثلاثة أمتار ، وتتقدم المنصة ستة أعمدة من الحجر مستطيلة الشكل ، قطع كل منها من حجر واحد، وتوجد خلف هذه الأعمدة بقايا قواعد أربعة أعمدة موازية للأعمدة الأربعة الوسطى من أعمدة الصف الأمامي الستة ، وخلف هذا البهو يوجد الهيكل ، وهو عبارة عن أرضية مستطيلة ا! لشكل مرصوفة بحجارة مستطيلة ، وعلى أطرافها بقايا أعمدة مستطيلة موزعة حول أرضية الهيكل على شكل أروقة ، وفي مركز الحرم يوجد حجر مستطيل في أربع حفر دائرية عثر فيها على بقايا برونزية ويرجح أنها كانت تستخدم كقاعدة لتمثال حيواني ربما يكون رمزاً للإله .
ومن الركن الجنوبي الغربي من الجهة الخارجية للفناء يوجد بناء مستطيل على شكل برج مبنٍ من الحجارة داخله مملوء بمربعات اللبن المدكوك ، ومن هذا الركن وعلى طول الجدار الغربي للفناء يمتد سور مبنٍ من اللبن يبلغ عرضه ( 3 م ) ، ويلتف من الركن الشمالي الغربي وعلى طول الضلع الشمالي حتى جدار الهيكل تاركاً مساحة بينه وبين جدار فناء المعبد على طول امتداده ،وأقيمت على طول امتداد السور الغربي من اللبن أربعة أبراج مبنية في الحجارة المشذبة ، يقع الأول في الركن الجنوبي الغربي من السور ، والثاني في منتصف الضلع الغربي ، والثالث في الركن الشمالي الغربي ، والرابع في منتصف الضلع الشمالي ، ويتم النزول إلى الفناء من قمة السور المبني من اللبن بواسطة سلم مبنٍ من الحجارة في الركن الشمالي والغربي في المساحة الموجودة بين جدار السور اللبن وجدار الفناء ، ويتم الدخول إلى الفناء بواسطة إحدى البوابات الثلاث السابقة الذكر .
ـ الأقسام المعمارية :
أولاً ـ البوابات : يتم الدخول إلى فناء المعبد من ثلاث بوابات رئيسية في الجدران الشمالي والجنوبي والغربي .
- البوابة الشمالية : تقع على بـعـد ( 9 م ) من الركن الشمالي الشرقي للفناء ، ويبلغ عرضها ( 2 م ) ، وهي عبارة عن سلم صاعد في الخارج ؛ ـ لأن أرضية فناء المعبد منخفضة عن مستوى خارج المعبد ـ مكون من ثلاث درجات ويؤدي إلى مصطبة صغيرة مستطيلة الشكل تؤدي إلى سلم آخر يكون من سبع درجات على نفس محور السلم الأول ومنها يتم الهبوط إلى أرضية الفناء وبهذا السلم من الجانبين جداران من الحجارة ، واعتماداً على النقش الموجود على لوح الرخام في تلك البوابة والذي يذكر الملكين " سمه علي " و " يثع أمر " ، ويعود بناء هذه البوابة إلى ( القرنيين الرابع والثالث ق . م ) .
- البوابة الجنوبية : تفتح في الجدار الجنوبي للفناء ، وهي مناظرة للبوابة الشمالية ، وتختلف عنها بطريقة البناء ، فهي ليست على نفس محور الفناء ولا تؤدي إليه مباشرة ، وهي تتكون من سلم خارجي صاعد مكون من أربع درجات تؤدي إلى مصطبة مستطيلة وتؤدي إلى سلم آخر منكسر إلى ناحية الغرب مكون من سبع درجات يهبط منه إلى الفناء .
- البوابة الغربية : تفتح هذه البوابة من منتصف الضلع الغربي للفناء ، وهي مواجهة للهيكل ، ويبلغ عرضها ( 2 متر ) ، وهي مبنية بنفس تقنيتي البوابتين السابقتين حيث تتكون من سلم صاعد من خارج المعبد يؤدي إلى سلم آخر مكون من ثمان درجات على نفس محور السلم الأول ، وقد تم إغلاق هذه البوابة بسبب ارتفاع مستوى الترسبات الطينية خارج المعبد ؛ مما أدى إلى بناء سلالم صاعدة من خارج المعبد حتى يسهل الوصول إلى أرضية الفناء الخارجي .
ثانياً - الفناء ( الحرم) : يشمل أغلب مساحة المعبد وأرضيته مرصوفة بحجارة كلسية مستطيلة الشكل ، وقد عثر على هذه الأرضية بعد التنقيب على عمق ( 3.5 م ) من الترسبات الطينية ، وكانت عملية الرصف متزامنة مع آخر مرحلة من استخدام الفناء حيث تدل الحجارة والشواهد على أن الفناء قد أعيد رصفه غير مرة حيث استخدمت الحجارة بالفناء من الجهات الشمالية والجنوبية والغربية ثلاثة أروقة على امتداد الجدران الخارجية .
- الرواق الشمالي : يمـتـد على طـول الجدار الشمالي للفناء ، ويبلـغ عرضه باتجاه الفناء ( 2.65 م ) ، وكان سقفه محمولاً على أثنى عشر عموداً مستطيلة الشكل ومقسم إلى ثلاثة أجزاء، الجزء الأول يقع شرق البوابة الشمالية ، ويتكون من ثلاثة أعمدة ، والجزء الثاني إلى الغرب من البوابة ، ويتكون من سبعة أعمدة ، والجزء الثالث يقع إلى الغرب من الجزء الثاني ومفصول عنه بجدار يمتد باتجاه الفناء ، ويتكون من عمودين وبشكل غرفة صغيرة ، ويرجح أنها مخصصة للاستخدام العام أو لأفراد معينين ، وجدار الرواق من الخارج فهو نفسه جدار الفناء مبنٍ بحجارة كلسية موضوعة فوق بعضها ، ويبلغ سمك الجدار ( 86 سم ) ، وما تبقى من ارتفاعه في المتوسط ( 2 م ) ، أما الواجهة الداخلية إلى الرواق المطلة على الفناء زخرفت بألواح رخامية ماعدا الركن الشمالي الشرقي مغطى بطبقة من القصارة ، وقد استخدمت الألواح الرخامية في تغطية الجدار المبني من الداخل بحجر بركاني أسود ، وهي مزخرفة برسومات الوعول والأشكال! الهندسية في الأعلى والجوانب ، وقد ترك باقي أسفل اللوح دون زخرفة ، والمرجح أن هذه الألواح كانت تستخدم كمساند ظهر عند جلوس المتعبدين على المصاطب في الرواق ، وعلى طول الرواق تمد مصاطب من الرخام الأبيض المائل للخضرة تستخدم للجلوس ، يبلغ سمك المصطبة ( 46 سم ) وارتفاعها ( 43 سم ) ، ويرقى إلى هذا الرواق بواسطة سلم مكون من درجتين ، يمتد بطول الرواق من الشرق إلى الغرب ، وقد عُثر على بلاطات وعوارض حجرية تدل على أن هذا الرواق والأروقة الأخرى كانت مسقوفة ، وفي فترة متأخرة من بناء المعبد بنيت جدران بين الأعمدة خاصة في الركن الشمالي الشرقي بالإضافة إلى جدران أخرى خارج جدار الفناء مما أدى إلى تشكيل غرف مربعة صغيرة ، ويظهر من البناء العشوائي لتلك الجدران أنها تعود إلى فترة متأخرة جداً من بناء الأروقة ، وقد استخدمت لأغراض غير الطقوس الدينية ، كمخازن أو مأوى .
- الرواق الجنوبي : يمتد على طول الجدار الجنوبي للفناء وسقفه محمول على أحد عشر عموداً وهو مقسم إلى جزأين بفعل البوابة التي تفتح في جدار الفناء ، ويبلـغ عرضه باتجاه الفناء ( 2.24 م ) ، وقد عُثر على لوح رخامي استخدم في تغطية واجهة الجدار المطلة على الفناء عليه نقش بخط المسند يذكر اسم شخص من بني عنتن تقدم للإله المقة بهذا الجزء من البناء ، وقد أرخ هذا الجزء إلى نهاية القرن السادس وبداية ( القرن الخامس ق . م ) ولم يبق من أعمدة هذا الرواق سوى ثلاثة أعمدة في الركن الجنوبي الشرقي .
- الرواق الغربي : يمتد على طول الجدار الغربي للفناء ، وقد كان سـقـفـه محولاً عـلى ستة عشر عموداً وهو مقسم إلى جزأين بفعل البوابة التي تقع في منتصف الضلع الغربي للفناء ، ويبلغ عرضه باتجاه الفناء ( 2.50 م ) ، وما تبقى من ارتفاعه ( 2.35 م ) ، ولم يعثر على أي من أعمدة هذا الرواق وتمتد مصاطب الرخام على طول الرواق ويرقى إليه من الفناء بواسطة سلم مكون من درجتين يمتد بطوله من الشمال إلى الجنوب ويشمل اغلب مسافة الجهة الشرقية من الفناء ( الهيكل ) ، وقد أدى ذلك تقسيم الجهة الشرقية من الفناء إلى جزأين ، يتكون كل منهما من ثلاثة أعمدة ، ومستوى الأروقة الحالي كان نتيجة لإضافات وتغييرات في البناء الأصلي بسبب ارتفاع مستوى الترسبات الطمثية في الفناء ، مما أدى إلى إضافة السلم المكون من درجتين على طول الأروقة ، وقد تميزت هذه الفترة بغزارة التقدمات للإله وغناها حيث شكل الرخام نسبة كبيرة منها ، كما ذكر أن الكتل الرخامية المستطيلة التي استخدمت كمصاطب للجلوس مجوفـة من الداخل ، وعثر في التجاويف على بقايا عظام حيوانية لماعز ، وقد توائم وضع تلك العظام مع إنشاء الأروقة والفناء ، ويبلغ متوسط عرض أعمدة الأروقة المستطيلة الشكل ( 42 سم ) ، ومتوسط سمكها ( 32 م ) ، ويتكون الفناء من منشآت هي : بناءان مستطيلان بنيا من الحجارة المستطيلة الشكل والمصقولة بشكل ناعم في الركنين الجنوبي الغربي والشمالي الغربي من الفناء ، وهذا البناء مصمت حيث ملئ من الداخل بقطع مربعة الشكل من اللبن ، وهو يغطي جزءاً من نقش موجود في الرواق الجنوبي مما يدل على أنه بني في مرحلة متأخرة عن بناء الرواق ومن الواضح أنه ذو طابع ديني بسبب شكله الذي يشبه المنصة .
ثالثاً - البـئـر : من أهم المنشآت المعمارية في الفناء ، ويلقى الضوء على شعائر الاغتسال والتطهر التي كانت تتم في المعبد ، ويقع في الجهة الشمالية الشرقيـة مـن الفناء ، أمـا سـلـم المحرم ـ قدس الأقداس ـ ، والجزء الظاهر منه على مستوى سطح الأرض مستطيل الشكل بني بحجارة جيرية مشذبـة ، يبلغ طوله ( 3.33 م ) وعرضه ( 3.16 م ) وارتفاعه عن أرضية الفناء ( 1.80 م ) ، والبناء مكون من خمسة مداميك ، المدماك العلوي منها نحت من حجر واحد بنفس طراز البناء على شكل حوض ذي حواف مرتفعة عن مستوى ظهر الحجر بمقدار ( 4 سم ) ، وفي وسط هذا الحجر نحتت فتحة البئر على شكل مربع طول ضلعه ( 78 سم ) ، ومن الضلع الجنوبي من الحوض يبرز ميزاب على شكل رأس ثور بمقدار ( 20 سم ) ، حفرت في ظهره قناة لمرور المياه طولها ( 25 سم ) وعرضها ( 20 سم ) وعمقها ( 3 سم ) ، ويصب هذا الميزاب في حوض آخر أسفل الحوض العلوي ، وهو مكون من حجر واحد يبلغ طوله ( 2.! 58 م ) وعرضه ( 73 سم ) ، ويبرز في ضلعه الجنوبي ميزاب على شكل رأس ثور يشبه ميزاب الحوض العلوي ، ويبلغ طوله ( 33 سم ) ، حفرت على ظهره قناة تشبه القناة الموجودة في الحوض العلوي يبلغ طولها ( 40 سم ) وعرضها ( 9 سم ) وعمقها ( 6 سم ) ، ويصب هذا الميزاب في حوض ثالث أسفل الحوض الثاني ، وموضوع على أرضية الفناء مباشرة ، وهو مقطوع من حجر واحد مستطيل الشكل ، ويبلغ طوله ( 2.94 م ) وعرضه ( 45 سم ) وعمقه ( 25 سم ) ، ومن الضلع الغربي للحوض توجد فتحة دائرية يبلغ قطرها ( 5 سم ) يمر من خلالها الماء ويصب في أرضية الفناء إلى خارج المعبد أما الجهة الداخلية للبئر فقد بنيت بحجارة جيرية مشذبة ومصقولة بشكل ناعم جداً وموضوعة فوق بعضها دون استخدام أي رابط ، ويعود بناء البئر إلى الفترة السبئية القديمة والوسطى حسب ما تذكره بعض النقوش .
وإلى الشمال من البئر يوجد بناء مستطيل مكون من مدماكين من الحجارة الجيرية ، عثر بداخله على طبقات سميكة من الرماد ربما تكون من مخلفات الحرق للقرابين والأضاحي ، أو أن البناء قد استخدم لإحراق البخور لتوفير مصدر دائم للجمر في المعبد للوفاء بمتطلبات إحراق البخور ، ومما يرجح ذلك أنه تم العثور على بناء مشابه في معبد وعول صرواح المبني للإله ( المقة ) في مدينة صرواح ، ويشبه تصميم وشكل ومكونات هذا الفناء قاعة المدخل في معبد ( أوام ) .
رابعاً - الهـيـكـل : الهيكل يشغل أغلب مساحة الضلع الشرقي للفناء ، ويبرز عـنـه إلى خارج المعبد ، وهـو عـلـى شـكل منصـة مستطيلـة الشكل يبلغ طولها من الشرق إلى الغرب ( 23.25 م ) وعرضها من الشمال إلى الجنوب ( 17.12 م ) ، وترتفع عن أرضية الفناء بمقدار ثلاثة أمتار ، ومبنية من الحجر الجيري المشذب ، والأساسات بنيت من الحجر البركاني الأسود ، ويظهر البناء من الخارج متدرجاً ومكوناً من مستويين المستوى الأول وهو السفلي مكون من أربعة مداميك ، والمستوى العلوي يبدأ من المدماك الخامس وحجارته مشذبة بشكل مقعر ويرتد البناء من المدماك السادس إلى الداخل بمقدار ( 10 سم ) حتى يتناسب مع ارتفاع المنصة وهو المعبد الأصلي ، وهو يمثـل المرحـلـة الأقـدم فـي الـبـنـاء نـفـسـه ، ويـرجـع تـاريـخ الـهـيـكل إلـى ( القرنين السادس والخامس ق . م ) ، ويتم الصعود إلى هذه المنصة عن طريق سلم عريض شديد الانحدار في منتصف المصطبة وهو مبنٍ من ! الحجارة ، ويبلغ عرضه ( 4.70 م ) ، ومكون مـن ثمانيـة عشر درجة سـمك كل منهـا ( 20 سم ) ، ويحف هذا السلم من الجانبين جداران مبنيان من الحجر الجيري بشكل متدرج بما يتناسب والانحدار الشديد لدرج السلم ، وتوجد في الأعلى سـتـة أعمـدة مستطيلـة الشكل قطع كل واحد منها من حجر واحد ، يبلغ ارتفاع العمود ( 8.28 م ) ، ومتوسط العرض ( 87 سم ) ، ومتـوسـط السمك ( 62 سم ) ، ومتوسط المساحة بين كل عمودين ( 63 سم ) خمسة من تلك الأعمدة كاملة الارتفاع ، أما السادس وهو الموجود في نهاية الصف الشمالي ، فمكسور ، وعلى الضلع الشمالي يوجد نقش يذكر اسم المعبد ( برأن ) ؛ ولهذه الأعمدة تيجان منحوتة من نفس الحجر ، وهي مستطيلة الشكل ومزخرفة بحليات معمارية على شكل ـ إفريز مسنن ـ مكون من ثلاثة صفوف ، تدور حول تاج العمود من الصف العلوي ثلاث حليات مربعة ، ومن الصف الأوسط أربع حليات مربعة ، أما الصف السفلي فتوجد ثلاث حليات مربعة ، ويبلغ ارتفاع تاج العمود من أصل العمود نفسه ( 78 سم ) ، وعلى قمة العمود يوجد لسان حجري بارز من أصل العمود متوسـط طـولـه ( 16 سم ) ، عرضه ( 14 سم ) وارتفاعه ( 7 سم ) ، كل عمود على قاعدة حجرية! مستطيلة الشكل منفصلة عن قاعدة العمود الآخر ، يبلغ طولها ( 3,30 م ) وع رضـهـا ( 8 سم ) وسمكها ( 58 سم ) ، وتوجد خلف هذا الصف من الأعمدة حفر مستطيلة استخدمت كقواعد لأربعة أعمدة خلفية لم يعثر عليها ، وهي مرتفعة عن قواعد أعمدة الصف الأمامي بحوالي ( 60 سم ) ، وتبلغ المساحة بين صف الأعمدة الأمامي والخلفي ( 2.20 م ) ، والعمودان في وسط صف الأعمدة الخلفي مستطيل الشكل ، أما العمودان على طرفي الصف من الجانبين على شكل حرف [L ] بالإنجليزي ، وهما يشكلان بهواً مسقوفاً أمام الهيكل ، يتم الدخول إلى الهيكل من بين صفي الأعمدة الأمامية والخلفية إذ تشكل المسافات بين الأعمدة الأربعة الخلفية بوابة ذات ثلاثة مداخل لبهو المدخل من مميزات العمارة الدينية السبئية .
وخلف البوابة يوجد الهيكل ، وهو مستطيل الشكل مرصوف بحجارة جيرية مستطيلة الشكل ، وتوجد بقايا أعمدة كانت تشكل أروقة حول المنصة ، ومن الوسط يوجد بناء مستطيل مكون من مدماكين يبلغ طـولـه مـن الشرق إلى الغـرب ( 6.43 م ) وعرضـه مـن الشمال إلى الجنوب ( 4.33 م ) بداخله بلاطة حجرية مستطيلة وملساء في مؤخرتها حفرتان دائريتان يبلغ قطر كل منها ( 20 سم ) بعمق مقداره ( 3 سم ) ، وهما مناظرتان لحفرتين في مقدمة البلاطة الحجرية وهي عبارة عن قواعد لوضع تمثال حيواني من البرونز رمزاً للإله الذي بني له المعبد ، كما توجد أسفل المنصة غرفة بداخلها بقايا عظام تقع على طول المحور الأوسط للبوابة ، وقد استخدمت للدفن .
خامساً - الملحقات التابعة للمعبد : أهم الملحقات الخارجية التابعة للمعبد السور الذي يحيط المعبد على طول خلفيه الغربي والشمالي ، وقد بني من اللبن وتتخلله أربعة أبراج مبنية من الحجر الجيري المعاد استخدامه ، وأساس السور الطيني ليست بمستوى أساس جدران الفناء وإنما مرتفعة عنها ، وهو يمثل مراحل معمارية مختلفة ، وقد ألحقت الأبراج بالسور الطيني بعد بنائه بوقت طويل ، ووظيفة السور المبني من الطين اللبن ، والأبراج الخارجية الملحقة به قد استخدمت كحاجز لصد تراكم الترسبات الطمثية للأراضي الزراعية المحيطة بالمعبد حيث زاد ارتفاعها من مرحلة إلى أخرى وشكلت خطراً على المعبد ، وبناء السور قد مر بعدد من المراحل حتى وصل إلى الحال الذي هو عليه ، وفي آخر مرحلة تم بناء سلم من قمة السور يتم النزول منه إلى الفناء ، وقد استخدمت الفراغات الموجودة بين جدران السور والفناء لأغراض ثانوية متعددة مساعدة للطقوس الدينية مثل غرف للطبخ وعدد من الطوب والشقافات الفخارية في مرحلة متأخ! رة من تاريخ المعبد والمراحل المعمارية التي مر بها المعبد أربعة :
ـ الأولى : بناء الهيكل ـ المنعة ـ والبوابة التي تتقدمه إلى جانب السلم الموجود أمام تلك البوابة ، وترجع إلى ( القرنين السابع والسادس ق . م ) ، وفي نهاية هذه المرحلة بني الفناء بامتداده الأصلي ، والمرحلة الأولى من بناء البئر .
ـ الثانية : وفيها تمت تقوية المعبد بإضافة البرج الخارجي من الركن الجنوبي الغربي للفناء إضافة إلى درجات سلالم الأروقة .
ـ الثالثة : بداية بناء السور من اللبن تم ذلك في ( القرن الأول ق . م ) .
ـ الرابعة: إضافة الأبراج الخارجية للسور اللبني في القرنين الثالث والرابع الميلاديين حتى تم هجر المعبد نهائياً في النصف الثاني من القرن الرابع وبداية القرن الخامس الميلاديين بداية التخلي عن الديانة الفلكية واعتناق ديانات التوحيد .
سادساً ـ المواد : استخدمت عدة مواد في بنائه :
- الحجارة : استخدمت نوعان من الأحجار في بناء جدران المعبد وهي الحجر البركاني الأسود والتي استخدمت بشكل رئيسي في أساسات الجدران ، وأحجار أخرى وهي أحجار ـ البلق ـ ذات اللون الأبيض المائل للاصفرار وهي التي استخدمت في المداميك العليا للجدران والسلالم والأعمدة
- حجر الرخام : وهي التي استخدمت كبلاطات ولوحات لتغطية الواجهات الداخلية لجدران الفناء كما استخدمت كمصاطب للجلوس .
- اللبن : استخدم في شكل قوالب مربعة في بناء السور الخارجي .
- القضاض : (Plaster ) و هي التي استخدمت في تغطية الواجهات الداخلية لجدران الركنين الشمالي الشرقي والجنوبي الشرقي .
- تاريخ بناء المعبد : لقد مر المعبد بعدد من المراحل المعمارية يتبين ذلك من خلال النقوش التي عُثر عليها إذ تعود أقدم النقوش إلى عصر المكربيين أي إلى القرنين السادس والخامس قبل الميلاد ، والهيكل يمثل أقدم المراحل المعمارية التاريخية للمعبد أما الأروقة فترجع إلى عصر الملوك والذي يؤرخ لهم إلى قبل الميلاد " سمه على " ، وأمره ببناء الرواق الشمالي يرجع إلى القرنين الثالث والرابع قبل الميلاد ، أما بناء السور اللبني ومن خلال الترسبات الطمثية فيرجع هذا الجزء إلى القرن الأول قبل الميلاد ، والأبراج يرجع تاريخها إلى القرنين الثالث والرابع الميلاديين
5- محرم بلقيس ( معبد أوام ) :
محرم بلقيس
يقع هذا المعبد إلى الجنوب من مدينة مأرب القديمة على الضفة الجنوبية لوادي أذنة وهو بناء كبير وضخم ، تغطي الرمال معظم المنشأة المعمارية وبشكل كثيف .
تشير المصادر النقشية إلى أن تاريخ بناء هذا المعبد يعود على أقل تقدير إلى عهد المكرب السبئي" يدع إل ذرح بن سمه علي " ، وهو الذي حكم في القرن الثامن قبل الميلاد حيث ذكر في أحد نقوشه أنه قام بتسوير المعبد بحائط حجري .
أجرت المؤسسة الأمريكية لدراسة الإنسان تنقيبات جزئية في ساحة مبنى المعبد وجوار السور وفى مقبرة المعبد ، كان ذلك في موسمين من عامي ( 51 - 1952 م ) ، وترأس بعثة التنقيب الأثرية الأمريكي ( ويندل فليبس ) كشفت تلك التنقيبات عن مخطط المعبد ، يتكون المعبد من سور بيضاوي الشكل تقدر أبعاد المنطقة الواقعة داخله بـ ( 100 × 75 متراً ) ، وسمك جـدار السـور ما بين ( 3.90 متراً ) إلى ( 4.30 متراً ) ، ويوجد في الجهة الغربية منه فتحة في بناء السور اتساعها ( 88 سم ) ، وهذه الفتحة بمثابة باب في تلك الجهة بينما المدخل الرئيسي للمعبد في الجهة الشمالية الشرقية ، يتقدمه صف من ثمانية أعمدة حجرية يبلغ ارتفاعها بين ( 4.65 - 5.30 م ) شكلت فيما بينها وبين الجدار ساحة مستطيلة الشكل أبعادها ( 23.97 × 19.15 متراً ) ، ثم يأتي بعد ذلك ساحة أخرى في مبني المعبد يليها ساحة كبيرة مكشوفة تحيط بها أربعة أروقة تقوم أسقفها الحجرية على أعمدة حجرية .
وقد عثرت البعثة أثناء التنقيب على كثير من القطع الأثرية إلى جانب أرشيف كبير من النقوش المكتوبة على الأحجار ، ومن الآثار المكتشفة ـ مثلاً ـ تمثالان من البرونز غير مكتملين ، منهما تمثال لأسد ورأس ثور من البرونز ، شاهد قبر من الرخام ، اثنا عشر ثوراً من الرخام ، جزء من تمثال لحيوان نصفه لنسر ونصفه الآخر لأسد ، تمثالان صغيران من الطين ، تمثال لجمل ، خمسة عشر إناءاً فخارياً ، جزء من حوض من البرونز ، زراير من البرونز ، خنجر منقوش ، جانب من صندوق حجري ، تميمتان ، لؤلؤتان ، بقايا أثنى عشر مسماراً برونزياً .
وتبرهن الشواهد على أن المعبد قد تعرض للسلب والنهب بصورة مستمرة منذ أن هجر ، وقد كانت معظم جـدرانه الداخلية مغطاة بصفائح برونزية ربما كانت عليها كتابات وزخارف متنوعة لم
يبق من أثرها سوى بقايا المسامير التي كانت مثبتة بها في الجدران .
أما بالنسبة للنقوش فقد نشرت كثير من نقوش المعبد التي عثرت عليها البعثة والتي تعتبر أرشيفاً متكاملاً للكثير من الحوادث التاريخية منذ القرن الثامن قبل الميلاد وحتى القرن الثالث الميلادي تقريباً .
وقد عرف من خلال محتويات نقوش المعبد وآثاره أنه كان المعبد الرئيسي للإله ( المقة ) إله الدولة السبئية فهو يحتل مكانة متميزة بين بقية معابد هذا الإله سواءً المشيدة في مأرب وضواحيها أو تلك المشيدة في الهضبة في عمران وشبام ـ كوكبان وصنعاء …. وغيرها ، وتمثلت هــذه المكانة بدور المعبد القومي للإله ( المقة ) ـ الإله الرسمي للدولة السبئية ـ ، وكان رمزاً للسلطة الدينية في سبأ ، فقد كانت الشعوب والقبائل المنطوية تحت اتحاد قبائل مملكة سبأ ملزمة بتقديم القرابين والنذور للإله ( المقة ) سيد معبد ( أوام ) كتعبير عن خضوعها لولاية الدولة السبئية عليها .
وقد كان لهذا المعبد حجاً سنوياً يقام في شهر ( أبهي ) كانت القبائل والعشائر المنطوية تحت الولاية السبئية تحجه كطقس ديني ينم ـ أيضاً ـ عن تمسكها بوحدة قبائل مملكة سبأ ، ويـوجــد نقش في أراضي قبيلة ( سمعي ) التي كانت تمتد من شمال غرب صنعاء إلى أقصى شمالها الشرقي ، وهى قبيلة كانت تـضـم مـجـمـوعـة مـن الشـعـوب مـن بـيـنـهـا ( حاشد ، خولان ، همدان ... وغيرها ) ، وهو النقش الموسوم بـ ( RES . 4176 )! ، وفيه يأمر الإله ( تألب ريام ) إله قبيلة ( سمعي ) ـ شعوب القبيلة ـ في التوجه لأداء طقس الحج المقدس لإله سبأ ( المقة ) في معبده ( أوام ) في مأرب في شهر ( أبهي ) .
وهناك أيضاً طقس حج آخر هو الحج الفردي ، وهو الذي يتوجه فيه عباد الإله ( المقة ) إلى معبد ( أوام ) لأداء طقس الحج المقدس ، وهو طقس تختلف شعائره ومناسكه الدينية عن طقس الحج الجماعي ، وكان يقام هذا الطقس في شهر ( ذهوبس ) .
" تبرز النقوش النذرية والقرابين الكثيرة المقدمة في معبد ( أوام ) الدور الهام للمعبد باعتباره المكان المقدس الذي يتم فيه تلقي أوامر وتعليمات الإله ، وفيه يقدم الناس قرابينهم ونذورهم للإله ( المقة ) إيفاءاً لنذر سابق أو لغرض الحصول على طلبات تمس مختلف نواحي حياتهم مثل وفـرة
المحصول وكثرة الولد والصحة والعافية والسلامة ، والانتصار على الأعداء " .
ـ المقبرة : تحتل المقبرة الجانب الشرقي لسور المعبد حيث حظيت هذه المقبرة بأهمية خاصة كونها تضم قبوراً لشخصيات غير عادية ، فهناك بعض القبور تضم رفات كُهان كانوا يمارسون مهام الكهانة للإله ( المقة ) في نفس المعبد ، وهناك قبور أخرى تضم رفاة أشخاص ينتمون للأسرة الملكية الحاكمة في مأرب ويظهر ذلك بجلاء من خلال أسمائهم .
والمقبرة عبارة عن حجرتين ـ على الأقل ـ مدفونتين تحت مستوى سطح الأرض عملت في جدرانها دخلات لتوضع فيها الجثث وهي بأشكال صفوف عمودية يحتوي كل صف منها على أربعة مواضع .
والأحجار التي شيدت منها المقبرة نحتت بعناية فائقة مما أعطاها جمالاً رائعاً ؛ ولا غرابة في ذلك فالمقبرة تضم رفاة شخصيات هامة ، ومعظم قبور هذه المقبرة قد تعرضت للنهب والسلب في عصور مختلفة ، ويؤكد ذلك العثور على قطع أثرية في طبقات مختلفة أثناء التنقيب مما يعني أنها حولت من مواضعها الأصلية ، ومن تلك القطع الأثرية الجنائزية عثرت البعثة الأمريكية على قدم لثور صغير من البرونز وأربعة تماثيل لوجوه آدمية من الرخام ، وتمثال لثور من الرخام ودمية طينية صغيرة ، وأواني فخارية ، وخرزة ذهبية قطرها ( 1 سم ) وغيرها من الأثاث الجنائزي .
ب - الكنائس والجدران :-
تقع إلى الشمال الشرقي من مدينة مأرب ، وتبعد عنها نحو (120 كيلومتر ) ، الجدران والكنائس عبارة عن هضبتين تفصل بينهما مسافة بطول (10 كيلومترات ) تغطيها مقابر صخرية ، والمنطقة شهدت فترة ازدهار منذ عصور ما قبل التاريخ ، فالمقابر التي تنتشر على المساحة الفاصلة بين هضبتي الجدران والكنائس والتي تقدر( 10 كيلومترات ) وبأعداد هائلة ، تشير إلى استيطان واسع ، بنيت المقابر بأشكال إسطوانية مغطاة من أعلى بشكل قبة صغيرة من الأحجار غير المهذبة وأعدادها الكبيرة جداً مازالت مثار جدل لدى علماء عصور ما قبل التاريخ ، ولم يصل إلى تعليل واضح لها خاصة بسبب بعدها عن المستوطنات والحواضر القديمة أما مواقع العصور التاريخية ، خاصة العصر السبئي فهضبة الجدران تعتبر من أهم مواقع هذا العصر ، حيث استخرج منها السبئيون الرخام الأبيض والمرمر ، بمعنى أنها تعتبر واحدة من أهم مناجم الرخام ، وال! ذي نقل إلى معابد مملكة سبأ في مأرب وغيرها من مدن الدولة لاستخدامه في أغراض شتى ، منها صناعة التماثيل .
وإلى جانب موقع هضبة الجدران هناك ـ أيضاً ـ عدد من المواقع الآثرية في هضبة الكنائس، فهناك في الجهة الشرقية من الهضبة ثلاثة مواقع عبارة عن تلال مغطاة بالرمال ، وموقعان في سفح الهضبة ، تقع جميع هذه المواقع على خط مستقيم يتجه من الشرق إلى الغرب .
ج- البئر القديمة :
تقع إلى الغرب من مدينة مأرب القديمة ، على بعد نحو ( 6 كيلومترات ) على الخط الإسفلتي المؤدية إلى السد الجديد ( وادي أذنة ) ، على بعد ( 100 م ) يميناً منها ، وتعتبر طريقة بناء هذه البئر من أهم نماذج الآبار السبئية القديمة التي لازالت قائمة بكل محتوياتها .
ظفرت جوانب هذه البئر بالأحجار المهندمة وهي بشكل مربع تتكون كل واجهة من واجهاتها الأربعة من حجرة واحدة مستطيلة الشكل أبعادها ( 1.5 × 0.35 م ) فقط ترتبط بشكل يشبه التعشيق بالجهتين الأخرويتين ويصل عمق البئر إلى ( 35 متراً ) ، ويرتفع بناؤها عن مستوى سطح الأرض الزراعية المجاورة قرابة ( 1.5 م ) على تلة ترابية .
د - جبل البلق الجنوبي :-
لقد كان العلماء ولفترة طويلة يعتقدون أن النقوش التي وجدت مؤخراً في جبل البلق الجنوبي هي من ( صرواح ـ أرحب ) ، حيث حصل السيد (Glaser . E ) على صور لها مضغوطة على أوراق استنمباج ، قام بعملها بعض السكان الذين علمهم طريقة الحصول على صور مضغوطة على أوراق
استنمباج ، وسبب إعادتها إلى ( صرواح ـ أرحب ) هو ورود اسم لقبيلة قديمة كانت تعيش فيها .
ولكن في عقد السبعينات استطاع المستشرق الفرنسي ( كرستيان روبن ـ Robin . C ) العثور عليها في جبل البلق الجنوبي .
بدأ أول نشر لنقوش جبل البلق فـي سنة ( 1965 م ) ، وأول من نشرها كان المستشرق الروسي ( إبراهام لوندين ـ Lundin . A.G ) .
ـ تاريخ نقوش جبل البلق الجنوبي : تقدم نقوش جبل البلق الجنوبي معلومات قيمة عن بداية نشوء الكيان السياسي للدولة السبئية ، إذ تعود أقدمها إلى نهاية الألف الثاني قبل الميلاد ومطلع الألف الأول قبل الميلاد ، وتغطي تواريخها قرابة سبعة قرون ، كتبت جميعها على صخرة مسطحة في سفح الجبل .
ـ موضوع النقوش : سجل هذه النقوش مجموعة من الكهنة الذين كانوا يمارسون مهام الكهانة للإله ( عثتر ) ، وقد سجلوها بمناسبة انتهاء فترة كهانته التي كانت تمتد لمدة سبع سنوات كانوا يمارسون خلال هذه المدة عدة مهام إلى جانب دورهم الديني في المعبد ، حيث كانوا يشرفون على ري الأراضي بنظام توزيع دقيق للمياه ، كما يشرفون على توزيع الأراضي وملكياتها ، وهذه المهام جعلت عامة الناس يهتمون بهم حيث كان يؤرخ الملوك والعامة أحداثهم بأسماء هولاء الكهان ، والتي تستمر كما ذكرنا سابقاً مهام الكاهن لمدة سبع سنوات يتوارثونها بشكل متتالي ، فيؤرخ عامة الناس بالسنة الأولى والثانية …… وهكذا حتى السابعة من كهانة الكاهن الفلاني ، ولا يؤرخون بأسماء ملوك المملكة السبئية لأنهم لا يستمرون في مناصبهم مدة زمنية محددة كما هو الحال عند الكهان ومهام الكهان الدينية والإدارية مكنتهم من المشاركة السياسية ، في صنع القرار السياسي إلى جانب ملك الدولة ، ويلاحظ أن بعض الكهان سجلوا في نقوشهم أ! نهم كانوا يمثلون نواباً للملك في المناطق التي كانت تقع تحت سلطتهم .
واختيار الكاهن لم يكن عشوائياً أو بطريقة الانتخاب ولكن وفق نظام صارم ، حيث لابـد أن يكون منتمياً قبلياً إلى ثلاث عشائر كانت هي الوحيدة التي تقدم الكُهان للإله ( عثتر ) ، ثم لا بد من أن يكون ابناً بكراً ، ولا بد أن يختار له اسماً كهنوتياً من بين مجموعة أسماء محددة ، وأن تتم تربيته تربية كهنوتية خاصة ، وبذلك يصبح معداً ومرشحاً لمنصب الكهانة .
ـ أهمية نقوش جبل البلق الجنوبي : تتجلى أهميـة هـذه النقوش من أنها تغـطـي فترة ( سبعة قرون ) تبدأ من ( القرن الحادي عشر قبل الميلاد ) ، ويمكن من خلالها معرفة نظام الحكم في الدولة السبئية منذ نشأتها وحتى ( القرن السابع ) حيث كان يعتمد النظام على الحاكم الذي كان يحمل لقب مكرب وإلى جانبه الكاهن الذي كان يقوم بمجمل النشاطات الإدارية في الجهاز الإداري للدولة ، هذا من جانب ، ومن الجانب الآخر فهذه النقوش تقدم نموذجاً للحياة الاجتماعية والدينية والاقتصادية ، التي كانت تعيشها دولة سبأ خلال تلك الفترة .
ـ أهمية الموقـع : يمثل الموقع جواً طقوسياً شفافاً حيث تقع أسفل الصخرة التي كتبت عليها النقوش مقابر برجية كثيرة جداً تشابه تلك التي عُثر عليها في الثنية شرق مأرب ، وإلى جانب هذه المقابر هناك معبداً جنائزي مازالت جدرانه ترتفع قرابة متر ونصف .
أما المقابر فهي مقابر برجية مغطاة بسقف بشكل قبة كان يدفن فيها المتوفى بهيئة قرفصاء وإلى جواره الأثاث الجنائزي .
ومن أهم المواقع الأثرية المواقع التالية :
1 - معبد ودم ( ذو مسمعم ) : يقع في السفح الغربي لجبل البلق الشمالي في سهل ( رحب ) سمسرة والسمسرة كانت محطة للقوافل التجارية عند سفح سلسلة جبال ( البلق ) ، ويتم الوصول إليه من خلال طريق مأرب صرواح .
2- الإله ود ( ودم ) :- عُبد هذا الإله القديم في معظم الأراضي اليمنية القديمة ، ويرجح الدكتور محمد عبد القادر بافقيه ، أنه ربما المعبود الرسمي الأوساني ، حيث كان ملوك أوسان يعتبرون أولاد الإله ( ودم ) ، ثم ظهرت عبادته بعد ذلك في مناطق مختلفة من الأراضي اليمنية القديمة حيث أصبح يعرف من النقوش المعينية أنه الإله الرسمي لمملكة معين في الجوف ، ومعبود قبيلة مأذن التي كانت تستوطن حوض صنعاء .
3- معبد ( مسمعم ) : اكتشـف هــذا المعـبـد المستشرق الألماني ( يورجن شميت ) في
سنة ( 1979 م ) وهو معبد أقيم على ربوة صخرية تعلو الوادي الذي يقع إلى الغرب من جبل البلق الشمالي ، يفصل بينها وبين جبل البلق القبلي سهول بركانية مترامية الأطراف ، تشرف واجهة هذا المعبد على السهول البركانية مما جعله يبدو كأنه أقيم للسيطرة على ما حوله من أراضي خالية من العمران .
شيد هذا المعبد بشكل مستطيل ومازالت جدرانه الخارجية قائمة ، لم يتهدم منها سوى جزء بسيط من الأعلى ، وأجزاء من أطرافها عند الأركان ، أقيمت جدران المعبد على أساسات من أحجار مربعة كبيرة شيدت عليها الجـدران بأحجار مستطيلـة مهندمـة وهي من النـوع المعروف بـ ( البازلت ) ، بينما استخدم المعمار في الأركان الأربعة أحجاراً من الجرانيت تم نزعها من قبل الأيادي العابثة مؤخراً .
يقع مدخل المعبد في الجدار الجنوبي الغربي ، يرتكز على ستة أعمدة حجرية ، وينقسم مبنى المعبد من الداخل إلى فنـاء مستطيل تحيط بــه أربعة أروقة يستند سقفها على ( 28 عمـوداً ) ، ماعدا سقف الرواق الشمالي الشرقي الذي يستند على جدار يشرف على الفناء ، يتكون الرواق الشمالي الشرقي والذي يمثل قدس الأقداس بالنسبة للمبنى من ثلاث غرف بشكل مستقيم ، يتم الوصول إليها عبر ثلاثة أبواب منفصلة من الفناء .
- مقبرة المعبد : تقع مقبرة المعبد إلى الجنوب الغربي منه ، وتبعد عنه نحو ( 35 متراً ) وهي عبارة عن مقابر إسطوانية مبنية بأحجار بازلتية ، وهي بأعداد كثيرة .
ـ تاريخ بناء المعبد : لقد استنتج الآثاري الألماني ( يورجن شميت ) أن تاريخ بناء هذا المعبد يعود إلى ما قبل القرن الثامن قبل الميلاد ، حيث استنتج أن أسلوب ونمط بناء هذا المعبد يعد أقدم بكثير من أسلوب ونمط أسلوب بناء المعبد ( معربم ) في المساجد جنوب مأرب والذي يعود تاريخه إلى القرن الثامن قبل الميلاد ، ولكن المادة النقشية لاتساعد على التحقق من التاريخ الحقيقي لبــناء معبد ( مسمعم ) .
ـ نقوش المعبد :- يتحدث النقش الموسوم بـ (Schm / Sam1 ) ، عن بناء المعبد وأن الـذي بناه كان شخصاً يمارس مهام الكهانـة للإلـه الرسمي السبئي ( المقة ) فـي معـبـد ( ن ب س م ) الذي يحتمل أنه يقع في الأراضي فيما بين مأرب وصرواح .
ويبدو أن هذا الكاهن قد قام ببناء هذا المعبد بإيعاز من المكرب " يثع أمر/ بين / بن / سمه علي " مكرب سبأ الذي حكم في القرن الثامن قبل الميلاد ( 715 ق . م ) .
ويوجد إلى جانب هذا النقش ثلاثة نقوش أخرى تذكر تقديم قرابين للإله ( ود ) ، أهمها النقش الموسوم بـ (Schm / Sam2 ) الذي سجله أحد ملوك معين هو " وقه إل / صدق / بن اليفع " الذي حكم في سنة ( 360 ق . م ) ويثير هذا النقش عدة تساؤلات ، منها لماذا توجه هذا الملك المعيني إلى قلب الأراضي السبئية ليقدم تقدمة للإله ( ود ) على الرغم من وجود معابد له في أراضي مملكته .!
هـ - مستوطنة صوانا :-تقع إلى الجنوب من مدينة مأرب على بعد نحو ( 6 كيلومترات ) ، يحدها من الشمال جبل حمة حمد بن حزام ، ومن الجنوب جبل البلق الشرقي ، ومن الغرب جبل البلق الأوسط ، ومن الشرق رمال خل الحزمة ووادي النكهة الأسفل .
تبدو خرائب هذا الموقع في أشكال اكمات تتفاوت في أحجامها وارتفاعاتها تشكل في مجموعها موقعاً مستطيل الشكل أبعاده التقريبية ( 300 × 200 متر ) وتمتد كذلك مجموعة من الخرائب على سفوح جبلي البلق الشرقي والبلق الأوسط ، وقد كانت مباني هذه المستوطنة مشيدة بأحجار مختلفة ، ويلفت النظر في القسم الجنوبي من المستوطنة وجود أحجار كبيرة متناثرة على الأرض تتضمن بعضها نقوشاً بالخط المسند ، وهناك ـ أيضاً ـ كميات كبيرة من أحجار المرمر ـ البلق ـ مما يؤكد أن خرائب هذا الموقع هي خرائب لمعبد بالدرجة الأولى
ويؤكد هـذا الافتراض ما ادعته العالمة الألمانية السيدة ( Hofner . M ) ، بأنه يوجــد في هذا الموقع معبد هام للإله ( هـ و ب س ) كان يسمى معبد ( م ر ح ب م ) ، ولابد أن هذا المعبد كان يضاهي كثيراً معبد ( أوام ) محرم بلقيس معبد الإله ( المقة ) ، حيث كان هذا المعبد مخصصـــاً لمملكة ( أربعن ) التي تمثل القبيلة الثالثة إلى جانب قبيلة سبأ وقبيلة فيشان ، وهي القبائل الثلاث اللاتي شكلن باتحادهن دولة سبأ في مطلع الألف الأول قبل الميلاد ، ويمثل اتحادهن الديني بأن أصب! ح إله كل قبيلة يتخذ موضعاً معيناً في صيغ التوسل التي ترد في خواتيم النقوش ، حيث كان الإله ( عثتر ) هو الإله الخاص بقبيلة سبأ ، والإله ( المقة ) هـو إلـه قبيلة فيشان ، وأخيراً الإله ( هوبس ) إله قبيلة أربعن ، التي كانت تمثل قبل القرن السابع قبل الميلاد مملكة مستقلة لها ملكها الخاص ، فقد ذكرت النقوش القديمة أكثر من مرة عبارة ( م ل ك / أ ر ب ع ن ) ، وربمـا أن معبده ( م ر ح ب م ) هذا الذي كان قائماً هنا في صوانا هو المعبد الرئيسي للإله ( هوبس ) .