أجرت قناة«الحرة» يوم أمس الأول حواراً مع الأخ المهندس حيدر أبوبكر العطاس، رئيس وزراء أول حكومة عقب الوحدة فيما يلي ما جاء فيه: كيف تقرأ ما يحدث في الجنوب الآن (مظاهرات، اعتصامات، الصحافة ازدادت حدة في نقد المؤسسة السياسية في صنعاء)؟
- أولا: أود ان أوجه تحية لكل الذين يناضلون سلميا ويدافعون عن حقوقهم السياسية والمدنية، وما شاهدته وشاهده العالم كله في السابع من يوليو 2007م في ساحة الحرية في خورمكسر عدن هو اعتصام لمجاميع من المسرحين قسراً بعد 1994م وهو محصلة للسياسة التي انتهجتها صنعاء بعد ان انتصرت في حرب 1994م على الجنوب، وعملت بمو
جب هذه السياسة على التصفية الكاملة لكل الجنوب ممثلاً في مؤسساته المدنية والعسكرية والثقافية فهناك ما يزيد عن 60 ألفاً من الكوادر العسكرية والمدنية أخرجت للشارع قسراً وتشكل ما يسمى بحزب (خليك في البيت).
> عفوا .. للجنوب تحديداً؟
- التسريح القسري هو للجنوب ولمؤسسات الجنوب والهدف هو التصفية الكاملة لأي مؤسسة تابعة سابقاً قبل الوحدة لجمهورية اليمن الديمقراطية بكل كوادرها، ولهذا الجيش الكبير من الذين اعتصموا بساحة الحرية بخورمكسر بعدن كلهم شباب في مقتبل العمر سرحوا للشارع، وهذا منطق لا يُقبل إلا اذا كان الهدف فعلاً هو التصفية الكاملة وهذا على ما أعتقد هو السياسة المعتمدة في صنعاء، التصفية الكاملة للجنوب وللجنوبيين.
الجنوب دخل دولة الوحدة طواعية ويؤمن بالوحدة، ولكن وحدة المشاركة، وحدة التفاعل، وحدة اندماج المصالح وليست وحدة الاستبداد ووحدة الإقصاء من طرف على حساب الطرف الثاني، وما جرى هو تصفية كاملة لكل المؤسسات المدنية وحتى الاقتصادية في الجنوب والمطالب التي أعلنت في الاعتصامات وهي مطالبة المتقاعدين بحقوقهم هي جزء من المطالب العامة لاستعادة الحق، ومعالجة القضية الجنوبية هي القضية .. قضية الشعب.
> أنت توصف بمهندس الوحدة وتفاعلت مع البدايات أو ربما رسمت ملامح هذه الوحدة.. هل كانت لديكم قناعة كاملة في الجنوب بضرورة الوحدة مع الشمال أم كانت نتيجة لانعكاسات اقليمية ودولية وعالمية؟
- قضية الوحدة مطلب شعبي عام والحركة الوطنية في اليمن وفي الجنوب بالذات تبنت الوحدة اليمنية في إطار النهج العام لقضية الوحدة العربية، ورفعت الجبهة القومية شعار الوحدة اليمنة كما رفعت معظم التنظيمات السياسية التي كانت عاملة في ذلك الوقت قضية الوحدة اليمنية، ولكن سارت الأمور بعد الاستقلال بمنحى آخر واختلفت سياسات الشطرين فتباعدت قضية الوحدة عن التحقيق.
وبعد 1986م دفع الأخوة في صنعاء بطرح قضية الوحدة استغلالاً للظرف الناتج عن كارثة يناير 86م حين حصل خلاف كبير في إطار الحزب الحاكم والدولة الحاكمة في الجنوب وجزء كبير ممن كانوا في الجنوب سواء مدنيين أو عسكرييين لجأوا لصنعاء.
> هل لعب الخلاف دوراً في التوجه نحو الوحدة؟
- نعم لدى الشمال، واستغل الظرف، ولكن المؤسسة في الجنوب كانت غير مهيأة للوحدة وطرح الأخوة في صنعاء قضية الوحدة وأنا أذكر عندما توسط العقيد معمر القذافي في نوفمبر 1986م لمعالجة الاحتكاك بين الشمال والجنوب إثر أحداث يناير 86م والتقيت فخامة الأخ علي عبدالله صالح والعقيد القذافي في طرابلس وطرح موضوع الوحدة اليمنية وكان الهدف هو شق العصا بيننا وبين ليبيا على اعتبار أن الجنوب سيرفض الوحدة، فقمت بهجوم معاكس وقلت نحن نرحب بالوحدة ولكن بدلاً من قيام الوحدة بين الجنوب والشمال ونظرا لظروفنا الصعبة كلانا، نحن نقترح أن نبدأ بمشروع العقيد القذافي وهو اتحاد العرب الذي كان قد طرحه العقيد القذافي، والفكرة رحب بها القذافي وترك الفكرة المطروحة وراح يوزع علينا مشروع اتحاد العرب.
> هل كانت هناك ثقة أثناء الحوار متبادلة بين صنعاء وعدن على سبيل المثال ما قاله الأخ عبدالله بن حسين الأحمر صراحة في البرلمان ان الفرع يجب أن يعود للأصل .. هل كانت هناك نية صادقة فعلاً؟
- الجنوب كان لديه نية حقيقية لقضية الوحدة وأنا عضو من القيادة اليمنية في الجنوب، يمكن كانت هناك مثالية ومركزية في التعامل مع قضية الوحدة ولكن اتضح لنا بعد الوحدة أن الموقف يختلف تماما في صنعاء.
> هل كنتم تهربون من مشاكل محلية؟ وربما الوحدة ستحل ذلك؟
- هذا غير صحيح، فهناك البعض الذين كانوا يعتقدون أن الجنوب هرب للوحدة بسبب وضع المعسكر الاشتراكي.. المعسكر الاشتراكي وضعه كان معروفاً وعلاقة الجنوب معه معروفة وبالعكس كانت علاقة الجنوب طيبة منذ ما قبل 86م بدأت تتطور مع الأشقاء والمجتمع الدولي والعربي والإقليمي وعضو فاعل في كافة المؤسسات، أعني أن انهيار الاتحاد السوفيتي لم يكن هو السبب في الوحدة، ولكن هناك رغبة في إمكانية تحقيق الوحدة وطالما واتت الظروف بأنه فعلا ممكن تكون هناك وحدة مشاركة فأهلاً وسهلاً وعلى هذا الأساس .. وأعود قليلا لفكرة الوحدة التي طرحها الأخوان في صنعاء فلم يكن الطرح من قبل الجنوب، والطرح حقيقة كان من الأخوة في الشمال، والجنوب استقبلوا الطرح ورحبوا به وكان الطرح اتحاداً فيدرالياً وكانوا مركزين على وحدة الجيش والخارجية والمالية كبداية، والجنوب طرح رسمياً الكونفدرالية حتى لا نقدم على قضية الوحدة بشكل متسرع، وفشل الاجتماع في 30 نوفمبر 1989م في الصباح وفجأة عقد الأخوة علي سالم البيض، أمين عام الحزب وعلي عبدالله صالح الاجتماع واتفقا على إحالة موضوع الدستور الذي أنجز منذ عشر سنوات وأكثر للوحدة، وعليه تشكل بديلاً لقضية الوحدة أيام علي ناصر محمد، وانتقلوا بالموضوع إلى قضية الدستور وكان هناك نقلة كبيرة بهذا القرار الذي اتخذه أمين عام الحزب وفقد من اللجنة المركزية بعد تبني اللجنة المركزية وقف تبني الموضوع على أمل أن الفرصة تتاح لوحدة مشاركة وتعاون بين شطرين.
> يقال أن الرئيس الراحل صدام حسين لعب دورا في الوحدة وأنه لم يغفر للجنوبيين عدم دعمه في حربه ضد إيران .. كيف كان موقفه؟
- أنا ليس لدي تأكيدات صحيحة ولكن أستطيع أن أؤكد أنه كان هناك دور لصدام حسين في تعجيل الوحدة في مايو 1990م وكان الدور الذي لعبه مع علي عبدالله صالح إقناع علي سالم البيض بتعجيل الوحدة، وهو الأمر الذي لم يقل لنا مباشرة في القيادة سواء من الجنوب أو الشمال.
وأنا التقيت صدام بعد 86م قبل التفكير في قضية الوحدة وفعلا كانوا (زعلانين) من موقفنا ونحن كنا لا نؤيد أي عمل عسكري ضد أي بلد في معالجة القضايا سواء من العراق على إيران أو إيران على العراق، وهو نفس الموقف الذي وقفته القيادة في الثاني من أغسطس 90م عندما دخل العراق الكويت، وهو أول موقف يهز القيادة اليمنية حيث وضح أن هناك موقفين مختلفين فيها.
> هل كان الرئيس علي عبدالله صالح لم يفاجأ بالغزو؟
- والله لا أجزم بالموضوع لكنه كان خارج صنعاء، وهذا يدل أنه يتابع أمراً ما، ولكن أنا لا أجزم أنه كان يعلم وأنا كلفت بزيارة لصدام بعد الغزو قبيل الحرب عليه في محاولة لإقناعه بالعدول والانسحاب من الكويت.
> قيل أن موكبك تعرض لاعتداء بعد الوحدة في المرحلة الأولى.. حدثنا عن تجربتك الشخصية بعد الوحدة.
- بعد تحقيق الوحدة كان هناك أمل كبير وتفاؤل في بناء دولة حديثة يسودها النظام والقانون والدستور ولا يعلو عليهما شيء، ولكن فوجئنا أن هناك قوى متنفذة تدفع بإعاقة سيادة القانون والدستور في الشمال تحديداً ولا أجازف بهذه المسألة، وبدأ الاحتكاك وطرح الخلاف في مجلس الوزراء وبعض المؤسسات وفي ضوء ذلك طالبنا بوضع برنامج موحد لقيام دولة اليمن الموحد على برنامج الحكومة لسحب الحصير من تحت الذين يصطادون في المياه العكرة على أساس أن هناك خلافات سياسية بين المؤتمر والاشتراكي، وشكلت لجنة برئاسة سالم صالح محمد وعبدالعزيز عبدالغني وللأسف أحبطت ولم تقدم شيئا فاضطررت لتقديم مشروع للإصلاح السياسي والاقتصادي 1991م ولقي معارضة شديدة وكانت المعارضة على كلمة (الإصلاح) فعدلت إلى البرنامج الوطني والإصلاح السياسي وعدل كثير من هذا المشروع وقبلت التعديل، لكن بمجرد ما أقر البرنامج في 15 ديسمبر 1991م بدأت المعارضة الحقيقية وبدأت سلسلة الاغتيالات، وكان أول المستهدفين المرحوم عمر الجاوي الذي نجا من المحاولة وراح فيها زميله الحربي، وفعلاً بدأ الحوار الوطني ولم يعجب المؤتمر الحوار الوطني وقبلوا به على مضض وعندما عدت من أحد اجتماعات الحوار الوطني من عدن إلى صنعاء في نوفمبر 93م تم اعتراض موكبي عند مدخل صنعاء بشارع تعز من قبل أربعة أطقم عسكرية تحاور معهم قائد الحراسة المتقدم الموكب وكان هناك جدل فطلبت من سائق سيارتي التحرك حيث كانت توجد فجوة في الطريق، وتحركت بعدي سيارة الموكب وتلاها أفراد الأطقم تاركين مقدمة الموكب، ولم أتحرك إلا بعد أن أدركت أنهم يريدون افتعال مشكلة، ولم يطلق الرصاص لأننا لم نعط لهم فرصة.. الشاهد تلك الليلة أن هناك بلاغا بأن موكب رئيس الوزراء كان يتحرك بسرعة وهذا كلام غير صحيح.
وعندما اتصلت بمدير وكالة سبأ امتنع عن مصدر المعلومة، وسألت وزير الدفاع فقال إنه لم يعط أي تصريح وبعد الضغط على مدير وكالة سبأ عرفت المصدر وعرفت أنه خلف العملية .. الرئيس لم يتصل بي وجاء وزير الدفاع والنواب، واتصل بي بعد أن صدر بيان من عدن يحتج على ما حدث وطلب مني وقف البيان، وسحبته وقلت للأخوة في عدن إنني مسؤول عما حدث وتحملت الموضوع.. واليوم الثاني كان الاجتماع للجنة الحوار في صنعاء وتبنى الاجتماع إدانة ما حدث وعملوا خبر وتكرر اتصال الرئيس لطلب سحب الخبر وقلت «البارحة سحبت الخبر لأنه من عدن ومحسوب عليها، لكن الخبر هذا صادر من لجنة الحوار الممثل فيها المؤتمر الشعبي العام».
> من أكثر المتاعب التي واجهتك هي اقتراح لم يعجب القيادات في صنعاء وهو اقتراح ألاّ تعطى صلاحيات في الجيش أو المناصب العليا لأقارب الرئيس أو رئيس البرلمان أو رئيس الوزراء؟
- نعم هذه إحدى النقاط في وثيقة الحوار التي تبنيناها وفعلاً لم تعجب أحدا، والشهيد عمر الجاوي تكلم بالمفتوح وقال سيعلنون الحرب على هذه الوثيقة، وفعلاً أعلنت الحرب والوثيقة حددت الكثير من القضايا التي كان يفترض أن تحدد قبل إعلان الوحدة والتي تساهل بها قادة الحزب الاشتراكي.
> اندلعت الحرب وكنت في الولايات المتحدة ويقال أنك كنت تدرك أنها على مشارف الطريق؟
- بكل تأكيد، فلا أحد يعلم الغيب وأنا سافرت للعلاج بعد أن أنجزنا وثيقة الاتفاق ووقعت في الأردن، وبعد أن أجريت سلسلة من الاجتماعات لمجلس الوزراء لتحريك العملية وعقدت اجتماعاً في عدن وآخر في تعز وكنت أريد أن أسافر لصنعاء من تعز لكن تلك الليلة افتعلوا قضية مع لواء باصهيب المتمركز في ذمار على طريق الخط المؤدي لصنعاء ما منعني من الذهاب لصنعاء.
وقال أحدهم «أنت عملت برنامج الإصلاح زي الموس، لا قدرت تبلعه ولا بلعناه» فهم لا يريدون أحداً أن يتحاور معهم ويطرح القضايا بشكل صحيح فهم يريدون موقف عداء لأنهم مستعدون لقرار الحرب على الجنوب بينما لم يكن إقرار الجنوب به.
> ألم تكن هناك أصوات معتدلة في الشمال وإيجابية؟
- هناك أصوات إيجابية مثل يحيى المتوكل والإرياني وعبدالعزيز عبدالغني، لكن كثير منهم لا يستطيعون أن يبوحوا، ومجاهد أبو شوارب وأبو لحوم وكان من الممكن تجاوز الحرب لكنها كانت قراراً منذ اليوم الأول للوحدة انتقاماً من صنعاء للجنوب بسبب حروبها 72، 1979م.
> من ممول الحرب في الجنوب والقوات التي شاركت؟
- الجيش الجنوبي والميزانية الجنوبية وحصلت الجنوب على بعض المساعدات من كثير من الأصدقاء وكثير من الشخصيات الجنوبية.
> هل تواصلت مع الرئيس أثناء الحرب أو مع أي من القيادات؟
- أنا كنت تلك الفترة في (مايو كلينيك) أثناء ما بدأ اللواء الثالث في عمران يضرب ولم أكن أعرف بالموضوع، واتصل بي مساعد وزير الخارجية الأمريكي وقال لي إن هناك مشاكل في اليمن وطلب مني الاتصال لتهدئة الموقف وأعلمني بسفره. اتصلت بالرئيس وقال إن اللواء الثالث في عمران يريد أن يقوم بالانقلاب فقلت هل يعقل هذا الكلام لواء محاط بكل القوى! وطلبت إيقاف هذا العبث وكان للرئيس خطاب مسبق يوم 1994/4/27م تحدث فيه واستعرض أحد ملوك اليمن (كرب ايل وتر) واستعرض تمثالاً له وكان يدعو لعمل ضد الجنوب .. وفعلاً ضرب لواء عمران واتصلت بالبيض لتهدئة الوضع وقلت أين الحوار؟ فلم أجد استجابة وانتقل الوضع لتصفية الألوية الجنوبية المتمركزة في الشمال، وفي اليوم الرابع من الشهر الثاني بدأ الجنوب يرد لأنه ما كان لديه خيار الحرب وإلا لرد من أول يوم.
> القيادات العسكرية كانت في تواصل مع القيادة في الجنوب؟
- نعم لكن لم يكن قرار الحرب موجود، والحرب اخترقت القيادة السياسية والعسكرية قبل وبعد الوحدة، والقرار السياسي لم يتخذ من القيادة السياسية على أمل في أن تقوم صنعاء بإيقاف الحرب ضد اللواء الثالث والعودة للحوار والوثيقة.
> كيف تقرأ الواقع اليمني الحاصل؟
- للأسف الوحدة أتاحت فرصة كبيرة لليمن أن تبدأ دولة نظام وقانون يسود فيها الدستور وتفتح آفاق التنمية بشكل صحيح، لكن السياسة المتبعة سياسة إقصاء وهيمنة من قبل السلطة الحاكمة في صنعاء، جعلت الكثير من الأمور تتعثر ووضع اليمن كل يوم في زاوية وأزمة، سواء أزمة سياسية (التنظيمات الإرهابية) أو عسكرية مع (القبائل) ويصفى الناس بسبب تلك السياسة ووضع التعددية السلمية وتداول السلطة وهذا يناقض ما يقال.
> يقال إن فترة الرئيس علي عبدالله صالح هي أفضل فترة استقرار سياسي فلماذا يقع اللوم على القيادة السياسية؟
- لا، كل يتحمل نصيبه لكن القيادة السياسية مسئولة عن دفة الأمور، فبعد الوحدة حصلت مشاكل وانتصر علي عبدالله في الحرب، كان يمكن أن يفتح آفاق واسعة وبرنامج حقيقي لدمج الجنوب والاستفادة من قدرات الجنوب لبناء الدولة الحديثة لكنه ترك هذا كله وتمسك بسياسته التي حصرت السلطة بالقبيلة والعشيرة، وتناقض ذلك مع كل السياسات التي يطرحها (تعددية تداول سلمي للسلطة) ورأينا كيف جرت الأمور في الانتخابات الماضية، والتساؤل الذي قلته عن قرب نظام الدولة من نظام الإمام كقول تقوله المعارضة أنا اقول لك إن هذا الكلام مطروح من شخصيات دولية وكتاب وباحثين ومراكز بحوث دولية وصلت لذلك القول.
طرح قضية التوحيد، الإقصاء لكل القوى الوطنية، منع عجلة الديمقراطية من أخذ مداها الحقيقي بالإضافة للوضع الأمني والحروب القبلية وهي المنظم لها تبعاً لسياسة فرق تسد بدعم من الدولة كما في حرب صعدة وتنظيم الشباب المؤمن ضد السلفيين مع التعامل مع السلفيين.
> قلت مسبقاً «لو دفع الرئيس بابنه للسلطة في الانتخابات المقبلة فسيدفع باليمن لحرب أهلية».
- أنا مازلت أتعشم من الرئيس علي عبدالله خيراً وألاّ يفعلها فالإقدام يعني نسف ثورة 26 سبتمبر التي تبناها والتي قامت ضد الحكم الوراثي لتثبيت الجمهورية والتي راح في سبيلها الكثير من الشهداء، فإذا أقدم على ذلك فعلاً فإنه يضع اليمن في وضع يتطلب قيام ثورة ضد الثورة.
> هناك من يقول إن النظام لا بد أن يخرج السلطة من قبيلة سنحان أو هذا خلّف ربما صراعاً في قبيلة حاشد.
- هناك ندوة على قناة الجزيرة كانت عن المواطنة في اليمن، وكان المتحدثون باحثين من اليمن وهذا يوضح أن هناك تعصب من استمرار السلطة في هذه العائلة والقبيلة وقال أحد المتحدثين: السلطة ليست القبيلة التي تحكم لأن السلطة هي الأضعف في حاشد بل راح يقول إنها متحشدة أي أنها أخذت اسم القبيلة حاشد، وهذا كلام في الندوة وفعلاً المحاولة في بناء السلطة في القبيلة تتناقض مع الأهداف التي ناضل لأجلها شعبنا والإقدام عليها سيطيح أركان النظام.
> الرئيس في 2003م أصدر قرار العفو المسمى (الستة عشر) وأنت فيهم .. لماذا لم تقبل وأنت على اتصال بالرئيس؟
- نعم أنا على اتصال به ولكن أنا لا أقبل بقرار العفو لأن المسألة ليست في حد أدنى، المشكلة حصلت في اليمن وانتصر فيها طرف وشكل محكمة على هواه وأصدر أحكاماً على هواه، والمسألة التي أمام الرئيس هي معالجة قضية الجنوب في إطار معالجة القضية اليمنية عامة، وقضية الجنوب في مقدمتها، وإلغاء ما يسمى 7 يوليو ومحاولة دمج اليمن الجنوبي والشمالي في دولة مشاركة لا دولة إقصاء، وإيقاف الفساد وإيقاف نهب الأراضي التي نهبت بالكيلومترات.
> أعرف أن لك أرض أخذت.
- نعم أعطاني الرئيس أرض تم عليها بناء ناد للقوات البحرية، وأعتقد أن القضية ليست قضية شخصية أو قضية خمسة أو ستة، القضية قضية تحتاج معالجة لقضية الجنوب برمتها، فهؤلاء الذين خرجوا في ساحة العروض من الستين ألف يمثلون كادر الجنوب الذي عمل للوحدة طواعية ولم يضربه أحد على يده لعمل الوحدة وأخذ المسؤولية الحزب الاشتراكي، وأكبر خطأ ارتكبه الحزب أنه لم يستفت الشعب.
> لو تم الاستفتاء ماذا كان ليحدث؟
- لا أعتقد أن هناك وحدة، والحزب تفرد مع إيماننا بالوحدة التي هي مصدر قوة، وأنا في 1987م ذهبت لصنعاء لحضور الذكرى الـ 25 لثورة 26 سبتمبر ودار حديث مع الرئيس علي عبدالله صالح بحضور عبدالعزيز عبدالغني وعبدالكريم الإرياني وعدد من المسؤولين وفتح موضوع الوحدة وقلت حينها لا نكذب على أنفسنا ولا نتخذ خطوات سريعاً، وإذا نحن جادين يجب أن نضع برنامج سياسي اجتماعي واقتصادي وثقافي ولمدة خمس سنوات إذا نجحنا فيه معناه أننا سنوحد اليمن، وفعلاً أقرت هذه الفكرة وكلف وزيري الدولة بصياغة البرنامج لكن تم التراجع لأسباب لا مجال لذكرها الآن.
> هناك ملف كبير لم يفتح بعد.. هذا ما قلته هل فعلاً المسألة ليست شخصية؟
- نعم لو كانت شخصية لكنت عدت من البداية، فالرئيس اتصل بي مباشرة بعد حرب 94م وكنت في باريس حينها وتواصلنا واتصل عدة مرات، وأنا أقول إن المسألة ليست قضية الحزب الاشتراكي كما يقولون إنهم هزموا الاشتراكي بالحرب، فالمسألة شعب الجنوب بأسره فالاشتراكي ليسوا إلا 30 ألف من أبناء الجنوب، والشيخ عبدالله الأحمر قالها في أزمة 93م، وقلت أنتم تحاربون الجنوب والحزب الاشتراكي يافطة لكم، فجاءت كلمة من الشيخ عبدالله - الله يشفيه من مرضه- صح إن الفرع لا بد له من الأصل، وهذا كان يقال أيام الإمام في استرداد بعض أراضي الجنوب.
> لكن الشيخ عبدالله يصفك بمهندس الانفصال؟
- الشيخ عبدالله يعرف تماماً أنني أكثر التزاماً بالوحدة، ولكن أريد المعالجة لها، وكنت أقف أمام الرئيس وأمين عام الحزب وعندما انتقدت البيض في صحيفة «الشرق الأوسط» أعاد الرئيس نشر الموضوع في صحيفة «26 سبتمبر» وقلت له ليس هذا صحيحاً فأنا أقول رأيي عن قناعة وكان الهدف إحداث شرخ في داخل الحزب الاشتراكي وتعميق الأزمة فعندهم برنامج.
> كيف تقرأ مستقبل اليمن خلال الأعوام الخمسة القادمة؟
- والله اليمن عنده جملة من الملفات، عنده قضية الجنوب وقضية الديمقراطية والحروب القبلية والإرهاب إذا لم يتخذ الرئيس قراراً بإرادة سياسية شجاعة وقوية لمعالجة هذه الحلقات بصورة جذرية صحيحة فإن اليمن في طريقها للانزلاق إلى وضع لا نريد الوصول إليه.
> بما فيها هاجس الانفصال؟
- والله أنا أخاف ألاّ يكون الأمر قضية انفصال شمال وجنوب، هناك وضع آخر، أي أن تتشقق اليمن.. فالقبائل مسلحة وما يجري في صعدة هم يقولون إن صعدة تريد إقامة دولة، التي يسمونها دولة (الطبيلين) وهذا ما تقوله أجهزتهم.. فهناك قبائل مسلحة وقوى تصطاد في المياه العكرة وهناك تجارب في العالم كله وللأسف العالم كله والمنطقة العربية تغلي وأمام اليمن فرصة كبيرة جداً وأمام الرئيس قوى حية تريد أن تعالج، واللقاء المشترك يقوم بدور طيب وأرجو أن تكون هناك استجابة.
في الأربعاء 18 يوليو-تموز 2007 05:03:02 م