نتنياهو بين 50 ضيفاً دعاهم ترامب لحضور حفل تنصيبه.. تفاصيل إسرائيل تدخل معركة جديدة ..استهداف لأبناء قادة حماس في قطاع غزة أول دولة عربية تعلن عن عفو رئاسي يشمل نحو 2.5 ألف محكوم وسجين خليجي 26: البحرين أول المتأهلين بعد فوزها على العراق والمباراة القادمة أمام اليمن فرار عشرات الطلاب من أكاديمية حوثية للتعليم الطائفي في صنعاء .. سقوط بشار يربك محاضن المسيرة الطائفية عاجل: صدور قرار لرئيس مجلس القيادة وكيل أمانة العاصمة يدعو وسائل الإعلام لمواكبة معركة الحسم بروح وطنية موحدة شاهد الأهداف.. مباراة كبيرة لليمن رغم الخسارة من السعودية مصادر بريطانية تكشف كيف تهاوى مخطط تشكيل التوازنات الإقليمية بعد سقوط نظام الأسد وتبخر مشروع ثلاث دول سورية توجيه عاجل من مكتب الصحة بالعاصمة صنعاء برفع جاهزية المستشفيات وبنوك الدم وتجهيز سيارات الإسعاف
من الطبيعي أن تختلف كل ذائقة عن أخرى ، فهناك من أثنى على أغنية – وليست أنشودة – الشاب ( عمار جعدان ) المُسماة بـ لا تقول من كم ؟ و هناك من استنكر الألحان المُبالغ فيها كون البعض يُسميها أنشودة تُعنى بالأعراس ، لا اخفي إعجابي الشديد بالألحان و الأداء الذي ينم عن مُبدع ، لكني و من باب أنَّ لكل فعل هدف ، و لكل قول مغزى ، كما لكل عمل فنَّي رسالة ، يهدف أصحابه إيصاله لذهن المُستمع أو القارئ أو حتى المُشاهد ؛ سأقوم بقراءة الأغنية قراءة نقدية بسيطة مُركزاً على الفكرة و الرسالة التي همّ الشاعر و المُغنِّي إرسالها للمستمعين و مُحبين الفن البديل ، مُستنكراً هذه الرسالة التي انضوت تحت الوصف الغزلي تارة ، و ربط الأخلاق و الجمال بالسعر و المادة تارةً أخرى ..!
كانت كلمات الأغنية كالتالي :
لا تقول مِن كَم ؟ .. آلا يا ولد يا ولد لا تقول مِن كَم ؟
سَهل لو يغْرم ... آلا من شاف حالي يشِلِّه سَهل لو يِغْرم
حَالي حَلاه و أجمل .. ألا وَردة تِفتح و عِطره .. حَالي حَلا و أجمل .
يِسحر عِيون الناس .. ألا قُمري خَفيف الدّم يِسحِر عِيون الناس .
أهم شيء الأخلاق .. آلا دوّر عتلقى آمانة ، أهم شيء الأخلاق ..
كُله أدب ذواق .. آلا هذا المَليح أغِنمه .. أهم شيء الأخلاق .
ما عاد تشوف الهَم .. آلا و الصوت جا لك و غنّى ، ما عاد تشوف الهَم .
مِن صِدق ما تِندم .. آلا مَن شَلّ حَالي آمانة ، مِن صِدق ما يندم .
سامي القوام أخيل .. آلا الخِل مالت غصونه سامي القوام أخيل
كُل الخَجل عنده .. آلا يو و الرزانة ، أمانة دُرّي المبسم.
بدا من المفهوم العام للأغنية أنها أشارت بأن الفتاة إذا كانت ذات أخلاق فلا تُقدّر بثمن ، ولكن إذا ما تعمقنا كثيراً في الكلمات لوجدنا أن مُجرد سؤال ( لا تقول من كم ؟ ) يعني أن هناك رقم مُحدد يجب أن يكون ثمناً للفتاة صاحبة الأخلاق الطيبة ، و جملة ( سهل لو يغرم ) أشارت إلى أن القيمة أو الثمن باهظ و ليست كالمفهوم الذي فهمه البعض أن الفتاة صاحبة الأخلاق لا تُقدر بثمن ..! و ما أعنيه هنا أنه ثمة فرق بين ألّا تُقدر الفتاة الجميلة و صاحبة الأخلاق بثمن و بين أن يُحدد لها ثمن غالٍ ..!
زد على ذلك أن جملة ( أهم شيء الأخلاق ) قامت بعملية تمويه على الجزء الأكبر من الأغنية و هو التغزل في الوصف الجسدي ..! فقد بدأت الأغنية بالحث على اختيار صاحبة الأخلاق ، مروراً بالصوت و من ثم القوام ، و انتهت بالمبسم عندما قال ( دُري المبسم )..!
استأثر الوصف الغزلي في الأغنية بأكثر من النصف من كلماتها ، في حين كان الظاهر أن القصد هو أخلاق الفتاة و ليس جمال مفاتنها ..! و هذا ما طغى و شاع فهمه ..!
لا شك أن المرأة تنكح لأربع كما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : لمالها وحسبها و جمالها و لدينها ، لكن هذا لا يعني أنها إذا كانت جميلة و ذات أخلاق فلا بأس أن يكون سعرها مرتفع ، فقد كان صداق فاطمة الزهراء مُجرد درع وأباها سيد الخلق وهي خير نساء الأرض ..!
فمُجرد تسعير الفتاة يُعتبر إسفاف لشخص حواء و تقليل من شأنها ، لأن هذا الربط بين صفات المرأة و السعر ، يجعلها – المرأة - سلعة تُباع و تشترى ، فكلّما كانت مواصفاتها مُحسنة كانت أغلى و العكس ..!
عندما سمعت الأغنية لأول مره ، تراجعت بمخيلتي للمُسلسلات التاريخية التي تصوّر بعض تجار الجواري وهم يصيحون في الأسواق :
فتاة جميلة مُخلقة ..
تُغنّي لك و ترقص ..
لا تكن بخيلاً ..
ستسعدك ..
صدقني لن تندم ..!
اغنم الفرصة ، ولا تفكر في السعر ..!
انظر إلى جمالها ..
رشيقة القوام ..
جميلة الشفاه ..!
إلخ إلخ ..!
فمن كانت جميلة و هادئة و صاحبة أخلاق ؛ كان سعرها مرتفع ، في المُقابل من كانت غير جميلة ، فسعرها اقل ..! و كأنها جارية أو بقرة ( مع شديد احترامي للحوائيات )
بهذا الشكل كان صاحب الكلمات و المُغني قد اشتركا في التقليل من شأن حوّاء ، كما أهانا آدم- أيضاً – كونه شريك أساسي في هذه الصفقات التجارية .
في الأخير جاءت هذه الأغنية فقط لترسيخ مُعضلة غلاء المهور ( بالرغم من قناع الأخلاق فيها ) ، و في زمن قد هال أهله من كثر الفواحش بسبب عدم قدرة الشباب على الزواج ، بل في زمن ضاقت فيه صدور العوانس من جور وجشع آبائهن ، وهذا يعني أن الرسالة التي قدمتها الأغنية سلبية تماماً ، و الله من وراء القصد .
Hamdan_alaly@hotmail.com