علي ناصر محمد
بقلم/ الإستثمار
نشر منذ: 17 سنة و 7 أشهر
الأحد 27 مايو 2007 12:09 م

نشرت مجلة «الاستثمار» التي تصدر بالتنسيق مع الهيئة العامة للاستثمار في عددها (20) لشهر مايو 2007م حوارا مع الأخ علي ناصر محمد، الرئيس الأسبق رئيس المركز العربي للدراسات الاستراتيجية أجراه الزميل هاجع الجحافي فيما يلي نصه:

هو لا يتحدث عن واقع بلده بعقلية رئيس سابق له خبرة قيادية فحسب، بل بمنطق خبير استراتيجي يدير وا حدا من أهم مراكز الدراسات الاستراتيجية العربية، مضيفا بذلك قيمة علمية إلى أحاديثه التي يدرك جيدا كيف يزنها، مستندا بذلك على دراسات ومتابعات دائمة تجعله أكثر متابعة للأحداث واستيعابا لمجريات الداخل والخارج، بقدرة تشخيص جريء لا يتجاهل وصف المعالجات وبحصافة بالغة لا يتقنها إلا سياسي مخضرم.

الرئيس علي ناصر محمد ببساطته وسعة صدره وفي مقر المركز العربي للدراسات الاستراتيجية الذي يديره من دمشق، تحدث لـ«الاستثمار» عن استحقاقات مرحلة جديدة لا تحتمل الترحيل.. وبعيدا عن السياسة كان الهم الاقتصادي صلب الحديث.

< تطرح في الآونة الأخيرة قضية إدماج اليمن في الاقتصادات الخليجية .. كيف تنظرون إلى ذلك، وما الذي يفترض أن تقوم به اليمن إزاء ذلك؟

- تسعى دول الخليج لتأهيل اليمن اقتصادياً عبر اهتمامهم بإصلاح البنية التحتية وإقامة مشاريع عملاقة كخطوط سكك الحديد، ومحطات الكهرباء الغازية والنووية السلمية، وهذا يتطلب من الحكومة اليمنية أن تعمل على تفعيل القوانين وإعادة الاعتبار لقضاء نزيه وقوي يسترد هيبة الدولة، وان تعمل على إقامة قضاء تجاري ومؤسسات استثمارية فاعلة.

ومن الملاحظ أن اليمن لم تستفد من الفورة النفطية الخليجية الأولى في السبعينات، لكننا اليوم أمام فورة نفطية جديدة ، وهي فرصة نادرة يجب أن تعمل اليمن بكل وسعها للاستفادة منها خصوصاً فيما يتعلق بالعلاقات الطيبة مع الخليج في ضوء التوجهات الخليجية لضم اليمن إليها مستقبلاً .

< خلال ابريل الماضي عقد في صنعاء مؤتمر استكشاف فرص الاستثمار .. ما تقييمكم لنتائج هذا المؤتمر ، وكيف يمكن لليمن أن تصبح بيئة جاذبة للاستثمار؟

- يمكننا تثمين نتائج المؤتمر التي أوصت بإعطاء تطمينات للمستثمرين بضمانات قانونية فاعلة ، ولكنني أرى أن الأمن والاستقرار وإبعاد النافذين والمتنفذين وحل قضايا الأراضي، وانتشار السلاح هي عوامل مساعدة لجذب الاستثمار، وإنني بهذه المناسبة اثني على قرار الحكومة بشأن إغلاق محلات بيع الأسلحة ، ووضع حد لتهريب السلاح لليمن والمنطقة، وأتمنى أن يكون تطبيقه فاعلاً بما يحقق الأمن والاستقرار للشعب اليمني.

< هناك توجهات لإقامة سوق للأوراق المالية .. هل تعتقدون أن اليمن مؤهلة لذلك ؟ وكيف يمكن لهذه السوق أن تنشأ ؟

- حول تجربة إقامة سوق للأوراق المالية ، لقد سبقتنا دول عربية عديدة في الخليج ومصر ولبنان وغيرها إلى إقامة أسواق للأوراق المالية بكل سلبياتها وايجابياتها ونجاحاتها وإخفاقاتها، وبات من الضروري إيجاد قانون تنظيم للأوراق المالية تماشياً مع متطلبات الاقتصاد الجديد على أن يدعم بدمج للبنوك وإقامة شركات مساهمة مفتوحة للشعب، وتشجيع الفرص الاستثمارية وإيجاد البيئة القانونية المناسبة لتدفق الاستثمارات الخارجية، والعمل على قيام تكتلات مالية واقتصادية واستثمارية فاعلة تكون مقدمة لإقامة سوق الأوراق المالية.

< ما الذي ينقص اليمن من وجهة نظرك؟

- أظن أن ما ينقص اليمن الكثير، وفي مقدمة ذلك تفعيل القوانين وتطبيقها بشفافية على الجميع دون استثناء، ووضع خطط استراتيجية تنموية واقتصادية، والاهتمام بالبحث العلمي، ودعم مراكز البحث العلمي، والاهتمام بالإنسان، وتطوير مناهج التعليم بكافة مراحله ليلبي متطلبات التنمية وتأهيل القوى الفاعلة والعاملة في البلاد، كما أن اليمن بحاجة اليوم إلى مكافحة ومحاربة الفساد، ومكافحة أعمال الثأر ونزع السلاح الذي يجب أن يحل محله العدل والمساواة بين المواطنين، واستقلال القضاء وتعزيز الديمقراطية وإعطاء دور حقيقي لمؤسسات المجتمع المدني.

< كيف ينظر الرئيس علي ناصر محمد إلى ميناء عدن ، وكيف يمكن لمدينة عدن أن تتحول إلى منطقة حرة حقيقية؟ وهل هذه الفرصة مازالت قائمة في ظل منافسة الموانئ والدول المجاورة ؟

- اكتسبت عدن شهرتها التاريخية من أهمية موقع مينائها التجاري منذ بداية الألف الأول قبل الميلاد ، حيث كان حلقة وصل بين قارات العالم القديم، وقام اليمنيون القدماء بدور التاجر والوسيط التجاري بين إقليم البحر الأبيض المتوسط وجنوب شرق آسيا وشرق أفريقيا والعكس، وبذلك صارت عدن بمثابة القلب النابض لتنشيط حركة التجارة البحرية العالمية قديماً، وكان يعتبر في القرن الماضي رابع ميناء في العالم وقد تأثر بالتطورات التي شهدتها المنطقة وفي مقدمتها الانسحاب البريطاني من عدن وإغلاق قناة السويس وإقامة موانئ جديدة حول عدن أثرت سلبياً على ميناء عدن كجيبوتي وجدة وبعض دول الخليج، إلا أن الفرصة مازالت قائمة أمام ميناء عدن، لاستعادة دوره الهام كميناء تجاري دولي ومنطقة حرة حقيقية وذلك باتباع سياسات اقتصادية واقعية تجمع جهود القطاع الخاص والعام والمشترك ، لاستثمار الميناء واستقدام استثمارات أجنبية بإشراف الدولة وعبر تسهيلات استثمارية فاعلة.

< كيف تقرؤون الإجراءات والسياسات والتوجهات اليمنية حيال مكافحة الفساد وتفعيل القوانين وهيكلة الإدارة ؟

- هناك إجراءات اتخذت مؤخراً كتشكيل هيئة مكافحة الفساد وهيئة المزايدات والمناقصات، وإصدار مجموعة من القوانين والقرارات لتنظيم العمل المؤسساتي بما يتناسب مع متطلبات المرحلة الحالية ، وقد بدأت تقارير الشفافية العالمية تعيد تقييم الوضع الاقتصادي لليمن، وهنا لا بد من تطبيق الإجراءات الحكومية هذه بحزم ذلك أن الفساد قد أصبح ثقافة ومؤسسة وقد حان الوقت لتغيير هذا الواقع، وفي تقديري أن مثل هذه القرارات وحدها لا تكفي ما لم يرافق ذلك محاسبة المفسدين أياً كان موقعهم في السلطة، ليكونوا عبرة لهذا الطابور الكبير والواسع من المتورطين في الفساد والصفقات والعمولات، فقد أثر هذا الواقع على إقدام بعض المستثمرين العرب والأجانب للاستثمار في اليمن.

< باعتبارك من الشخصيات البارزة على مستوى الوطن العربي التي تدعم البحث العلمي .. كيف يمكن الاستفادة من البحث العلمي في خدمة التنمية في اليمن ؟ أو ما المطلوب لإيجاد مرتكزات حقيقية للبحث العلمي في بلادنا ؟

- البحث العلمي متخلف لم يأخذ دوره في حياتنا بعد ، فالحكومات لم تهتم بالمراكز العلمية ولم تأخذ دراساتها على محمل الجد ووضعها موضع التنفيذ والاستفادة من الآراء والأفكار التي تطرحها سواء الاقتصادية أم الاجتماعية أم السياسية والأمنية والعسكرية وغيرها من الدراسات، وأرى انه لابد أن تعطى أولوية لمراكز البحث التخصصية سواء في اليمن أو المنطقة العربية ، ومراكز الدراسات في الوطن العربي تعاني صعوبات مالية لا تسمح لها بأداء مهامها لخدمة الوطن والمواطن العربي، ولا بأس من أن يدخل القطاع الخاص في هذا المجال كما هو الحال في مصر التي يساعد القطاع الخاص في تمويل بعض مراكز الدراسات فيها، ومعروف أن الدول المتقدمة لديها مراكز متخصصة لإعداد الدراسات والتوصيات لأصحاب القرار، ولا تتخذ القرارات إلا إذا توفرت لها كل عوامل النجاح المبنية على الأسس العملية وهو يجنب أصحاب القرار من اتخاذ القرارات العشوائية وغير المدروسة والتي تدفع الشعوب والمؤسسات ثمنها.

< من وجهة نظركم كيف يمكن للقطاع الخاص أن يأخذ دوره الفاعل في النهوض الاقتصادي ؟

- أظن أن الدول الصناعية الكبرى قد وصلت إلى المرحلة الحالية مما يسمى بمجتمع الرفاه والاستهلاك بفضل التعاون بين القطاع الخاص والدولة التي انحصر دورها في الإشراف والمراقبة ، والقطاع الخاص في الدول الغربية إضافة إلى دوره التجاري والاستثماري أخذ يساهم في خلق فرص عمل جديدة، وفي اليمن اليوم يجري تشجيع القطاع الخاص على أن يكون تنافسياً وشريكاً لا احتكارياً ، والمهم ألا يكون واجهات لأفراد من المتنفذين من السلطة .

< ما هي أهم التحديات المستقبلية التي يجب أن تركز عليها اليمن ؟

- أهم التحديات المستقبلية التي تواجه اليمن هي تشجيع فرص الاستثمار وفتح الأسواق والدخول في منظمة التجارة العالمية ، وهذا يتطلب التركيز على جودة الإنتاج لتحسين موقع اليمن في المنافسة مع الآخرين ، وتطوير القوانين والأنظمة وسن التشريعات بما يتماشى مع العالم والعولمة.

< كيف يقدم الرئيس علي ناصر خلاصة تجربته للقارئ العزيز ؟

- خلاصة تجربتي عرضتها في مذكراتي التي آمل أن تنشر ليطلع المواطن على تجربة اليمن بسلبياتها وايجابياتها ولاستخلاص الدروس والعبر من هذه التجربة التي كانت مثار اهتمام العالم ، وقد تناولت في مذكراتي تجربة الانفتاح التي سماها البعض "بالبرويستريكا" العدنية والتي كانت من أولوياتها الاستجابة لمصالح الشعب وتطوير الاقتصاد والتنمية وتحقيق الأمن والاستقرار وإقامة علاقات مع البلدان المجاورة ومع العالم لخدمة الوطن والمواطن اليمني، ومع الأسف فإن البعض حالت مواقفهم الايديولوجية دون فهم هذه الخطوات وبعد ذلك راجعوا مواقفهم وتبنوا السياسة التي بدأناها حتى قيام الوحدة اليمنية.

< من خلال المركز ... ما هي خططكم المستقبلية وهل سيتم فتح فرع قوي وفاعل في اليمن ؟

- خطتي المستقبلية هي تفعيل أكبر للمركز ولفروعه والاستمرار في انجاز الدراسات والبحوث والندوات والمؤتمرات كما جاءت في خطط المركز الفصلية والسنوية ، ومن المؤسف أن المركز يواجه مشاكل مادية تمنعنا من تحقيق الأهداف الكبيرة التي قام من اجلها المركز عام 1995م ونأمل أن يجري التغلب عليها ليؤدي دوره على أكمل وجه .

أما فيما يتعلق بالمركز في اليمن الذي افتتح تحت رعاية الرئيس علي عبد الله صالح عام 1996م فهو بحاجة إلى دعم الحكومة والقطاع الخاص للقيام بتنفيذ الخطط الفصلية والسنوية التي كلف بتنفيذها في هذا العام والأعوام المقبلة .

< ماذا تنصح حكومة الدكتور علي مجور التي شكلت مؤخراً ؟

- اطلعت على برنامج الحكومة وتوجيهات الرئيس وارى أن الأمل يمكن أن يعقده المواطن اليمني على تنفيذ هذا البرنامج والتوجيهات لأنها في مصلحة التنمية وتعزيز الديمقراطية ، ونتمنى للدكتور علي مجور التوفيق والنجاح في قيادة الحكومة والتركيز على تنفيذ برامج التنمية التي تصب في مصلحة المواطن لان شعبنا يتطلع إلى الإصلاح العاجل في كافة المجالات وإلى الأمن والاستقرار والسلام في اليمن والمنطقة.

< هل لك أي كلمة أخيرة أو قضية تحب التطرق لها ؟

- كلمة أخيرة أتمنى لهذه المجلة التوفيق والازدهار في عملها والتوسع في إطار خدمة التنمية والاستثمار في اليمن وهي تعتبر مجلة رائدة في الاقتصاد اليمني . ونشكركم على هذه المبادرة ، ونتمنى لك التوفيق والنجاح في حياتكم الخاصة والعامة .

< ما الكلمة التي توجهونها لأبناء الشعب بمناسبة العيد الوطني 22 مايو ؟

- أتوجه لأبناء الشعب اليمني ولقيادته بمناسبة ذكرى العيد الوطني للوحدة بأطيب التمنيات راجياً أن تكلل جهود الرئيس علي عبد الله صالح وحكومته بالنجاح والتوفيق في خدمة مصالح الشعب اليمني وأمنه واستقـراره وازدهـاره وكـل عام وانتم بخير