المؤتمريون وموسم الهجرة إلى الحراك
بقلم/ باسم الشعبي
نشر منذ: 12 سنة و شهرين و 6 أيام
الأربعاء 29 أغسطس-آب 2012 11:50 ص

كان عدد من أعضاء وقيادات حزب المؤتمر الحاكم سابقًا - حاليًا شريك في الحكم – يغالون كثيرًا في حبهم لليمن والوحدة إلى درجة المزايدة المقرفة على الآخرين، واليوم بقدرة قادر وبفعل ثورة الشباب العظيمة التي أسقطت نظامهم الفاسد تحولوا دون أدنى قيم ولا مبادئ إلى انفصاليين من الدرجة الأولى بل ومحرضين وداعمين للحراك الجنوبي ونشر الفوضى داخله وفي الجنوب عامة؛ لا لشيء إلا لأنهم فقدوا السلطة ومصالحهم غير المشروعة التي كانوا يكسبونها على حساب قوت الشعب وعرقه وتضحياته من أجل حياة كريمة.

الكثير من هؤلاء ممن نعرفهم جيدًا، ومن المخبرين وكتاب التقارير وزوّار الفجر اللذين ارتكبوا كثيرًا من الحماقات بحق الوطن وبحق أبناء الشعب وأطلقوا كثيرًا من النعوت والأوصاف على من كان يخالفهم الرأي والموقف وصلت إلى درجة التخوين، نراهم اليوم يذهبون زرافات ووحدانًا إلى مهرجانات الحراك في ردفان والضالع ولحج وغيرها من المحافظات، وينشئون الوسائل الإعلامية لتغطية فعالياته ونشاطات بعض المتطرفين فيه نكاية بثورة الشباب وأحزاب اللقاء المشترك ومشروعهما الوطني.

شيء مثير للسخرية والشفقة وسقوط ما بعده سقوط. لقد تحول «المخلوع» وعصابته إلى انفصاليين من الدرجة الأولى ومحرضين وداعمين على تمزيق البلاد وإثارة الفوضى والنعرات المناطقية وتغذية العنف باستخدام وسائل وأدوات عديدة من أتباعه وموالوه من المتشددين الدينين إلى الموظفين السابقين إلى المخبرين من الداخل وبعضهم يتم جلبهم من (الخارج) إلى داخل الحراك ولأن الشعب في الجنوب عاطفيًا فإنه لا يتردد في الترحيب بهم «حيا بهم حيا بهم» ولا أدري إن كانوا يعلمون أو لا يعلمون أن هؤلاء أشبه ببضاعة فاسدة وكاسدة لطالما كانت سببًا فيما وصلوا إليه من ظلم وقهر واستبداد.

لم يكفِ الحراك ما حدث له من تشتت وتمزق بسبب التسابق على الزعامات وإنشاء الكيانات الوهمية في عملية هدم كبيرة للفكرة الثورية التي بني عليها، ساهم الكثير من قياداته في هذه العملية غير النبيلة حتى وصل الحراك في الأيام الأخيرة إلى ما يشبه الحمل الوديع؛ تحديدًا قبل بدء ثورة الشباب بشهور كان الحراك في حالة يرثى لها من التخبط والفوضى في داخله، فجاءت ثورة الشباب إنقاذًا له بهدف ترميم التشوهات التي لحقت به بسبب التطرف والانتهازية والإقصاء التي مارسها البعض داخله بقصد أو بغير قصد، المهم أن ما حدث قضى تمامًا على الفكرة الثورية النبيلة محولًا الحراك إلى أشبه بماراثون صراع وسباق وحالة نزق وطيش لم يشهد لها مثيل.

ثورة الشباب في هذه الأثناء جاءت لتحرر الحراك وترمم فكرته وتعيد صيانته وصياغته بما يلبي تطلعات الشعب في الجنوب تجاه ثورته وتجاه قضيته العادلة ولتحمله معها في إطار مشروعها الوطني الكبير، إلا أن كثيرين رءوا في ذلك مؤامرة وخيانة على الحراك والقضية الجنوبية حتى أن أحد قياداته قال في رسالة هاتفية «ثورة الشباب هدفها إسقاط النظام في صنعاء والحراك في الجنوب»، تكشف هذه الجملة ضحالة تفكير هذا الشخص الذي ربط النظام والحراك برابط عضوي كما لو كانوا يستمدون وجودهم من تحالفهم معًا ضد ثورة الشباب، وأن سقوط أحدهم يعني سقوط الآخر. بالمناسبة ما زلت احتفظ بالرسالة (الفضيحة) في هاتفي حتى اليوم للذكرى والتأمل.

ما نشاهده اليوم داخل الحراك, مع احترامي وتقديري للكثير من أنصاره وقياداته, لا يخدم القضية الجنوبية؛ إذ أن التطرف والذهاب نحو العنف كما يروج له البعض وتدفع إليه بعض القوى القادمة من داخل النظام الساقط، قد تصيب الحراك في مقتل ويخسر بسببها رصيده النضالي السلمي على مدى الخمس السنوات الماضية، والذي مثّل ملهمًا عظيمًا للثورات العربية بدون جدال أو نقاش، ناهيك عن وجود تلميحات بإدراجه دوليًا ضمن الحركات المتطرفة والمتمردة في حال انزلق نحو العنف, وبهذا سيخسر الحراك كثيرًا وستضعف مطالبه ومشروعية قضيته محليًا وإقليميًا ودوليًا.

احذروا المتساقطين والمتطرفين؛ إنهم يشوهون نضالكم ويتاجرون بقضيتكم وينثرون من تضحياتكم النبيلة ودماءكم الزكية تحت مبرر «التكتيك» أو غيرها من المبررات الواهية، مع العلم أن ثورة الشباب التي أسقطت النظام لم تسقط الحراك بل سعت إلى إظهار قضيته للعالم وبقوة، وأتاحت الفرصة أمام قياداته وأنصاره لعقد المؤتمرات والندوات وبحرية في الداخل والخارج وعودة العديد من القيادات المنفية.

لقد فتحت ثورة الشباب نافذة أمل للحراك وأنصاره ولكل اليمنيين على امتداد الوطن اليمني الكبير في استعادة الدولة اليمنية من خاطفيها وإعادة صياغتها بما يلبي تطلعات الجميع في الشراكة والعدالة والمواطنة والعيش الكريم.

إنه نضال مرير وعظيم مع الكلمة والفكرة أنتج هذه الثورة العظيمة الممتدة من الجنوب إلى الشمال, وقبلها ثورة الحراك التي مثلت امتدادًا طبيعيًا لثورة الشباب السلمية الشعبية.

إنه تاريخ مقدس من التضحيات والمغامرات في صناعة فجر جديد لكل اليمنيين ومستقبل طموح وزاهر بإذن الله, فلا تقتلوا الفكرة وتدمروا ما أنجزتموه بسبب نفر من المتطرفين المتساقطين فقدوا مصالحهم ورفعوا شعار «علي وعلى أعدائي», ولا تجعلوا الحراك ورقة في أيديهم لتحقيق مكاسب غير مشروعة أسقطها شعبنا اليمني بدماء زكية طاهرة وتضحيات جسيمة.

b.shabi10@gmail.com