المجلس الانتقالي الجديد والزفاف الثوري
بقلم/ جمال محمد الدويري
نشر منذ: 13 سنة و شهرين و 16 يوماً
السبت 20 أغسطس-آب 2011 09:41 ص

الخشية والخشوع توأمان في جسد الثورة ومع الاسف الشديد ان محسوبية تشكيل المجلس الانتقالي جاء مناهضا للأفكار الشعبية في الوسط العام لأنه قائم على شخصيات معروفة وتبين الامر للداخل والخارج ان الثورة اليمنية هي ثورة حزبية تتناصف المكاسب وتقدم الشباب الى مطحنة الرحى وقد تحولت الثورة من شرفها الى اشرافها ومن وجهتها الى وجهائها ومع هذا الشعب يريد مخرجا انسانيا يعيش فيها بأمنه واستقراره وقد مزقته الازمات منذ رحيل دولة الحمدي الذي قتل بايدي مشيخية وعسكرية ودعم خارجي

الان وفي خضم اعلان المجلس الانتقالي تأتي اشكالية المراضاة مع الجنوب اليماني واشكالية المقاسمة مع صعدة واشكالية المقاسمة مع الاحزاب القومية والاسلامية والمنظمات المدنية والقيادات الثورية وهي مشكلة تضر بالثورة وتمنعها عن وجهتها لصالح النظام السياسي ومما لا شك فيه ان فك الارتباط بين الشمال والجنوب له دعم امارتي سعودي خليجي من الحبيب الصديق قبل العدو اللدود لأن استغناء اليمن عن منح دول الجوار ليس من مصلحة النظم الإقليمية, وهو ما لم تتحرك فيه بوادر العقلية المستقبلية لخارطة الطريق المرسومة ثوريا وهنا برزت اشكالية الثورة اليمنية.

ان البيض الذي جعله الشعب املا وتوحد عليه شمالا وجنوبا اسقط وطنيته حينما اعلن الانفصال بدعم خليجي وممانعة امريكية مما يعني انتصرت الارادة الامريكية على الارادة الخليجية فزاد هذا من وحشية علي صالح واحرق الرجل الوحدوي الاول – البيض- لأنه فشل سياسيا وخسر بتابعيته لدول الخليج .

اليوم على صالح سينهزم سياسيا اذا اثبتت الثورة عبر مجلسها ان الثورة شعبية وقيادتها من القيادات البرجماتية قيادات تجيد اللعبة الديمقراطية والسياسية والاقتصادية على غرار التيار الاصلاحي في ايران والتيار الاسلامي في تركيا .. وهو بهذا المجلس المكون يؤكد ان القيادات أيدلوجية وما زالت ازمة الأيدلوجية اليمنية تعيش مرحلة المد القومي والصراعات البينية بين الاحزاب العقائدية والقومية بعد التحررات الشعبية من الاستعمار الأوروبي في النصف الثاني من القرن العشرين.

التطاحن السياسي يؤثر على الوضع الاقتصادي قابلا. وتشكيل وضعية المجلس الانتقالي جاء على غرار ذلك مما يعني افرازات العقلية التحررية القديمة تجددت في هيئته وشكله مما لا شك فيه ان ذلك سيؤثر على المسيرة الثورية.

وان تعيين المجلس جاء بدون ضمانات يجدها لما بعد الثورة و هو ما يعني ضمانات دولية لاي انقلاب يتخوف منه اعضاء الجنوب لا سيما ان القوة المشيخية والعسكرية في صنعاء تستطيع ان تحمي مصالحها ومكاسبها وتبقى الاحزاب السياسية المدنية رهينة الاستعطاف للمؤسسات العسكرية والمشيخية وهو ما تتخوف منه تعز والجنوب وخوفا من ان يتجدد التاريخ وتعود حكومة الماضي على دماء الثوار.

هنا يأتي دور المجلس الانتقالي في اثبات مدنيته واحترامه للمؤسسات المدنية والقانونية بضمانات حقيقية ولا أظنه يستطيع ذلك الا بوجود دعم دولي يضمن ذلك وهنا يجب عليهم ان يحسنوا الدور السياسي ويتركوا الكلمنجه الصحفية وان يرتقي العسكري والشيخ والثائر والحزبي الى مستوى المسئولية الوطنية.

اخطأت حسابات الاحزاب المعارضة و المشيخيات في ظهورها الاعلامي وممارسة الوصاية الثورية قبل ان تجد لها شخصا وطنيا معروفا يتحدث باسمها كشخصية الخميني وتواضعه علما وحنكة وذكاء اجتمعت عليه التيارات الاصلاحية والدنية واليسارية فانطلقت ثورتنا المجيدة جاهلة للمتغيرات الاقليمية والدولية والمحلية وحاولت ركب الموجة العربية دون قواعد اساسية ولم تزد الا انها استقطبت المنشدين والصحفيين عبر قنواتها وفشلت في معرفة الدور السياسي والكلمة الحرة

ما هو البديل لذلك؟

ان الجنوب سيعلن فك الارتباط لأنه ليس له قوة قبلية وعسكرية وحزبية قوية على غرار ما هو موجود في المناطق الشمالية وهنا يتطلب منا عدم تجاهل المعارضة اليمنية في الخارج مهما كانت توجهاتها والنظر في آرائهم ووضعها في ميزان العرف الوطني.

إن المناصب المقيدة ولو كانت رئاسة الجمهورية لن تحقق مؤسسة مدنية وهذا ما اثبته التاريخ من تقييد المناصب العامة قبليا وعسكريا وهو ما يعني ان اقناع الاطراف سيكون صعبا لان ذاكرة التاريخ تتجدد مع الظواهر السياسية ولا زالت التصفيات والاغتيالات القبلية تجد لها في الذاكرة اليمنية دورا اساسيا وهو ما وجده الجنوبيون اثناء الوحدة من عقبات قبلية ادت بعدها الى ازمة سياسية توجت بحرب الانفصال.

ان داء القبيلة هو المرض العضال وهو واقع محتوم بحكم التركيبة القبلية والاساس في هذا معالجة الوضع القبلي اولا ثم الحزبي ثانيا, والعسكري ثالثا,

ان السياسة الدولية تحتاج الى شخصيات كاريزمية لها ثقلها محليا واقليميا ودوليا هم متواجدون في الخارطة الوطنية ويحتاج ذلك الى ارادة ودراسة الابعاد.

تقليص عدد المجلس الثوري الى افراد معروفين وقادرين وفاعلين ومقبولين والابتعاد عن مشقة الزفة والكثرة, فإن العدد الكبير يمنع القرار الرشيد.

وودت لو اقترح ذلك من خلال استقراء الواقع الثوري والاجتماعي والاقليمي والدولي ولكن للاسف الشديد ما زالت الكلمة الحرة والمقال الحر يعاني من الاحكام المسبقة ودراسة التوجهات لكاتب المقال بمعنى انه لا زال رهين من ليس معنا فهو علينا.

وقد عاهدت ربي ووطني وشعبي ان اكتب نصا حرا حتى ولو كان مرا والله يتولى المتقين.