محمد علي أحمد: الحراك الجنوبي يعاني من التفريخ وممن يتشدق بالعاطفة
بقلم/ متابعات
نشر منذ: 12 سنة و 3 أشهر و 21 يوماً
الأربعاء 05 سبتمبر-أيلول 2012 04:18 م

حاورته الزميلة أضواء نجمي (*): محمد علي أحمد

- قلتم إن عودتكم إلى عدن تأتي استكمالًا لمخرجات مؤتمر القاهرة، هل كانت عودتكم بالتنسيق مع الرئيس عبدربه منصور هادي؟

بالفعل كانت عودتي إلى الوطن وإلى عدن الصمود والتاريخ هي لاستكمال مخرجات مؤتمر الجنوب الأول بالقاهرة وعقد اللقاء التأسيسي لمجلس التنسيق الأعلى لأبناء الجنوب. ولم تكن عودتي منسقة مع فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي, ولكن عندما كنّا بالخارج كنا متأثرين بأجواء مختلفة عن أجواء واقع الداخل وبعد متابعات وتدقيق الأمور اكتشفنا أوضاعًا لم تكن في الحسبان؛ فالواقع غير بكثير عما كنا نتصوره, وأيضا التغيرات التي طرأت بالآونة الأخيرة؛ كمثل شبه إزالة للنظام السابق واعتراف المجتمع الدولي والإقليمي بقضية الجنوب, وعليه قمت بعقد لقاءات واجتماعات أكثر من 134 لقاءً واجتماعًا مع كل المكونات من قوى سياسية وأحزاب ومجالس ومكونات حراكية ومنضمات وهيئات المجتمع المدني وشيوخ وأعيان المحافظات, واطلعت على آرائهم ورؤاهم, ووجدنا فوارق بالرغبة وتحقيق الهدف, فالرغبة والعواطف شيء والواقع والرضا للمجتمع بتحقيق غايته شيء آخر, وبالتأكيد عونا إلى تحالف وطني توافقي جنوبي.

- منذ عودتكم إلى عدن لم تشاركوا في الفعاليات الجماهيرية للحراك الجنوبي، لماذا لم تنزلوا إلى الساحات؟

سبب عدم مشاركتنا في الفعاليات الجماهيرية للحراك الجنوبي كانت بسبب انشغالنا بما ذكرته أعلاه. فقد كرسنا كل وقتنا للقاءات والاجتماعات لكافة مكونات الجنوب وبكل شرائحه حرصًا منا على المساعدة على لملمة الصفوف وتوحيد الرأي والرؤى الوطنية ولم نكن نطمح بالظهور والنزول إلى الساحات والبحث وراء الزعامات وحب الذات وكسب عواطف الشعب الأبي بالشعارات التي لا تغني ولا تسمن من جوع, فشعبنا الأبي قد صنع مجده وأشعل ثورته بحراكه السلمي بنفسه كسب وتعاطف المجتمع الدولي وليس بسبب أي أحد من القيادات وهو الوحيد الذي يقرر دعوة أي شخص إلى ساحات نضاله السلمي.

- ما هو تقييمكم للحراك الجنوبي بعد خمس سنوات من الانطلاقة؟

تقييمنا للحراك الجنوبي لن يقتصر على عدد من الأسطر, فالكل يتمنى عودة الحراك إلى ما كان عليه بنضاله السلمي, فقد خرج الشعب كله بكافه فئاته وكانوا السباقين للنضال وإشعال الثورة بالصدور العارية برغم عدم توفر الإمكانيات ومنهم من لم يحمل قوت يومه وكانوا يزخروا بالشجاعة والبطولة مطالبين كل المجتمعات إنصافهم واستعاده دولتهم, وبالتالي قام النظام السابق بدفع الأموال الطائلة وشراء ذمم بعض أولئك المرتزقة الذين خلخلوا صفوف الحراك ومبادئه الوطنية وذهبوا إلى السعي وراء الزعامات وتسلق سلم المجد, والحمد لله لم يقدر النظام السابق أن يدمر وحدة الجنوبيين فقد رسخ وعمد في دمائهم مبدأ التصالح والتسامح والفضل للمخلصين للجنوب أرضًا وشعبًا.

- بعد عامين من اندلاع ثورة الاحتجاجات ضد نظام صالح، هل انعكس هذا على موقف الشارع الجنوبي من الوحدة؟

لم ينعكس موقف الشارع الجنوبي من الوحدة؛ لأن الثورة الاحتجاجية ضد نظام صالح في الشمال كانت للتغيير والسعي وراء مطالب حقوقية للشعب وإذا كان نظام صالح عادلًا وديمقراطيًا ولم يتمركز على الفساد لكان الشماليون متقبلين الوضع وكان الربيع العربي سيمر عليهم مرور الكرام, بينما الجنوبيون لهم قضية دولة سُلبت ونُهبت أرضهم وثرواتهم, وقضيتهم قضية عادلة وسياسية, فقد كان هناك مبدأ شراكة بين الشمال والجنوب وانتهى بعد اجتياح القوات الشمالية للجنوب في صيف عام 1994.

- برأيكم ماذا قدمت ثورة الشباب للقضية الجنوبية؟

لا أحد يستطيع أن ينكر ما قدمه الشباب للقضية الجنوبية؛ فهم الزخم الثوري لها, ودورهم دور أساسي في إيصال قضيتهم إلى المحافل الدولية وبتقديري الشخصي لا توجد ثورة بدون الكادر الشبابي.

- كيف تقرءون مستقبل الجنوب خلال الفترة القادمة؟

يرتكز مستقبل الجنوب على قدرة شعبنا بكافة شرائحه بالوصول إلى المرحلة النهائية لاستعادة دولته وذلك بالعمل الجماعي الموحد والأخذ بالرأي والرأي الآخر وتقديم التنازلات لبعضنا البعض وإدراك مفهوم التوعية وترك حب الذات والتمسك بالانفرادية؛ لكون قضية شعبنا قد وصلت إلى مرفئها الأخير, ومستقبل الجنوب إن شاء الله سيكون مبنيًا على الخير والرخاء والتقدم نحو مواكبة الدول التي كانت بالسابق لا توازي جنوبنا بالحرية والرقي والعدل والنظام.

- ما هي المشكلة الرئيسية التي يعاني منها الحراك الجنوبي؟

مشكلة ما يعانيه الحراك الجنوبي هي التفريخ بعدة مكونات والمضي قدمًا خلف أشخاص يتمتعون بنزعة السلطة والتمسك بقراراتهم حتى وإن كانت خاطئة ويتشدقون بالعاطفة وبالتالي يجرون شعبنا إلى التمزق نحو مكونات لا تزيد الطين إلا بلة, وهم يقفون وراء مشاريع لا تحمل رؤى ووثائق لاستعادة دولتنا, وكل المكونات الجنوبية هدفها واحد وهو استعادة دولة الجنوب, ولكن تعددت الطرق ومن لديه الرؤية والوثائق الناجحة لماذا لا نقف خلفه ما دمنا كلنا نسعى لهدف واحد؟

- كيف تفسر استمرار عمليات قتل وقمع الجنوبيين بعد سقوط نظام صالح؟

تفسير استمرار قتل وقمع الجنوبيين بعد سقوط نظام صالح هو جريمة بحد ذاتها ونحن لن نعفي أو نسامح من يرتكب مثل هذه الأعمال, وسيأتي يوم سيحاسب مرتكبو هذه الجرائم؛ فهم يدفعون ببعض خلاياهم المنفذة إلى استفزاز الشارع والشباب ليسهلوا عملية قمع التظاهرات السلمية وقتل الجنوبيين, وعلينا عدم الانجرار وراء بعض الأعمال الانفرادية ونرسي الأمن والأمان في مناطقنا في حالة تعمد الأجهزة الأمنية إخلال الأمن وبالتالي لن نسمح للإعلام الكاذب باتهام حراك الجنوب السلمي بالإرهاب؛ إذا حذا حذو ما أسس عليه من قبل بالتنسيق والإعلان عن فعالياته ومسيراته السلمية وشذب الأعمال التخريبية التي لا تخدم الجنوبيين بل تخدم النظام السابق وأعداء الجنوب.

- ما نظرتكم إلى الستة الأشهر الماضية من حكم الرئيس هادي؟

فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي جدير بالقيادة ويحتاج أن يلتف الجميع حوله وقد اتخذ قرارات إيجابية رغم صعوبة اتخاذها بسبب التركة الولاءات.

- إلى أي مدى يعوّل على الحوار الوطني المرتقب في حل القضية الجنوبية؟

تعودنا في كل الحوارات السابقة أن لا نطلع بنتيجة, لكننا نأمل أن ينجح الحوار الوطني في ضل أن تساق القضية الجنوبية نحو تقرير مصير أبناء الجنوب واستعادة دولتهم.

- تراهن عدد من القيادات الجنوبية على خيار الفيدرالية في حين صرح عدد كبير من القيادات السياسية الشمالية برفضهم هذا الخيار، فعلى ماذا يراهن من ينادي بالفيدرالية من الجنوبيين؟

خيار الفيدرالية كان في ظروف سابقة ما قبل التصعيد الثوري السلمية لقضيتنا والربيع العربي وقد عقد مؤتمر الجنوب الأول بالقاهرة تحت شعار «من أجل حق تقرير مصير أبناء الجنوب», وسيضل شعبنا متمسكًا بنضاله وبحق تقرير مصيره وباستعادة دولته وهذا هو رهان جماعه الفيدرالية.

- في مقابلته مع صحيفة «الأمناء», قال المهندس حيدر أبوبكر العطاس إن خط مؤتمر القاهرة هو الطريق الآمن لاستعادة الدولة, هل يعني هذا بأن الفيدرالية التي أقرها مؤتمر القاهرة هي انفصال ناعم؟

كان فكرة وعقد مؤتمر الجنوب الأول بالقاهرة بالأساس حسب ذلك الوقت الفكرة والطريقة السليمة لاستعادة دولة الجنوب عن طريق حق تقرير مصير أبناء الجنوب وكان الأجدر منكم تسميتها الانفصال العادل وليس الناعم.

- اتهمتكم بعض وسائل الإعلام بالوقوف وراء اعتقال السفير الحسني لدى عودته إلى عدن.. ما تعليقكم؟

لم تتناقل وسائل الإعلام هذا التعليق وإنما بثت هذه الأكاذيب في مواقع التواصل الاجتماعية كـ«فيس بوك» وتحت أسماء مستعارة, وبالنسبة للأخ أحمد عبدالله الحسني كنتُ سأكون من أوائل المستقبلين له بصفة شخصية, وقد علمنا أن هناك مذكرة باعتقاله وبالتالي تجنبنا نحن والعديد من المخلصين للوطن تلك العقبات حرصًا منا بعدم الانجرار إلى المهاترات المتربصة بنا وبشعبنا الأبي.

- إلى أي مدى كان لكم دور في معارك أبين الأخيرة وبالذات فيما يخص جانب اللجان الشعبية؟

الكل يعلم أن محافظة أبين قد مورس ضدها العديد من المؤامرات المدفوعة من النظام السابق بدءًا من تسليمها للإرهابين وما سمي بأنصار الشريعة إلى تدميرها اقتصاديًا وعمرانيًا وتاريخيًا, وبصفتي أحد أبناء محافظة أبين فمن واجبي أن أدافع عنها مثل أي شخص غيور على العرض والأرض, وللأسف لم تسنح لي الفرصة بالمشاركة والوقوف مع الأبطال الأشاوس الذين أدوا واجبهم ودورهم على أكمل وجه.

- باعتقادكم لماذا انسحبت الجماعات المسلحة من أبين بشكل سلس؟

كان انسحاب الجماعات المسلحة بسبب الضربات العنيفة التي تلقوها من الأبطال المدافعين على محافظتهم, ودائمًا في الحروب تجد المنتصر والخاسر, وقد لقنت اللجان الشعبية والقوات المسلحة والمشاركين في القتال درسًا قاسيًا للمرتزقة وبالتالي انهزموا وانسحبوا.

- كثرت في الآونة الأخيرة استغلال عبارات «الزمرة» و«الطغمة» لإحياء ماضي الصراعات الجنوبية.. هل تتوقع أن يقع الجنوبيون في الفخ مرة أخرى؟

تم اعتماد مبدأ التصالح والتسامح في نفوس كل الجنوبيين وبرغم محاولات النظام السابق البائسة بإثارة الفتنة بين الجنوبيين, فقد فشلت أمام قناعه الجنوبيين بهذا المبدأ العظيم الذي به نحيا أو نموت ولن يقع الجنوبيون في مثل هذه الفخ ثانيًا؛ فالمؤمن لا يلدغ من جحرٍ مرتين.

- إلى أين وصلت تحضيرات مؤتمر الحوار الجنوبي الجنوبي؟

شارفت اللجنة التحضيرية لمؤتمر التشاور والتوافق الجنوبي على الانتهاء حيث تم تشكيل لجان فرعية للجنة التحضير بصدد النزول إلى المحافظات الجنوبية وإطلاعهم على الرؤية الوطنية وميثاق الشرف وما خرجت به اللجنة التحضيرية لإعداد المؤتمر.

- هل وجدتم تجاوبًا من القيادات السياسية في صنعاء مع مخرجات مؤتمر القاهرة؟

البعض منهم كان متجاوبًا, والبعض الآخر كان مع أنصاف الحلول التي لا ترضينا.

- هل ستشاركون في الحوار الوطني في حال أقيم وفق الآليات التي تضمنها قرار إنشاء لجنته العليا والذي لا ينص على شرطكم بالتساوي في المقاعد بين شمال وجنوب؟

أعتقد أن الإجابة على هذا السؤال سابقة لأوانها, وقد سبق وأخبرتكم بأنه من الممكن أن تتغير الظروف وبالتالي لكل حدث حديث.

- ما الذي يمنع لقاء جماعة القاهرة مع جماعة بيروت وتنسيق القوى بينكم؟

لا يمنع لقائهم أي شيء, بل بالعكس قد التقت كل القيادات أكثر من مرة, وبخصوص التنسيق لا يختلف الكل حول الهدف كما سبق وأخبرتكم, وكل مكونات الجنوب تسعى لاستعادة الدولة ومن يجد المشروع يحمل الرؤية والوثائق الصحيحة المؤدية إلى استعادة الدولة يجب على الجميع الوقوف خلف حامل هذا المشروع لإنجاح هذه القضية الوطنية.

- من خلال تجربة عودتك إلى عدن, هل تدعو القيادات الجنوبية المهاجرة إلى العودة أم مواصلة النضال من الخارج؟

بالفعل نرغب بعودة كل القيادات الجنوبية ومواصلة النضال على أرض الواقع, ويجب علينا جميعًا مشاركة إخوتنا وأبنائنا همومهم ونواجه معهم الصعاب, فقد أشعل حراك الجنوب السلمي فتيل الثورة متمسكًا بنضاله السلمي في كل المحافظات, ويجب علينا أن نلتف جميعًا حوله وندعم ونرسي مبدأ الإخوة لنوحد صفوفنا ونواجه خصومنا وبالتالي سنحقق النجاح للقضية الجنوبية بأسرع من ما هو الحال عليه.

_______

(*) نقلًا عن جريدة «الأمناء» الأسبوعية الصادرة من مدينة عدن, 5/9/2012.