ما لا يعرفه العرب عن فوائد زيت الزيتون وعجائبه في جسم الإنسان الضالع: وفاة شابة ووالدتها غرقاً في حاجز مائي غلاء عالمي لأسعار الغذاء إلى أعلى مستوى ست مواجهات شرسة ضمن بطولة الدوري الإنجليزي الممتاز إستعدادات كأس الخليج.. لجنة الحكام باتحاد كأس الخليج العربي تجتمع على هامش قرعة خليجي 26 أول رد من المجلس الرئاسي لوزارة الدفاع السعودية بخصوص مقتل وإصابة جنود سعوديين بحضرموت تقرير: مليون يمني ألحقت بهم أمطار هذا العام أضراراً متفاوتة وضاعفت مخاطر الإصابة بالكوليرا ضبط عشرات الجرائم في تعز والضالع خلال أكتوبر حزب الإصلاح يتحدث لمكتب المبعوث الأممي عن مرتكزات وخطوات السلام وأولوية قصوى أكد عليها المسلمون في أميركا صوتوا لمرشح ثالث عقاباً لهاريس وترامب
الثلاثاء الماضي، الـ8 والنصف مساء، على بعد خطوات قليلة من الحرم المكي.
شاب يمني يدعى عمار، يبلغ من العمر 23 عاما، وهو موظف استقبال في أحد الفنادق المتاخمة للحرم، ومقيم بصورة غير قانونية، يصعد إلى غرفة في الطابق الـ16 من الفندق، وبصحبته فتاة جزائرية، تدعى سارة الخطيب، تبلغ من العمر 15 عاما، جاءت من فرنسا لأداء مناسك العمرة.
الثلاثاء الماضي، في ساعة متأخرة من الليلة نفسها، عثرت السلطات في الأراضي المقدسة على جثة سارة الخطيب في سطح الفندق المجاور.
لقد انتقيت هذه المعلومات البسيطة بعناية فائقة من بين ركام لا متناه من الروايات المتضاربة والمتسمة بالتحيز وانعدام الدقة. على أنني ظننت لوهلة أنه بمقدورنا النظر إلى هذه المعلومات الموجزة جدا باعتبارها إحدى أكثر المعطيات حيادا وموضوعية وكيف أنه يفترض بها ألا تثير حفيظة أي طرف من الأطراف.
لكنني عندما فكرت فيها مليا، توصلت إلى أن "العثور على فتاة جزائرية ميتة على سطح الفندق المجاور"، هو المعطى الوحيد الذي يكاد لا يستدعي اعتراض احد، طبعا إلى جانب البيانات الشخصية، مثل اسم عمار وعمره، واسم سارة الخطيب وجنسيتها المزدوجة، مع أن عمر الأخيرة لا يزال محط تضارب، فالصحف الجزائرية تميل إلى وضع الرقم 14 في خانة العمر للفتاة سارة، بينما تقول البيانات التي أدلى بها والدها بالتبني والذي كان برفقتها في مكة، أن سارة من مواليد 1995.
ربما أكثر من أي حادثة جنائية أخرى، تنطوي هذه القصة على عناصر إثارة وقدر هائل من التعقيد والغموض والرمزية. لقد أثارت سيلاً من التساؤلات. ناهيك عن أنها استحضرت مشاعر التعصب القومي وحتى شكوك ميتافيزيقية وتجديف ومقارنات ساذجة.
ما الذي حدث؟ وكيف حدث؟ من الفاعل؟ وكيف لهذا أن يحدث في البقعة الأقدس على وجه البسيطة بالنسبة للمسلمين؟
هل ينبغي أن يكون ثمة مجرم في هذه القصة، من هو؟ أهو الشاب اليمني عمار، أم زميله جلال، أم العمال الآسيويون؟ هل انتحرت الفتاة أم ألقيت عمدا من سطح البناية؟ هل اغتصبت أم وقعت في غرام عمار، أم أنها صغيرة على ان تغرم بأحدهم؟ هل أغواها أم أغوته هي، أم هي صغيرة على الإغواء؟ أكانت تحاول العبور إلى سطح الفندق المجاور لتفادي الانكشاف فتعثرت وسقطت، أم كانت تحاول الهرب من ذئبين بشريين؟
ماذا لو أسفرت التحقيقات عن أن الفتاة لم تتعرض للاغتصاب، وأنها ألقت بنفسها من أعلى البناية أو تعثرت وسقطت، أيظل عمار مجرما يستحق الشنق مثلما تطالب صحف الجزائر مهما كانت نتائج التحقيقات؟ بكلمات أخرى: هل عمار مذنب وقاتل لمجرد أنه أغوى فتاة "قاصر" أو أغوته؟ أيستحق الشنق لأن المراهقة لقيت حتفها أثناء هروبها من فضيحة وشيكة؟
لنترك جانبا الحكم الأخلاقي على الفتى والحديث عن أنه ارتكب فعلاً مخلاً بالآداب على مقربة من الحرم، يتمثل في خلوته "غير الشرعية" مع مراهقة جاءت من مرسيليا.
أسئلة، أسئلة، لا شيء غير الأسئلة المتدفقة كالشلال.
لست بصدد رثاء سارة ولا المساس بشرفها، ثم أنني لست مضطرا للدفاع الأعمى عن عمار ولا عن جلال، لا اعرفهما. كل ما ذكرته الصحافة السعودية عن عمار هو انه شاب يمني الجنسية مقيم بطريقة غير نظامية، وأن عمره 23 عاما، ناهيك عن وصف باهت ورد في جريدة المدينة لجلال بأنه "ابيض البشرة طويل القامة نحيف الجسم ذو شارب خفيف وحليق الذقن"، وأن عمره 28 عاما.
الفتاة روح بريئة، ماتت بطريقة مأساوية مؤلمة للغاية. في حين راح اهتمام صحف الجزائر ينصب على صون عرض المراهقة سارة، وكيف أن الحديث عن علاقة حب بمثابة تدنيس لشرف سارة وبالتالي الجزائر بأسرها. هذا أسلوب قبائلي مفرط في بدائيته وأنانيته، ثم إنه لا يليق بأمة مثل الجزائر نالت نصيبا جيدا من الحداثة والتفاعل مع العالم المتقدم.
صحيح يحسب للصحافة الجزائرية تغطيتها الدءوبة للحادثة، ومتابعتها عن كثب. ويعود الفضل لهذه الصحف في تسليط الضوء على حياة سارة ونشر تفاصيل مهمة عن حياتها وعائلتها الموزعة بين الجزائر وفرنسا. بيد أن الصحافة السعودية كانت أكثر مسؤلية حيال الواقعة وأكثر مهنية وأكثر نزاهة، ورغم ذلك كانت عرضة للاتهام واللمز والتشكيك على صفحات الجرائد الجزائرية على مدى الأيام القليلة الماضية.
الراجح أن الصحافة الجزائرية -التي لا بد أنها أصبحت تعكس مزاج شارع جزائري مرهف الحس، تائه ومشوش- تريد أن تروى القصة على هذا النحو: ذئبان بشريان من جنسية يمنية يغتصبان طفلة جزائرية ويلقيا بها من سطح بناية في مكة مكونة من 16 طابقاً.
هذا مجحف جدا وقاس إلى درجة يصعب على المرء أن يحتفظ إزاءها بالصمت أو أن يتغاضى. ليس الأمر وكأنني رجل نذر نفسه للثأر للكرامة اليمنية، فهذا تفكير بائس وبالغ التفاهة. إنني أريد للقضية أن تُؤخذ في سياقها الطبيعي، بما لا يسمح للتعاطف والانفعال والغضب بأن يدفن الحقائق ويقدم شاباً عاثر الحظ وغبياً قربانا في مذبح تفجر الهويات والحساسيات العرقية وألاعيب السياسة.
من سوء الحظ أنني اطلعت على تعليقات لقراء جزائريين راحوا يحملون الحادثة أكثر مما تحتمل، وراحوا يسبغون عليها دلالات حضارية وعقائدية غير معقولة. وفكرت أنه كان الأجدر بهم معرفة حقيقة أن ما يمكن أن يحصل تحت كل سماء، يحصل في مكة أيضا، فلا ضمانات ما ورائية من أي نوع تجعل من الخارق الوقوع في الحب وحضور أكثر النزوات الإنسانية جموحا.
أحدهم تمنى إرسال جيش للانتقام من قتلة سارة، وآخر قال لو وصل إلى المتهم لأكل لحمه حيا. ومعلقين سعوديون يتملقون غضب الجزائريين ونتهزوا الفرصة للتحريض ضد المغتربين اليمنيين والمطالبة بـ"تطهير المملكة من اليمانيين والبنغال".
من أين تصدر طاقة العنف والكراهية هذه؟
سأحاول هنا سرد القصة بتوازن، بأسلوب أكثر إنسانية وعدالة، عدالة تتخطى اعتبارات الوطن والعرق واللغة، أو أظن أنها كذلك. تاليا سأقوم بإعادة تركيب الوقائع وردات الفعل، والفرضيات المتداولة، وخط سير التحقيقات والنتائج الأولية، وقد استقيت المعلومات من مجمل ما نشرته الصحف والمواقع الجزائرية والسعودية على حد سواء.
....
من هي سارة الخطيب؟
تحفظ القرآن وتتقن 7 لغات انفصلت عن أبيها قبل 10 سنوات وعن أمها قبل 5 سنوات
سيرة حياة الفتاة الجزائرية مليئة بالدراما والمأساة على غرار نهايتها.
ولدت سارة في 1 أكتوبر 1995. صحيفة "النهار'' الجزائرية قامت بزيارة والد سارة، والدها البيولوجي، وقالت أن الرجل البالغ من العمر 61 عاما، يقيم في كوخ قصديري بعين تالوت. كان برفقة محاميه السابق امحمد رقيق، حينما قال، أنه تزوج مليح الهوارية، المزدوجة الجنسية، بعقد عرفي عبر سجل، وأنجبا سارة.
لكن الأم رفضت البقاء في بيت الزوجية لتهاجر إلى أوربا بعدما أخفت الطفلة سارة عند أهلها سنة 1999 بمدينة حاسي زهانة بسيدي بلعباس، مما دفع الوالد إلى رفع دعوى أمام محكمة ابن باديس عن طريق محاميه رقيق أحمد لاسترجاع الطفلة، لكن الحكم قضى بعدم الاختصاص ثم رفع دعوى أمام محكمة أولاد ميمون، لكن دون جدوى.
وفي عام 2000 تم نقلها إلى أوروبا "بدون ترخيص ولا وكالة أبوية تسمح لها قانونا بنقل الطفلة التي تم ضبطها من طرف مصالح الشرطة بمرسيليا ومعها شهادة ميلاد صادرة عن بلدية ابن باديس رقم 866".
بعد 5 سنوات من وصولها إلى مرسيليا قامت السلطات الفرنسية بوضع الطفلة سارة في مصلحة النشاط الاجتماعي. لكنها اختفت فجأة برفقة الوالد بالتبني "خطيب بومدين"، الذي كان يرافقها إلى مكة لأداء مناسك العمرة.
أمضت سارة طفولتها في مرسيليا. لكنها عاشت آخر 5 سنوات كاليتيمة بعيدة عن والديها، فوالدها لم يرها منذ أن كان عمرها أربعة أعوام، ووالدتها تركتها في دار لرعاية الأطفال في فرنسا، واستلمها وليها الحالي أبو مدين الخطيب من المحكمة الفرنسية لتبنيها، وهي تعيش معه منذ 5 أعوام.
كانت سارة تدرس بالصف الثانوي السنة أولى. كانت دوما متفوقة في دراستها حسب والدها أو كفيلها بومدين، حيث ومنذ 4 سنوات تحصلت في نهاية كل سنة على تهنئات من المؤسسة التي تدرس بها. وكانت تأمل في أن تتخرج مستقبلا كطبيبة.
وكان من المقرر أن تغادر الفتاة صبيحة الحادث مع بعثة العمرة الجزائرية.
....
هكذا يفضل ولي سارة أن يروي ما حدث في مكة
بومدين الخطيب، والد سارة بالتبني، يفضل أن يسرد الحادثة كأي رجل يرزح تحت تأثير الصدمة والحزن والفقدان. إنه يتحدث للصحف الجزائرية والسعودية بلا كلل عن الليلة التي اختفت فيها سارة.
إليكم ما يقوله بومدين: بعد صلاة العشاء، تعرفت سارة على سيدة وتبادلت معها رقم هاتفها النقال، كما ضربا موعدا معا لتناول العشاء، إلا أنه ومنذ ذلك الوقت لم يظهر لها أثر. أبلغ مسؤولي الفندق باختفاء الطفلة سارة، حيث سارع مدير الفندق في عملية البحث عنها، وبعد فترة من الزمن قال بومدين خطيب وبنبرة حزينة أنه علم بالعثور عليها ميتة بالفندق المجاور.
راح يتفحص الجثة فوجدها هامدة عليها آثار الدم الذي لم تكن، بحسبه، سوى بعض القطرات، وجرح بالغ على مستوى القدم. أكدوا له بأنها سقطت من سطح الفندق الذي كانت تقيم به على ارتفاع ما يفوق 30 مترا. وأخذ يتساءل عن سر ترديد فكرة رمي نفسها أو سقوطها من أعلى الفندق، حيث قال للشروق الجزائرية: "أيعقل أن ترمي نفسها من أعلى الفندق وجسمها يبقى سليما ومن علو قدره 30مترا".
وهنا تعجب قائلا : "أنا حسب معلوماتي فيزيائيا أي جسم يزن 70 كلغ وهو وزن المرحومة سارة، يسقط من هذا الارتفاع يتهشم كليا، لكن الأمر الذي يحيرني أين باقي الدم".
وتابع:أنا أريد الحقيقة وفقط كيف ولماذا ماتت ابنتي؟ حتى وإنه ظهر راضيا بالقضاء والقدر إلا أن ذلك لم يمنعه من إلحاحه على معرفة الحقيقة".
حتى لو أظهرت نتائج التشريح أنها لم تغتصب ولم تقتل، وقد أظهرت بالفعل ذلك، فإن بومدين يقاوم بشدة فرضية أن تكون سارة ألقت بنفسها من أعلى البناية، لسبب بسيط: لأنه لا يريد أن يلصق بابنته العار الديني والاجتماعي الذي يطارد المنتحرين عادة، والتصورات البغيضة للمآل الذي ينتقل إليه قاتل نفسه.
إنه يميل أكثر إلى فرضية اغتصابها وتصفيتها جسديا. والصحافة الجزائرية تتبنى روايته بحماسة منقطعة النظير، وترفض بلا هوادة نتائج التحقيقات الأولية التي تسربت عبر الصحف السعودية.
لا تريد الصحافة الجزائرية، مثلما هو الحال بالنسبة لولي سارة، ظهور المراهقة في مظهر الفتاة العاشقة التي تخلصت من حياتها بدافع الحفاظ على السمعة.
...
وهكذا تحدث عمار وجلال في جلسات التحقيق
المتهم الأول في قضية الفتاة الجزائرية عمار، يمني الجنسية، أفاد أثناء التحقيق أنه يعرف الفتاة منذ أواخر رمضان.
يقول عمار، كما نشرت الصحافة السعودية التي أعادت صياغة أقواله على ما يبدو: "تعرفت عليها قبل أيام. ولم أكن أحمل في داخلي أية نوايا دفينة لقتلها أو إيذائها، وقد التقيت بها الليلة التي سبقت الحادثة وقمت بتحديد موعد للجلوس سويا في إحدى الغرف في أعلى الفندق الذي أعمل فيه وتقطنه البعثة الجزائرية. اشتريت وجبة عشاء وتناولنا الوجبة سويا وتجاذبنا أطراف الحديث في عدة أمور متفرقة".
في وسائل إعلامية أخرى نقرأ أن عمار قال أنه كان يحب الفتاة وأنهما كانا ينويان الزواج.
المصادر أضافت أن شخصا آخر من الجنسية اليمنية يدعى جلال كان يعمل في تحميل وتنزيل أغراض ومستلزمات النزلاء، سمع أثناء تواجده في استقبال الفندق عن اختفاء الفتاة منذ ساعات مما دفعه للبحث عنها، وعند صعوده للطابق العلوي بغية الاسترخاء قليلا ومن ثم البحث عن الفتاة تفاجأ بوجودها لدى عمار.
هل جلال هو نفسه الشخص الذي كلفه مدير الفندق بالبحث عن الفتاة؟ ربما.
جلال قال أثناء التحقيق أنه تفاجأ بجلوس عمار بالملابس الداخلية وبجانبه الفتاة وهي ترتدي بنطالا وفانيلة، ودخل مع عمار في شجار واسع مطالبا بضرورة إخراج الفتاة، إذ أن ذويها يبحثون عنها.
أفاد جلال إن عمار طلب منه عدم التدخل وعدم الإفصاح عن مكانها، مما اضطر جلال للدخول في مشاجرة مع عمار من أجل تسليم الفتاة لذويها، وخلال تطور الشجار طلب عمار من الفتاة مغادرة الغرفة هروبا من ذويها قبل مجيئهم والعثور عليها عنده.
في الأثناء غادر جلال الغرفة ونزل إلى بهو الفندق تاركا عمار في غرفته. هناك وجد ولي الفتاة ومسؤول الاستقبال يتحدثان مع عامل آسيوي كان يبلغ عن سقوط فتاة في سطح الفندق المجاور، وخلال ذلك كشف جلال لإدارة الفندق بأن الفتاة لدى العامل عمار في الطابق العلوي.
.....
لكن شهادة المشرف الليلي بالفندق هي الأهم
الأثنين، خرج المشرف الليلي بالفندق محمد القاضي، عن صمته. لقد كشف الرجل في تصريح خاص بجريدة "الوطن" السعودية تفاصيل بالغة الأهمية عن الساعات القليلة التي سبقت اكتشاف الوفاة.
جاء على لسان القاضي، شاهد العيان في القضية: "أنه في حوالي الساعة الثامنة والنصف من مساء الثلاثاء الماضي، حضر إليه والد الفتاة الجزائرية (متبنيها ومربيها)، وسأله عن (صارة). مؤكدا أنه أبلغ الأب أن الفتاة داخل الفندق. بيد ان والد الفتاة رمقه بنظرات شك كبيرة، وبادره على الفور بالسؤال قائلا: وكيف عرفت أنها داخل الفندق؟ لأنه من الممكن أن تكون الفتاة في الحرم أو في السوق المجاور؟".
"وقد أوضحت له، أن الفتاة أخبرتني أنها ستذهب لشراء وجبة رز ودجاج لجدتها (المرأة الكبيرة التي كانت مع الفوج السياحي)، والتي تسكن في الدور الحادي عشر. وعندها توجه الأب إلى الجدة وسألها عن ابنته، فأخبرته أنها لم تشاهد (صارة)، كما أنها لم تبعثها لشراء وجبة العشاء"، يقول القاضي.
ومضى القاضي يقول: "بدا التأثر والغضب على أبيها، عندما اكتشف أن ابنته كذبت عليه. وعندها طلبت منه الانتظار للبحث عنها، لأننا كنا نشاهدها كثيرا في بهو الفندق وهي تتنقل بين الأدوار وعند المصاعد، فحركتها كثيرة جدا وهي كثيرة الخروج والدخول". وشرح القاضي كيف أنه سأل مشرف العمال (جلال): "هل تعرف شكل البنت؟. فأخبرني أنه يعرفها، فطلبت منه البحث عنها في الغرف وفي الأدوار العلوية، وبعد فترة عاد وأخبرني أنه بحث عنها ولم يجدها".
بعد ساعة عاد والد الفتاة وسأله هل وجدتم (صارة)؟. يقول القاضي: "فأخبرته أننا بحثنا عنها ولم نجدها ولكن ربما تكون لدى أحد أقاربكم من الفوج الذي قدمت معه، وهم يسكنون في ثمان غرف مختلفة، فطلب مني بيانا بأرقام الغرف وزودته به، وبعثت معه أحد العاملين للبحث في الغرف الثماني ولكن لم يتم العثور عليها".
وأشار المشرف الليلي إلى أن والد الفتاة زاره ضيوف من المملكة وجلس معهم في بهو الفندق، "ولكنه كان متوتراً وفي الساعة العاشرة والنصف بعثت مشرف العمال (جلال) لإحضار فرش من الغرف التي تم تجهيزها بالدورين السادس عشر والخامس عشر لتجهيز بعض الغرف في الدورين الأول والثاني، والتي لم تكن مجهزة، لأن المغسلة لم تبعث الفرش".
فصعد جلال إلى الدور السادس عشر، طبقا للقاضي، وفي إحدى الغرف عثر على أحد العمال (عمار) ومعه الفتاة الجزائرية التي نبحث عنها، وحصل بينهما شجار كبير، ويبدو أن الفتاة خافت وهربت، واتصل بي مشرف العمال وطلب مني موافاته لوجود مشكلة هناك.
عند وصول القاضي إلى الدور السادس عشر، وجد مشرف العمال والعامل الآخر داخل الغرفة، وأخبره جلال أنه وجد الفتاة مع عمار الذي كان يردد كاذب كاذب. ودار بينهما عراك تدخل القاضي لإنهائه. "كما سألت عمار عن سبب وجوده في الفندق في هذه الفترة لأن دوامه انتهى، فهو يعمل في الفترة الصباحية. وأخبرني أنه على خلاف مع زميله في السكن، المدعو فضل، والأخير (وافد آخر يعمل في الفندق)"، يضيف مشرف الفندق.
وأوضح القاضي إلى أنه اتصل بالمدعو فضل. مضيفاً: سألته عن سبب خلافه مع عمار، وأكد لي أنه ليس بينهما أي خلاف، مما يؤكد كذب عمار ونيته الالتقاء بالفتاة مسبقا.
لم يعثر على الفتاة. يقول: "ولم نكن نعلم هل نزلت إلى غرفتها أم نزلت إلى سطح العمارة المقابلة. تم الاتصال بمستثمر الفندق وإبلاغه بالواقعة، والذي بدوره طلب الاتصال بالمشرف العام على الفندق وإبلاغه بما حدث". القاضي أكد أنه وجد في الغرفة وجبة عشاء، حيث ذكر عمار أنه أحضر وجبة العشاء لتناولها، لكنني وجدت كأسي عصير وفي ثلاجة الغرفة زجاجة عصير كبيرة، وكانت (الفنيلة) الداخلية الخاصة بعمار ملقاة على الأرض".
اصطحب الوافدين إلى بهو الفندق. في اللحظة نفسها حضر المشرف ودخل مع عمار في غرفة الإدارة، وبعد دقيقة أخبرني أن عمار اعترف بأنه كان مع الفتاة في الغرفة، ولكن كل واحد منهما كان على سرير. وأجرى المشرف على الفندق اتصالا بصديق له في أحد الأجهزة الأمنية وأبلغه بالواقعة وطلب منه التحفظ على عمار.
محمد القاضي: "وفي هذه الأثناء فوجئت بموظفين من الفندق الملاصق لنا ومعهما رجلا أمن يخبرونني أن فتاة سقطت من سطح فندقنا إلى سطح فندقهم، وإذا بوالد الفتاة الجزائرية يحضر عندي ويسألني هل وجدتم (صارة) فطلبت منه الصبر لمعرفة المصيبة التي حلت بنا حيث سقطت فتاة من سطح الفندق على سطح الفندق المقابل، واتجهنا إلى الفندق المجاور ووجدنا الجهات الأمنية مطوقة الفندق بالكامل".
...
نتائج التحقيقات الأولية تؤكد رواية الشاب اليمني عمار
التقرير الطبي: سارة لم تغتصب، ولا تزال بكرا، ولم يدفعها أحد من السطح لأنها سقطت على قدميها وليس رأسها
بعيد الحادثة، قامت إدارة الطب الشرعي بالشئون الصحية بالعاصمة المقدسة، وعلى مدى 3 ساعات تقريباً، بتشريح جثمان الفتاة الجزائرية "سارة بن ويس". وتكون الفريق الطبي من أطباء ومساعدين وفنيين بأشراف من الدكتور عبدالعزيز مليباري مديرا لإدارة، وتم تشريح الجثة، وأخذ عينات من كبد الفتاة وطحالها وعنق رحمها تمهيداً لإرسالها للمختبرات المركزية وتحليلها وإخراج النتائج. وتم عمل أشعة لكامل جسمها وفحص شامل على الجثة.
وذكرت صحيفة " الرياض" أن التشريح المبدئي أثبت أن الفتاة تعاني من كسور حيوية في أجزاء متفرقة من الجسم، بما في ذلك العمود الفقري، وأنها لم تتعرض للاغتصاب، وأنها لا تزال بكراً، وتم أخذ مسحات مهبلية وإرسالها لمعمل الأدلة الجنائية لتحليلها.
ونقلت وسائل إعلام سعودية، السبت، تقارير شبه رسمية تكشف الغموض الذي رافق قضية الفتاة الجزائرية سارة الخطيب والسيناريوهات الأكثر احتمالا.
وأبلغت «عكاظ» مصادر وصفتها بـ"المطلعة" في لجنة الطب الشرعي في الشؤون الصحية في العاصمة المقدسة، أن التقرير الأولي لنتائج تشريح جثمان الفتاة الجزائرية سارة بنويس التي قضت إثر سقوطها من عمارة سكنية في مكة المكرمة، يفيد بعدم تعرضها للاغتصاب، وأثبت عذريتها.
وبينت المصادر أن التقرير الطبي المبدئي يؤكد أقوال المتهم الرئيسي في القضية "عمار" عن عدم اغتصابه للفتاة، كما يبين صحة ما قاله إنه كان يتناول وجبة العشاء معها في غرفة في سطح الفندق، إذ اتضح وجود بقايا أطعمة.
وأفادت المصادر بأنه حين علمت الفتاة بعمليات البحث عنها من قبل والدها بالتبني، وهي التي تعرف شدته وصرامته، حاولت الهرب بالقفز من سطح الفندق الذي تقطنه إلى سطح فندق مجاور على قدميها. وأكد التقرير تعرض الفتاة الجزائرية إلى كسور في الأرجل والحوض ما يثبت فرضية أن الوفاة حدثت بسبب القفز، ولم يدفعها أحد من فوق العمارة السكنية كونها سقطت على قدميها وليس رأسها.
...
عمار شاب وسيم من شرعب الرونة
لا تزال المعلومات غير متوافرة عن المتهم اليمني عمار وزميله جلال. بالنسبة للأول فقد عرفت من الزميل عوض كشميم -المتواجد حاليا في جدة وهو الذي لفت نظري للقضية- أن عمار ينتمي إلى شرعب الرونة بمحافظة تعز. عدا عن هذا لا نعرف عنه شيئاً.
قد يكون عمار متورطاً في إغواء الفتاة وقد لا يكون، لكن التحقيقات الأولية تصب في مصلحة تبرئته من دم سارة. حديث والد الفتاة عن تمتع سارة بلياقة بدنية وأنها تلعب التايكوندو بمهارة وحده كاف لدحض فرضية رميها من اعلى العمارة.
سننتظر العدالة السعودية بفارغ الصبر. قد يدان عمار بتهمة أخلاقية على الأكثر، لكن المؤكد أنه ليس الدكتور هانيبال في فيلم "صمت الحملان"، إنه فتى أخرق فحسب وعاثر الحظ وربما وسيم لا يعرف معنى أن تكون الفتاة قاصرا. وكأي رجل من المنطقة، لم تخطر له أثناء إغوائه للمراهقة أو استجابته لإغوائها، مقولات النسوية وحقوق الإنسان أو الجندر والحداثة.
ربما اعتراه شعور غامض بخيلاء شاب أصاب مراهقة من مرسيليا بسهم الحب في مقتل، لم يعر الاهتمام لعمرها ولا المكان الذي يتواجدان فيه.
لكن يحدث أن يخترق حتى جدار القيم الحداثية العريقة في فرنسا بالذات. فقبيل انطلاق مونديال 2010 في جنوب أفريقيا تصدرت صحف الفضائح أخبار تتحدث عن ممارسة المنتخب الفرنسي الجنس مع قاصر مغربية كان عمرها 16 عاما. واستحضرت الصحافة القصة حينما خرج المنتخب الفرنسي من البطولة يجر أذيال الخيبة.
المعطيات تشير إلى أن علاقة غرامية نشأت بين عمار وسارة. من أغوى الأخر؟ لا أحد يعرف.
تشير القرائن الأولية، وحتى الصور، إلى أن الفتاة فيما يبدو وضعت 3 طوبات لمساعدتها في اجتياز سياج السطح. والاحتمال الأقرب للتصديق أن سارة تصورت قرب المسافة الفاصلة بين سطحي العمارتين، وأنه باستطاعتها القفز أو التسلق لكنها أساءت التقدير فسقطت وتوفيت.
* بالتزامن مع صحيفة اليمن.