من جامع الصالح إلى مقبرة الأحمر..صناعة الرموز وتسويقها
بقلم/ محمد الغابري
نشر منذ: 14 سنة و 4 أشهر و 8 أيام
الخميس 01 يوليو-تموز 2010 08:22 م

وسيصلى عليه في جامع الصالح ويوارى جثمانه الثرى في مقبرة (الشيخ عبدالله الأحمر). ذلك ما جاء في نعي الأستاذ الإعلامي الرائع يحيى علاو -رحمه الله، وبين جامع الصالح ومقبرة الأحمر تختزل الكثير من الرموز والإشارات، إنها فقط النهاية وخاتمة مصانع الرموز.

في هذه المساحة نحاول الكشف عن عمليات تضليل واسعة وغير مسبوقة لتضليل الرأي العام وتسميمه إعلاميا حتى يغدو لا إراديا تابعا منقادا لأشخاص وأسر وعشائر تعمل باستمرار لامتلاك البلاد وأهلها.

الكشف عن مدى عجز الأحزاب والتنظيمات السياسية عن صناعة القادة.

ثلاث أسر..

توجد في الوقت الراهن ثلاث أسر تتنافس وتخوض صراعا في صناعة الرموز والتسويق لها إنها صالح والأحمر والحوثي.

الرئيس.. الأسرة

في عام 2002م ظهرت في الساحة اليمنية جمعية الصالح للتنمية الاجتماعية وكانت إيذانا بإحلال الأسرة محل التنظيم «المؤتمر الشعبي» فقد جاءت جمعية الصالح لتحل محل الجمعية الشعبية الخيرية وتبدو أسرة الرئيس مكثرة من الرموز ووسائل تسويقها.

الصالح.

إن الهدف من إضافة آل إلى جد الرئيس علي عبدالله صالح التأسيس للقب جديد واستبعاد الألقاب السابقة مثل الأحمر، لقد أدى ذلك اللقب دوره وانتهى وبالنظر إلى وجود بيت الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر فإن اللقب بالأحمر يجعل الناس يخلطون بين أسرة صالح وبيت الأحمر وقد حان الوقت للتمايز بين الاثنين.

لا يخفي لقب الصالح، التطلع ليس إلى لقب جديد وتكوين أسرة جديدة وحسب بل أبعد من ذلك، إنه يعني التطلع لقيام أسرة مالكة في اليمن اسمها الصالح يمكنها التعايش مع اسم الجمهورية النظري ولو إلى حين أو حتى جمهورية الصالح أسرة مالكة بأنها صعبة مع وجود أساتذة وكتاب وصحفيين ووسائل إعلام جاهزة للترويج للملكية بل قد قالها فرع رابطة أبناء اليمن في ذمار تنصيب الرئيس ملكا وابنه وليا للعهد فهل له المؤتمر الشعبي وبس ولم يوجه للرابطة أي انتقاد على اعتبار أنه يدعو إلى سقوط الجمهورية.

ظهرت الوسائل والآليات تباعا، إنها واسعة شاملة الغرض منها التسويق للصالح وجعله يتردد باستمرار حتى يغدو جزء من الحياة اليمنية وهكذا كانت البداية جمعية الصالح. إضافة إلى الهدف الإعلامي منها إذ تتسابق وسائل الإعلام الرسمية لتتبع أخبارها وإذاعاتها ونشرها وفي ذلك وحده تكريس للصالح غير أن أهدافها لا تتوقف هنا إنها تستهدف الوصول إلى فئات مختلفة واستقطابها وتجنيدها مثل اليتامى وأوائل الجمهورية وأعضاء المؤتمر الشعبي ممن تتصدق عليهم الجمعية.

جامع الصالح

المشروع الثاني للجمعية والذي أعلن عنه مبكرا جامع الصالح استخدام الرموز الدينية واستقطاب المتدينين وجماعات مختلفة صوفية وسلفية، دعوة كبار الخطباء والدعاة خارج اليمن للخطابة والمحاضرة في الجامع الذين يصبحون أدوات للترويج للصالح على نطاق واسع البعض منهم يدرك أنه مستخدم والبعض الآخر لا يدرك ذلك ربما ممن أدرك ومن ثم اعتذر عن قبول الدعوة هو الشيخ عبدالمجيد الزنداني والشيخ يوسف القرضاوي.

استخدم الرئيس موقعه لاستقطاب الأشخاص الذين هم محبوبون عند الناس ولهم جمهور واسع بالنظر إلى سيرتهم الحية وعلمهم وزهدهم مثل القارئ يحيى الحليلي والفقيه العلامة محمد بن إسماعيل العمراني أي أنه ربما مورس عليهما نوع من الإكراه الأدبي.

جامع الصالح لا يعدو وسيلة لاستغلال وتوظيف الإسلام من أجل الترويج لشخص وأسرة، أي أن الدوافع والأهداف واضحة، لو كان هناك احترام فعلي للإسلام لما كان جامع الصالح أصلا، الاحترام الفعلي يعني انعكاس قيم وأخلاق الإسلام وفي المقدمة منها المراقبة لله تعالى والخشية من اليوم الآخر، والذي ينعكس على الحياة العامة في البلاد، إن جامع الصالح وحده بما فيه من تميز على سائر الجوامع وبما فيه من بذخ وإسراف يكاد يكون آية من العبث في بلد غالبيته الساحقة في حالة من السوء والفقر، بمعنى آخر وأكثر تحديدا من أين لهم بكل تلك الأموال لينفقوا على بناء جامع بتلك المواصفات؟ كان بإمكانهم أن يجعلوا الجامع عاما أي جامعا أقامته دولة ومن أوقافها وأن يكون جامع اليمن لا جامع شخص وترويج للأسرة، ومن الترسيخ لهذا الثقافة أن صحيفة الثورة تخرج السبت بعنوان الرئيس يؤدي صلاة الجمعة في جامع الصالح!!

على هذا المنوال أنشأت هناك مثل مستشفى الصالح، وقد نسمع بمجمع الصالح الطبي وجامعة الصالح كما ظهر ما يعرف بملتقى الصالح الثقافي والذي يتخاطب مع الجهات الثقافية والعلمية في البلاد كالجامعات كل ما هو مسجل باسم الصالح وسائل وآليات ليس للرئيس بل للأبناء وفي المقدمة أبناؤه أي أنها أدوات للترويج والتسويق للعقيد أحمد علي عبدالله فأبناء العم محمد عبدالله صالح الذي لا يرون في الصالح إلا ترويجا لأحمد مع أنه يشملهم لكنهم أنشأوا لهم آليات خاصة.

الحرس الجمهوري قوة موازية للجيش النظامي وهو من الوحدات المستحدثة والقوات الخاصة جاء إنشاؤها بعد أحداث سبتمبر.

الأمن القومي جهاز موازي لجهاز الأمن السياسي وهو جهاز جمع معلومات.

الأمن المركزي قوات أمن لكنها تصل إلى قوات موازية للحرس الخاص حرس الرئيس إنها أجهزة وقوات حماية للرئيس والأسرة. ترتبط القوات الخاصة والأمن القومي والأمن المركزي بعلاقات خاصة مع الأمريكيين فالقوات الخاصة جاءت بعد أحداث سبتمبر أو لم تكن معروفة قبلها والأمن القومي بناء على مقترحات أمريكية بديل أو مواز للأمن السياسي والأمن المركزي يضم «مكافحة الإرهاب» الذي كان باختيار مباشر من الأمريكيين ويقع تحت إشرافها.

الأجهزة الأمنية العسكرية

من الواضح أن بيت الصالح اختاروا الأجهزة الأمنية والعسكرية لتكون المجال الذي يعمل فيه الأبناء وحيث يلاحظ أن ثلاثة من أبناء محمد عبدالله صالح يشغلون ثلاثة مواقع أمنية: الحرس الخاص والأمن المركزي والأمن القومي وابن الرئيس الحرس الجمهوري والقوات الخاصة.

إنها توفر قوة ونفوذا واسعين لكنها لا تصلح آليات للتسويق إنها تقوم على القوة والبطش. أدركت الأسرة أن تلك المؤسسات توفر القوة والنفوذ لكنها لا تصلح للتسويق الجماهيري واستقطاب الفئات المختلفة.

استخدام منظمات المجتمع المدني، الرئاسة لمنظمات: نقابة المهن التعليمية ونادي التلال، وجمعية أصدقاء الكتاب وغيرها.

إنشاء جمعيات خاصة

يستخدم كل واحد من الأشخاص الذين يسوقون لأنفسهم جمعيات خاصة:

1- ملتقى الرقي والتقدم: وهو آلية للاستقطاب في أوساط الإعلاميين والمفكرين والمثقفين.

2- جمعية كنعان: آلية لاستثمار وتوظيف القضية الفلسطينية.

3- الهيئة الوطنية للتوعية: قائد الحرس الخاص وهي آلية لتسويق الشخص.

وهناك غيرها.

التمويل

هناك مصادر للتمويل بلا حدود.. الظاهر منها المؤسسة الاقتصادية وبنك التسليف الزراعي: يتم دفع رواتب موظفيها من الحكومة ولا تدخل شيئا للخزينة والصرف منها مباشرة.

فضلا عن أن كثيرا من الجهات والهيئات يتم الصرف منها مباشرة لخدمة الأسرة.

الإعلام: استقطاب الإعلاميين والصحفيين والكتاب بطرق واسعة من بينها تمويل وإنشاء الصحف والمطابع.

تلعب الصحافة الرسمية أدوارا واسعة وفي طليعتها صحيفة 26 سبتمبر التي تروج للهيئة الوطنية ورئيسها ولمشاريع «الصالح» عبر ملاحق تتصف بالفخامة حتى مدارسهم الأهلية تعتني بها الصحيفة بشكل واسع.

إنشاء فضائيات رسمية تمثل أدوارا خاصة بالأسرة بالإضافة إلى فضائية اليمن وعدن، وقناة الإيمان تسوق للأسرة لدى القطاعات وهناك الصوفية والسلفية.. وغيرهم بل وتوظيف الإسلام لصالح الأسرة.

الأحمر.

احتل بيت الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر مكانة واسعة وكانت البداية حين وقع الخلاف مع الإمام أحمد وقتل حسين وحميد الأحمر فكان ذلك إيذانا بوقوف الشيخ عبدالله الأحمر مع الثورة، ولعب أدوارا سياسية حتى إنه كان يمثل حجر الزاوية في تغيير الرؤساء، وكانت موافقته على الانقلاب في نوفمبر 67م الذي أطاح بالسلال وجاء بالإرياني وكانت حركة 13 يونيو بالتوافق بين الجيش ممثلا في إبراهيم الحمدي والمشائخ/ القبيلة ممثلة بالشيخ الأحمر وما حدث من تباعد بعد ذلك، ثم مقتل الرئيس الحمدي والغشمي وجاء الرئيس علي عبدالله صالح فكان دور الشيخ أساسيا أيضا وموافقته ضرورة.

جاء جيل الأبناء من بيت الشيخ وأسرة صالح فكثر المتطلعون إلى المواقع القيادية الأولى وقد لاحظ بيت الأحمر أن توريث السلطة يجري على قدم وساق عبر الأجهزة الأمنية والعسكرية، وبدأت العلاقات تتحول باتجاه التنافس، وصنع رموز وتسويقها.

توزع أبناء الشيخ: البعض منهم عينوا في مواقع رسمية مثل حمير وحاشد.

حسين الأحمر..

بدأ حسين عبدالله الأحمر بالظهور عام 2005م بعد زيارة شهيرة إلى ليبيا وبعد ظهور خلافات مع الرئيس بشأن انتخابات اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي لا يعرف إن كانت حقيقة أم مصطنعة ربما أدرك من حوله أن المؤتمر المحصور أصلا في الأسرة لا يصلح للتسويق ففكر بإنشاء منظمة. استقر في نهاية المطاف بإعلان قيام مجلس التضامن الذي استقطب الكثير من القيادات من مختلف التيارات والوجاهات الاجتماعية.

يحاول عبر المجلس التسويق لذاته بالظهور كوسيط بين السلطة والمشترك وغدا لبيانات المجلس صدى بدرجة ما.

مجلس التضامن الغرض منه واضح: التسويق لحسين الأحمر وجعله واحد من الرموز التي تتردد اسمها في الأوساط الإعلامية والجماهيرية.

الشيخ حميد الأحمر

استطاع الشيخ حميد الأحمر الجمع بين عناصر مختلفة فهو شيخ من قبيلة لها ثقلها ورأسمال وشركات إضافة إلى مستوى تعليمي عال متخصص في الاقتصاد والسياسة، قيادي في أكبر أحزاب المعارضة برز في عام 2006م مع الانتخابات الرئاسية وفي المشاركة في حملة مرشح المشترك فيصل بن شملان -رحمه الله- وظهر خطيبا وسياسيا محترفا. أدرك الشيخ أن الأحزاب السياسية لا تصنع رموزا وقيادات جماهيرية فكانت فكرة لجنة الحوار الوطني التي صار فيها أمينا عاما. ومن الأمانة العامة يتواصل مع القيادات اليمنية في الداخل والخارج.

كان حديثه لبرنامج بلا حدود في قناة الجزيرة ضربة معلم في الترويج لنفسه وتسويقه في البلاد من خلال حديثه الجريء عن الرئاسة والأسرة.

الحوثي.

اعتمد بدر الدين الحوثي الإكثار من الإنجاب أكثر من عشرة أبناء ووجد في نفسه وفي أبنائه توافر شروط الإمامة عند الزيدية ويعتبر نفسه وارث الزيدية وكان لا بد من انتقادات لعلماء الزيدية كي يكون له ثقل أكبر في صفوف الأجيال الجديدة من الزيدية، وجد الشروط متوفرة ولم يبق إلا شرط واحد، وهو من الشروط المشهورة عندهم: لن يكون إماما حتى يخرج شاهرا سيفه، وهكذا بدأت تشكل حركة مسلحة، وظهر حسين بدر الدين، ثم عبدالملك.

الوسيلة والآلية لصناعة الرموز كان يعتمد في التسويق على الشعار والمحاضرات والملازم، وظهر عبدالملك قائدا عسكريا ميدانيا، وهكذا غدت الحرب الوسيلة والآلية لصناعة رموز الحوثيين وتسويقهم، حتى إنهم لا يطيقون ظهور أسماء وألقاب معهم مثل الرزامي وهبرة، وغيرهم الحوثيون وحسب.

الحرب السادسة كانت أكثر الحروب ترويجا وتسويقا لعبدالملك الحوثي ودخول السعودية على الخط، وخروج السلطة منهزمة أي أنه حقق أهدافا واسعة لقد ظهر كمنتصر على الجيشين.

غير أنه اختفى عقب الحرب وظهر محمد بدر الدين وهو أخ عبدالملك، بمعنى آخر: هناك صناعة لقيادات ورموز وليس لشخص واحد قد يرحل في أي وقت وهكذا بدا أن الحوثيين كأسرة صالح يصنعون رموزا وقيادات ويسوقونها حربا وسلما. وهناك وسائل إعلام محلية وخارجية يستخدمها الحوثيون أو تجدهم وهم موجودون القوة في وسائل إعلام رسمية يصدون أي محاولة لمواجهة فكر الحوثيين وتمددهم.

الحرب وسيلة الحوثيين لتسويق أنفسهم وقد شكلوا حضورا محليا وإقليميا ودوليا وتبقى قيود المذهبية التي ينطلقون منها تحول بينهم وبين التوسع.

النتائج: بين التنافس

أفرزت أسرة صالح الكثير من الرموز، هذه الرموز لا تستطيع التفريق بين التنافس والصراع وتمثيل الأدوار.

إذا رأينا لتلك الرموز فإننا نجد:

- يحيى محمد عبدالله صالح أكثر تلك الرموز نشاطا وأكثر تسويقا للذات بل لقد نجح في استقطاب فئات لم تنجح رموز أخرى في استقطابها للصحفيين.

- إنه يظهر ذاته والأسرة أفضل وألطف من وزارة الإعلام وهي عملية في إطار تشويه كل ما هو حكومي لتبدو الأسرة هي المنقذ.

- يستخدم أسلوب الجميع بين استقطاب النخبة في الداخل واستقطاب الثقة الأمريكية حتى أثمرت عنده بـ»إدارة مكافحة الإرهاب».

- إنه يعرض نفسه للأمريكيين والغرب على أنه علماني متحدث وعلى الرغم من مهاراته المحدودة فإنه متفوق على أقرانه في التسويق للذات والتفسير عن الطموح للموقع الأول.

الاستخفاف..

نحن أمام حالة تستخدم فيها أسرة البلاد وتجعل منها عبارة عن مزرعة خاصة بها. إن العرض السابق يطرح أسئلة؟ ما المهارات الخارقة التي يمتلكها أي من أبناء الأسرة ولا توجد فيمن هو أقدم منها من أبناء الشعب والقوات المسلحة والأجهزة الأمنية؟ إن كونهم من الأسرة هو المبرر الوحيد لشغلهم مواقع أكبر منهم، وهو تمييز واضح إنما يصنع أحقاد وضغائن لدى المجتمع. من أين لهم الأموال التي ينفقونها ببذخ وإسراف ومع عمارة القصور واقتناء آخر ما وصلت إليه الصناعات البشرية؟ من أين لهم للإنفاق على صحف ومطابع وكتاب في الخارج من أين لهم؟ إنهم يشددون على الشعب ويقرضون أنفسهم قرضا وبعد أن سلبوا البلاد مقدراتها يستغلون حاجة الناس وفقرهم فيجرونهم للخدمة.

يعتمد تسويق أحمد علي عبدالله صالح على إرساله للخارج والتقاء الملوك والرؤساء وتسليم رسائل إنها الصورة التي تروج له وهو بذلك يتم تسويقه دون أن يبذل ربع الجهد الذي يبذله يحيى.

كان طارق صالح وبالنظر إلى موقعه قائد الحرس الخاص قد وجد نفسه غير معروف، فأنشأ الهيئة الوطنية للتوعية لخدمة ذاته عبر الارتباط باسمها، وآلية أخرى للحصول على التمويل، ورفع صور عمه. على مستوى تمثيل الأدوار قد يبدي الأخوان يحيى وطارق وحتى يجمعان بين التناقض. هذا يأتي بمنشدين ودعاة، وهذا يأتي بفنانين!!

والمال العام

في الدول المحترمة، والتي يسعى فيها أفراد ويتطلعون للقيادة هناك آليات ووسائل لصناعة الرموز وتسويقها.

تبرز المهارات الفطرية وتكشف عن نفسها، تقوم شركات وهيئات بعمليات إعداد وتدريب للقادة وصناعتهم على جميع المستويات.

مصدر القادة

تعمل الأحزاب السياسية على صناعة الرموز القيادية وتسويقها وإظهار مهاراتها، وعبر آليات مختلفة سرعان ما يصبح القائد على رأس الحزب أو مرشحه للانتخابات الرئاسية.

الدولة وأجهزتها

لا تستخدم أجهزة الدولة ومؤسساتها لصنع القيادات وتسويقها إلا على مستوى الجهاز الإداري بمعنى أن أي جهة حكومية تعتني بموظفيها للاستفادة منهم في إدارة شئونها على سبيل المثال إذا كان موظفا بوزارة الخارجية يجيد التسويق فإنه يمكن أن يصبح مديرا لتسويق وتحسين صورة البلاد في الخارج بتسجيل استخدام أجهزة الدولة لتسويق أشخاص ليكونوا قادة سياسيين، ولذلك قد يسقط الرئيس في الانتخابات ولا يحظى بدورة ثانية وهكذا الحزب والحكومة قد يسقطون في الانتخابات.

إنه صنع القيادات من قبل الأحزاب لإيصالهم إلى السلطة فإذا صاروا في السلطة فإن مهاراتهم تم استثمارها لصالح البلاد أي أن أجهزة الدولة لا تتدخل ولا يكون لها ولا للمال العام أي دور في صناعة الرموز.

تردد الأحزاب

في اليمن وفي البلاد العربية الأحزاب عاجزة عن صناعة الرموز وزاهدة حتى في صناعتها أي أن ما هو قائم عملية عكسية. إن الإصلاح مثلا لم يستطع صناعة قائد جماهيري وينطلق من مخاوف من الفردية، وهي مخاوف محيطة غير مبررة ذلك أنه يمكن صناعة قائد وتسويقه ليغدو هو مسوق للإصلاح مع وجود مؤسسات لا تتمتع بالانحراف والطغيان الفردي.

الكوميديا السوداء

ذلك العرض بقدر ما يبعث على الضحك فإنه يبعث على البكاء وكم في البلاد من مضحكات ولكنه ضحك كالبكاء وشر البلية ما يضحك.

إنها أدوات ووسائل تسويق واحدة منها في الأصل تكون كافية للإحراق، إحراق الشخص، والأشخاص إلى الأبد، وليس تسويقهما.

1- رئيس الجمهورية وجمعية خيرية.

الأصل أنه لا يصح لرئيس الجمهورية أو أي موظف عام أن يكون له جمعية خيرية باسمه.

1-1- تتعارض كليا مع مهامه الأساسية.

1-2- إن فيها إهانة وإذلال للشعب.

1-3- استغلال الوظيفة العامة لتحقيق مصالح خاصة.

ليست وظيفة الرئاسة جعل الشعب مستجديا للرئيس وجمعيته: إن وظيفته مع الجهات الأخرى تحرير الناس من الحاجة وتحريرهم من الخوف وليس استعبادهم بجعلهم أسرى الحاجة والخوف.

إن الرئيس موظف عام الأصل أن يسأل من أين لك هذا؟ لم يعرف أنه انحدر من أسرة تشتغل بالتجارة أو ورث تركتها، وذلك ليس عيبا أبدا.

الاستغلال الصارخ للرئاسة الوظيفة العامة هو تعليم ونشأة ثقافية للشعب على أن الاستغلال شطارة والخروج على القانون والدستور ذكاء، ولقد أثمرت في البلاد المحترمة لا يمكن للرئيس أن يعمل في العمل الخيري ولا أن يكون له جمعية باسمه.

في البلاد المستخف بشعوبها ويصنع لها الانحطاط صناعة الرئيس أو محله يكون له «جمعية القذافي الخيرية» و»جمعية الصالح» هناك لا يجرؤ ولو حاول لوجد حزبه والمجلس النيابي والقضاء كلهم سيقيلونه فورا، إذا كان لديه مال وهيئات وشركات وأراد جمعية خيرية فيكون بعد أن يتقاعد أو تنتهي مدة ولايته الجمعية الخيرية باسم الرئيس الإهانة الكبرى للشعب.

وهكذا مشروع الصالح للحد من البطالة ومشروع الصالح السكني كلها من المال العام تصبح باسم متخصص الأصل أنها باسم الحكومة فالمشروع السكني مشروع حكومي باسم وزارة الإسكان والحد من البطالة بالاعتماد على بنك حكومي.

إنها الكوميديا السوداء..

الأحمر

كان الشيخ عبدالله الأحمر علما وكان له وزنه وثقله الذي استمده من دعمه للجمهورية ورئاسة مجلس الشورى ثم النواب ورئاسة الإصلاح.

لما بدا أن هناك صراعا وتنافسا حادا بين أسرة صالح والشيخ ظهر نجل الشيخ حسين الأحمر قبيل الانتخابات الرئاسية بزيارة لافتة إلى ليبيا هنا البداية.

وكان ظهور الشيخ حميد مع الانتخابات الرئاسية في حملة مرشح المشترك فيصل بن شملان -رحمه الله. ربما أدرك الاثنان ماذا يعني الظهور والنجومية فكان البحث عن الآليات للصناعة والتسويق.

أدرك الشيخ حميد أن الإصلاح واللقاء المشترك لا يسمحان بالصناعة والتسويق فكانت اللجنة التحضيرية للحوار الوطني التي أصبحت ملعبا واسعا للعمل.

--

قلم

جسَّ الطبيبُ خافقـي: وقـالَ لي : هلْ ها هُنـا الألَـمْ ؟ قُلتُ له: نعَـمْ فَشـقَّ بالمِشـرَطِ جيبَ معطَفـي وأخـرَجَ القَلَــمْ!

**

هَـزَّ الطّبيبُ رأسَـهُ .. ومالَ وابتَسـمْ وَقالَ لـي : ليسَ سـوى قَلَـمْ فقُلتُ : لا يا سَيّـدي هـذا يَـدٌ .. وَفَـمْ رَصـاصــةٌ .. وَدَمْ وتهمة سافرة>> تمشي بلا قدم