آخر الاخبار

رسائل دول الخليج من العاصمة دمشق لسوريا وللعرب وللمحور الإيراني المليشيا تجبر طلاب جامعة ذمار على إيقاف الدراسة للإلتحاق بدروات طائفية وعسكرية تشمل التدرب على الأسلحة المتوسطة والثقيلة تعرف على الأموال التي سيجنيها ريال مدريد في حال تتويجه بكأس العالم للأندية 2025؟ أول دولة أوروبية تعلن تقديمها الدعم المالي لسوريا توكل كرمان : الشرع يدير سوريا وفق الشرعية الثورية وتشكيل حكومة شاملة بُعَيْدَ سقوط نظام الأسد نكتة سخيفة خمسون قائداً عسكريًا سوريا ينالون أول ترقيات في الجيش السوري شملت وزير الدفاع.. مأرب برس يعيد نشر أسماء ورتب القيادات العسكرية 1200 شخصية تتحضر للاجتماع في دمشق لصناعة مستقبل سوريا .. تفاصيل عاجل الإنذار الأخير ... واتساب سيتوقف عن العمل على هذه الهواتف نهائياً أجهزة الأمن بمحافظة عدن تلقي القبض على عصابة تورطت بإختطاف النساء ...تفاصيل صحيفة هآرتس: الاتفاق السعودي الحوثي معضلة أمام إسرائيل في حربها ضد الحوثيين ... قراءة تل ابيب لمشهد الحسم العسكري المتأرجح

رئيس جمعية السلام للتنمية الاجتماعية في محافظة الجوف
بقلم/ مأرب برس
نشر منذ: 16 سنة و 7 أشهر و 20 يوماً
الجمعة 09 مايو 2008 05:33 م

ما يحدث شيئ رهيب وفيه من العنف ما ترفض الأذن سماعه.

> ما بين 7000 إلى 8000 طالب خلال الــــ 6 السنوات الماضية تخرجوا من الثانوية وجمدوا في البيوت. حتى مدارس الإبتدائية طالها الدمار وطارد الرعب تلاميذها

في هذا اللقاء يكشف عبدالحميد محمد عامر عن النتائج الكارثية للنزاعات القبلية والثأر في محافظة الجوف. ويحاول أن يقرب الصورة أكثر للرأي العام عن الواقع الأليم للتعليم هناك.

 وإذ يضطلع بمسؤولية نائب مدير مكتب التربية والتعليم في المحافظة، فإنه يقود حملة توعوية واسعة بين أوساط القبائل عبر جمعية السلام، للتخفيف من الآثار السلبية للنزاعات والثارات على المدارس ودور العلم والمعلمين والطلاب. الحملة التي أطلقت قبل أشهر، بالتنسيق مع جمعيتين محليتين تعملان للغرض نفسه في محافظتي شبوة ومأرب، تهدف إلى تهجير الأماكن التعليمة (مدارس, كليات, معاهد, طلاب, معلمين, موجهين)، وتجنيبها ويلات الحرب والثأر والنزاع. وأكد في هذا الحوار الذي أجراه معه الزميل علي الضبيبي، ترحيب قبائل الجوف ومشائخها بهذه الدعوة، وتحمسهم لها. وقال إن جمعية السلام للتنمية والسلم الاجتماعي في المحافظة تطرح هذه الفكرة على الجمعية وفق برنامج مدروس, وسوف تمرر الدعوة على كل المشائخ والأعيان واعضاء مجلس النواب و السلطة المحلية وعلى كل المسؤولين في المحافظة ليكونوا شركاء في الحملة.

> حدثنا عن أسوأ التأثيرات التي تحدثها الثارات على حياة أبناء المحافظة؟

بدايةً: أوجه شكري الجزيل لصحيفة «النداء» ولكل العاملين فيها على اهتمامهم بمثل هذه الملفات الإنسانية وبهذه المحافظات. وهي بفتحها لمثل هذا الملف الشائك: ملف الثأر: الذي أكل الأخضر واليابس في هذه المناطق، تكن أول صحيفة مبادرة. و نعتبر هذا بادرة خير وأمل.

الثأر له تأثير كبير على الأرواح والممتلكات والتنمية بكل جوانبها. وقد نشرتم في عدد سابق تقريراً صحفياً عن مأساة الأخوة في المرازيق وآل صيدة، ورأيتم كم هي الأرواح التي أُزهقت والمدارس التي دمرت وصارت مهجورة والطلاب الذي لاذوا بالبيوت وحرموا من التعليم. فضلاً عن المشاريع التي تعطلت بسبب الحرب بين القبيلتين والدمار الذي حصل.

> كونك نائب مدير عام مكتب التربية في محافظة الجوف ورئيس جمعية السلام هناك، إلى أي مدى يؤثر الثأر والنزاعات القبلية على التعليم الأساسي والثانوي في الجوف؟

- النزاعات والثارات تضرب التعليم في الصميم. وكثيرة هي المدارس التي دمرت وكثير هم الطلاب وبشكل جماعي الذين حرموا منها. خذ مثلاً في المرازيق وآل صيدة:

أكثر من 12 مدرسة مغلقة إلى الآن خلال ثلاث سنوات من الحرب بين القبيلتين أبناءهم حرموا من التعليم. ولم يسلم من ذلك حتى طلاب المرحلة الابتدائية الذين هم في سن الزهور. طلاب في الصف الثالث الثانوي لم يستطيعوا الذهاب إلى المراكز الامتحانية منذ 3 سنوات بسبب الظروف الأمنية ناهيك عن تعليم الفتاة أو غيره.

طلاب فقدوا أرواحهم أثناء أداء الاختبارات في المدارس نفسها. في كل الأحوال الوضع كارثي بكل ما تعنيه الكلمة. هناك طلاب لا يستطيعون الالتحاق بالدراسة الجامعية لهذا السبب، وهناك من تمكنوا ولكن بعضهم عاد فتلقفته البنادق- للأسف.

> الملاحظ أن المدارس انتشرت في الجوف بشكل كبير وصار التعليم أسهل من ذي قبل. مع وجود المدارس وازدهارها هل ترى أن الثأر ينخفض أم يزداد في الجوف؟

- ما يحدث عندنا في الجوف مختلف. كلما ازدادت المدارس ازدهر الثأر. والمشكلة أن التعليم لم يؤد دوره، ويعكس نفسه على الحياة. ليس هناك مخرجات تعليمية بالشكل الصحيح. هناك العشرات بل المئات يتخرجون من الثانوية العامة، وبعضهم لا يجيد الكتابة ولا القراءة، مع الأسف. هناك تعليم سلبي إذا جاز التعبير. يكمل الثانوية من أجل الحصول على الشهادة ليس إلاَّ. أو لمجرد الحصول على الوظيفة. ليس هناك تعليم بالشكل السوي تتحقق فيه أهداف العملية التعليمية وتعكس المناهج نفسها على الحياة. للأسف بسبب هذا الوضع إضافة لأسباب وعوامل أخرى، الثأر يزداد هناك.

> ماهي أبرز العوامل الأخرى والأسباب؟

- تذكية عوامل سياسية و اجتماعية، أيضاً غياب الدولة والقضاء، تفشي البطالة والفقر. وربما منطق بعض الجهات المستفيدة في المحافظة ومتنفذين في صنعاء: دعهم يتقاتلون.

> جمعية السلام للتنمية والسلم الاجتماعي في الجوف، وأنت رئيسها، تتبنى حملة في المحافظة بالتزامن مع جمعيتين في مأرب وشبوة يجمعهم هدف واحد: التعريف بمخاطر النزاعات وأضرار الثأر وانعكاساته السلبية على التعليم. أنتم في الجوف أين وصلتم في حملتكم؟

- نحن بدأنا برسم خطة وتجهيزها بشكل جيد على مستوى المحافظة وكسبنا شركاء لنا في هذا الموضوع مع اللجنة العليا لمعالجة قضايا الثأر وصحف أهلية مستقلة، كصحيفتكم الرائعة وموقع مأرب برس، وأيضاً بالشراكة مع المعهد الديمقراطي، وشركاء محليين كالسلطة المحلية وخطباء المساجد ومديري المدارس وطلاب ومعلمين ومشائخ ووجهاء وشخصيات اجتماعية.

> أعرف ذلك، لكن ما الذي انجزتموه خلال الفترة السابقة؟

- خلال الفترة السابقة اقتصر دورنا على الجانب التوعوي حسب الامكانيات المتوافرة والتواصل مع شخصيات إجتماعية والترتيب لهذه الحملة. وأريد أن أقول: في مثل هذه القضية المعقدة الوصول للحلول ليس سهلاً في يوم وليلة. الموضوع يحتاج إلى صبر ونفس طويل وإلى جانب مادي.

المسألة تعتمد على عاملين: الزمن، والامكانيات المادية. هذه المحافظة ليست صغيرة. الجوف كبيرة ومترامية الأطراف والمديريات والقبائل المنتشرة فيها متباعدة جداً وتحتاج بعضها لأيام من سفر ونقاش والتفاهم وتنسيق. أنت تحتاج لأن تقطع صحاري وقفار الجوف مدة طويلة وبالتالي فهذا الأمر يحتاج إلى جهد جبَّار وإمكانيات. ويفترض أن يكون هذا من صميم عمل الدولة التي لم تحس بمسؤوليتها تجاه مواطنيها في هذه المحافظة رغم كل ما يجري.

نحن في الجمعية نتواصل حالياً مع المشائخ والوجهاء وكل الناس بصورة مستمرة، وقد لمسنا تجاوباً كبيراً ورغبة جامحة لدى المواطنين للتخلص من هذه الآفة الخطيرة: الثأر. نحن نتواصل مع الكل ولا تكاد تحدث قضية إلاَّ ونحاول تلافيها قدر الإمكان.

> أنتم الآن تطلبون كمرحلة أولى تهجير المدارس وتأمين الطلاب، هل هذه الخطوة مدروسة، وهل المدرسة والطالب فقط لوحدهما يتأثران بالنزاع والثأر القبلي؟

- نحن هدفنا طموح. وهذه خطوة أولى. بعد تهجير المدرسة سنخطو خطوة ثانية وستكون أكبر من الأولى. وحين تتحقق سنشرع في غيرها حتى نصل باتفاق الجميع إلى إقلاع عام عن الثأر في كل القبائل. وحين بدأنا من المدرسة لا يعني ذلك أننا لا نلقي بالاً للنواحي الأخرى. نحن من أبناء المحافظة ونعرف مشاكلها وهذه الخطوة مدروسة بإتقان وستكون نتائجها مثمرة إن شاء الله. المدرسة هي مصدر الإشعاع والنور. ويفترض أن تضطلع بدورها في إخماد أي ثأر أو نزاع. وكل المواطنين بلا استثناء يتحسرون على أولادهم الذين لا يستطيعون الوصول إلى المدرسة أو الذين انقطعوا عنها.

نريد من الناس أن يحترموا العلم وأن ينظروا إلى المدرسة بشيء من القداسة. نريد أن نُهجِّر دور العلم وأن نخلق جيلاً متعلماً يثور على هذه المشاكل المقيتة والظواهر السيئة. ذلك لن يكون إلاَّ إذا وجدت المدرسة والبيئة الآمنة لها. نسعى إلى ذلك ونعتقد أن كافة المواطنين سيدعمون هذه الفكرة وسيساندونها وإلاَّ فمن ذا لا يريد ابنه وابنته أن يتعلما ويدرسا.

> ماذا عن مخرجات الثانوية العامة، هل هي مرضية؟ وكيف هو الحال بالطلاب الخريجين من الثانوية؟

- أولاً: لابد أن يدرك الجميع أنه لا يوجد أي فرع لكلية التربية أو غيرها في هذه المحافظة. التعليم الجامعي غير موجود إطلاقاً، ولا يكاد يذكر. لا يوجد سوى فرع تنسيق لجامعة العلوم والتكنولوجيا (جامعة أهلية) وللأسف أن هذه المحافظة منسية تماماً عند الدولة ووسائل الإعلام. يكافح الطالب ويكابد حتى ينتهي من الثانوية وبعد الحصول عليها يتوجه إلى البيت. لأن الأغلب ليس بإمكانهم الذهاب إلى صنعاء بسبب قدراتهم المالية وبعضهم بسبب الثأر. والأخير إذا ذهب وبين قبيلته وقبيلة أخرى ثأر قد يخسر حياته. ولذلك تتكدس أعداد هائلة من خريجي الثانوية في البيوت ويلتحقون بنوادي البطالة. لك أن تتعجب: ما بين 7000 إلى 8000 طالب من خريجي الثانوية العامة من 2001 إلى 2007 لم يذهبوا ولم يلتحقوا بالجامعة! إنهم في البيوت لأنهم لم يتمكنوا من ذلك. وحتى مثلاً فرع جامعة العلوم الموجود في عاصمة المحافظة (الحزم) ليس الوصول إليه سهلاً.

مثلاً قبيلة الشولان والمشاكل بينها وهمدان. هذه القبيلة عندها 30 طالباً التحقوا بمكتب التنسيق التابع لجامعة العلوم، لكن هؤلاء الطلاب، وقد سجلوا، لم يستطيعوا الوصول إلى هذا المكتب أثناء الاختبارات لأنه في الحزم في منطقة همدان فحرموا. ولا تزال المأساة قائمة والطلاب في الكشف فقط وفي البيوت.

> إنها مأساة فعلاً. وأنتم تضطلعون بمهمة صعبة إذاً، هل تعتقدون أيضاً من خلال حملتكم هذه، أن المدخل الأساسي لهذه المشكلة هو إصلاح التعليم أم تهجير المدارس؟

- إذا أمن الطالب على نفسه والمعلم وكل أركان العملية التعليمية، سيكون من السهل على المدرسة أن تنهض بدورها وتتحمل مسؤوليتها تجاه المجتمع. وأيضاً لابد أن يكون هناك جودة في التعليم. للأسف هذا الشرط مفقود. الجهات الرسمية والمعنية لا تشعر بمسؤولية تجاه هذا الأمر المؤلم. وفي هذه القضية لابد أن تكون الجهات الرسمية حاضرة في الموقف بدلاً أن تدس رأسها في الرمال ولا تسأل عن هذه القضايا التي تقع من صميم عملها.

> ضحايا بالعشرات وجرحى وتدمير لمنشآت عامة وخاصة ومشاريع تنموية حيوية وحالة من الخوف والرعب تسود في بعض مناطق هذه المحافظة، أين هو دور الأمن المناط به هذه الواجبات؟

- للأسف الشديد لا دور ولا دولة تشعر إزاء مواطنيها بمسؤولية.

> ألا يوجد مجالس محلية في كل مديرية ومجلس محلي في المحافظة؟

- هذه المجالس المحلية إذا جاز التعبير: مولود مشوه- مع الأسف. هذا المجالس لا تمتلك أي قرار. من يدير المجلس المحلي المنتخب من الشعب هو رئيس المجلس المحلي المعيَّن، من فوق. ومن يدير مجلس المحافظة هو المحافظ المعين من فوق. وبالتالي فهي مجالس لا تقدم ولا تؤخر. حتى نكون منصفين هي لم تتمكن من عمل أي شيء؛ صلاحياتها محدودة، وامكانياتها المالية محدودة جداً. فلا تستطيع أن تضع الموازنات كما يتوجب عليها- ولا تستطيع أن تتابع ولا تحاسب مدير مدرسة حتى. ولا تستطيع أن تفعل شيئاً!

> اذا كانت كذلك، فمن المسؤول إذاً؟

- المسؤولية تتركز في المسؤول التنفيذي الأول في كل قطاع. فالمحافظ هو المسؤول الأول عن المحافظة. يأتي بعده مدراء العموم في كل مكتب هم المسؤولون التنفيذيون وهم أصحاب الأمر والنهي وهكذا تسير الأمور.

> برأيك ومن خلال خبرتك في قضايا فض النزاع ومن خلال التنسيق بين جمعيتكم وجمعيات أخرى في شبوة ومأرب، هل تلحظ أن قضية الثأر في الجوف تختلف عن غيرها من المحافظات؟

- من حيث الأسباب الأسباب والعوامل واحدة تقريباً، ومن حيث النتائج: ما يحدث في الجوف شيء رهيب وفيه من العنف ما ترفض الأذن سماعه. والمحزن جداً أن ما يحدث في الجوف لا تتناوله وسائل الاعلام -للأسف- ولا يعلم به الناس. ربما أنتم أول من يكشف وينقل للناس حقيقة ما يجري فيها وإن بقدر الإمكان.

هذه المحافظة مغيبة حتى عن الناس والرأي العام. الحروب تحتدم وتمتد لسنوات وربما لعشرات السنين وتطحن البشر والحياة ولم يكترث لها أحد. هناك عشرات بل مئات الضحايا سقطوا خلال السنوات الأخيرة في الحرب أو بالثأر. هل تمتلك أي منظمة حقوقية أو جهة أو صحيفة أو وسيلة إعلام واحدة إحصائيات أو أرقاماً عن حجم الأضرار البشرية أو المادية فيها؟! هل يعلم الناس عن هذه الكوارث شيئاً؟! لا أدري لماذا هذه الإقصاء والتغييب؟

أنا أدعو وسائل الإعلام الورقية والإلكترونية، المرئية والسمعية، ومنظمات حقوق الانسان أن ينقلوا للعالم حقيقة ما يدور هنا. نطلب نزولكم ونؤكد لكم أنكم في أمان ولن يصيبكم أي ضرر لأن الثأر محصور وبنادق القبائل لا تتوجه إلى صدر أي غريب أو ضيف على المحافظة. قبائل الجوف كرماء ونشماء ويحترمون زوَّارهم، ونزلاءهم بل ويحمونهم. أنا حقيقة أشكر هذه الصحيفة الوطنية المستقلة التي تقف إلى جانبنا ومعها موقع مأرب برس. أرجو من الصحف الأخرى أن تأتينا وسيتعامل الجميع معها بكل تقدير ومسؤولية. أقول للفضائيات تعالوا شاهدوا المأساة بأعينكم وصوروا الدمار وسنوصلكم إلى كل مديرية وقبيلة ترزح تحت جحيم الثأر والنزاع والإحتراب.

أريد أن أوضح الصورة النمطية المغلوطة عن قبائل الجوف: القبائل لا تعترض أحداً. ليس بينها وبينه أي خلاف. على العكس الجوف أكثر من غيرها؛ تحترم الآخرين والقادمين إليها. ومن عادة القبائل إذا تعّرض أي شخص لديهم لسوء فإن المتسبب في ذلك يتحمل «هجَر» ويتحمل «عتُوب» ويتحمل «لوازم» ويدخل في مشاكل لا أوله لها ولا طرف.

> إلي أين وصلت قضية الشولان وهمدان؟

- هذه المشكلة عمرها تقريباً 30 عاماً، وتدخلت السلطة فيها وكذلك المشائخ والوجهاء ولكنها للأسف وبفعل فاعل لا تزال مستمرة. ربما هناك أطراف تذكي الصراع وتعمل على استمراره.

هذه القضية حصدت أكثر من 60 قتيلاً وعشرات الجرحى. الأرض (موضع الخلاف) لا يزال الخلاف قائم عليها. وقد نتج عن هذه الحرب أضرار مادية وتنموية هائلة بين الطرفين؛ مثل تفجير المضخات وإحراق الزروع وتعطيل المراكز الصحية، وإعطاب المدارس، وتسريح الطلاب، وتدمير البيوت ونزوح السكان. وتستخدم في هذه الحرب الأسلحة الخفيفة والثقيلة. ولو أن الذخائر التي استهلكت في هذه الحرب، انفقت في تنمية المديرية لكفتها.

> وبالنسبة للمرازيق وآل صيدة..

- وهذه كذلك لا يزال كل طرف مصِّوب بندقيته وسلاحه باتجاه الآخر. وهذه المشكلة حصدت حوالي 56 إنساناً بين قتيل وجريح، وتدخل الرئيس وعمل سنة صلح وعندما انتهى الصلح، عادت من جديد. لقد خلفت هذه القضية عشرات الجرحى وعشرات الأيتام وذهبت أسر بأكملها في الحرب ودمرت مزارع ومدارس ومضخات ولا يزال الوضع كارثياً بكل ما تحمله الكلمة من معنى. طوال 3 سنوات لم يدرس أولادهم، ولم تفتح المدارس حتى الآن. لم يرض أي مدرس أن يذهب إلى المناطق لأنهم يعتبرونها مناطق حرب. وقد خلفت بسبب شراستها وعنفوانها أضراراً هائلة ومرعبة. نزح الناس من قراهم وشلت الحركة، والمواطنون هناك يتجرعون غصص العذاب والخوف كل ساعة وكل لحظة. هل يكترث لحالهم أحد!

للأسف الشديد، لا تكاد توجد مديرية في هذه المحافظة إلاَّ وهي زاخرة بمشاكل ونزاعات وثارات. بعضها موقفة بموجب صلح أو هدنة. والصلح ليس إلا مجرد تخدير فقط حتى تندلع من جديد ويستنفر أبناؤها ويعيشوا حالة طوارئ على مدار الساعة. هكذا هي الحياة في الجوف. الناس متعطشون للحل النهائي وكل المواطنين توَّاقون للخروج من دوامة العنف والثارات والحروب.

نحن في جمعية السلام نحاول أن نساعد الناس على إنقاذ أنفسهم، ونتمنى من المعنيين في المحافظة وفي قيادة الدولة أن يمدوا أيديهم لنا ويساندونا بالدعم المادي والمعنوي. الحقيقة لمسنا تجاوباً إيجابياً من رئيس اللجنة العليا لمعالجة قضايا الثأر.نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية الدكتور رشاد العليمي، ونحن على اتصال دائم بعضو اللجنة القاضي الإنسان يحيى الماوري عضو المحكمة العليا.

> محافظة الجوف مترامية الأطراف، وهي فرصة لتقول عبر «النداء» شيئاً لأحد هناك، هل لديك شيء.

- شكراً. أوجه نداءً صادقاً ودعوة مخلصة لجميع أبناء محافظة الجوف بمختلف تكويناتهم الاجتماعية وتوجهاتهم السياسية، وبمختلف فئاتهم، إلى أن يلتفوا حول هذه الدعوة وإلى أن يساعدوا أنفسهم وأهليهم بالخروج من هذا الوضع المؤسف.

أدعو الجميع: السلطة المحلية في المحافظة وقيادة الأمن وأعضاء مجلس النواب والمشائخ والأعيان ووجهاء القبائل والمعلمين والطلاب، إلى أن يجعلوا من هذه القضية قضية مركزية. كفانا دمار وإزهاق للأرواح.

يكفي دماء ودماراً. أدعوهم إلى تبني مبادرة تهجير المدارس والطرقات ودور العلم. أنا أدعو الدولة ومشائخ اليمن قاطبة ورجالها المخلصين ومثقفيها وقادات الرأي والكلمة والصحفيين أن يتدخلوا لفض الإشتباك القائم بين القبائل المتقاتلة في الجوف. لم يعد الأمر يطاق. أقول للجميع: بالإمكان أن نوصل الأطراف المتحاربة إلى حل. ساعدونا في هذا الأمر. ما حدث ويحدث بين المرازيق وآل صيدة, شيء فضيع. وكذلك ما يجري منذ 28 سنة بين الشولان وهمدان. سوف يسألنا الله عن ذلك. ولا يجوز بأي حال من الأحوال أن تستمر الحروب وتبقى الدماء تنزف ونحن نتفرج.

أقول للذين يصطادون في المياه العكرة والآسنة: إلى هنا يكفي, يكفي ما وصلنا إليه, آن الأوان لنتصالح مع أنفسنا ومع مجتمعاتنا ياناس.