|
مع دخول الهُدنة الأممية ساعتها الأولى في اليمن، كانت القذائف الحوثية مستمرة في السقوط على الأحياء السكنية بمدينة تعز، وبعدها بساعة واحدة فقط، كان طيران التحالف يقصف مواقع مختلفة في المدينة ذاتها، تتواجد فيها العناصر الحوثية المسلحة، منها غارتين بمنطقة وادي الزُّنُوج، المحاذي لجبل جَرَّة من جهة الغرب، كما استمرت الاشتباكات على أشدها في جبهات ومناطق، جبل جرَّة والضَّبَاب والحَصِب والمُرور وكلابة وغيرها، حتى ساعات متأخرة من صباح السبت، ما يعني أنه لا وجود للهدنة عملياً على أرض الواقع.
الهدنة غير المشروطة، لا وجود لها بالأساس، سوى في أجندة الأمين العام للأمم للمتحدة، ومبعوثه الخاص إلى اليمن "بن عمر في نسخته الثانية"، حيث ظل هذا الأخير يقدم نفس الدور الذي كان يقدمه سلفه السيد/ جمال بن عمر، وما فتئ طوال فترة هذه الحرب، يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار، وهدنة إنسانية يلتزم بها طرفي النزاع، بحجة إيصال المواد الإغاثية، وهو في حقيقة الأمر لا يريد سوى إنقاذ جماعة الحوثي لمصلحة أمريكية بحتة، لم تعد تخفى على أحد، بل الأعجب من ذلك، أنه في كل أحاديثه الإعلامية يسمي المقاومة الشعبية بالمليشيات المسلحة، ويساوي بين الجلاد والضحية، وبين القاتل والمقتول.
أكثر ما يثير غرابتي في هذا الرجُل "أعني اسماعيل ولد الشيخ" أنه يضع نائب وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، ضمن جدوله في كل تحركاته بين الأطراف التي يلتقيها للتشاور، بشأن إيجاد حل للنزاع في اليمن، بين الرياض وصنعاء، ولا أدري حقيقة بأي صفة يشارك هذا المسئول الإيراني في مباحثات يمنية خالصة، لولا التواطؤ المفضوح من قبل الأمم المتحدة وأمينها العام.
الهدنة الحقيقية يا سيد "بن عمر2" هي في تطبيق القرار 2216، ولا شيء غير ذلك، والحديث عن هدنة غير مشروطة، يتناقض كلياً مع هذا القرار، وأنت ورئيسك بان كي مون، تدركون ذلك جيداً، وكان يجب عليكم تطبيقه وفقاً للمادة 42 من الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة، فور انتهاء مهلة الـ 10 أيام، التي لم يلتزم خلالها الحوثي وصالح بتطبيق القرار، لكنكم لا تحترمون أنفسكم ولا قراراتكم، كما لا تحترمون حتى المؤسسة التي تعملون فيها.
الأمم المتحدة أصبحت -وبكل أسف- تمارس العُهر والدجَل السياسي بشكل فاضح ووقح، ولا يُراعي حتى سمعتها من الناحية الأخلاقية والدبلوماسية، والأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثيه، ارتضوا لأنفسهم بأن يكونوا مجرد سماسرة وأُجراء، لحساب الولايات المتحدة الأمريكية، هذه هي الحقيقة.
الهدنة بالطريقة التي يريدها السيد بان كي مون، ومبعوثه إلى اليمن "بن عمر2" هي في حقيقة الأمر، عملية خداع وتضليل للشعب اليمني، لا أقل ولا أكثر، هدفها الرئيس هو إجهاض المقاومة الشعبية، التي تحقق يوماً بعد يوم، تقدماً ملحوظاً على الأرض، خصوصاً في تعز وعدن ومأرب، وإن كان بشكل بطيء نسبياً، بسبب عوامل كثيرة، أهمها العراقيل التي يضعها "الدنبوع" هادي ذاته، والتي لم تعد تخفي على المتابع والمراقب، وهو ما يجب أن يدركه اليمنيون، ويحاسبوه عليه عندما يحين الوقت المناسب.
بالمحصلة .. الأمم المتحدة وهي تتباكى على اليمنيين، فإنما تذرف دموع التماسيح، وعندما تدندن ليل نهار بمصطلح "الهدنة الإنسانية"، ليس لأن قلبها رحيم بالأبرياء من اليمنيين كما تزعم، إذ لو كان الأمر كذلك لطبَّقت القرار2216، وأنهت المشكلة من الشهر الأول، لكنها بالأساس لا تريد أن يسقط الحوثي وحليفه صالح، فالسيدة "أمريكا" لا تريد ذلك، لأنه - ببساطة شديدة- لا يصب في خدمة مصالحها بالمنطقة.
في الأحد 12 يوليو-تموز 2015 03:43:34 ص