ما لا يعرفه العرب عن فوائد زيت الزيتون وعجائبه في جسم الإنسان الضالع: وفاة شابة ووالدتها غرقاً في حاجز مائي غلاء عالمي لأسعار الغذاء إلى أعلى مستوى ست مواجهات شرسة ضمن بطولة الدوري الإنجليزي الممتاز إستعدادات كأس الخليج.. لجنة الحكام باتحاد كأس الخليج العربي تجتمع على هامش قرعة خليجي 26 أول رد من المجلس الرئاسي لوزارة الدفاع السعودية بخصوص مقتل وإصابة جنود سعوديين بحضرموت تقرير: مليون يمني ألحقت بهم أمطار هذا العام أضراراً متفاوتة وضاعفت مخاطر الإصابة بالكوليرا ضبط عشرات الجرائم في تعز والضالع خلال أكتوبر حزب الإصلاح يتحدث لمكتب المبعوث الأممي عن مرتكزات وخطوات السلام وأولوية قصوى أكد عليها المسلمون في أميركا صوتوا لمرشح ثالث عقاباً لهاريس وترامب
لم تبد الأجهزة الأمير كية المهتمة بمكافحة الإرهاب اهتماما علنيا بحادثة هروب 23 من عتاة عناصر تنظيم القاعده في اليمن من سجن الأمن السياسي، رغم أن من بينهم من هو محكوم عليه في قضية الهجوم على المدمرة الأميركية كول.ولا ندري بالضبط ما يدور في الكواليس من ردود فعل حول الحادث ومدى تأثيره المباشر على العلاقات اليمنية الأميركية التي اعتراها شئ من التوتر الشديد في الفترة الأخيرة، إلا أن الأمر المؤكد هو أن الحادث مهما كانت تفسيراته ستكون له عواقب وتبعات لا يجب أن يستهين بها أحد لا في اليمن ولا خارجها.ولكي نفهم تبعات هذا الحادث الخطير فما علينا إلى أن ندرس تفسيرات حدوثه، التي لا يمكن أن تكون غائبة عن الأجهزة الأميركية الموجودة بقوة في صنعاء مهما تعرضت تلك الأجهزة من محاولات للتضليل.
التفسير الأول: سوف نفترض فيه صدق الحكومة اليمنية فيما طرحته عن هروب هؤلاء وهنا تكمن الخطورة، إذ أن هروب 23 فردا من العناصر الخطرة لا بد أن يتبعه قيامهم بعمليات أو هجمات لا يجب التقليل من احتمال حدوثها داخل اليمن أو خارج اليمن،
كما أن هذا التفسير يثبت أن تنظيم القاعدة في اليمن مازال قويا وقادرا على تنفيذ أعقد العمليات من بينها عملية الهروب هذه التي تثبت عجز جهازي الأمن السياسي والقومي عن ملاحقة الإرهاب ربما بسبب إنشغالهما بملاحقة قادة الرأي، أو مرشحي الرئاسة المحتملين، وربما بسبب أوراق قوية مازال يملكها تنظيم القاعدة ويستطيع إشهارها في وجه عناصر قوية داخل النظام.
التفسير الثاني : نفترض فيه أن الحادث لم يكن هروبا لعناصر تنظيم القاعدة من السجن وإنما محاولة من السلطة نفسها للهروب من مواجهة استحقاقات وضغوط دولية تطالبها بتسليم هؤلاء إثباتا لصدقها في مكافحة الإرهاب، وبالتالي فإن السلطة نفسها قررت تسهيل هروبهم أو نقلهم إلى أماكن أخرى ليس لتسليمهم إلى الولايات المتحدة عن طريق طرف ثالث كما يظن البعض وإنما للتخلص من مخاطر بقائهم أحياء. ويبدو أن الجهات الأميركية الرسمية ترفض التعليق على ما جرى حتى الآن إلى أن يتسنى للأجهزة المختصة في الميدان معاينة نفق الهروب ومناقشة الرواية اليمنية الرسمية عن قصة الهروب التي قد تكون صحيحة في كيفية التنفيذ، وغير صحيحة في المسؤولية عن التخطيط.وهناك من المؤشرات ما يدل على أن سلطات الأمن اليمنية لم تكن إلى هذه الدرجة من السذاجة المزعومة كي ينجح أفراد القاعدة في استغفالها بدون توجيهات للقبول بالاستغفال.الرئيس اليمني معروف عنه أنه يثور ويغضب ويهدد ويتوعد بل وقد يكسر سماعة التلفون عندما يصله خبر مزعج كهذا، ولكن فرار عنصرين من أنصار الحوثي من سجن البحث الجنائي وفرار 23 عنصرا من أعضاء القاعدة من سجن الأمن السياسي حادثان لم يسجلا للرئيس سوى أنه تلقى الخبر بهدوء وبلا غضب أو هيجان كبير كما هو معتاد عنه، وهو الأمر الذي يثير التساؤل إذا كان الراوي صادقا في إجابته على سؤال عن رد فعل الرئيس أثناء تلقيه الخبرين. أما الأمر الآخر الذي يدعو للتساؤل أيضا فهو أن هروب سجينين من أنصار الحوثي أو مقتلهما، قبل أيام من هروب عناصر القاعدة، جاء وكأن الأمر فيه إيحاء بأن هناك انفلات غير مخطط له في السجون اليمنية وهو أمر غير صحيح، ولم تأت قصة هروب اثنين من أنصار الحوثي إلا للتغطية على الحادث الأكبر اللاحق لمساعدة السلطة على إثبات براءتها وفقا للتفسير المفترض.هذا التفسير قائم بالطبع على نظرية المؤامرة، ولكن أصحابه معذورون لأن السلطة في اليمن ليست نظيفة إلى الدرجة التي يمكن لأي شخص أن يبرئها من التورط في أي مؤامرة.ولكن قد يطرح أحد القراء سؤالا، ما هي مصلحة السلطة في تهريب هؤلاء وهي التي ألقت القبض عليهم، وقدمتهم للمحاكمة.الإجابة على هذا السؤال يعرفها الأميركيون الذين يضغطون بكل قوة للوصول إلى هؤلاء الأفراد وهم أحياء لأن في جعبات المعتقلين كنوز من المعلومات عن تنظيم القاعدة، وعن عمليات راح ضحيتها أميركيون في الهجوم على كول وما بعد كول.أما أصحاب القرار السياسي في اليمن فلم نعرف عنهم الغيرة على مواطنيهم كي نقول عنهم أنهم لا يريدون تسليم مواطنين يمنيين إلى أميركا، لأن مثل هذه المبادئ لا تلجأ إليها السلطة إلا إذا توافقت مع مصلحتها، وإذا لم تتوافق مع أهوائها فلن تتردد في الضرب بها بعرض الحائط بكل سهولة، ولها سجل معروف في ذلك.السلطة في اليمن على ما يبدو يهمها أن تتخلص من أي دليل قد يدينها أمام المجتمع الدولي، ووقوع جمال البدوي أو فواز الربيعي وغيرهما في أيدي الأميركيين يمثل كارثة بالنسبة للسلطة في اليمن، لهذا لن نستغرب عندما نسمع بعد فترة لن تطول عن إلقاء القبض على عدد من الهاربين و مقتل عدد منهم في اشتباكات مع قوات الأمن. ولن يتم تسليم هؤلاء للأميركيين مطلقا لأن السلطة اليمنية التي كان رموزها يتناولون أكواب الشاي من أيدي بعض هؤلاء الإرهابيين أكثر حرصا عليهم من أنفسهم، ويهمها أن تختفي عناصر معينة منهم من على وجه الأرض. والسلطة اليمنية بمثل هذه التصرفات (إذا كانت تقف وراء ما حدث بالفعل وهو ما يرجحه بعض المجتهدين) فإنها كمن يستجير من الرمضاء بالنار، لأنها بذلك تقرب موعد مواجهة متوقعة ليس مع الأميركيين فحسب ولكن مع تنظيم القاعدة الذي أحجم الرجل الثاني فيه أيمن الظواهري عن إعطاء شهادة للسطلة في اليمن مماثلة للشهادة التي منحها للحكومة الباكستانية، وربما أن الظواهري له مبرراته التي لا يعرفها غير المرتبطين بتنظيم القاعدة أو الداعمين له.ولكن الحادث الأخير يؤكد أنه لم يعد هناك مجال للجمع بين الإف بي آي وعناصر القاعدة في سرير واحد، وعلى السلطة في اليمن أن تحدد موقفها بوضوح مع الإرهاب أو ضده بعيدا عن انتظار المساعدات أو المطالبة بمكافأة مالية نظير عدم إرتكاب الجريمة، فهذا السلوك لا يختلف عن الإبتزاز المالي الذي يطالب به خاطفوا الرهائن، والمجتمعات الغربية لم تعد قادرة على تقديم مساعدات للأنظمة الفاسدة وإنما للشعوب المطحونة بالفقر. وأنا هنا لا أحاول التنجيم بما يمكن أن يحدث ولكن أمامي واقعة محددة وليس لها سوى التفسيرين السابقين، ومن صلب التفسيرين تنبثق استنتاجات وتوقعات لا يصعب على أحد قراءتها.وباختصار يمكن القول إن عملية الهروب الأخيرة إذا كانت قد تمت بتواطئ من السلطة، فإن ذلك يجعلنا ندق ناقوس الخطر متوقعين تبعات إنحياز السلطة للتنظيمات الإرهابية، ولكن الأخطر من ذلك أن تكون العملية قد تمت باستغفال تنظيم القاعدة للسطلة، وبالتالي فإن هذا التنظيم يكون قد قضى على ما تبقى له من تعاطف بين أركان السلطة في اليمن وألغى هدنة غير معلنة بين الجانبين قد تؤدي إلى ملاحقة أعضائه ومصادر تمويله، وربما إلى حرب معلنة بين الطرفين قد ينجم عنها إطاحة أحدهما بالآخر. وهناك نصيحة يمكن أن توجه لقمة السلطة في اليمن التي برعت في لعبة التوازنات طوال الثلاثة العقود الماضية، إن مسك العصا من النصف بين الأميركان والإرهاب مهمة من أصعب المهام لن يكتب لها النجاح، وأنجح السياسسين هم الصادقون في مواقفهم والثابتون في الدفاع عن مصالح أوطانهم وشعوبهم.