آخر الاخبار

حزب الإصلاح : اغتيال إسماعيل هنية جريمة بشعة وفعل مدان بكل الأعراف الدبلوماسية والقوانين الدولية نجاة رئيس مجلس القيادة عبدالفتاح البرهان من محاولة اغتيال في أقوى رد وأعمق تعليق توكل كرمان: في أول يوم لتنصب رئيسها الجديد إيران تقدم رأس إسماعيل هنية هدية ثمينة لاسرائيل لماذا أوقفت إيران نظام دفاعاتها الجوية وكيف قطع الصاروخ الذي استهدف هنية مئات الكيلومترات فوق الأراضي الإيرانية دون استهداف ..تفاصيل منظومات الدفاع الإيرانية ؟ حركة حماس تكشف أين ومتى سيدفن جثمان اسماعيل هنية وفد رفيع المستوى يصل الرياض لبحث تسوية يمنية مرتقبة.. تفاصيل بعد اغتيال هنيّة في طهران.. تعرف على أبرز المرشحين لرئاسة حماس وكيف تتم عملية الإختيار؟ أول تعليق لأمريكا على اغتيال هنية وهل كان لها دورا فيه؟ ثلاث مراحل تنتهي بفترة انتقالية.. العليمي يحدد بنود خارطة الطريق التي يحاول الحوثيون تضليلها شاهد آخر ظهور لإسماعيل هنية قبل اغتياله وماذا قال عن القدس؟

تيسير علوني من السجن الكبير إلي السجن الصغير
بقلم/ د أحمد زيدان
نشر منذ: 17 سنة و 3 أشهر و 4 أيام
الخميس 26 إبريل-نيسان 2007 05:06 م

كانت الرحلة التي أمضيتها في الطائرة من مدريد إلي غرناطة، حيث معقل أبي عبد الله الصغير سابقاً تتعدي الساعة تقريباً إلا قليلاً، لكن نفسياً كانت تقدر بالنسبة لي بالساعات وربما بالأيام، كنت حينها كمن يسابق الزمن فمضيفي شخص ربطتني به صلات وعلائق عدة مهنية ووطنية، حيث أننا من بلد واحد، لقد انقطعت عنه لثلاث سنوات أو يزيد، حين عاد من تغطيته العدوان علي العراق، كنّا حينها سوية مع الزميل الأعز رحمه الله وأسكنه فسيح جناته ماهر عبد الله، عاد مضيفي من الدوحة إلي أرض أبي عبد الله الصغير وابن عباد ليسجن ظلماً وعدواناً بذرائع وحجج واهية أوهن من بيوت عنكبوتهم ...

حطّت بي الطائرة في مطار غرناطة لأستقل سيارة، كان الرابط الوحيد بيني وبين مضيفي الهاتف الجوال، إذ أنه يسكن علي مبعدة حوالي أربعين دقيقة بالسيارة من مطار غرناطة في ضاحية من ضواحيها تسمي أفكار، بدأت معها رحلة قصيرة غلفها الصمت الذي ربطــــني مع السائق، الذي كنت أجهل لغته وبكل تأكيد يجهل لغتي، وإن كانت لغتي قبل قرون هي اللغة الرسمية لبلاده حالياً وبلادي سابقاً، حين كان بنو الأحمر وبنو عباد وغيرهم سادة هذه المنطقة ..

بالوصف الهاتفي الذي كان يلقنه مضيفي للسائق تمكنا من الوصول إلي البيت الذي يقع علي تلة صغيرة تطل علي جبال من الزيتون البديعة الذي اشتهرت به الأندلس وإسبانيا بشكل عام، استقبلني الرجل وكأنه هو، لم يتغير بشاشة وإطلالة مرحة محببة إلي النفوس، وفوق ذلك نشاطاً ومرحاً، رغم مرض القلب الذي يعاني منه، لأدلف معه علي الفور بعد تبديل ملابسي إلي المطبخ، فجدران البيت تنكرت إلا له، كون زوجته وأولاده أرغموا علي البقاء في الدوحة يتابعون دروسهم، تلك الدوحة والجزيرة التي وقفت معه موقفاً مشرفاً، يشرف ليس كل عربي ومسلم، بل وكل إعلامي شريف، ستكون تلك الوقفة سابقة ومثالاً يحتذي أمام أية وسيلة إعلامية يتعرض أبناؤها للحيف والظلم، كان الجوع قد أخذ مني كل مأخذ لأسباب مفهومة بالنسبة لي ولأمثالي ممن يتحرجون من الأكل غير الحلال خلال السفر في طائرات تفتقر إلي الأكل الحلال، جلسنا نأكل ونتحدث ونتحدث وكأننا نسعي إلي التعويض عما فاتنا من سنوات طويلة بعيداً عن بعضنا بعضاً.

ربما لسائل يسأل كيف كنتم تتحدثون وأجهزة الرصد والتنصت قد تكون مزروعة ومبثوثة في كل زاوية ومكان من البيت، لكننا صحافيون إعلاميون لا نستطيع أن نخبئ شيئاً حتي عن أنفسنا، فضلاً عن غيرنا، وهو ما لا يريد أن يقتنع به بعض من أعمتهم هلوسة الحرب علي ما يوصف بالإرهاب ، فأخونا وصديقنا العزيز تيسير حفظه الله من كل مكروه وسوء كما يُقال عندنا في السوري: اللي في قلبه علي لسانه ..

كانت الإقامة الجبرية له سجناً بغض النظر عن خروجه من السجن الرسمي الكبير، لا يستطيع أن يتحرك خارج البيت إلا لساعتين يومياً، ليقضي حاجياته، تمشينا قليلاً من الساعة الرابعة عصراً إلي الساعة السادسة، ساعياً إلي شراء حاجياته بنفسه من السوق.

حديثه كان عن حقوق الإنسان وقيمة الإنسان التي حطت السجون والزنازين من قدرها، ربما ترسخت تجربته، وزادته قناعة في السجن بإيلاء ذلك أهمية، فالتجربة الشخصية، كثيراً ما تنعكس علي السلوكيات والسياسات والاستراتيجيات العامة للشخص، كما طاول الحديث جوانب عدة من الظلم الحاصل والذي حصل في بلاد كثيرة، وكيفية مواجهته، ودور المنظمات الحقوقية تجاهه، ليتشعب الحديث الذي يوصف بحق بذي شجون، إلي جروح المسلمين الممتدة علي امتداد الزمان والمكان، جروح بلا حدود، كانت جلستي معه ليومين، لكن خلتُ أنها لساعات، وذلك هو الزمن الذي يمضي ولا تبقي منه إلا الذكريات والمواقف، فمنهم من يخلده موقف شجاع ومشرف، ومنهم من يخلده عكس ذلك، والمثال الثاني أمامي يتجلي بأوضح آية حين أنظر إلي ذلك القصر المنيف قصر الحمراء، إنه موقف أبي عبد الله الصغير، الذي كانت نهاية مملكة بني الأحمر علي يديه، ولهذا قصة تقطع نياط القلوب وتدمي العيون، وصدق الشاعر حين قال:

لمثل هذا فليذوب القلب من كمد

إن كان في القلب إسلام وإيمان

#
اعلامي من سورية