أردوغان والسيسي يوقعان اتفاقيات استراتيجية كبيرة بمناسبة اليوبيل الفضي لتوليه مقاليد الحكم...زعيم خليجي يصدر عفوا عن مئات المحكومين كويكب يضرب الأرض خلال ساعات.. والعلماء يحددون بأي دولة سيسقط الحوثي يسرق اليمنيين بأسم النبي.. هذا ماحدث في مديريتين من مديريات صنعاء فقط كارثة غير مسبوقة.. انفجار وشيك للناقلة النفطية (سونيون) في البحر الأحمر وزير في الحكومة الشرعية يوجه نداءً هاماً لجميع اليمنيين في الداخل والخارج مسؤول حكومي يعري الاعترافات المُفبركة التي تنشرها مليشيا الحوثي لنخبة المجتمع في صنعاء إغلاق مصانع وإلغاء وظائف.. ما الذي يحدث في قطاع السيارات الأوروبية؟ الكشف عن أكبر صفقة فساد جديدة في دولة عربية بقيمة 18 مليار دولار ضربة موجعة وغير متوقعة… مانشستر سيتي يقطع الطريق على ريال مدريد
"خطوات الرجل الصريح تستنطق الأرض" ( فريدرك نيتشه).
المشي: لغةٌ: حركة تعبيرية دالة, كل له مشيته, طريقته, حركته المميزة, إيقاعه الخاص, للخطى وقعها وتوقيعها,خطاك كتابةٌ دائبةٌ على صدر الزمان والمكان, خطابٌ متحرك, أنت تخط الخط وتبتدع الطريق, وتطرقه بطريقتك.
تلفتنا المشيات, يشدنا وقع الخطى, خطى الرجال والنساء, لكل إيماءته وتعبيره.
لكل حركته البلاغية, مقولاته الموقعة بانتظام.
في خطونا الكثير من حركة الروح, والكثير مما يميز الخلق والأخلاق, لكأن خطاك همس روحك, بها تُعّرف عن نفسك, وتعلن عن طبيعتك, وتحدد الانطباع عنك.
إنها المشية, اللغة التي نحتاج إلى تعلمها طول الدرب, هي على ضوء الآيات القرآنية لغةٌ قابلةٌ للتغيير, يمكن إعادة صياغتها وتعديلها ذاتياً, هكذا تلوح: تعابير إرادية خاضعة لاختياراتنا الواعية, مشية نصممها نحن.
وبحسب ما نصدر عنه من تصورات وأفكار ومبادئ وقيم, تشكل وعينا بوجودنا وتحدد ملامح حركتنا و علاقتنا بالله وبالإنسان والحياة, بالكون والكائنات.
المشية في القرآن الكريم, درسٌ كبير يحضرنا كل صلاة دعاء علوياً في فاتحة الكتاب نستهدي به الله "إهدنا الصراط المستقيم, صراط الذين أنعمت عليهم, غير المغضوب عليهم, ولا الضآلين "والصراط المستقيم" يستوجب المشي على نحو مستقيم, بلا اعوجاج أو تخبط, بلا تنافر أو شذوذ, بلا تكبر أو غرور, وإذ يصف الرحمان عباده, فإن مشيتهم الشفيفة تتقدم كل النعوت "وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا" برفق ولين, تواضع, سكينة, وقار, يتقدم خطاب الجسد الناطق بصدق العبودية, والمفصح عن الروح المسكونة بالرحمانية.
يتقدم خطاب الجسد,تتصدر الحركة, يأتي القول تالياً "وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما" وفي درس لقمان لابنه, تحضر تعابير الجسد وإشاراته, كصفاتٍ وسلوكيات مكتسبه ينبغي السيطرة عليها وإخضاعها, وتجنب السيئ منها, وهو درس عظيم يدلنا على أهمية غرس القيم في مرحلة التنشئةِ, كي تصير أخلاقاً أصيلةً حيةً متجذرةً في عمق الشخصية, ومجسده بصورةٍ عفويةٍ وتلقائيةٍ بعيداً عن التكلف أو التصنع.
في وصايا لقمان لابنه: "ولا تصعر خدك للناس, ولا تمش في الأرض مرحا, إن الله لا يحب كل مختال فخور"ثم وبتركيز أدق يوصيه: "واقصد في مشيك " مستبقا التعبير الصوتي: "وأغضض من صوتك, إن أنكر الأصوات لصوت الحمير" تستوقفني هذه اللفظة: "واقصد" أراها صيغةً بلاغيةً معبرةً عن عمل القلب, مرتبطةً بالقصد, والمشيُ قصد, تقصد منه بلوغ مقصدٍ ما "واقصد في مشيك" كأنها تقول اجعل قلبك هو القاصد, اقصد بقلبك, ليكن مشيك قصداً لله, ليكن الله قصد القلب.
ثمة مشيات منكرةٌ صلفة, متعالية متبخترة فيها كبر وغرور, ثمة مشيات متصنعة, زائفة فارغة المعنى, وهناك مشيات رخوةٌ فاترةٌ, باردةٌ, مرتبكة, تنقصها الثقة, ومشيات مغناجة, رافلةٌ, رشيقة ٌ, رقيقة, مشيات ومشيات, خطانا خطوطنا, وقع الأقدام, خطرات الأفهام, ومن يقصد الصراط المستقيم عليه أن يحاذر, عليه أن ينظر إلى مشيته, أن يصغي إلى وقع خطاه, ليرى مدى اتساقها مع حركة روحه وأشواقه,ليسمع مدى نبضها وخفقها, ليتأكد من رهافتها وذكائها ولطفها, والتزامها وعدم جنوحها وانفلاتها.
وأعود إلى وصف الرحمان مشية عباده " يمشون على الأرض هونا " فيها رفق وجمال يذكر بوصف الأعشى مشية صاحبته " تمشي الهوينا كما يمشي الوجي الوحلُ ".
ثمة ارتباط بين الخطوة والأرض, ارتباط وثيق روحي وجسدي يوجب الإكرام والاحترام.
الأرض ليست خلاءً جامداً قابلاً للدهس, قابلاً للخطو المتبلد, عديم الإحساس, الأرض حياة تتشارك فيها الكائنات, الآيات القرآنية تركز على علاقة سوية مع الأرض, علاقة حميمية, وتتحدث عن المشي كتعبير حر يجد في الأرض شرط تحققه, وكذا تحيل الآيات على الكثير من الخبرة البيئية المرتبطة بالمشي.
في القرآن الكريم نجد تركيزاً مكثفاً على نورانية الخطى, على عاطفية المشيات, حيث تتناغم حركة الجسد والروح, ويتسق الكائن في تعبيره عن الكينونة مع حركة الكون.
هي مشية رجلٍ خمسيني متأنق, فيها جمالٌ ومهابة ووقار, رحت ألفت النظر إليها بإفتتان وحماسة أضحكت البعض, هذه الخطرات وحي تلك الخطوات.
يا الله: أسألك مشية أهدى, سويةً على الطريق المستقيم, أعوذ بك من شر خطاي, وسوء خطاياي ومن مشيتي مكباً على وجهي في الضلال المبين.