رئيس الأركان الإسرائيلي يكشف عن خطوات عسكرية للهجوم على دولة عربية قوات المجلس الانتقالي تختطف موظفا بالدائرة المالية برئاسة الوزراء بمدينة عدن السفارة الأمريكية في اليمن توجه طلبا للحوثيين وسفيرها يعلن تعهدا مقتل ناشطة أمريكية برصاص الإحتلال الإسرائيلي.. وحماس تدين في غياب ميسي.. الأرجنتين تقسوا على تشيلي في التصفيات المؤهلة لكأس العالم رونالدو يعانق الهدف رقم 900 منظمة أممية تطلق نداء عاجلا لتوفير أكثر من 13 مليون دولار لإغاثة 50 ألف أسرة في اليمن تقرير يتحدث عن اليد الخفية لإيران التي تساعد الحوثيين في استهداف السفن التجارية وزير الدفاع اليمني يصل أبوظبي .. تفاصيل نتنياهو يتحدى مصر في جلسة عاصفة وموجة غضب إسرائيلية ضده
يقول الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي :
الدوافع وراء إصدار فتوى تجريم الجميع:
أعتقد أن العالم الذي أفتى بأن من قتل في النزاع بين حركتي فتح وحماس ليس شهيدا، وإنما هو من أهل النار، مستشهدا بالحديث الصحيح المتفق عليه: "إذا التقى المسلمان بسيفيهما، فالقاتل والمقتول في النار"[1]؛ أعتقد أن هذا العالم أراد بفتواه هذه: أن يردع الإخوة عن الاقتتال المشؤوم، الذي لا يرضاه مسلم: أن يدع الإخوة الفلسطينيون عدوهم يحتل أرضهم، ويسفك دمائهم، ويدمر منازلهم، ويقتل أبناءهم، ويغتال زعماءهم، وهم مشغولون بعضهم ببعض. أيا كانت الأسباب والدوافع.
ليسوا سواء:
ومع أن الإسلام حرّم ذلك أشد التحريم: أن يرجع الناس كفارا يضرب بعضهم رقاب بعض، كما كانوا في الجاهلية، بل حرّم الإسلام على المسلم أن يشير إلى أخيه بالسلاح، مجرد إشارة، جادّا أو مازحا[2].
ولكن التحقيق في هذه القضية: أنه ليس كل مقتول في هذا الصراع بين الإخوة (شهيدا) وكيف يكون شهيدا من يحمل سلاحه على أخيه، لحساب اليهود الصهاينة، أو حلفائهم من الصليبيين كالأمريكان، ومن يحاول أن ينفخ في النار ليزداد لهيبها، فكلما اتفق الفريقان أو كادا: عكّر الماء ليصطاد، وهيّج جمهوره، لتفشل جهود الإصلاح؟ مثل هذا الذي يثير الفتنة، ويشعل النار، ويرمى لها بالوقود إذا قتل لن يكون شهيدا. فإن السيف يمحو الخطايا، ولكنه لا يمحو النفاق.
الظلم هو المعيار :
وكذلك نقول: ليس كل من قتل في هذه الفتنة من الفريقين يكون في النار. فلا شك أن هناك فرقا بين المعتدي المعتدى عليه، وبين الظالم المظلوم، فمن الإخوة من لا يفكّر قط في رفع السلاح على أخيه، ولكنه يضطر إليه اضطرارا للدفاع عن نفسه أو عن أهله أو عن إخوانه. والدفاع عن النفس مشروع ولو بالقتل إذا اضطر إليه، لأنه قتل اضطرار لا قتل اختيار.
وهذا ما قرره الفقهاء في دفع الصائل: أن يدفع بأخف الوسائل، فإذا لم يجْد الأخف لجأ إلى الأشد، ولو كان القتل، بحكم الضرورة.
وفي الحديث الصحيح: أرأيت إن دخل علي داري؟ فقال: "قاتله"، قال: فإن قتلته؟ قال: "هو في النار"، قال: فإن قتلني؟ قال: "فأنت شهيد"[3].
فقد بيّن الحديث الشريف: أن المعتدى عليه: شهيد، بخلاف المعتدي، فهو في النار.
المتأول معذور، بل مأجور:
وأما حديث أبي بكرة الصحيح في التقاء المسلمين بسيفيهما، فليس على إطلاقه، وإلا حكمنا على الصحابة الكرام، ومنهم: علي بن أبي طالب، وطلحة والزبير رضي الله عنهم بأنهم (في النار) وهم من العشرة المبشرين بالجنة بإجماع الأمة، ومن السابقين الأولين من المهاجرين الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه، بنص القرآن في سورة التوبة، وهم من المؤمنين الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة، وأعلن القرآن رضا الله عنهم: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ}[الفتح:18].
متى يكون القاتل والمقتول جميعا في النار ؟
وإنما ينطبق الحديث على من قاتل استجابة لعصبية جاهلية، أو حبا للدنيا، أو اتباعا للهوى، أو مطاوعة لأعداء الدين والأمة، ونحو ذلك. أما مَن كان عنده تأويل – أي اجتهاد ووجهة نظر شرعية – في قتاله، فلا يدخل في الحديث، وإن كان مخطئا في تأويله، إذا كان موقفه بعد الاجتهاد والتحري. فهو مأجور أجرا واحدا على اجتهاده وإن أخطأ فيه، وذلك من فضل الله تعالى ورحمته على هذه الأمة.
قال الحافظ بن حجر: ولذا كان الذين توقفوا في القتال (أي من الصحابة) في الجمل وصِفّين، أقلّ عددا من الذين قاتلوا. قال: وكلهم مأجور إن شاء الله. بخلاف من جاء بعدهم ممن قاتل على طلب الدنيا[4]. اهـ
النية هنا هي الفيصل بين أهل الدنيا، وأهل الدين، والنية محلها القلب، والله وحده هو الأعلم بالنيات والسرائر.
على أن من المهم هنا: أن نبين أن الحديث نَسب المقتتلين جميعا إلى الإسلام، وقال "إذا التقى المسلمان" فلم يخرجهما عن الإسلام.
كما أن الآية الكريمة في سورة الحجرات صرحت بإيمان المقتتلين بعضهم مع بعض، فقالت: {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا}[الحجرات:9]. ثم قالت: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ}[الحجرات:10].
وإنا لنحمد الله تعالى أن هذه الفترة المأساوية السوداء قد انتهت إلى غير رجعة – إن شاء الله – بين الفريقين، من خلال اتفاق مكة المكرمة، الذي نسأل الله تعالى أن يكون خيرا وبركة؛ على الفريقين وعلى أبناء فلسطين جميعا، ويكون بداية عمل مشترك لخدمة القضية وتحرير أرض الإسراء والمسجد الأقصى. آمين.
والله أعلم .