الإيدز وأمراض أخرى في صوالين الحلاقة في اليمن
بقلم/ سوسن الجوفي
نشر منذ: 17 سنة و أسبوعين و يومين
الثلاثاء 11 ديسمبر-كانون الأول 2007 07:16 ص

يدب الرعب في النفوس عند سماع مرض الإيدز والعواقب التي تلحق بصاحبه ويتضاعف الخوف أكثر عندما يعلم الكثير عن المصادر المختلفة التي ينتقل عبرها فيروس الإيدز وهي أماكن يرتادها البعض بحذر ويغفل البقية عن ما يمكن أن تجلبه من أمراض وفيروسات هل بالإمكان الاستغناء عن زيارة عيادات الجراحة ومراكز الدم وصوالين الحلاقة ؟؟ وحتى لا يأتي اليوم الذي يجد الشخص نفسه فجأة مريض ويحمل فيروسا قاتل والمصدر لا يعرف من أين !! تقول له السطور القليلة القادمة كن حذرا !!

تتبعت ( سبأ نت) خلال السطور القادمة مدى إدراك عددا من الأسر أن كثير من الأماكن، وخصوصا صوالين الحلاقة قد تكون مرتع خصبا لكثير من الفيروسات خاصة تلك الصوالين التي لا تهتم بنظافة وتعقيم أدواتها، وقد يكون من بين تلك الفيروسات فيروس الإيدز والعياذ بالله.

ويعلن الكثير أن العفة والطهر والالتزام بالأخلاق وتعاليم الدين الإسلامي هي الرادع الوحيد لتجنب هذا المرض لكن الحقيقة التي لا يعرفها الكثير أن فيروس هذا المرض قد ينتقل إلى الإنسان الملتزم والسوي بطرق ووسائل مختلفة فيصيب الشاب والرجل العجوز حتى الطفل الصغير الذي يسعد كثير من الآباء باصطحابه إلى صوالين الحلاقه لحلاقة شعر رأسه دون توخي الحذر أو منع العاملين فيها من مداولة تلك المكائن والآلات من رأس إلى رأس دون اهتمام بالتعقيم والنظافة !!

* النضج قبل الأوان:

اعتاد أحمد الصايدي (40عاما ) أن يقص شعره ويهذب لحيته في صالون يقول عنه:" إن ديكوره مميز ونظافته وترتيبه تبدو واضحة لكل زائر للصالون". ويعترف أحمد أنه لم يخطر بباله يوما أن يلحظ صاحب الصالون ومدى اهتمامه بتعقيم أدوات الحلاقة رغم زيارته المتكررة له، وأنه اكتفى بنظافة الصالون واللمسات الفنية التي أضفى عليها صاحب الصالون لكي يصبح مكان جذاب ومريح لمرتاديه.

كما يعلم الصايدي أن مرض الإيدز مرض قائل وخطير لكنه لم يخطر بباله يوما أن عدم تعقيم أدوات الحلاقة قد تكون سببا رئيسا في جلب هذا الفيروس الذي تعوذ منه أحمد عندما بدأنا الحديث عنه.

منذ العام الماضي والأبناء الثلاثة لعبد الواحد الشرفي الذين تتفاوت أعمارهم بين السابعة والتاسعة والحادي عشرة، وهم يذهبون إلى صالون الحلاقة بمفردهم، حيث يعطيهم الأب مبلغ من المال ويترك لهم مهمة البحث عن صالون الحلاقة، الذي لا يعلم عبد الواحد شيئا عن أدواته ومدى نظافتها ومدى التزام الحلاق بقواعدها.

تقول أم عدنان وعمر وعلي ( ربة بيت ):" إنها سمعت عن خطورة صوالين الحلاقة إذا لم يهتم أصحابها بتعقيم أدواتها ونظافتها، وأنها مكان ثري بالجراثيم والفيروسات لكن ليس إلى حد الإيدز الذي تعتقد أم عدنان أن انتقاله يكون بالطرق غير المشروعة فقط ".

وأضافت أم عدنان:" إنها حاولت أكثر من مرة أن تقنع زوجها بمصاحبة الأطفال إلى مثل هذه الأماكن لكنه رفض بحجة التعلم والاعتماد على النفس".

وعلقت:" يوحي لهم دوما أنهم أكبر مما يتوقعون، وأن التقاعس في الأمور الموكلة لهم خارج البيت معناه نقصا في رجولتهم !!".

يحرص كلا من صفوان وماجد وسمير ووالدهم صالح في احذ جميع الأدوات الخاصة بالحلاقة حتى (الفوطة ) التي يضعها الحلاق حول رقبة الزبون، وليس على الحلاق سوى مهمة القص والتخفيف والتهذيب، ولم يمل أو يتكاسل صالح أو أحد أبناءه في مرة من المرات باصطحاب أدواتهم معهم التي يهتمون بنظافتها وتعقيمها تحسبا لأي إصابة بأي مرض.

وقال صالح:" إن ما دفعه لذلك التصرف هو ملاحظته في إحدى المرات إهمال أحد الحلاقين في تعقيم بعض الأدوات وتنظيفها أثناء حلاقته لطفل صغير لا يتجاوز عمره الخامسة فور انتهاءه من تمرير تلك الماكينة على رأس رجل يتجاوز عمره الأربعين، وعندما عاتبه على ما قام به، قال:" العافية والمرض من الله لا تصدقش التصانيف حقهم"، ومن تلك اللحظة أقسم صالح إن لا يذهب هو أو أحد من أبناءه إلى أي صالون للحلاقة دون اصطحاب عدتهم معهم !".

* شفرة تبحث عن تعقيم:

وقريبا من المقص وشفرة الموس ومجفف الشعر وماكينة الحلاقة وعددا من المناشف والكريمات التي رصها جابر الصبري في واجهة المرآه، التي تتوسط صالونه الصغير.

يقول جابر:" إن الحلاقة مهنة تتطلب الحذر الشديد، وكذا الالتزام بالأمانة وأخلاقيات المهنة خاصة وان العمل متعلق بالصحة وأي إهمال أو تسيب في التعقيم والنظافة قد يعرض حياة الكثير للخطر فكثير من مرتادي صوالين الحلاقة لا يعيرون أمور النظافة والتعقيم اهتماما، وبالتالي يعود ذلك على أمانة الحلاق وذمته خصوصا في العيد الذي يعتبر الذروة لعمل صوالين الحلاقة".

تواصلت سطور (سبأ نت) مع وحدة مشروع مكافحة الإيدز بالأمانة العامة للمجلس الوطني للسكان حيث قال عبد الرحمن الشميري المنسق الإعلامي في وحدة المشروع:" إن مهمة المشروع هي التوعية بمخاطر فيروس الإيدز بشتى وسائل الاتصال المباشرة وغير المباشرة بدعم من الصندوق العالمي لمكافحة السل والإيدز والملاريا عبر برنامجين هما البرنامج العام لمكافحة الإيدز بوزارة الصحة مهمته علاجية بينما يشمل البرنامج الثاني الجانب التوعوي متمثلا بورش عمل وملصقات وفلاشات في كافة وسائل الإعلام للتوعية بمخاطر المرض".

وأشار الشميري إلى أن الإحصائية الخاصة بحاملي الفيروس حتى نهاية العام 2006م، بلغت 2525 حالة، جميعها اكتشف عن طريق الصدفة كأن يكون الحامل للفيروس ذهب للتبرع بالدم أو ضمن إجراءات أخرى تتطلب فحص الدم. مؤكدا إنه لا يوجد في بلادنا سوى معملين للفحص أي جهازين للكشف أحدهما في صنعاء والأخر في عدن.

وقال الشميري:" إن النظرة السلبية تتسبب في تفاقم المشكلة فحاملي الفيروس يعانون من نظرة المجتمع السيئة اكثر من معاناتهم من المرض نفسه فلابد من مضاعفة الجهود عبر الوسائل المختلفة للتوعية بهذا المرض الذي ينتقل بصمت وبقدر خطورة المرض بقدر سهولة الوقاية منه عبر معرفة طرق نواقله التي يجهل الكثير أن من ضمنها أدوات الحلاقة والحجامة والوشم وأماكن ثقب الأذن ( تخريص الفتيات).

وأضاف المنسق الإعلامي:" إن منظمة الصحة العالمية تقدر أن خلف كل حالة معلنه خمسة عشر حاله غير معلنة".

وختم الشميري حديثه بتساؤل مفاده أن أدوات تعقيم الأسنان غالية جدا فهل توجد الذمة التي تؤمن زائر العيادة بفتح فمه دون خوف ؟!

التقينا أسعد ساري مدير مبيعات في شركة ( DADEH ) للأدوية، حيث أشار إلى أن الدور التوعوي هام وضروري عند ارتياد كثير من الأماكن التي من المحتمل أن تنقل لزائرها كثير من الأمراض كالإيدز والكبد البائي مثل عيادات الأسنان والعيادات الجراحية وصوالين الحلاقة بالذات لأنها من اخطر الأماكن التي قد تسبب انتشارا للأمراض والأوبئة سواء بنقلها من الحلاق مباشرة أو بواسطة الأدوات المستخدمة.

وقال ساري:" إن الالتزام بغسل وتطهير وتعقيم الأدوات المستخدمة في الحلاقة بعد كل مرة من الاستخدام، وتوفير الوسائل المناسبة لتعقيم أدوات الحلاقة من جهاز الأشعة فوق البنفسجية لتعقيم الأدوات المعدنية تكاد تكون معدومة عند بعض محال الحلاقة، كما أنه لا يمكن استخدام محلات الحلاقة في الأعمال الطبية الخاصة لعلاج أمراض البشرة والتقشير وإزالة حب الشباب كما يفعل كثير من الحلاقين".

عشرات الأطفال ينتظرون الجلوس على كرسي الحلاقة وقد جاء الأغلبية بصحبة أمهاتهم والبقية مع آباءهم لان هذا الصالون الذي يقع في حدة بالعاصمة صنعاء يوجد لديه متخصص لحلاقة شعر الأطفال وعندما اقتربنا من بعض الأمهات لمعرفة مدى اهتمامهن بالمكان الذي يأتي إليه أطفالهن للحلاقة فيه كان رد الأغلبية لوجود متخصص بالأطفال غير أن أم جلال وأم سامي تكررت زيارتهما لهذا الصالون بسبب ملاحظتهن اهتمامه بنظافة الأدوات التي يستخدمها وبإشراف شخصي منهن في محاولة الحد من تمرير المكائن الكهربائية حتى لا تجرح أطفالهن، وفي نفس الوقت قد تكون مصدر رئيس لنقل كثير من الأمراض الوبائية والجلدية.

تقول أم سامي:" إنه مكان يجب أن يتوخى الجميع الحذر منه لأنه من الأماكن الخطيرة التي يمكن أن ينتقل عن طريقها كثير من الأمراض المعدية، والخطيرة، في نفس الوقت. وأشارت إلى الإيدز وفيروس الكبد وأنواع من البكتيريا والأنتانات.

* تهمة بسرقة فيروس الإيدز:

يبلغ وباء نقص المناعة المكتسبة (الإيدز AIDS ) ربع قرن من العمر فلقد بدأ رسميا في شهر يوينو من العام 1981م، كداء غامض وقاتل وجد حصريا عند مجموعة من الرجال الشاذين جنسيا من ذوي البشرة البيضاء في مدينة نيويورك ولوس انجلوس.

وأكدت بعض الدراسات إنه في إبريل من العام 1984م، أعلن روبرت جالو من معهد السرطان الوطني في الولايات المتحدة عن اكتشافه لفيروس نقص المناعة كمسبب للإيدز ورفع لوك مونتينييه من معهد باستور في باريس لاحقا دعوى قضائية أدعى فيها أنه كان أول من اكتشف فيروس الإيدز في باستور، وأن جالو قد سرق الفيروس الفرنسي بعد أن كان قد أرسل لمختبره من أجل الدراسة.

وبيّن دعوى مونتينييه القضائية، وإعلان جالو لاكتشافه الفيروس يصارع هذا الفيروس 33 مليون و200 ألف شخص في مختلف أنحاء العالم منهم مليونين و500 ألف طفل.

فيما غيب الموت خلال العام الجاري بسبب هذا الفيروس مليونان و200 ألف إنسان، منهم 300 ألف طفل، كما يصاب يومياً في المتوسط نحو 6800 شخص بمرض الإيدز، في حين يموت يومياً 5700 شخص في المتوسط لعدم حصولهم على العقار المضاد لنقص المناعة.

وبيّن هذه الملايين آلاف الحالات التي أصابها الفيروس بشفرة موس أو حقنة دم ملوثة، وربما جراحة دون تعقيم ليعلن للمريض بعدها أن جراحه لا يمكن تضميدها.

سبأنت