آخر الاخبار

روايات متضاربة بشأن هدنة للوصول إلى سفينة سونيون اليونانية في البحر الأحمر قرارات جديدة وضوابط مشددة للحجاج من خارج السعودية .. منع الأعلام والمنشورات السياسية في تطورات غير مسبوقة وتنذر بحرب قادمة ..الصومال ترحب بوصول معدات عسكرية ضخمة لأول دولة عربية آلى العاصمة مقديشو دور مجموعات دوري أبطال أوروبا ... موعد الانطلاق والمباريات بعد الصومال.. ثاني دولة عربية ونيجيريا توقعان اتفاقية تعاون عسكري جريمة اغتصاب طفل سجن رداع.. القبائل تحاصر المجمع الحكومي وتجبر المليشيات على الاستسلام خالد مشعل يوجه رسالة لأمريكا ويدعو للعودة إلى “العمليات الفدائية” ايران تهين عبد الملك الحوثي تحت قبة الأمم المتحدة : الحوثيين وافقوا على هدنة في البحر الأحمر الرد الإيراني خلال أيام.. البنتاغون يستدعي جمع الملحقين العسكريين العرب في واشنطن لتطمينهم ويناقش معهم رد طهران المحدود عاجل خمسة عشر محافظة يمنية مهددة بأمطار غزيرة وسيول جارفة خلال الساعات القامة والمركز الوطني للأرصاد والإنذار المبكر يحذر المواطنين

الذكاء الاصطناعي بين القصيدة والقنبلة
بقلم/ د. محمد جميح
نشر منذ: سنة و شهرين
الخميس 29 يونيو-حزيران 2023 06:34 م
 

طلبت مرة من أحد تطبيقات الذكاء الاصطناعي أن يكتب قصيدة عاطفية، فكتب قصيدة رومانسية يستطيع عاشق ولهان أن يرسلها لحبيبته فيضمن أثراً إيجابياً، كانت القصيدة نثرية أشبه بقصائد الأدب المترجم إلى العربية، لكنها لم تكن تخلو من بعض الصور الجميلة، في بنية بسيطة تخلو من العمق الذي نراه في القصائد التي يكتبها الشعراء.

وعندما طلبت من تطبيق «تشات جي بي تي» أن يكتب قصيدة عمودية أخرج قصيدة مختلة الوزن مع محاولات الإبقاء على القافية، بشكل ذكرني ببعض النصوص التي يكتبها بعض من يرسلون قصائدهم لي لأقول رأيي فيها، فيمنعني الحرص على شعورهم من أن أصارحهم بأن ما يكتبونه ليس شعراً، ويمنعني ولائي للشعر من أن أجاملهم، وهنا يبدو أن الذكاء الاصطناعي لا يزال في أولى تجاربه لكتابة النص العمودي الذي ظهرت نماذجه الأولى مكسرة الأوزان وغير منضبطة القوافي، وإن كانت منتجات هذا الذكاء الاصطناعي في مجال النثر أقرب للإبداع من تلك التي يحاول فيها أن يكتب قصيدة عمودية بوزن وقافية، مع الأخذ بعين الاعتبار أن محاولات تلك التطبيقات كتابة قصيدة هي

– حتى الآن على الأقل – أشبه بمحاولات زراعة قلب بشري نابض داخل الآلة الجامدة. ربما لا يزال الذكاء الاصطناعي شاعراً في مراحله الأولى، وقد ننتظر بعض الوقت لكي تنضج «التجربة الشعرية الاصطناعية» لنطالع فيما بعد «قصائد اصطناعية» تضاهي ما كتب الشعراء، وقد لا يكون ذلك ضرباً من الخيال الواسع، بعد كل ما شهدناه من عجائب وغرائب في عالم التقنيات الرقمية المحتشد بغير قليل من الإثارة والدهشة.

ذكرتني تلك «القصائد الصناعية» بما نعانيه من «تصويبات لغوية» خاطئة يقوم بها «التلفون الذكي» عندما نرسل رسالة نصية، حيث يسعى هذا التلفون إلى أن يكون أستاذاً لنا فيصوب بعض ما يراه أخطاءً إملائية أو لغوية يُصيب في تصويب بعضها أحياناً، ولكنه أحياناً أخرى يقترح تصويباً خاطئاً. بعض هذه التصويبات توقعنا في الحرج، حيث يختار الجهاز الذكي الشكل الأكثر شيوعاً لتركيب الكلمات والحروف، ويصوب حسب المتواليات الحسابية لتكرار الكلمات دون النظر في كثير من الأحيان إلى السياق اللغوي للرسالة أو النص، في عمليات تنتج مخرجات تشبه ما يعاد إنتاجه عن طريق التلقين في مجالات التربية والتعليم التي تصنع عقولاً تعيد تكرار ما تم تلقينها إياه بغض النظر عن السياقات والظروف.

هذه «الأخطاء الذكية» أو «التصويبات الخاطئة» هي إحدى نتائج التلفونات الذكية، كتقنيات رقمية ذات مستويات بسيطة غير معقدة، وهي أخطاء – على الحرج الذي تسببه لنا أحياناً – محتملة وضررها شخصي ومحدود، إذا ما قورن بالنتائج الكارثية التي يتحدث عنها المختصون، والتي يمكن أن يتسبب بها الذكاء الاصطناعي في المستقبل المنظور، لدرجة أن جيفري هينتون الذي ينظر إليه على أنه الأب الروحي للذكاء الاصطناعي حذر في تصريحات لصحيفة نيويورك تايمز من نتائج «مخيفة للغاية» لبعض برمجيات وتطبيقات هذا الذكاء، بعد أن استقال من عمله في شركة غوغل، ليكون لديه قدر أكبر من الحرية للحديث عن المخاطر المستقبلية لهذا النوع من البرامج الرقمية التي أشار أنطونيو غوتيريش أمين عام الأمم المتحدة

– بناء على رأي الخبراء – إلى أنها أصبحت بمثابة «خطر وجودي يهدد البشرية، ويضاهي خطورة الحرب النووية».

وإذا كان التطرق لإبداعات الذكاء الاصطناعي أكثر تشويقاً في مجال الأدب فإنه أكثر تخويفاً في المجالات العملية، ولنا فقط أن نتصور اختراق جماعات مارقة عبر تلك التطبيقات لأنظمة تشغيل المفاعلات النووية، أو أجهزة التحكم بالأسلحة النووية، ناهيك عن إنتاج «جنود محاربين» بدرجات ذكاء قد تفوق بشكل كبير درجات الذكاء التي يتصف بها الدماغ البشري، ما يعني أن تتحول الألعاب الإلكترونية التي يمارسها الصغار إلى واقع مخيف يتحكم بالكبار. وفوق هذا يتحدث المختصون عن مخاطر كبيرة على طبيعة الحياة البشرية التي يمكن أن يقوم الذكاء الاصطناعي بإعادة تشكيلها من خلال إعادة إنتاج سلسلة من علاقات الإنتاج التي لا تعتمد العنصر البشري في سوق العمل من زراعة وصناعة وتجارة وأعمال ذهنية، الأمر الذي سيكون له أثر كبير على طبيعة العلاقات الاجتماعية باعتماد الأجهزة الذكية مكان الإنسان، أو باعتماد الذكاء الاصطناعي مكان الذكاء البشري في مجالات العمل المختلفة، ناهيك عن حجم التضليل الجماعي الذي يمكن أن تقوم به هذه التقنيات، باعتماد نشر معلومات كاذبة يمكن أن تؤدي إلى نتائج خطيرة حال تم اتخاذ قرارات مهمة بناء على تلك المعلومات المضللة التي سيصبح من السهولة بمكان الترويج لها لدى جمهور أصبح بالفعل حائراً أمام كم هائل من المعلومات التي يتلقاها على وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام التقليدي. وفي هذا الخصوص فإن أخشى ما يخشاه جيفري هينتون هو أن نصل إلى مرحلة يستطيع فيها الذكاء الاصطناعي أن يتحكم بـ«الذكاء البشري» وهو ما يعني أن تتحكم الآلة بالإنسان، وهي مرحلة من الخطورة لا يمكن معها تصور السيناريوهات المرعبة التي لم تعد من قبيل التكهنات، بعد أن تحدث عنها خبراء هذه التقنيات بالغة التعقيد. وهنا يكون الذكاء البشري المنتج للذكاء الاصطناعي أمام القَدَر الذي حل بالنحات العظيم بجماليون في الأسطورة اليونانية التي ذكرت أنه كان يكره النساء، لأنه كان يرى أن معظم نساء مدينته غير عفيفات، ولكنه ـ ولحاجته إلى الحب ـ اضطر لصناعة تمثال بديع لامرأة، ولما نظر إلى التمثال أصابته الدهشة لروعته، فلم يلبث أن وقع في غرامه، لدرجة أنه طلب من ربة الحب والجمال «أفروديت» أن تبعث فيه الحياة، فاستوى التمثال امرأة جميلة سيطرت على حياة النحات الذي توارى في الأساطير ليحل محله التمثال الخالد.

وهذا احتمال ـ على الأقل ـ فيه شي من الجماليات، لكن الاحتمال الآخر لعلاقة تلك التقنيات بمنتجها ربما تكون أقرب لعلاقة الإنسان الذي فرك القمقم بأصابعه ليخرج منه فجأة مارد عظيم لم يعد لهذا الإنسان قدرة على التحكم به أو إعادته إلى القمقم مرة أخرى، وهي الصورة الأقرب إلى ما تحدثنا الأديان عنه من قصة «يأجوج ومأجوج» تلك المخلوقات الغريبة التي تحطم كل شيء يقف في طريقها.

عودة إلى كتابات
الأكثر قراءة منذ أسبوع
الأكثر قراءة منذ 3 أيام
توفيق السامعي
هيكلة النظام الإيراني مقتبس من الهيكلة الإسرائيلية
توفيق السامعي
الأكثر قراءة منذ 24 ساعة
د . عبد الوهاب الروحاني
المؤتمر .. موعد المراجعة
د . عبد الوهاب الروحاني
كتابات
سمير عطا اللههل انتهت أميركا؟
سمير عطا الله
محمد عبدالله القادريالعرض الذي فضح الحوثي في إب
محمد عبدالله القادري
مشاهدة المزيد