اعتصام شبوة .. مآثر تسر الخاطر
بقلم/ ابو الحسنين محسن معيض
نشر منذ: 13 سنة و 9 أشهر و 3 أيام
الجمعة 25 مارس - آذار 2011 07:08 م

أسبوعان مضيا على بداية فعاليات مخيم اعتصام شبوة حتى يرحل النظام ويحاسب على جرائمه في حق مواطني هذا البلد الكريم ..المشاركون فيه كالجسد الواحد .. أمشاج فكرية متباينة ومتنوعة ولكن توحدت قلوبهم والتقت عقولهم على هدف واحد .. وبينما هم يسعون لتحقيق هذه الغاية في جو أخوي يحاول كثيرون إثارة البلبلة والانقسامات بين المتواجدين بحجج واهية ركيكة أثبت الوقت الماضي عدم جدواها وضعف مغزاها وفشل مقصدها .. منها أن المخيم يسيطر عليه توجه واحد ويسعى للوثوب على الثورة وسرقتها من شبابها .. وواقع الحال يشهد كذب ادعائهم فالثورة ملك للجميع ولا توجد جهة واحدة اليوم تدعي الوصاية عليها أو تنسب لنفسها صنعها وتفجيرها .. فالمخيم مملوء بالشباب والرجال والشيوخ يحملون انتماءات فكرية متعددة وطبائع متنوعة والجميع برغم هذا التباين يتعايش مع الأخر بأحسن ما يكون من الحال والمقال .. فلا يحمل احدهم على غيره كرها ولا ضيقا إذا ما رآه متصرفا بما يختلف معه قي الفكر والتوجه فما بين الإنشاد والطرب والبرع والتمثيل والمحاضرة و السمر يعيش المخيم وتستمر أيامه طيبة جميلة .. تعايش فيه الشيخ العالم مع الشاب الصغير الحالم .. وتناسق فيه الملتزم الشديد مع الشاب المتحرر من كل قيد .. ونشأت صداقة عميقة بين الملتحي وصاحب أخر صيحات قص الشعر .. لقد انكسر حاجز الخوف من التقارب والتعايش بين الجميع .. فوجد كل فرد في الأخر روحا كريمة ونفسا طيبة على عكس ما كان يظنه فيهم .. بل ربما استغرب كثيرون من نكتة عابرة أو موقف طريف ألقاه أحد الدعاة وقد كان يظن أن هذه الفئة لا تعرف اللطف ولا الضحك .. وكذلك يعجب آخرون من شباب يحملون هما وهمة تفوق الوصف فيما كان يظن سابقا أنهم عالة على المجتمع وشباب طيش ورفاهية .. فالمخيم جمع الناس ووحدهم واتضحت فيه صورة راقية للتلاحم والتآخي برغم الاختلاف الفكري والعلمي وغيرها .. فليكف المتشككون ألسنتهم عنا فلو علموا ما نحن فيه من الخير والتلاحم لفارقوا فراشهم الأثير وافترشوا التراب معنا ..

و أنقل إليكم بعضا من صور الجمال والروائع البشرية في فن التعامل والحب والقدرة على كسر كل قديم وسيئ .. وهي مآثر تخط بحبر الذهب لما فيها من الدلائل على قدرة شعبنا لتحقيق مجتمع كريم عفيف .. وان ما يهددنا به الحاكم من الفتن والحروب إنما هو صانعها وهو من يرعاها .. وحسبنا الله ونعم الوكيل

ـ قررت إدارة المخيم عدم السماح بحمل السلاح في داخل المخيم مطلقا وبدون استثناء لأحد .. ولقد سبب هذه القرار معضلة وحرجا عند مناقشته وكيفية تنفيذه وخاصة في ظل ظروف لا تخفى على أحد من أبناء اليمن عامة وشبوة خاصة .. ولكن فوجئنا جميعا بمدى السلاسة والاستجابة من الجميع عند تفتيشهم على البوابات وعند توجيههم إلى الرجوع لمن يحمل سلاحا وكأنما يخبرك الناس أن لا حاجة لنا بحمل السلاح في هذه المخيم .. ففيه الأمان والخير وفيه الضبط وقوة النظام .. وإنما أنا احمله حيث لا اشعر بأي شي من تلك الأمور وهذا دليل على أن الناس لا تريد أكثر من جهة حاكمة تشعرهم بذلك لا أن تؤججها فيهم وفيما بينهم

ـ أخبرني أحد شباب النظام ونحن نتناول الغداء بما حدث معه على بوابة المخيم الداخلية .. قال : كنت على البوابة حارسا وبينما أنا أنظر إلى الواقف أمامي واستعد لتفتيشه إذا به أحد غرمائي المطلوبين قبليا .. فهو ممن قتل عمي وأصاب أبي وجرح أخي .. قال : وفي لحظة يسيرة زمنا كبيرة فكرا بين هذه الفرصة السانحة لي للأخذ بالثأر بسلاحي الحديدي ( الجنبية ) وبين واجبي وعهدي أمام الله في حماية المخيم ورعاية أفراده وزواره .. بينهما اتخذت قراري الحاسم .. فابتسمت له وبدأت أفتشه في رفق وحينما رأيت ما أصابه من الذهول مددت يدي إلى قارورة الماء خاصتي ومنحتها إياه مع ابتسامة وترحيب .. قلت وعيني يترقرق فيها الدمع : منكم اليوم نتعلم اسمي معاني الرجولة والعطاء .. بكم نثق في تحقيق مجتمع متسامح متآخي ويتأكد لنا أن هذه الثارات والفتن وغيرها إنما هي تتم برعاية حكامنا ولو توفر لنا من يحكمنا بالحق والعدل لكان الوطن كهذا المخيم الصغير في مساحتة والكبير سموا وخلقا وحبا وأمانا .. لله دركم من رجال كرام ..

ـ اثناء تناول وجبات الطعام ربما يصل العدد إلى الآلاف ويعجبني قوة نظامهم في الجلوس حلقات من عدد معين منتظرين بهدوء تقديم لجنة الخدمات وجبتهم إليهم .. شعبنا منظم ولا يحب الفوضى والعشوائية ولكن من ذا يدله عليه ويأخذ بيديه إليه .. ارحل يا علي .. ارحل يا علي !

توافدت علينا قبائل المحافظة من كل حدب وصوب مؤيدة وداعمة لنا معلنة تضامنها وتأييدها لثورة الشباب .. هذه القبائل التي ربما يصفها البعض بالهمجية و اللامبالاة والجهل والتخلف وإثارة الحروب والثارات .. اليوم يظهر معدنها الأصيل وساسها الكريم في الوقوف مع الشعب مهددة كل من تسول له نفسه بالعدوان على المخيم بالصد والعقاب .. وهاهي وبمساعدة شباب الثورة تشكل اليوم في العاصمة عتق لجان الدفاع الشعبي لحماية الممتلكات الخاصة والعامة .. هذا هو وجه قبيلتنا المشرق الشهم .. فلهم كل حب وتقدير

ـ في لقاءات عابرة عند بوابة المخيم مع بعض رجال أمننا يؤكدون أنهم مع الشباب .. وقال أحدهم إننا مطمئنون بوجودكم هنا ونشعر بالأمان بينكم .. وكم يسعدنا إلقاءهم السلام علينا من على ظهور أطقمهم حينما يمرون بنا .. ولقد شدني بالأمس منظر أحدهم وهو يشير بإصبعيه إشارة النصر محييا بها شباب النظام عند بوابة المخيم .. رجال أمننا منا وفينا .. ونقدر لهم حسن تعاملهم وطيبة نفوسهم الكريمة

ـ ختاما صور المآثر كثيرة وكلها تدل دلالة واضحة وقوية على أن شعبنا راغب على الرقي والعيش الكريم .. فهو لا يرغب في حمل السلاح إذا وجد من يحميه ويحقق له الأمان والعدل ولا يسعى لتفشي الثأر إذا وجد من يحقق له القصاص العادل ولا يشرفه قطع الطرقات إذا وجد من يقيم الحق ويقسم بالسوية ولا يقر الفوضى إذا وجد من يحقق الانضباط ويطبق القانون على الجميع .. وهو مستعد لبناء مجتمع متماسك متطور مستقر يعمه الرخاء والخير في ظل حاكم رشيد عادل كريم قوي .. فمتى سترحل يا علي ؟!!