وزير الأوقاف يشدد على اللجنة العليا للإشراف على موسم الحج انتقاء أفضل الخدمات لحجاج اليمن في كل المحطات مسؤول سوداني رفيع يكشف حجم الخسائر الاقتصادية الناجمة عن التهريب 55 ألف تأشيرة متاحة للهجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية.. السفارة الأمريكية باليمن تمدد الموعد النهائي لتقديم طلبات الهجرة غارات امريكية في الحديدة احزاب تعز تقترح حلا لمواجهة الوضع الاقتصادي المتأزم وتطالب الرئاسة والحكومة بسرعة انقاذ العملة العليمي يبحث مع سفير واشنطن الدعم الإقتصادي المطلوب وموقف اليمن من انتهاكات إسرائيل في فلسطين مسئول كبير في الشرعية يكاشف الجميع حول قضايا وملفات مهمة: سبب التراجع عن قرارات البنك المركزي ومصير التوقيع على خارطة الطريق وخيار الحسم العسكري كوريا الشمالية تختبر صاروخاً باليستياً يمكنه الوصول الى أمريكا الإعلام الأمني ينشر أسماء ضحايا حادث التصادم الأليم في طريق شحن بمحافظة المهرة موسكو هربت قيادي ايراني من ميناء الحديدة.. تورط متزايد لروسيا مع الحوثيين في اليمن وامريكا تدرس كيفية الرد
مأرب برس – يحي الأحمدي – خاص
غوص في أعماق الذات واستجلاء للمكنون تحليل قصيدة غربة أسفار للناشيء أدبيا /رداد السلامي تحليل الناقد الأدبي/ يحيى الأحمدي (ماجستير لغة عربية آداب-جامعة صنعاء)) نص القصيدة غربة أسفار
بحثت عنك في كل مكان..
في أعماق بحاري..
وقلب محاري..
في بسمة الورد..ولمعة البرق..
في تجاعيد الصحاري..
كضبية تاهت في الفلا أبحث عنك..
في كل البراري..
أغازل الشمس في كبد السماء..
وأعبر في طيف الهلال..
أسامر نجماً خلتُه أنتي..
أبثه نجواي وأشكو إليه أحزاني..
أكفكف حبا فتًّ في كبدي..
وأذبل أغصاني..
تفطر القلب..
وانبلج الصباح الذي أبحث عنه..
فلم أجد سوى..
غربة أسفاري..
أعترف بداية بأنني لا أفقه كيراً في النقد الأدبي سوى أن لي حاسة أتذوق بها ما تجيده أو تجود به قرائح أسماء وأعلام فأجد عند ذلك نفسي تطرف لشعر تمتزج فيه موهبة بخيال وفي المقابل أعرض عن نظم يعجز صاحبه عن إثارة الإحساس بالجمال وإن كانت بغيته شعراً جميلاً ..
غربة أسفار .... إحدى قصائد شاعرنا /رداد السلامي
ولعل أول ما يفاجأ القارئ هو العنوان (غربة) إذ ان ذلك ليثير تساؤلاً عن طبيعة تلك التسمية ولما استخدم الشاعر في عنوانه غربة وهي مفردة نكرة ولم يستخدم عنواناً آخر لكن وبعد أن يغوص في أعماق غربتنا سيتضح السبب وستنجلي الرؤيا إذا أن الغربة هنا ما هي إلا ترجمة لحالة خاصة تعتري نفسية منشأها، والتسمية هنا مقصودة لتمثل القصيدة وكأنها رحلة ولكنها من نوع آخر.
بحثت عنك في كل مكان ..
في أعماق بحاري ..
وقلب محاري ..
في بسمة الورد .. ولمعة البرق..
في تجاعيد الصحاري.
هكذا تبدأ القصيدة (بحث) هذا اللفظ بما يحمله من معنى يستوقفنا فيه الشاعر ويجعلنا في اشتياق وترقب لمعرفة ما يريده وما الذي يبحث عنه فيأتينا الجواب والرد (عنك) وهنا لمكانة المخاطب وأهمية في نفس الشاعر، فقد أحب أن لا يجهدنا من ناحية فقدم مخاطبه وخفف من عناءه وتعبه فقال (عنك) وأخر ما لم يكن عنده بالشيء المهم وهو (في كل مكان) مع ما في ذلك من الإعياء والتعب ثم يمعن في التعبير عن قيمة ما يبحث عنه قائلاً (في أعماق بحاري) يا ترى ما الذي دفعه إلى اختيار أعماق البحار .. هل لبعد محبوبة أم لمكانته التي جعله فيها مقام اللؤلؤ والدر المكنون الذي يقبع هناك في أعماق تلك البحار لعله ذلك؟!
فأي شيء هذا المعني بالكاف (عنك) الذي أصبح رمزاً لكل ما هو جميل (في بسمة الورد) أي سمو بعد هذا السمو وما العلاقة التي تجمع بين بسمة الورد ولمعة البرق أليس في ذلك دلالة كافية على أهمية المفقود الذي لا يبحث عنه عاشقه إلا في معاني الجمال والكمال وينتهي المقطع الأول من القصيدة خالياً من أي دلالة فعلية سوى الفعل (أبحث) القليل وما بقي فهو دال على الثبوت والإخبار وما ذلك إلا لأن الذات الشاعرة تبدو في هدوء واسترخاء لما عانته من عناء ومشقه من ذلك المعني بالبحث، والذي حملها فوق طاقتها يتناسب ذلك مع البنية الإيقاعية في هذا المقطع الذي استطاع أن ينقل لنا حالة الشاعر وانفعالاته النفسية والمعنوية كظبيه تاهت في الفلا أبحث عنك..
في كل البراري..
يفتتح المقطع الثاني بتشبيه تنكشف من خلاله أبعاد القصيدة ويبوح الشاعر بسره الناتج عن قسوة حبيب، الحبيب الذي تخلى عن إنسانيته وتحول إلى معول هدم أحال الحياة الجميلة إلى جحيم، هذا المعشوق استهدف جسور الصداقة والود، ليترك الذات في بحر مستمر لعلها تصل إلى ما ضاع منها وقد أنعكس على تصرفاتها من خلال إحساسها بالخطر والإشراف على الهلاك تزويد الشاعر لتلك الأفعال (أشكو، أذبل، تفطر) وتزداد المعاناة وتبلغ مداها فلا المغازلة تشفي الغليل ولا العبور في طيف الهلال يوصل إلى الحبيب وليس للذات الشاعرة إلا أن تسامر ذلك النجم والذي في اختياره دلالة؛ فالشاعر المهموم الذي حالت دونه الحواجز وبعدت المسافات فازداد أنينه وشكواه وليس من أنيس يشكو له همومه إلا ذلك النجم ببثه إياه نجواه (أبثه نجواي) ذلك النجم الذي يسامره عندما لا تكتحل عيناه بنوم وأن للعاشق الولهان أن يذوق طعم النوم ولعله في ذلك يلتقي مع من سبقوه في الهواء حين قال أحدهم
سهرت والنجم أشكو الهم مضطرباً شكوى العليل ابتغاء الغوث والسند
على أن الملاحظ في هذا المقطع يتجلى فيما نشهده من تحولات في الخطاب الشعري فنجد أن الأفعال تتركز فيه خلافاً لما قبله، وأصبحنا نلمح حركية الجمل من خلال فعليتها (تاهت ـ أبحث ـ أغازل ـ أعبر ـ أسامر ـ أبثه ـ أشكوى ـ أكفكف ـ فت ـ أذبل ـ تفطر ـ أبلج ـ أجد) وعند مقارنة الأفعال الماضية بالمضارعة فالمضارعة تفوق ذلك بنسبة كبيرة وقد عمد الشاعر إلى ذلك ليجعلنا في تفاعل مستمر معهم وكأننا نعيش معه حدثه ومأساته ليس ذلك وحسب وإنما يرسخ في أذهاننا ان ما أصابه من ضيق سيظل باقياً في ذاكرته وخياله.
وإذا ما عدنا إلى النص الشعري لوجدنا الحضور المكثف للأساليب البيانية والجمالية وذلك لما تشكله من تأثير على قارئ النص يستهدف العمق الداخلي في نفسية القارئ ويهدف الشاعر من خلالها للتعبير عن تجربته الشعرية وعلى أن التكرار الحرفي لحرف الواو لعب دوراً أسلوبياً كبيراً إذا ساهم في تحقيق الترابط المعنوي (وأعبر ـ وأشكو ـ وأذبل ـ وانبلج) ولعل هذا الحضور الذي طغى على النص المتمثل في الذات الشاعرة له مبرراته فهو يشكل سنداً لها من أن تصبح في العدم حين بدت مكسورة ومقهورة ذليلة وتتآزر الأبنية في تجسيد واقع الانكسار التي تعيشه الذات فتتولد الألفاظ الذي تناسب ذلك الشعور المنكسر (أبثه ـ أشكو ـ أذبل ـ تفطر ..) يتراسل ذلك الأسلوب مع ما استخدمه من نفي قاطع في عدم تمكنه من الوصول إلى ما يبحث عنه ويصبو إليه فلم أجل سوى غربة أسفاري..
وهكذا تشتد ضغوط المتناقضات وإيلام المفارقات على إحساس شاعرنا وكيانه الوجودي فيصور مأساته تصويراً انتحارياً فيه الكثير من التحطيم الذاتي لنفس تمزقت حتى تصدعت وذبلت ثم ذابت في بوتقة الألم