الداخلية السعودية تعلن إعدام يمني تعزيرا وتصدر بياناً توضيحيا عن السبب انتهاء جولة مفاوضات القاهرة بين العدو الإسرائيلي وحماس.. هذا ما وصلت إليه ضحيتها العشرات من الطلاب..المليشيات تتسبب بحادثة مأساوية في إحدى المدارس بضواحي صنعاء - أسماء مليشيات الحوثي تعترف بمصرع ثلاثة من ضباطها أحدهم ينتحل رتبة عميد الإمارات تعترف رسميا بحركة طالبان وابوظبي تستقبل سفير أفغانستان عاجل .. الرئيس هادي يغادر الرياض الى الولايات المتحدة الأمريكية بمعية طبيبه الأمريكي الخاص تحذير جديد وعاجل من المركز الوطني للأرصاد والإنذار المبكر .. فيضانات وسيول وعواصف بتمويل كويتي. .. افتتاح مدرسة ثانوية للبنات بمحافظة مأرب بكلفة 330 ألف دولار وزير الأوقاف يشارك في مؤتمر دولي بالقاهرة ويترأس أحد جلساته النائب العليمي: حزب المؤتمر مظلة وطنية تأسست لكل القوى والتيارات وتأسيسه من أهم المحطات السياسية
الإختلاف والتنوع والتعدد، من سنن الحياة البشرية، كما هي ايضاً من مقومات العملية الديمقراطية ومن قبلها النضالية والثورية، إذ لا مكان للإجماع في أي حركة ثورية او عملية ديمقراطية قائمة على التنافس وتتيح الفرص متساوية امام الجميع على اختلاف مشاربهم للتعبير عن اراءهم ومعتقداتهم السياسية والاجتماعية. لذا كم هو جميلاً ان يكون لكل إنسان رأيه وإجتهاده، على ان الأجمل قبوله بالرأي الآخر واحترام صاحبه وتقديس حقه في الاختلاف كأساس للتعايش.
الفعل النضالي والثوري من وجهة نظري الشخصية هو الأسمى بين مختلف الأفعال الانسانية لما له من اهداف سامية، حيث يسخّر صاحبه نفسه وجهده ووقته فداءً لتحقيقها غير طامعاً في مصلحة، او طامحاً لمنصب، وهو الفعل الذي يحتاج طريقه للتزود بثقافة "القبول بالآخر"، ولا يستطيع أي طرف منفرداً ان يزيح ظلمة الطريق، كما اشار الى ذلك الرفيق "ارنستو تشي جيفارا" (1928- 1967) : "إن الطريق مظلم و حالك .. فإذا لم نحترق أنا وأنت فمن سيضيء لنا الطريق؟"!.
اعتقد ان من لم يتعلم القبول بالآخر في حياته النضالية، فهو اضعف من ان يقبل به في الحياة السياسة والمدنية، وسيضيق صدره ذرعاً بالعملية الديمقراطية، وسيقلب الطاولة على رؤوس الجميع رفضاً لنتائجها.
الإقصاء والإلغاء، هي عناوين بارزة لـ"الخسة الإنسانية" التي يصل اليها البشر في لحظة ما، كنتاج لتضخم "الأنا" و لتغييب العقل الذي هو زينة، والزينة هنا لا تعني وجوده فقط، بل انها ترتبط كلية بكيفية استخدامه و "تشغيله"، لأنه في هذه الحالة يكون كمن يملك مكتبة أثرية توجد بها أمهات الكتب لكنه لا يجيد القراءة.
الإنسان يولد حراً، وتأسيساً عليه يملك مطلق الحرية في التفكير والاختيار، والعمل وفق ما ينويه، وبالتالي يخلق ماهيته الذاتية، ويرسم شخصيته الوجودية، ويتحمل تبعات ذلك منفرداً دون ان تتعداه لغيره، وفي هذا الاتجاه نجد ان للأديب والفيلسوف الفرنسي "جان بول ساتر" أحد أهم فلاسفة القرن العشرين (1905- 1979م) فلسفة وجودية خاصة به نستشف من خلالها تعريفه للإنسان وماهيته، نستخلصها من قوله: "الإنسان مشروع وجود يحيا ذاتيا ولا يكون إلا بحسب ما ينويه، وما يشرع بفعله وبهذا الفعل الحرّ الذي يختار به ذاته ، يخلق ماهيته بنفسه".
ما حدث السبت الماضي من اعتداء على اصحاب "التكتل الوطني الجنوبي الديمقراطي"، من قبل بعض ناشطي الحراك الجنوبي السلمي، يكشف عن حقيقة البعض الذي لم يتعلّم بعد "آداب الإختلاف"، معتمدين فقط على الصوت العالي المتشنّج، محدثين ضجيجاً سرعان ما يتلاشى كسحابة صيف ما تلقي مطر، ثم يتوارون فرحين بما حققوه من نصر، رافعين الرايات، مطلقين العنان لتكبيراتهم "السمجة"، وكأنهم عائدين للتو من "غزوة" فتحت للقضية الجنوبية أفاق النصر.
لمصلحة مَنْ يحدث هذا؟ ومن المستفيد من شعارات: " ياجنوبي دوس دوس.. كل خائن او جاسوس"؟ ومن الذي منحهم الحق لتصنيف الآخر وتجريده من جنوبيته؟
ما حدث يجب ان نضعه في سياقه العام، وان لا نعتبره عرضيّاً، فغزوات كهذه حدثت مراراً من ذات التيار، و قوبلت بصمت مطبق على شفاه من يفترض بهم الوقوف إزاءها بجدية وحزم، وكأن الجنوب إقطاعية تخصهم وحدهم ومن يقف وراءهم ويحرضهم على ذلك!
لست هنا بصدد الدفاع عن "التكتل" واصحابه الذين اختلف معهم، ومع الكيفية التي تم بها "طبخ" التكتل لتسجيل "ضربة استباقية" في وقت احوج ما نكون فيه الى التقارب والتآلف، من اجل الجنوب وقضيته العادلة، بعيداً عن البحث عن كسب سياسي وحزبي رخيص، لكنني اقرع اجراس الخطر القادم، الذي نشاهده يلوح في أفق الجنوب بأيادي جنوبية.
يكذب من يقول ان الجنوب لون واحد، ويكذب ايضاً من يدّعي تمثيله للجنوب، و هناك في الدرك الأسفل من الكذب نجد من يقول انه يملك الشارع، ولديه القدرة على السيطرة عليه.
الصدق يكمن في القبول بالآخر واحترام خياراته، غير هذا سيبقى في دائرة الكذب هو واصحابه، ويا قافلة عاد المراحل طوال.. وعاد وجه "الجنوب" عابس!!.