تعرف على أغلى التعاقدات في الدوري السعودي للمحترفين بعد اعلانه الإسلام .. لاعب مدريد السابق يفكر في الاستقرار بالسعودية خلال جلسة عشاء مغلقة ترمب يفضح نتنياهو : ويكشف ماذا تصنع به سارة وبقراراته السياسية بكم الصرف اليوم؟ مأرب برس ينشر آخر تحديث بالأسعار من صنعاء وعدن دولة أفريقية توافق على منح اليمنيين تأشيرات دخول بعد فترة من تعليقها عدد اللاعبين من الدول العربية بينها اليمن المشاركين في أولمبياد باريس 2024 صورة.. انفجار خزان جديد للنفط بعد اسبوع من غارات اسرائيلية على ميناء الحديدة بيان عاجل لمكتب المبعوث الأممي بشأن اليمن المحافظات اليمنية المتوقع هطول أمطار رعدية عليها في الساعات القادمة توضيح هام بشأن أسعار تذاكر طيران اليمنية
لا نستطيع ان ننتظر المعجزات في التجربة اليمنية، بل التغيير الواقعي الذي يسمح بتعايش الأنساق والتجارب والرؤى تعتبر الانتخابات الرئاسية اليمنية الجديدة استحقاقا استثنائيا على درب التعوّد على الشفافية والممارسة الديمقراطية. والحقيقة ان اليمن كغيرها من بلدان العرب لا يمكنها مغادرة الماضي القريب بين عشية وضحاها، بل عبر طريق مليء بالآلام والاجتراحات والمسالك غير المألوفة، فالنظام التاريخي العربي صادر اساسا عن ثقافة شمول ومركزية تصل الى حد التقطير، ولا نستطيع ان نتخيّل امكانية ان ينقلب هذا النظام رأسا على عقب خلال عقد او عقدين من الزمان، الامر الذي يجعلنا نتفاءل إزاء التغييرات البطيئة، ولكن الحقيقية، التي تحصل في بعض اوضاعنا العربية. ومن هذه الزاوية بالذات يمكن قراءة المشهد السياسي اليمني الذي يدخل الآن منطقة كانت محظورة قبل حين، فالتعددية السياسية القائمة، على ما يشوبها من علات، تتبلور باتجاه التطور، والبيئة المؤسسية برغم انجرارها الموضوعي الى عناصر ماضوية تتطور رغما عن أنف الجميع، والحوار الثنائي القائم بين الحكم والمعارضة مؤشر آخر على منظومة سياسية ممارسية لم تكن موجودة قبل فترة قصيرة.
إلى ذلك، يجري حوار مسؤول بين “المؤتمر الشعبي العام” وأحزاب “اللقاء المشترك” الذين ينوب عنهم حزبا “الاصلاح” و”الاشتراكي” بوصفهما الحزبين الأكبر، والحوار الذي يجري موصولاً بإرادة واعية للرئيس اليمني علي عبدالله صالح والذي طالب فرقاء الحكم والمعارضة بتنازلات متبادلة، والخروج من حوار الطرشان الى فضاء الاتفاق القابل للتنفيذ، حتى يتمكن اليمن من تجاوز الاستحقاق الماثل بروحية تستوعب الحقيقة الموضوعية، فيما ترصف الطريق للتطور.
من المؤكد ان الخلاف والاختلاف بين الطرفين مؤصل في العديد من اوجه الرؤية والممارسة، كما أن متاعب المؤسسة الحاكمة تتوازى ضمنا مع متاعب المعارضة، من حيث ان الجميع يتشاركون في الانتماء لشكل من أشكال الماضي، ومن المؤكد ايضا ان التمايز في التقديرات والمخارج سيسهم الى حد كبير في الخروج من مأزق التنافي العدمي الى ثقافة التسامح والقبول بالآخر، اذا ما توفرت ثقافة القبول النسبي بالآخر، والنقد الواعي للذات، وهذه الامور بجملتها تشكل المقدمة الرشيدة لأي حوار بنّاء. على المعارضة ان ترى نفسها بعدسات المؤسسة الحاكمة، وعلى الحكم ان يرى نفسه بعدسات المعارضة، وتلك هي المعادلة العصيّة التي تتطلب اجتيازا ناجحا لثقافة الماضي المتعشعشة في أروقة الطرفين.
إذن، لا نستطيع ان ننتظر المعجزات في التجربة اليمنية، بل التغيير الواقعي الذي يسمح بتعايش الأنساق والتجارب والرؤى، مع افساح المجال للمستقبل. وفي تقديري ان شيئا من هذا القبيل يحصل في اليمن، وان العبرة ليست في النجاحات المقرونة بنماذج ديمقراطية عريقة، بل بالحالة اليمنية التي خاضت هذا الغمار اثر وحدة الشطرين، وبشروط أقل ما يقال عنها انها تابعة لما كان في الشطرين قبل الوحدة، ذلك أن النظامين السابقين كانا شموليين، والمركزية المالية والادارية كانت التعبير الأنسب عن الآلية القديمة، ومصاعب المخاض التحولي الذي مازال يعيد انتاج نفسه تعبير اخر عن نسبية الآمال، وواقعية الأهداف.
الآن يستعد الفرقاء لخوض الاستحقاق الاصعب والمرتبط برأس السلطة اليمنية “الرئيس”، ويرى العقلاء ان المهم ليس في استبدال رئيس بآخر، بل في انجاز تجربة متقدمة على درب آلية الاقتراع وصناديقها المقرونة بإرادة الناخب. نحن لسنا في سويسرا أو ايطاليا، بل في اليمن، وعلى الذاكرة الجمعية استيعاب هذه الحقيقة، قبل الشروع في تعميم النماذج المبهرة، فلقد رأينا نماذج سياسية مستوردة في كل العالم العربي، غير انها في نهاية المطاف لم تتمكن من مغادرة التقليد التاريخي الاستبدادي سواء في بلدان الجمهوريات القومية المنسوخة من نماذج الفكر القومي الاوروبي، او في بلدان التوق اليساري المجيّر على احلام الماديين الماركسيين الباحثين عن ألفية رشيدة.
لقد سقطت رهانات النماذج، وبقي النظام العربي العام صافيا من أي تأثير خارج تاريخه وتقاليده الاستبدادية الخاصة به، ولهذا السبب لابد من ادراك مغزى التحوّل وصعوبته في آن واحد.