لقاحات من أجل الصحة .....وضرائب من أجل المصلحة
بقلم/ عبد العليم الحميدي
نشر منذ: 17 سنة و 6 أشهر و 15 يوماً
الإثنين 16 إبريل-نيسان 2007 02:30 م

مأرب برس - خاص

يؤسفني جدا كمواطن يمني ومثقف أن لا تكون القناة الفضائية اليمنية ضمن خياراتي أثناء التنقل عبر الريموت كنترول بين القنوات الفضائية المختلفة لمتابعة الأخبار والبرامج الحوارية والثقافية الهادفة والمفيدة وذلك لسبب بسيط جدا هو أن قناتنا الفضائية لا تزال تقدم برامج عتيقة وقديمة وبطرق تعود لما قبل العصر الحجري وأنا هنا لست بصدد تقييم أداء القناة الفضائية لأن ذلك يحتاج إلى سلسلة من المقالات وإنما الصدفة فرضت علي الواقع المؤلم المتمثل بمشاهدة القناة الفضائية اليمنية بسبب عطل فني أصاب جهاز الاستقبال عندي ( الريسفر ) وتسبب باختفاء جميع القنوات عداء الفضائية اليمنية وفي تلك اللحظة أصبحتُ مجبرا وليس مخيراً على مشاهدة فضائيتنا اليمنية .

ما شاهدته في تلك اللحظة على شاشة الفضائية اليمنية هو إعلان تثقيفي يقدمه الفنان القدير نبيل حزام مع احترامي لأدائه وقدراته الفنية بما يناسب بيئة المجتمع اليمني فالأستاذ / حزام لم يأتي من عالم عادل إمام أو سمير غانم وإنما نشاء في بيئة معينة وهو يعكس واقع تلك البيئة ولكن ببرستيج مختلف بذلة وربطة عنق وهو تقليد طبيعي لما نشاهده على شاشات الفضائيات لأي ممثل مهما كانت بيئته صعيدي ، حمصي ، يمني أو خليجي وللمرة ألثانية أشير هنا أيضا أننا لست بصدد تقييم لشخصية الفنان حزام بقدر ارتباطه بالحدث المراد مناقشته في هذه المقالة المتواضعة علما بأنني أكن كل الاحترام والتقدير للفنان حزام لتواضعه الخلاق الذي لاحظته عند لقائي به أول مرة في المركز الثقافي بصنعاء في العام 2002م حيث كنت ومجموعة من الزملاء في زيارة عمل للأستاذ / عبدالوهاب الروحاني وزير الثقافة حينها وعندما شاهدنا الأستاذ حزام دخلنا على مكتبة دون إذن مسبق و صافحناه وكانت المرة الأولى والأخيرة .

وما أنا بصدده هنا هو أن المواد الإعلانية التثقيفية تعد ظاهره طبيعية في أي مجتمع من المجتمعات ومن واجب القنوات الفضائية بث تلك المواد وإعطائها مساحة كافية من الوقت بالإضافة إلى تنوع أوقات العرض لكي يتمكن جميع أفراد المجتمع من مشاهدتها والاستفادة منها ومن واجب مراكز التوعية والتثقيف في الوزارات أو الجمعيات أو الإدارات العامة إعداد المادة التثقيفية بأسلوب شيق وجذاب وبلغة سهلة وبشكل دراماتيكي يلفت نظر المشاهد ويغرس القيم المرجوة منها لدى عامة الناس .

وهنا أحب أن أتوجه بالشكر الجزيل لمركز التوعية والتثقيف بوزارة الصحة العامة على المواد التثقيفية التي يعدها ويتم عرضها على شاشة القناة الفضائية اليمنية فيما يتعلق باللقاحات المختلفة وأهميتها سواء لقاح الحصبة أو شلل الأطفال وغيرها من اللقاحات لما تتميز به تلك المواد من رسائل قوية ومؤثرة وحتما تؤدي دورها بشكل كامل وقد يصل الأمر إلى المبالغة لدى عامة الناس في محاكاة تلك المواد المعدة من قبل مركز التوعية والتثقيف بوزارة الصحة لسهولة اللغة المستخدمة في المادة ووضوحها والمشاهد المؤثرة المصاحبة لتلك المواد مما ينعكس إيجابا نحو تثقيف حقيقي وواقعي ونرى نتائجه الملموسة واضحة للعيان من خلال تبادل أفراد المجتمع أطراف الحديث حول الحدث من ناحية وتدافع المواطنين على المراكز التي يتوفر فيها اللقاح من ناحية أخرى. كما أتوجه بشكري الجزيل أيضا لمركز التوعية والتثقيف بالإدارة العامة للبلديات على المواد التثقيفية التي يعدها وتعرض أيضا على شاشة القناة الفضائية حول النظافة سواء نظافة الأحياء أو الشوارع العامة لما تتميز به تلك المواد من مشاهد مؤثرة وغرس القيم المثلى حتماً لدى أفراد المجتمع .

الغريب في الأمر أن تتجه مصلحة الضرائب بإعداد مواد تثقيفية الهدف منها تثقيف التجار وكل من وجب عليه دفع الضرائب ( ومتى كان التجار وغيرهم بحاجة إلى ثقافة وهو يعملون ليل نهار لكي يتهربوا من دفع الضرائب ) بأن دفعهم الضرائب سوف ينعكس إيجابا على مصلحة الوطن والمواطن اقتصاديا وثقافيا ( ومتى كان التجار أيضا حريصون على المواطن وهم يذبحونه في اليوم سبعين مرة ). وهنا أتوجه بالسؤال إلى مصلحة الضرائب ، هل التجار والمتهربين من دفع الضرائب بحاجة إلى مادة إعلامية تثقيفية يقدما الفنان حزام أو الفنانة منى الاصبحي لغرس حب الوطن ومصلحة المواطن؟ " من وجهة نظركم " هل التجار بحاجة إلى ثقافة ضريبية ؟ هل المواد التثقيفية التي تبث على شاشة الفضائية تؤدي إلى تدافع التجار إلى مكاتب تحصيل الضرائب لدفع ما عليهم على غرار تدافع المواطنين إلى مراكز اللقاح لإعطاء أطفالهم جرعة ضد شلل الأطفال أو الحصبة؟ إذا كانت الإجابة بـ لا ، إذا ما الهدف من إعداد تلك المواد وعرضها على شاشة القناة الفضائية وإنفاق مئات الآلاف من الريالات أم هو مجر تقليد أعمى لمراكز التوعية الناجحة في الوزارات الأخرى. ومن هنا يجب أن نحمل الإدارة المعنية في مصلحة الضرائب مسؤولية هدر تلك الأموال بسبب عدم قيامها بدراسة جدوى حول المواد التثقيفية المعدة والمعروضة ويتضح جليا أن إعدادها لم يعتمد على ضوء دراسة بقدر ما اعتمد على نظرة سطحية من مسئول في المصلحة .

وفي هذا السياق أقول إن إلزام التجار وكل من وجب عليه دفع الضرائب لن يتحقق بالأماني وإنما بتطبيق أقصى العقوبات على كل من تسول له نفسه التهرب والتملص وممارسة الاحتيال والغش. ثانيا . إلزام التجار بدفع الضرائب بموجب حسابات ختامية معتمدة من قبل محاسب قانوني معتمد سواء بالنسبة لضريبة المبيعات أو غيرها بالنسبة للأنشطة النظامية المستمرة والمسجلة لدى وزارة التجارة كالمؤسسات والشركات ، وقبل الشروع في ذلك يجب على مصلحة الضرائب فرض رقابة كاملة على موظفي المصلحة حتى لا يتحولوا إلى سماسرة لدى التجار ويعملون على إرشادهم ومساعدتهم في كيفية التخلص من دفع الضرائب المستحقة عليهم وتمرير معاملاتهم داخل أورقة المصلحة مقابل حفنة من الريالات .

  إن التهرب الضريبي اليوم يمارس من قِبل المسئولين الذين تحولوا بين عشية وضحاها إلى تجار وبطرق مختلفة الوساطة تارة وعبر السماسرة تارة أخرى. وهنا أتوجه بطلبي هذا إلى رئيس مصلحة الضرائب الأستاذ / احمد محمد غالب والذي يشهد له الجميع بالنزاهة بالقيام بعملية التثقيف داخل المصلحة نفسها بمعنى تثقيف موظف المصلحة بأهمية دورة المحوري في المتابعة والتحقيق حول التزام التجار بسداد الضرائب المستحقة عليهم دون نقصان وعليهم أن يستشعروا هذه المسؤولية الجسيمة والتي حتما تؤثر على مصلحة الوطن والمواطن سلباً إذا لم يفهموا طبيعة عملهم ودورهم وإيجابا أذا استشعروا دورهم ومسؤولياتهم تجاه الوطن والمواطن. أما ثقافة التجار فيجب أن لا يلعب هذا الدور لا منى الاصبحي ولا نبيل حزام لأن هذه الأسماء ارتبطت بالترفيه لا الجد ، وإنما يجب أن يظهر أحد مسئولي المصلحة على شاشة الفضائية مهدداً بتطبيق أقصى العقوبات على كل مخالفي قانون الضرائب وشرح تلك القوانين بالتفصيل الممل يتبع ذلك نزول ميداني وجدي من طرف موظفي المصلحة للتأكد من التزام الجميع بدفع الضرائب حسب القانون ومعاقبة الغير ملتزمين حتى يصبحون عبرة لمن اعتبر .

وفي الأخير أتمنى التوفيق للأستاذ غالب في مهامه الجديدة وتمنياتي وتمنيات كل من نبيل حزام ومنى الاصبحي وكل مواطن يمني بنهضة اقتصادية واجتماعية وثقافية لوطني الحبيب .