عبدالناصر  … الزعيم السبتمبري الخالد
بقلم/ علي محمود يامن
نشر منذ: شهر و 23 يوماً
الأربعاء 25 سبتمبر-أيلول 2024 06:24 م
  

رائد حركة التحرير القومي العربي سيظل احد اهم ابطال العروبة في مواجهة الاستعمار وانظمة الكهنوت في العصر الحديث بالنسبة لليمن يعد بطل استثنائي نقش اسمه في تاريخ اليمن بأحرف من نور .

 

ناصر الذي انتصر لقيم الجمهورية في اليمن وكان صوتها المدوي في العالم وسلاحها الفاعل في الميدان ونصيرها القوي في وجه الكهنوت الامامي المظلم 

وكما قال الجواهري هو عظيم المجد ) ولقد قال يوما بأنَّ : «القاهرة هي صنعاء، وإذا سقطت صنعاء سقطت القاهرة»

 

نقف في هذه السطور مع اكبر داعمي الثورة السبتمبرية المجيدة في مواجهة نظام الإمامة الكهنوتي : 

 

اولا: دور الزعيم جمال عبدالناصر في دعم الثورة اليمنية 

 

كانت ثَورة 23 يوليو 1952م نقطة تحول فارقة في التاريخ العربي المعاصر ورافعة النضال الوطني

للشعوب العربية في وجه الاستعمار والانظمة الفاشية المستبدة شكلت حالة من الإلهام لشباب الامة العربية التواقين للحرية واحيت الروح العروبية والخيار القومي في كل ارجاء الوطن العربي 

 

وشكلت خطابات الزعيم جمال عبدالناصر مدرسة للوعي القومي ووقودا للحماسة الثورية ضد الأنظمة المستبدة وكل اشكال الإستعمار  

وكان لإذاعة " صوت العرب " وقع السحر على شباب اليمن التواقين للحرية والساعين الى الانعتاق من ربقة الإمامة ووحل الكهنوت والخلاص من ثالوث " الجهل والفقر والمرض " 

 

فتحت القاهرة عقب ثورة يوليو منابرها لابو الاحرار القاضي الزبيري والأستاذ النعمان لتدشين مرحلة جديدة من النشاط النضالي ضد الامامة وحشد الدعم للقضية اليمنية في الاوساط المحلية والعربية والدولية.

 

كانت القيادة المصرية تدرك حاجة اليمن الى جيش مدرب يتحصن بالوعي القومي والانتماء الوطني فأرسل الزعيم جمال عبدالناصر بعثتين عسكريتين لتدريب القوات المُسلحة اليمنية على الأسلحة الحديثة التي قدمت من الإتحاد السوفيتي وبث الروح العروبية والوطنية في صفوف منتسبيها .

 

تم افتتاح الكلية الحربية التي اغلقت عقب أحداث الثورة الدستورية فبراير 1948م. وتلى ذلك إعادة افتتاح كلية الشرطة، ومدرسة الأسلحة، ومدرسة ضباط الصف، وكلية الطيران، ومدرسة الإشارة، لتشكل الإنطلاقة الأهم للقوات المسلحة اليمنية نحو التحديث وانتشار الوعي القومي والأفكار الثورية التحررية التي كان للبعثة العسكرية المصرية دورا محوريا في نشر تلك الأفكار 

 

وقد تنبهت السلطات الإمامية الى ذالك فألقت القبض على عدد من الضباط اليمنيين، واحتجاز الضباط المصريين في قصر الضيافة، ومن ثم أرسلهم إلى القاهرة. وأفاد وجيه أبو ذكرى أنَّ هؤلاء الضباط المطرودين هم من كونوا فكرة صائبة عن اليمن لدى القيادة المصرية، وأنَّ الأخيرين استفادوا من معلوماتهم في التمهيد للثورة 

 

وعندما أغلقت السلطات الإمامية الكليات والمدارس العسكرية، اجترح الضباط الأحرار القيام بعمل مُنظم وتنظيم جامع على غرار تنظيم الضباط الاحرار لثورة يوليو في مصر وان يكون على قدر كبير من الصرامة والسرية والاعداد والتخطيط والفدائية 

 

اعلن عنه في 10 ديسمبر 1961م،  

وكان مسؤول الاتصال مع القيادة المصرية المناضل الفادي الشهيد علي عبد المغني  وابدت القيادة المصرية استعدادها وحماسها  التعاون مع الحركة الثورية في اليمن .

 

وكان التنظيم لفكرة الثورة المكتملة وارادة الثوار القوية هو شرط نجاحها ونقطة الارتكاز التي تحتاجها وشكلت الجاهزية التنظيمية احد اركان قيامها والمحفز الرئيس لاستقطاب وثقة الفئات الاجتماعية والشعبية والسياسية 

 

فكان التنظيم إيذانًا باندلاع الثورة على الإمامة من الاوساط العسكرية المناط بها حماية النظام واحد اهم شروط نجاحها وتصدر الضباط الأحرار المدعومين من مصر العروبة،   المشهد، وتحقق على يدهم مع اخوانهم المصرين ملحمة النصر السبتمبري العظيم

 

قدم الرئيس المصري جمال عبد الناصر، امدادات عسكرية لدعم الثورة اليمنية وصلت الى خمسة وسبعين الف مقاتل بكامل تجهيزاتهم العسكرية والحربية واللوجستية والدعم المالي والاسناد السياسي والدبلوماسي والاعتراف بالنظام الجمهوري،والحشد الدولي للاعتراف بالجمهورية الوليدة ولم ينته عام الثورة الاول إلا باعتراف أكثر من 30 دولة،من ضمنها الولايات المتحدة الأمريكية .

 

ثانيا :

اليمن في فكر ووجدان ناصر 

 

 في ميدان الشهداء وسط مدينة تعز نهار 23 أبريل 1964م 

ارسل الزعيم عبد الناصر رسالة مدوية : " على العجوز الشمطاء بريطانيا أن تحمل عصاها وترحل من عدن والجنوب المحتل".

 

وخطب في حشود الجماهير خطبة تاريخية عظيمة استهلها بالتذكير بتاريخ اليمنيين الحافل بالمجد ونصرة الدعوة الاسلامية ومآثرهم في مقامة الإمامة :

" كان اليمنى دائماً رافعاً لواء الإسلام ورافع لواء الحرية فى مشارق الأرض ومغاربها حتى تكتل عليه الأئمة وأذاقوه ثوب الذل والعذاب، وحبسوه بين حدوده، ومنعوه من أن ينشر رسالة الحرية والإسلام فى العالم "

 

"فهل استكان الشعب اليمنى؟ أبداً.. لم يستكن الشعب اليمنى، بل ثار دائماً على الذل وعلى العبودية وعلى حكم الاستبداد وعلى حكم الإرهاب، ثار دائماً ولم ترهبه تقطيع الرؤوس ولم يرهبه الموت، ولم ترهبه السجون، ثار لأنه الشعب الأبى الحر"

واردف متحدث عن الحدث السبتمبري العظيم وجلال انتصاراته وسمو اهدافه قائلا :

 " قامت طليعة الشعب اليمنى بقيادة الرئيس الحر السلال فى يوم ٢٦ سبتمبر سنة ٦٢، قامت لتدك معالم الذل ولتدك الرجعية والاستبداد، وأراد الله لها أن تنتصر فانتصرت، وكان انتصارها انتصار لكم جميعاً"

 

ثم تطرق الى لحمة الشعب اليمني ووحدته ومؤامرات الاستعمار البريطاني لتمزيق الوطن اليمني وتقسيمه قائلا :

" أنتم شعب يمنى واحد أراد الاستعمار أن يفرق بينكم، وأراد الاستعمار أن يقسمكم شيعاً وأحزاباً، ولكن إرادة الله وإرادتكم كانت فوق إرادة الاستعمار فلم يفلح الاستعمار ولم تفلح الرجعية فى أن تقسمكم وأن تفرق بينكم"

" لقد اغتصبت بريطانيا عدن منكم، واغتصبت بريطانيا الجنوب المحتل من اليمن بالقوة وبالخديعة وبالتآمر وبالمساومات مع الأئمة السابقين، ولكن بريطانيا تعلم علم اليقين أن الأمة اليمنية إذا تحررت وأن الشعب اليمنى الثائر إذا نفض عن نفسه لباس الذل والهوان بطرده للأئمة وللخونة إن الشعب اليمنى القوى لن يمكن لبريطانيا - التى يقولون عليها العظمى - بأن تبقى فى عدن"

 

ثم تحدث رحمه الله عن الارتباط المصيري والوحدة الازلية بين اليمن مصر وكل ابناء الامة العربية حيث قال :

 

" إننا هنا شعب واحد لا فرق بين يمنى ومصرى، إننا أمة عربية واحدة.. إننا نقول لهم إننا أمة عربية واحدة أراد لنا الاستعمار التفرقة وخلق الاستعمار الحدود بيننا، أراد لنا الاستعمار أن يضرب بنا الآخر، وأراد لنا الاستعمار أن يفرق الصفوف وأن يفرق بين الأهداف، ولكنا اليوم نشعر بقوتنا، نشعر بأننا نستطيع أن نهزم الدول الكبرى."

 

" ما نعرفه عن بلادنا الآن، نحن العرب أمة واحدة كل بلد منا يشد أزر الآخر. وحينما قامت الثورة فى ٢٦ سبتمبر أيدناكم منذ أول دقيقة،" 

 

وعن واحدية الثورة في مصر واليمن وتلاحم المسار النضالي قال :

" لأننا كلنا نشعر أن حريتكم حرية لنا، وأن ثورتكم ثورة لنا، وأن قوتكم قوة لنا. كنا نشعر هذا وأن ثورتكم ثورة العرب جميعاً وقوتكم قوة العرب جميعاً، كنا نشعر أن حريتكم إنما هى حرية للعرب جميعاً، كنا نشعر أن اليمن الذى كافح دائماً ولم يقف عن الكفاح، والذى ثار دائماً ولم يقف عن الثورة؛ أراد الله له أن ينتصر وأراد الله له أن يؤيده حينما يتصدى له الاستعمار وحينما تتصدى له الرجعية."

" إننا معكم هنا بإذن الله ومعكم هنا بعون الله لتنتصر ثورتكم ولتقوموا بدوركم الأبدى بين الأمة العربية لترفعوا رسالة الإسلام، ولترفعوا رسالة الحرية التى رفعتموها دائماً على مر السنين. منذ آلاف السنين، منذ الدعوة الإسلامية كان اليمن هو رافع راية الإسلام وهو رافع راية الحرية،"

" ترفعون راية الإسلام وترفعون راية الحرية فى كل مكان، وترفعون راية الوحدة الوطنية، ولن تمكنوا أبداً الاستعمار ولن تمكنوا أبداً الرجعية من أن تفرق بينكم تحت أى اسم من الأسماء؛ تحت أسماء الحرية أو أسماء الطائفية، كلنا عرب لن يستطيع أى فرد أن يفرق بيننا"

" هذه الوحدة العربية قائمة فعلاً بيننا وبينكم من أول يوم لأيام ثورتكم، ولكنها ليست وحدة مواثيق وليست وحدة دساتير، بل هى وحدة الدم، لقد سفك الدم المصرى مع الدم اليمنى هنا على الجبال وفى الوديان وعلى الحدود، هذه هى وحدتنا وحدة القلوب.. وحدة الدم.. وحدة العقيدة "  

 

ثالثًا:

مقتطفات من مسيرته القومية 

 

ولد رحمه الله في مدينة الإسكندرية عام 1918م لأسرة بسيطة تعود أصولها إلى صعيد مصر 

وكان والده موظفاً بهيئة البريد. 

بدأ نشاطه السياسي في سن مبكرة مشاركاً في مظاهرات طلابية مناهضة للاستعمار البريطاني،  

 

التحق بالكلية الحربية وتخرج في عام 1938 والتحق مباشرتا بسلاح المشاة 

 

شارك في تأسيس تنظيم الضباط الأحرار وعُين مدرساً بالكلية الحربية.

وشارك في حرب فلسطين عام 1948، متطوعاً ثم ضمن صفوف الجيش المصري 

 

وفي كتاب "فلسفة الثورة" الذي صدر عام 1954م ، يقول عبد الناصر : "لما بدأت أزمة فلسطين كنت مقتنعاً في أعماقي بأن القتال في فلسطين ليس قتالاً في أرض غريبة، وهو ليس انسياقاً وراء عاطفة، وإنما هو واجب يحتمه الدفاع عن النفس".

 

في 23 يوليو / تموز 1952 قامت الثورة المصرية واعلان الجمهورية برئاسة الرئيس المناضل محمد نجيب.

وفي عام 1953 قاد عبد الناصر الوفد المصري للتفاوض على انسحاب القوات البريطانية من مصر نهائيا، و جلاء البريطانيين في غضون عشرين شهرا في يونيو 1956م

 

تولى عبد الناصر الرئاسة، بعد وضع الرئيس محمد نجيب تحت الإقامة الجبرية إثر تنامي الخلافات بينه وبين مجلس قيادة الثورة.

 

قام بتأميم قناة السويس 

فاستخدام بريطانيا وفرنسا وإسرائيل القوة العسكرية ضد مصر فيما عُرف بـ"العدوان الثلاثي"

 

ولعب عبد الناصر دوراً محوريا في تأسيس حركة عدم الانحياز في عام 1961، 

  

ساند عبد الناصر حركات التحرر في القارة الإفريقية، انطلاقاً من إيمانه بكون أفريقيا "دائرة محورية بالنسبة لمصر"، كما ساهم في تكوين منظمة الوحدة الأفريقية 

 

كان أحد دعاة فكرة القومية العربية بإعتبار  "الدائرة العربية هي أهم الدوائر وأوثقها ارتباطاً بمصر"، فتمكن من تحقيق الوحدة بين مصر وسوريا عام 1958م (تحت اسم الجمهورية العربية المتحدة) الذي انفرط عقدها بعد ثلاث سنوات.

  

وفي مؤتمر القمة العربي الأول عام 1964م الذي دعا إليه جمال عبد الناصر تم الإعلان عن إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية 

 

وجاءت حرب يونيو/ حزيران 1967م لتكون بمثابة الانتكاسة الأكبر في مسيرة عبد الناصر ومشروعه القومي العروبي،

 

وكانت المحطة الأخيرة في حياة عبد الناصر هي مؤتمر القمة العربية عام 1970 ( الذي عقد بصفة استثنائية إثر ما يعرف بأحداث "أيلول الأسود")، فقد توفي بعد يومها الأخير بنوبة قلبية في 28 سبتمبر /أيلول.