آخر الاخبار

بالتزامن مع وصول حاملة الطائرات الأميركية «روزفلت» إلى المنطقة.. ضربات أمريكية تدمّر أهدافاً حوثية مليشيا الحوثي تشيع قيادات برتب رفيعة.. وإقرار بمقتل 312 عنصرا خلال بضعة اشهر في مواجهات مع قوات الشرعية رسمياً.. مليشيات الحوثي تنصّب زعيمها نبياً مقدما على أفضلية نبينا الكريم ومغردون يردون :لهذة الدرجة فوق الرسل والانبياء محكمة العدل الدولية تحدد موعدًا للإعلان عن موقفها من احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية بعد مغادرته ليفربول.. كلوب يرد على عرض لتدريب المنتخب الأمريكي اليمن: قتلى وجرحى في هجوم إرهابي بشبوة الديوان الملكي السعودي يصدر قرارا بخصوص ثلاثة أسماء ويعتمد لها 3 ضوابط لتسجيلها وقفة تضامنية بمأرب تطالب بمسيرات غضب في كل مدن العالم لإدانة المجازر الإسرائيلية ووقف حرب الإبادة بغزة عاجل المجلس الرئاسي يدعم قرارات البنك المركزي بعدن ويؤكد ان إصلاح الوضع الإقتصادي للبلد يبدأ بإعادة تصدير النفط وتوحيد العملة اجتماع طارئ لمجلس القيادة الرئاسي.. المجلس يحذر الحوثيين ويعلن الجاهزية العسكرية لأي مغامرة قادمة

هل سيحكم أتباع الزنداني اليمن مستقبلًا؟
بقلم/ محمد المياحي
نشر منذ: شهرين و 10 أيام
الخميس 02 مايو 2024 04:19 م
 

يعتقد المثقفون أن من حقهم السيطرة على الحياة؛ لمجرد امتلاكهم أفكارا في الذهن، يرونها تنويرية، وأكثر صلاحية لتمثيل المجتمع.

يا لضحالة هذا الوعي المفتقر للذكاء!! يتوهمون أن الحياة الواقعية تتجاوب مباشرة مع أي نظام فكري متسق وذي طبيعة منطقية. لكأن الواقع ذو قابلية تلقائية للخضوع للمنطق، ويحترم الفكرة العقلانية أكثر من غيرها.

 

الواقع قاسٍ ومتداخل وعديم المطاوعة، إنّه يسخر من عقلك ويشفق على طريقتك في التعامل معه.

يتحدى الواقع كل محاولة فوقية للإسقاط الذهني، ويعلن باستمرار أن كل أنظمة المعرفة عاجزة عن استنفاده أو تحقيق تطابق كلّي معه. إنّه يحترم كلّ براعة عملية على حساب أي إدعاء عقلي مجرد أو مزاعم فكرية بالأحقية في احتكاره.

 

ينحبس المثقفون في عوالم الأفكار، ويغضبون من كلّ تفوق واقعي لجماعات يرونها فارغة من المعرفة، أو عديمة الخبرة بالمنطق. يتهامسون: انظروا كم إنّها جماعة لا تفقه شيئًا من ابتكارات العقل، وليست مُطّلعة على آخر كشوفاته النظرية والعلمية. الحياة ليست نظرية، وليس هناك ما يُلزمها بالتسليم لتعريفاتك. الحياة عملية، حركية، إنها لأولئك الذين يباشرونها، ويقتربون من قوانينها الواقعية، حتى دون أدنى قدرة ذهنية على توصيفها.

 

تحترم الحياة الزنداني، ولو لم يكن في رأسه أي فكرة تقدّمية. تكافئ حيويته الواقعية، ونجاحه في بث حراك عملي، وبراعته في إقناع الجماهير بما يؤمن به.

يبدو لي أنّ للحياة معايير مختلفة عمّا نعتقد. لا يهمها ما إذا كنت تؤمن بنظرية داروين، أو متمسّكا بسرديتك الدينية لكيفية الخلق. إنها تقف على الحياة، وتمنح الرآية لمن يصل أولًا، ويمتلك أذهان الناس وقلوبهم. من ينجح في ملء الفراغ تتحالف معه الطبيعة فورًا، وليس من اختصاصها النظر في محتواك، أو التأكد من اطلاعك على النظرية النّسبية، وفيزياء الكَم.

 

لم يكن الزنداني متعاليًا على الواقع، ولا خصمًا لمجتمعه، لم يستخف بثقافة الناس، ولا حاول ترهيبهم بالقوّة. كان مبدأ نشاطه هو القبول الأولي بالحالة التي وجد المجتمع عليها، ونسج مشروعه من قلب الواقع. هكذا نجح الرجل في تحقيق اختراق واسع، وحيازة مشروعيّته التربوية بمرونة فائقة.

 

يشعر المثقفون بالغضب، ويُحمِّلونه المسؤولية؛ ليس لكونه خذل الناس بل لأنّه لم يشتغل وفقًا لرؤاهم -أعني خصومه.

لا بأس بمدافعة الرجل، وإخضاع ميراثه العملي والنظري للجدل، غير أنّ نتائج هذا الجدل محكومة بالفشل غالبًا؛ لأننا أمام تضاد جذري يصل حد الرفض للأٌسس التي ينطلق منها الرجل.

الحالة الوحيدة لتأسيس جدل هادف مع الزنداني هي تواضع المثقفي،ن وعودتهم إلى الواقع، التسليم بالواقع بما هو كذلك كشرط أولي للحجاج حوله، ومنه إدانة الرجل، أو تثمين ما قام به.

 

يرغب المثقفون بقلب الواقع كليًّا وبطريقة قسرية. هذا الوثوق النظري بتقدمية أفكارهم يعميهم عن العجز العملي.

بالطبع من حق الجميع تصوّر الكيفية التي يجب أن يكون عليها المجتمع، لكن عليهم إثبات قدرتهم التحويلية هذه. في حالة كهذه، كانوا سينجحون في التمدد، وتحجيم سطوة الزنداني وأتباعه، وسوف يعفون أنفسهم من الشكوى والغضب، غير أنّهم لم ينجحوا في هذا التحدِّي، مع بقائهم متمسكين بخطورة مشروع الرجل، دون أن يقولوا لنا: أين هو التيار المؤهل لانتزاع المشروع والواقع منه..؟ أين المثقف القادر على فرض نموذج بديل وخلاق، يدفع الكثير نحو الضفة المقابلة للزنداني وأتباعه؟

 

الخلاصة: بمقدور الزنداني أو أتباعه أن يحكموا اليمن في الغد القريب. إنّهم أقرب للجدارة بالسلطة من خصومهم. وليس في الأمر أي مفاضلة قيمية أو بيان بأحقية بالملك من غيرهم؛ لكنهم أقرب لتوافر شروط السيطرة والوعي بقوانين السلطة ممن يعترضون عليهم.

 

فإذا تتبّعنا قوانين التطوّر الطبيعي لشؤون الملك في حياة أي مجتمع، فإن مجتمعا أذعن للسلالة، ولو بالقوة، لن يكون خلاصه وفقًا لمنهج الحداثة المزعوم.

أغلب الظن، أن نهج الزنداني أكثر تناغمًا مع المجتمع، وأقرب للحظوة في تمثيله.

ولربما تترجح كفته مستقبلًا، بخلاف ظنون خصومه بأن عهده قد أفل. لعل موت الزنداني مقدمة لاستواء موروثه.

 

وبقليل من جهد الأتباع وتطويرهم لرؤاه سيكملون شروط التأهّل، ويربحون المستقبل مهما تعالت صرخات الخصوم، وزادت حِدّة اعتراضاتهم