الأقوياء العشرة.. المبشرون بالرئاسة
بقلم/ الديار
نشر منذ: 14 سنة و شهر و 14 يوماً
الخميس 11 نوفمبر-تشرين الثاني 2010 11:19 م

بقدر ما تعقدها الغيمة الداكنة.. بقدر ما تجعل قراءة القادم أكثر سهولة ووضوحاً.. إذ أن ما يحجب الرؤية حالياً من غيوم الأزمة والتحديات الراهنة سياسياً واقتصادياً قد تنقشع فجأة ونصحو على صحو طارئ.. سواء أكان ذلك بالانفجار أو الانفراج.. فكلاهما خيار ينتظر "اليمن" كمصير أو هي من ينتظره كمخاض عسير.. من بين الأمرين يمكن استقراء المجهول والوقوف عند ملامح الخطوط الأولى لخيوط "السيناريوهات" المحتملة لحتمية لا بد منها رغم هروب الجميع عن التفكير فيها.. تلك المتمحورة حول الحاكم القادم لهذه البلاد.. الرئيس الآتي لقيادة الوطن.. من سيكون زعيم اليمن؟!

ليس التكهن "صعباً" كما ليس التحليل "سهلاً" رغم خلو المشهد من الاستحالات وتزاحم تفاصيله –فقط- بالتعقيدات الممكنة الحلحلة.

ما زال علي عبدالله صالح –اليوم- هو الرئيس المتوج منذ ثلاثين عاماً ونيف رئيساً للجمهورية الفتية وحتى إبريل 2013م الموعد المحدد لانتهاء ولايته الأخيرة للحكم دستورياً.. لا يمكن الجزم بشيء يتجاوز نقطة واحدة: تعديل الدستور لتصفير العداد بما يسمح للرئيس صالح بالترشح مجدداً والترؤس من جديد.

ذلك –على الأقل- بات من المسلمات وإن لم ينجز أمره بعد.. غير أن –الراجح- التسليم المطلق ببقاء الرجل رئيساً للأبد!! فمن الممكن بقاؤه على العرش مدى الحياة –حياته هو- لكن الأعمار تظل بيد الواحد الأحد.

الإرهاب كوسيلة للتخلص من الأسرة الحاكمة لمصلحة قوى أخرى

ماذا لو مات الرئيس صالح أو اغتالته ونجله عناصر القاعدة.. تخيلوا!!

لم يجرؤ أحد من قبل على رمي السؤال: ماذا لو مات الرئيس علي عبدالله صالح؟

مؤخراً طرح ذات السؤال بصيغة أخرى وبطريقة غير مباشرة.. لقد أبلغ الأمريكان فخامة رئيس الجمهورية عن حصولهم على معلومات خطيرة –دقيقة نوعاً ما- تحمل ما يشير إلى مساعي تنظيم القاعدة لتهديد حياة الرئيس شخصياً.. وأبعد منه استهداف حياة ابنه وأفراد أسرته.. تحدثت المخابرات الأمريكية رسمياً عن مخطط القاعدة لاغتيال رئيس الجمهورية وهو ذات الملف الذي يتهم به الصحفي المعتقل في الأمن السياسي عبدالإله حيدر شايع.. والعام الفائت كشفت تناولات صحفية عن خطة لم تنجح للقاعدة كان هدفها إسقاط طائرة الرئيس أثناء إقلاعها من مطار صنعاء.. بيد أن المعلومات الأمريكية –لو صحت- فمن شأنها إعادة النظر في طريقة التعامل مع ملف الحرب على الإرهاب في اليمن.. ذلك أن جرأة القاعدة لتنفيذ مثل هذه العمليات فيه دليل كاف على ثقة وقوة التنظيم وبلورة استراتيجيته للسيطرة على البلاد طبقاً لما يخططونه ويعلنونه كأهداف وتوجهات في ما يصدر عنهم من بيانات ومواد إعلامية.. إلا أن الجديد يشعل فضول الأسئلة أشد مما سبق.. عما وراء إضافة نجل الرئيس –هذه المرة- لقائمة المستهدفين بالتصفية القاعدية.. كما ولو أن تنظيم القاعدة يهدف إلى تسوية الملعب من الأقوياء عبر إخراج الرئيس صالح ونجله أحمد –المرشح لخلافته- من دائرة الحكم لليمن في هذه المرحلة وما بعدها.. إما من أجل صعود القاعدة كبديل قادر على الحكم أو أن الوقوف وراء اغتيال الرئيس ونجله يأتي ضمن تحالفات مع قوى أخرى تعمل على إزاحة هذه الأسرة –نهائياً- عن الحكم ومنعها حتى من التفكير بمجرد المنافسة أو التطلع.. وهو موضوع يحتاج لمناقشة منفردة.

حياة الزعماء مصدر قلق للشعوب ومصدر خطر للدول.. أقرب مثال لذلك ما حدث مؤخراً في مصر الشقيقة حينما انقلبت الدنيا على رأس رئيس تحرير صحيفة الدستور المقال إبراهيم عيسى بسبب نشره خبراً عن شائعة مرض الرئيس يحمل إشارات يفهم منها وفاته.. لتبلغ المشكلة ذروتها بالاتساع على نطاق ضخم انتهى بالحكم على الصحفي بالحبس ولم ينه الجدل حول مثل هذه الجزئيات.

في حالة الرئيس صالح ومحاولة اغتياله بأيدي القاعدة.. يمكن استذكار ما حدث للرئيس المصري الراحل أنور السادات على يد الانتحاري خالد الإسلامبولي في عملية وقف وراءها تيار إسلامي "جماعة الإخوان المسلمين" ومن منطلق عمالة السادات للغرب والكفار إثر توقيعه على معاهدة سلام تطبيعية مع إسرائيل، انعكاس الصورة يمكن مقاربته مع الحالة اليمنية والرئيس صالح.. القاعدة تنظيم إسلامي متطرف يتهم دولة الرئيس علي عبدالله صالح وشخصه بالزندقة والتآمر وموالاة الكفار والتحالف مع الصليبيين الأمريكان والصهاينة اليهود ضد الإسلام والمسلمين.. وهو ما يأتي كرد قاعدي على الشراكة بين صنعاء وواشنطن في الحرب على الإرهاب.

بالنسبة للحوثيين –كتيار إسلامي مسلح متمرد- لم يفصح أو يكشف عنه شيء يتصل بالتخطيط لاغتيال الرئيس صالح الذي يجاهرون بالاعتراف به والولاء لدولته.. إلا أنهم بأسلوب آخر –عقائدي- ينقلبون على أقوالهم بالانحياز لمبدأ حصر الأحقية في الإمامة للبطنين وهذا ليس موضوعنا.

لا خالد سواه سبحانه.. سيذهب الرئيس وستبقى اليمن.. وسيظل السؤال الحائر متدلياً من أعلى سقف المحنة اليمنية المعاصرة: الرئيس القادم من هو؟

ليس الآن ولا بعد 2013م ولا ما بعد 2017و 2020.. بل من هو الشخص الممكن اختياره بالترشيح والانتخاب أو بالتزكية والانقلاب أو بالتمرد والاغتصاب كي يصبح الرئيس. من هم الأشخاص الأقوياء القادرون على تولي زمام الحكم.. وأي الشخصيات المؤهلة والكفؤة التي قد تكون ذات يوم متموضعة فوق ورؤوس الشعب الذي تنسيه همومه وبؤس أيامه الاهتمام بمثل هكذا سؤال.

لا بد الرجوع للوراء ثلاثة عقود للتنبؤ بما قد يحدث بعد ثلاث سنوات.. لقد صعد "علي عبدالله صالح" للرئاسة عام 1978م في ظرف معقد عقب اغتيال سلفه "أحمد الغشمي".. لم يكن اسم "صالح" مطروحاً بقوة ولا محط تفكير ونقاش لتولي هذا المنصب الذي لا تشجع أوضاع البلاد آنذاك أحداً على التقدم إليه فجاء "علي عبدالله" فجأة ليتصدر الموقف ويملأ الفراغ بالرغم من وجود شخصيات كثيرة قوية ونافذة ومؤثرة..

واقع البلاد الآن يبدو مقارباً لتلك الحقبة بشهادة مناضلين وساسة لكل منهم وزن وثقل.. بين 1978 و2010 تبدو الصورة متداخلة الشبه مع فارق وجود الرئيس، لكن الظروف إياها مشابهة تماماً.. تمردات مسلحة وتكتلات قبلية.. تدخلات خارجية وتحالفات سياسية.. تراكمات نوازع الثأر والنقمة.. وتطلعات رغبات التغيير والإصلاح.. شعب منهك ودولة متضعضعة.. حدث هذا في الشمال وقريباً منه كان يحدث في الجنوب.. اغتيال رؤساء وصعود وجوه غير مألوفة في ظل مخاضات وطنية صعبة وعسيرة.

تسلم "علي عبدالله صالح" مقاليد الحكم والتقديرات لا تمنحه أكثر من شهر واحد للبقاء في منصبه حياً أو ميتاً.. بينما هو لم يعط لنفسه سوى "أسبوع" فقط بمنصب الرئيس ليأخذ –كما قال- بالثأر للغشمي.. الشهر امتد لمئات الأشهر.. والأسبوع أصبح آلاف الأسابيع.. والسؤال الاعتراضي: هل كان صالح مستعداً للرئاسة أم أنها كانت مجرد مغامرة بالنسبة له؟

لا تأكيد على وجود استعداد نفسي وتأهيل ذاتي شامل الإعداد والتهيئة والترتيب سبق الحدث.. روح المغامرة والتحدي ونزعة التجريب وشغف المنافسة والبروز هي –على الأرجح- كانت المحفز الأول والسبب الرئيس الذي دفع صالح لاعتلاء المنصب.

ماذا لو كان هناك استعداد وتأهيل وإعداد مسبق هل كان حال البلاد في عهده سيكون مختلفاً؟

لا شك أن روح المغامرة وفسيولوجيا التحدي والشجاعة التي عرف بها شخص صالح لعبت دوراً مؤثراً في طريقة أدائه الرئاسي وأسلوب إدارته حكم البلاد منذ توليه الرئاسة وحتى اليوم وانعكست هذه الروح في منعطفات وطنية عديدة على مدى الثلاثين عاماً الأخيرة أبرزها حدثاً هو: إعلان الوحدة بمقترح جريء من صالح قابله قرار أكثر شجاعة من علي سالم البيض.. وفيما وقع شبه آخر للحالة اليمنية في الجنوب والشمال.

أما لو أن الرئيس صالح ترأس الجمهورية وهو على قدر كاف من التجهيز والتخطيط المسبق للمنصب الأول فلا شك أن الوضع كان مختلفاً جداً.. لكن لا يمكنني التأكيد بالجزم أنه سيكون مستمراً في الحكم إلى الآن من منطلق ارتباط مصيره وقراره بقبضة شركاء إعداده المسبق أفراداً كانوا أو قوى وأحزاب والاستدلال بما آل إليه عهد الرئيس/ إبراهيم الحمدي من نهاية مأسوية قد يكون مناسباً للاستشهاد في هذه الجزئية وكذلك ما حصل للرئيس الغشمي ومعه.. كان للحمدي والغشمي شركاء في التخطيط والتنفيذ للوصول إلى الكرسي وفي ترجمة الأجندة وتنفيذ الأهداف والنتيجة كانت وصيفة لما حدث للفرقاء الاشتراكيين في يناير 86 ناصر وفتاح والنهايات –يمنياً- تشبه البدايات غالبا وأحيانا تستنسخ ما قبل البداية.. ولو أخذنا –كنموذج عربي- جمهورية مصر لوجدنا الملامح تتكرر في صور ومشاهد الطريق إلى الرئاسة، وحده علي عبدالله صالح –على ما يتضح- استحوذ على جميع العناصر.. المفاجأة.. الفرصة.. المبادرة.. المباغتة.. وحدد شركاء لاحقاً دون أن يحددوه مسبقاً.. بالتالي.. قاد الدفة متخففاً من التزامات ما قبل ليخفق فيما بعد في تحمل تبعات شركاء اختارهم ولم يختاروه ولينال وزر الثقل هذا وأوزار الأثقال تلك حاضر راهن يرمي حمولته الثقيلة على مستقبل قادم ينتظر حمولات أثقل وأثقل.

إذا كان الرئيس صالح يواجه هذه الأيام تداعيات أخطائه القديمة ونتائج الأخطاء في سنوات حكمه الماضية.. فإن الرئيس الذي سيأتي بعده سيجد نفسه في مواجهة أخطاء جميع رؤساء اليمن السابقين في الجنوب والشمال وكافة الخطيئات المتراكمة في تاريخ دولتين منفصلتين مضافا إليها خطايا دولة الوحدة..

من يدري.. فما دام التاريخ يكرر نفسه.. فإن المشهد هو الآخر قد يعيد تفاصيله على غرار ما حدث عام 1978 مع صالح.. إذ أن الساحة تكاد تظهر خاوية على عروشها لو تأملناها بتفحص مع أن ذات الساحة نكاد نراها –من زاوية ثانية- تعج بالأسماء القوية والشخصيات البارزة.. إلا أن أي أحد لا يستطيع الإشارة إلى اسم محدد أو شخصية معينة يمكن أن تلاقي الإجماع عليها بالاستحقاق للرئاسة وإن بالاستفتاء على الأسماء والأشخاص في نطاق ضيق على مستوى مخدرة أو مقيل كملتقى أنسب يستخلص أطياف الشعب.

أما من المنظور الصحفي.. فلا ضير من استجماع المشهد المتنافر بزواياه المتداخلة والعمل على فرز الجزئيات باستخدام البوصلة حيناً والاستعانة بالبوتقة حيناً آخر.

ولنبتدئ برصد تلقائي للأسماء والشخوص الأقوى والأكثر رواجاً في أحاديث عامة البسطاء والأبرز اهتماما لدى النخبة من رجالات السياسة وأقطاب صناعة القرار.. القائمة سنحاول استخلاصها في أقل عدد واقعي وضمن ما لا يتعدى المنطقية ولا يتجاوز حدود الأمر الواقع.

سنضع في اعتبارنا القليل من المحظورات.. متجاهلين الكثير من الممنوعات.. قاصدين الوصول إلى نتيجة يمكن لها أن تكون الأقرب وليس مطلوبا أن تصير الأصدق.

مصدر قوته في الجيش وعناصر فاعليته في قبضة أبيه

أحمد في محنة الوصول للكرسي "الأسهل" عبر المرور من "الطريق" الأصعب

بالتسلسل الرقمي –والأبجدي أيضاً- يأتي أحمد علي عبدالله في المرتبة الأولى للمرشحين الأقوى لرئاسة اليمن بعد الرئيس صالح.. الحديث السياسي عن تحويل الجمهوريات الديمقراطية إلى ملكيات أسرية وما حدث في بلدان عربية مثل سوريا والأردن وقطر وما هو قائم التفاعل في دول أخرى ذات نظم جمهورية مثل مصر وليبيا دفع إلى الواجهة بالعقيد أحمد لاعتلاء القائمة.. مدفوعاً بمكايدات سياسية تستدعي (التوريث) كورقة ضغط وتستحضر التداول السلمي كوسيلة مساومة وأداة تحريض وتهييج.. ولأن رائحة الطبخة قد فاحت من أول يوم تقلد فيه العميد الشاب قيادة قوات الحرس الجمهوري والقوات الخاصة.. لم يعد هنالك مناص للتكتم أو اللملمة والكتمان.. ولا أحد يزيح أحمد عن الرئاسة عند القراءة والتحليل والتوقع.. بينما هو –فقط- من يتنحى جانبا عن الأمر الواقع بحيث يبدو للمتابعين غير مهتم أو طامح بالمنصب بعد أبيه.

هناك من يرى صعود أحمد للكرسي ووالده ما زال على قيد الحياة أسهل من الوصول إليه في غيابه.. أي أن قوة صالح ونفوذه قد تساهم في تنصيب نجله ويحظى بدعم ومساندة القوى المتحالفة مع صالح ومراكز النفوذ التي تشكلت في عهده وتحت رعاية نظامه سواء داخل المؤسسات العسكرية أو الأحزاب السياسية أو الشريحة القبلية والتكتلات الدينية والرأسمالية.

أحمد سر أبيه.. وقيادته لأقوى وحدة عسكرية في الجيش اليمني مصدر قوة إضافية تتشابك مع مصادر قوة أخرى جيوسياسية وطبوغرافية لتلعب دوراً مؤثراً في رئاسته للجمهورية القادمة.. لكن رضا وقناعة الجيران أمر مهم وموافقة الحلفاء الغربيين شيء ضروري لتدعيم الموقف بالإضافة إلى مباركة الأوساط الشعبية وتأييد القوى القبلية مطلب لا بد من توفره.

بروفة بن شملان شجعته للتقدم أكثر بشجاعة سعودية نادرة

موروث "الماضي" وإرث "الحاضر" يمهد طريق "حميد الأحمر" إلى القصر

رقم اثنين هو حميد الأحمر.. الشيخ والملياردير والنائب البرلماني والقيادي في ثاني أكبر حزب "الإصلاح" والمتزعم الأبرز للمعارضة اليمنية.. وريث النفوذ من والده الراحل الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر بعلاقته القوية الواسعة مع القبائل في الداخل وخارجياً مع القوى الإقليمية الفاعلة.

يجمع حميد بين موروث الماضي وطنياً وقبلياً وإرث الحاضر تجارياً وسياسياً مكوناً قوة ضاربة وقبضة أقوى، ممسكاً بخيوط اللعبة وخطوط الوصول للكرسي الرئاسي. لم يقدم الشيخ الأحمر الشاب نفسه بوضوح كطامح للمنصب الأول.. تاركاً ذلك للآخرين الذين يضعونه في المقدمة وإن كانت تلميحات دبلوماسية صدرت منه تشير إلى نوايا وتكشف عن رغبات وحلم مشروع للمنافسة على الحكم لا يوازي خطورة حميد سوى ذكائه ونشاط تحركاته.. وقد كان لافتاً بروزه المثير منذ 2006م مستغلاً زخم الانتخابات الرئاسية لتقديم نفسه للرأي العام ومخاطبة الجماهير بكاريزما زعيم وديناميكية البديل الأنسب.

البعض فسر وقفته التأريخية مع مرشح الرئاسيات المرحوم فيصل بن شملان ضربة معلم متجاوزاً بذلك –كما أثبتت السنين- مخاوف وانعكاسات نتائجها السلبية على مستقبله السياسي والتجاري من منطلق معاكسته للتيار ومخالفته حتى وجهة وموقف والده آنذاك الذي وقف مناصراً لمرشح المؤتمر صالح وهو رئيس الإصلاح المعارض في واحدة من خصوصيات الحالة اليمنية المتسمة بالأوراق المخلوطة.

الآن صار الشيخ حميد زعيم المعارضة الأقوى والاسم المقلق لسلطة اليوم وحكام الغد.. خصوصاً مع ملاحظة إحاطته –بما يمكن تسميته- رعاية سعودية كاملة وهي الرعاية التي من شأنها قلب الطاولة في أي لحظة قياساً بحجم النفوذ السعودي وتأثيره في رسم وصياغة القرار اليمني وتشكيل الخارطة السياسية من أسفل الهرم إلى قمته المتمثلة في المشاركة باختيار الحاكم الذي تريد وقد يكون حميد هو الأقرب إليها من سواه.. عوضاً عن استقوائه بمزاج القوى الخارجية المساير لتوجهات التغيير السلمي والتداول الديمقراطي لرئاسة البلد.

نائب الحزب الحاكم الأقرب للكرسي والأنسب للتهدئة والتهيئة

عبدربه أقوى "جنوبي" محتمل بمباركة السلطة والمعارضة

الغليان الراهن في الشارع الجنوبي الباحث عن خيارات أعلاها استعادة الدولة الشطرية وأسفلها الشراكة الحقيقية في السلطة والثروة تجسيداً للمعنى الحقيقي للوحدة يدفع بنائب رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي المنتمي إلى محافظة أبين الجنوبية للمرتبة الثالثة.. ارتكازاً على أساسيات مشتركة قد تكون –ربما- خياراً توافقياً يرضي الأطراف المتنازعة.

أي أن السلطة الحالية ممثلة في الحزب الحاكم في حال تزايد الضغوطات أو فراغ كرسي الرئاسة قد لا تمانع في صعود عبدربه للموقع الأول باعتباره جزءا منها كنائب لرئيس البلاد ونائب أول للمؤتمر الشعبي العام وشخصية جنوبية من شأنها مسايرة فكرة –أو دعوة- رئيس جنوبي لليمن من أجل حل الأزمة المعضلة.. ويدعم موقف عبدربه ويعززه موقعه في منصب الرجل الثاني رغم عدم صدور قرار جمهوري بتعيينه رسمياً إلا أنه دستورياً هو من يحكم إذا غاب الرجل الأول وحدث ذلك مراراً أثناء تواجد صالح خارج الوطن.

كما أن رصيد وسيرة حياة وتجربة عبدربه تكاد تكون مأمونة ومصدر اقتناع لدى السلطة أولاً والمعارضة الطامحة ثانياً.. الأولى تجد فيه الأكثر ولاءً والأسهل ترويضاً والأنسب من جنوبيين متطلعين بشراسة مثل الرئيس علي ناصر ونائب الرئيس علي سالم البيض بما يحملانه من تأريخ زاخر بأرصدة غير محمودة العواقب ولا محط إجماع واسع.

والثانية –أي المعارضة- من الممكن أن تؤيد وتوافق ترؤس عبد ربه نظراً لاعتقادها بأنه كشخص وتجربة قد يكون الوسيلة الأحسن لكسر احتكار صالح وأسرته للموقع، وبالتالي من السهولة بعدها منافسة عبد ربه وإزاحته بعد ولاية أو ولايتين وإحلال مكانه رئيساً من المعارضة.. إضافة إلى ما يراه – أو يتوقعه- مراقبون حول استراتيجية تصعيد عبدربه رئيساً لفترة واحدة تكون كافية لتهدئة الغليان القائم وتكفي للتهيئة للرئيس المنتظر بعده سواء كان أحمد أو حميد كونهما الأقوى ويتحقق بذلك ضرب عصافير التوريث والتداول والتغيير برمية واحدة تحتاج إلى تخطيط كبير.

الذراع اليمني لـ"صالح" زاده "الحوثي" استقواء وصحة أفضل

علي محسن الرقم الصعب في معادلة الاستفادة من 30 عاماً في توسيع التحالفات

تجاهل أو إبعاد القائد العسكري المخضرم علي محسن في مثل هذه الحسابات الشائكة لا يمكن لأي تحليلات المرور عليه بتجاوز وتناسٍ، فقائد الفرقة الأولى مدرع والذراع اليمنى للرئيس صالح طوال عشرات الأعوام الفائتة لا يزال رقماً صعباً في المعادلة الرئاسية وشخصية قوية وثقيلة رغم تغير المناخات وتبدل الأجواء وبروز الكثير من المستجدات والتداعيات العاصفة في طريق الرجل الصامت والشخص الأشد غموضاً وجدلاً لا حدود له.

تصنيفات الساسة والعامة تضع علي محسن كرجل ثان –فعلي- بعد علي عبدالله صالح الذي ارتبطت علاقته به منذ الطفولة والقرابة الأسرية بالانتماء لقرية واحدة ومعاصرة ذات الأحداث كرفقة درب قبل وبعد صعود صالح للحكم ومن هذه النقطة يستمد علي محسن سر بقائه محتفظاً بقوته المستندة إلى تحالفات واسعة النطاق مع مشائخ القبائل ورجال الدين والرأسماليين ونخبة السياسة والإدارة في المجتمع إلى جانب روابط وثيقة العلاقة بالأسرة السعودية الحاكمة والأسرة السلفية المتحكمة هناك.. الصمود الذي يحافظ به علي محسن على مركزه المتقدم على هيكل الحكم منبعه أرضية ثابتة يقف عليها سبق وأن أرسى مداميكها على مدى سنوات طويلة عبر سلسلة متداخلة من العلاقات وشبكة المصالح ومراكز وقوى النفوذ والسيطرة التي هو أكبرها عملياً من حيث هامش الصلاحيات والقدرة على التمدد بمختلف الجهات والاتجاهات.

وعكس ما كان متوقعاً من نتائج حربه مع الحوثيين طيلة ست سنوات فقد استطاع الخروج من المأزق محافظاً على قوته في وقت توقع الكثيرون إصابته بشيء من الضعف والاهتزاز. لقد ساعدته خبرته وتجاربه على حماية موقعه ونفوذه وتجيير الأحداث لصالحه من خلال نسج قنوات تواصل وبناء تحالفات جديدة مع قوى وأطراف هي الأخرى جديدة دونما خسارة قوى وحلفاء المرحلة أو المراحل السابقة.. من هنا يتصدر القائد علي محسن صف المرشحين للرئاسة ومتفوقاً عليهم بحصيلة ملازمته للرجل الأول ثلاثين عاماً وسنتين وهو الذي يصغره سنه ويتمتع بصحة جيدة.

أسرع مركز قوى يتوغل في العمق بديناميكية لا تعترف بالمستحيل

الدكتور "الذكي" رشاد العليمي مدعوماً بمنافسة سعودية أمريكية ليكون رجلها الأول

من الممكن وضع الدكتور/ رشاد العليمي نائب رئيس الوزراء لشئون الدفاع والأمن ووزير الإدارة المحلية حالياً والداخلية سابقاً في المرتبة الخامسة بين الأقوياء وإن كان هناك معترضون كثر يخفى عليهم عديد نقاط من قوة الرجل غير المرئية.

لو قلنا إنه الأذكى بين الوجوه المسئولة والشخصيات القيادية فلن نجانب الصواب مطلقاً بشهادة من يراقب ويتابع أولاً بأول خطواته ويقرأ على الدوام تفكيره من واقع تحركاته.

دهاء العليمي يتضح من تفرده بدون خلافات أو صراع مع أحد –أطراف أو قوى أو أشخاص- مستفرداً بعلاقات ودية مع جميع الأقطاب وروابط مصالح متبادلة مع كل الأضداد وعلاقة تواصل مع كافة التكوينات.. داخلياً وخارج الحدود.. ليغدو مركزا قوى وقوة نفوذ لها تأثير ضاغط وكلمة مدوية في سيناريو الوضع الراهن ولكن بهدوء وتكتكة وبتقنية عصرية.

اللواء الدكتور من الجدير توصيفه بالأسرع نمواً والأحدث ظهوراً على المشهد.. أقل من عشر سنوات فقط احتاجها لبناء وصناعة مركزه بين الكبار ليغدو في زمن وجيز واحداً من أقوى الأقوياء.. السنوات التي أمضاها وزيراً سيادياً لوزارة الداخلية فتحت أمامه فضاء الأحلام وأبواب الطموح.. إذ تمكن من مد جسوره إلى حيث لم يصل غيره شاقاً الطريق الصعبة بقدرة خارقة عجز عنها من حاولوا قبله.. إنه ذكي وداهية وعالم في الاجتماع بغض النظر عن كونه رجل أمن وعسكري أولاً.. فدراسته للمجتمع ساعدته على فهم القبائل حتى استقطب كبار المشائخ إلى صفه بعدما نجح في تسويق نجاحاته كمسئول أمني ورجل دولة نادر ومثالي رفيع الشأن.. مواصلاً دربه بالانفتاح على قوى المعارضة أحزاباً وشخوصاً وصحافة وبرجوازيين وأساطين دين ومذاهب.. وسرعان ما كسب هذه الفئات المشكلة لنخبة الشعب ومعه ثقة كبار الدولة ورضا وقناعة مكونات مفاصل المؤسسات الحيوية من الجهاز الرئاسي إلى أجهزة المخابرات ومن السلك الدبلوماسي إلى القطاع المالي.. ليحصد صداقة ووثوق الأشقاء السعوديين والأصدقاء الأمريكان كقوتين مهمتين تتسابقان على أن يكون العليمي هو رجلها الأول في اليمن من منطلق تفحصها لقدرات ومقدرات الرجل القادر على إنجاز ما هو محل إعجاز.. وبذلك يكون الدكتور رشاد مؤهلاً للرئاسة ومدعوماً بقوة إضافية تتمثل في الانتماء الجغرافي لمحافظة تعز.

شخصيته العسكرية وفرصته الدستورية قد تقذف به إلى حيث لا يتوقع

يحيى الراعي الأوفر حظاً للقفز للرئاسة بخطوة واحدة متوقعة

الاستهانة بشخص رئيس مجلس النواب يحيى الراعي القادم للموقع المدني من بيئة عسكرية فيه نوع من الاستخفاف بمنظومة توافقية اسمها الدستور الذي لو قرأتموه لوجدتم أن الراعي هو الأوفر حظاً وفرصته في اعتلاء الكرسي أفضل من فرص بقية الأقوياء.

صحيح أن لا شيء يبدو دالاً على رغبته في الوصول لهكذا منصب.. إلا أن الظروف قد تجبره –غصباً- على القفز من كرسي رئاسة البرلمان إلى عرش رئاسة الجمهورية.

ليس في الأمر شطح أو شعوذة.. النص الدستوري يمنح رئيس مجلس النواب أحقية إدارة شئون البلاد في حالة فراغ المقعد الرئاسي أو حدوث فراغ دستوري بوفاة الرئيس أو كما هو متوقع حدوثه عام 2013م عندما ينهي رئيس الجمهورية صالح آخر فتراته الرئاسية في ظل مخاضات متلاطمة قد تأتي ولم يستجد ما يقشع غيمة المحاذير.. ليصحو يحيى الراعي ذات يوم فيجد نفسه تلقائياً حاكماً للبلاد دون تخطيط ولا ترتيب.

من الممكن حدوث ذلك.. خاصة والراعي هو الأكثر حظاً بالبقاء رئيساً للمجلس النيابي إذا أجريت الانتخابات بحيث سيكون ما يزال رئيساً للبرلمان في 2013 ما لم تستبق الأقدار تنصيبه رئيساً ولو لفترة مؤقتة كمرحلة انتقالية.

الراعي ليس رجلاً عادياً كما يسود انطباع الغالبية.. والحكم عليه من خلال عدم لباقته في الكلام وعفوية طرحه ومحدودية ثقافته لا يكفي للتقييم.. هناك جوانب فذة في شخصية يحيى الراعي تنم عن قدرات غير عادية ومزايا وصفات قيادية.. أهمها حنكته العسكرية وقدرته على اتخاذ القرار وخلق العلاقات وتشابهه مع صفات علي عبدالله صالح في جوانب عدة.

الجماهيرية الكاسحة لا يعوقها عن الاكتساح سوى التهمة الأمريكية

الزنداني المستقوي بشعبيته وخارطته "الدينية" في أجندة السياسة

جماهيرية الشيخ العلامة/ عبدالمجيد الزنداني تفيض عن الساحة المحلية لتبلغ قارات العالم.. إذ لا مبالغة عند الجزم بكونه أشهر يمني في هذا العصر.. والدين هو من صنع للزنداني الشهرة وساعده كثيراً على الانتشار والتموضع على الخارطة اليمنية كقوة ضاربة يحسب لها ألف حساب.

رجل الدين هذا.. أكبر من مجرد داعية أو خطيب.. فالشيخ الزنداني قيادي سياسي بارز في حزب الإصلاح المعارض ويرأس جامعة الإيمان ذات النهج التعليمي السلفي والبؤرة المزعجة للغرب وفي مقدمتها أمريكا.. لكنها المصنع الذي يتوالد فيه أنصار الشيخ وأتباع الزنداني وعشرات الآلاف من مريديه القادمين من مختلف اصقاع الأرض وشتى أنحاء اليمن.. مشكلاً بهذا النفوذ الديني المتماشي مع أجندة سياسية مركز قوى بالغ الخطورة والتأثير في نفس الوقت.. قوة الزنداني يسندها دعم لوجستي من القوى الإسلامية المجاورة والإقليمية المدعومة بالأموال الكافية للتضخم والقدرة على مقارعة الكبار.

نقطة ضعف الزنداني الوحيدة هي ملاحقته بتهمة القاعدة والإرهاب.. وهي التهمة التي قد يلغيها طارئ عالمي مفاجئ.. تنهار فيه الإمبراطورية الأمريكية أو ترتفع راية الإمبراطورية الإسلامية على وقع انتصارات المجاهدين أو عودة موازين القوى العالمية إلى حيث يفترض أن تتلاقى.. عندها ستعود القوة الضارية للشيخ عبدالمجيد مغادراً دائرة التردد والحذر والابتعاد عن التهور.

مثلاً لو دخل الزنداني مرشحاً في الرئاسات الماضية فإنه كان سيحقق نسبة أعلى مما تحقق لمرشح المعارضة بن شملان.. وفي المستقبل قد يحتاج إلى مساندة خارجية توازي سنده الجماهيري محلياً كي ينافس بجدارة على الكرسي الملتهب بحماس الشباب الذين لا شيء يخيفهم أكثر من شبابية روح رجل سبعيني لا يعرف التثاؤب ولا يعترف بالاستسلام للعاصفة.

المخابراتي القديم والزعيم السياسي الجديد يفرض نفسه بدون حاجة لدعم مناطقي أو قبلي

قوة "الإصلاح" مع قوة "الإخوان" تضع "اليدومي" منافسا بين كتيبة الأقوياء

من لا يعرف محمد اليدومي جيداً فهو لا يعرف حزب الإصلاح بالشكل المطلوب.. اليدومي هو العقل المدبر في الكيان الخطير، تجمع الإصلاح وبحكم موقعه القيادي في مقدمة المديرين لأكبر أحزاب المعارضة اليمنية وأقوى تنظيم سياسي يمني تتجاوز قوته حزب المؤتمر الحاكم مقارنة بقوة الإصلاح بدون مقدرات الدولة المسخرة للشعبي العام.

قوة الإصلاح سياسياً هي وجه آخر لقوة اجتماعية غير ظاهرة للسياسي البارز محمد اليدومي أقوى رجل في الإصلاح المتزاحم بالشخصيات القوية.

اليدومي المتفرغ لإدارة الحزب والتحكم برسم مفاصله وسياساته هو في منظور كبار السياسيين شخصية مؤهلة لقيادة البلاد لاعتبارات عديدة.

شهرة اليدومي خارج الإصلاح ليست واسعة، لكن قدرته على التأثير وكسب الخصوم وصلابة المواجهة تجعل منه واحداً من أقوى اليمنيين الجديرين بالصعود إلى الكرسي الرئاسي.

إلى جانب ثقله السياسي ونفوذه الحزبي .. هو مستند إلى خلفية عسكرية قديمة وخبرة مخابراتية سابقة ساعدته على التغلغل داخل المناطق المحظورة.. عوضاً عن موقعه الهام على خارطة القوى الإسلامية كعنصر مهم في حركة الإخوان المسلمين ذات الحضور القوي والمتنامي يمنياً وقد تقف مساندة للأستاذ اليدومي في حال ترشح للمنصب وستنحاز إليهم –ربما- أكثر من الانحياز لقيادات إصلاحية أخرى قد تكون مطروحة للمنافسة مثل الزنداني أو حميد الأحمر.. بالإضافة إلى اتفاق قوى المعارضة الأخرى على تناسب شخص اليدومي المنفتح على الآخر والمتحرر نسبياً من عقد الأيدلوجيات الدينية والتحلل من عصبوية الانتماءات المناطقية والقبلية إلى حد ما.

اليدومي يعمل بعيداً عن الأنظار ويراقب الأحداث وتفاعلاتها بعيون ترى ما وراء الظاهر وتستكشف البعيد غير المنظور.. محافظاً على علاقاته مع مكونات المشهد اليمني وقوى وأطراف التأثير وشركاء صناعة القرار.. إنه شخصية قوية وشخص قوي قادر على انتزاع الفريسة من مخالب الوحوش.

استراتيجيته ونفسيته تبقيه ضمن أقوياء الداخل وهو خارج الحدود

علي سالم البيض قد يرأس "الجنوب" في غياب "صالح" ويشارك في "صناعة" رئيس صنعاء القادم

من الصعوبة جداً عودة الزعيم الجنوبي علي سالم البيض إلى صنعاء أو صعوده لرئاسة دولة اليمن الموحدة ليس في الظروف الراهنة فحسب بل وحتى لو غادر عدوه اللدود صالح عرش الحكم وتحقق التغيير المنشود، هناك موانع كثيرة تمنع الرجل من الوصول للكرسي.. بعضها متعلقة به شخصياً –نفسياً وأسرياً- إذ لم يعد بائناً عليه القدرة على استساغة ما يتصل بالشمال اليمني بعدما غادر موقعه كنائب لرئيس مجلس الرئاسة بإعلانه انفصال الجنوب عام 94 وانتهاء الحرب بانتصار قوى الوحدة الممثلة في نظام صنعاء ومغادرة البيض عدن مثقلاً بإرهاصات خارجة عن حسابات المرحلة.

الموانع الأخرى تتعلق بتناقض استراتيجيته القائمة على استعادة دولة جمهورية الجنوب مع أطروحات من يضعون علي سالم كبديل مناسب للحلول مكان علي عبدالله صالح نظراً لتعارض هذا الطرح مع الهدف الرئيس للحراك الجنوبي الذي يقود ثلثيه رئيس الجنوب السابق البيض من منفاه خارج الوطن.

إلا أن علي سالم يبقى واحداً ضمن الأقوياء ولا يمكن أن يغادر قائمة الكبار حتى وإن غادر الحدود منذ عقد ونصف.. مصدر قوته رصيده الوطني كشريك أول في صناعة الوحدة اليمنية وتأريخه السابق كزعيم مطلق للدولة الشطرية في الجنوب وقائد أعلى للحزب الاشتراكي بإرثه الزاخر بالثقافة التقدمية وموقعه النضالي في تاريخ الأمة.

قد يعود البيض رئيساً لدولة الجنوب لو حدث الانفصال، لكن مع وجود صالح على رأس الحكم من الصعب قدرته على تحقيق ذلك لأسباب تتعلق ببقاء عناصر التأثير وقنوات التغيير في قبضة قوى وأطراف قريبة من صالح ومنحازة إليه أكثر من غيرها وانحيازها إلى علي سالم البيض. ما لا يمكن تجاهله شيء واحد مهم جداً.. موقف البيض من الرئيس القادم بعد صالح سيكون ورقة رابحة.. كلمته أو مساندته لأي مرشح من شأنها ترجيح كفة المنافس ورفع أسهم حظوظه.. ذلك أن أي تسويات سياسية قادمة لن تتأتى دون الحاجة للمرور على الرئيس علي سالم البيض.

قوة مؤثرة تشعباتها تشمل معظم المطروحين للمنافسة

الحوثي الصغير حظوظه "المستقبلية" أفضل من حظه على الفرصة القادمة

لو افترضنا دخوله سباق الرئاسيات القادمة 2013 فإن أصغر الأقوياء "عبدالملك الحوثي" لن يكون قد بلغ السن القانونية المشروطة للمترشحين هذا العائق الأول والمعوقات الأخرى تتمثل في ضيق الوقت أمام جماعة الحوثيين لترتيب أوضاعها سياسياً والانخراط التام في المسألة اليمنية لأن تسويق المشروع الحوثي عبر أسلوب مغاير لما درجت عليه الجماعة من عنف مسلح أمر يبدو أكثر صعوبة بالنسبة للحركة الحوثية التي فرضت قوتها وسط الأرقام الصعبة من واقع قوتها المسلحة على الأرض في صعدة كطرف في الحرب مع الدولة دفع بها لتكون ضمن أهم اللاعبين السياسيين على الساحة المحلية.

أما إذا دخلت جماعة الحوثي المنافسة بشخصية غير الزعيم الميداني عبدالملك فإن حظوظها ستقل قياسا بانخفاض شعبية أي مرشح حوثي مقابل ما يتمتع به الحوثي الصغير من جماهيرية واسعة والتفاف أوسع ويتسع إلى خارج محافظة صعدة والمحافظات المجاورة لها.

إلا أن الواضح عدم تفكير الجماعة بهذا الشأن حالياً وفي المستقبل القريب.. لكن استثمار وتوظيف قوتهم قد تكون بمثابة الشراكة مع الرئيس القادم من خلال مدى تأثير وفاعلية الموقف الحوثي مع أي مرشح قد يسانده ويتحالف معه.

للحالة أبعاد متشعبة تتداخل مع الانضمام الشكلي للتيار الحوثي مع اللقاء المشترك المعارض عبر مشاركته في لجنة التشاور الوطني ومناصرته غير المباشرة للرئيس صالح ضد القوى الإسلامية المتطرفة لاعتبارات مذهبية مؤدلجة.. وبينهما مناصرته للقضية الجنوبية وتواصله مع قيادات الجنوب ولكن دون تأييده لمشروع الانفصال.

والجديد هو اتضاح المسار الحوثي في هذه الجزئية.. الحوثي لن يكون في صف علي محسن للعداء الثأري.. لن يقف مع حميد الأحمر لعدائية قبلية مع قبيلة حاشد وسياسية مع السعودية.. لن يؤيدوا الزنداني لخصومة عقائدية.. لن يدعموا علي سالم لمعارضتهم للانفصال.. هل سيناصرون يحيى الراعي كزيدي من ذمار.. أم يكون عبد ربه هو مرشحهم لالتزامه الحياد من قضية صعدة.

حسين.. يحيى.. طارق.. هلال.. القاضي

وجوه "شبابية" على دكة الاحتياط بملامح "مؤتمرية" شمالية

الصف الثاني من الأقوياء المبشرين بالرئاسة المتطلعين للكرسي أو المشمولين بالتصنيف وترشيحات المراقبين.. نجدهم هنا وجوهاً شبابية من المحافظات الشمالية ومحسوبين على المؤتمر الشعبي العام –الحزب الحاكم- حتى وإن تمردوا عليه مستقلون بذاتهم في كيانات حزبية تقدم نفسها كعناصر منافسة لا كوادر محكومة بالتبعية والانضواء.

يتصدر هؤلاء الشيخ حسين الأحمر شقيق المرشح الثاني بين الأقوياء حميد الأحمر.. ولم يعد خافيا تطلعات حسين المستند سياسيا إلى حضور مجلس التضامن الذي يرأسه ويعتمد قبلياً على قوة قبيلة حاشد باعتباره شيخها.

العميد يحيى محمد عبدالله صالح يأتي بعده وهو بالمناسبة ابن عم المرشح الأقوى أحمد علي عبدالله.. والذين يطرحون اسم يحيى يقفون على نقاط قوته القادمة من انتمائه لأسرة الحكم وبناء نفوذه من خلال شبكة مصالح تجارية وسياسية مع القوى المؤثرة بالإضافة إلى قيادته لقوة عسكرية ضخمة هي الأمن المركزي.. وهي ذات العناصر الممكن إدراجها ضمن ملف شقيقه الآخر العقيد طارق محمد عبدالله صالح قائد القوات الخاصة الذي الفرق بينه وبين أخيه هو في ميل طارق للقوى التقليدية المحافظة وانفتاح يحيى على قوى الحداثة والليبرالية.

الوزير عبدالقادر هلال شخصية تلفت الأنظار ويجعل المتابعين تلقائياً يضعونه ضمن القائمة من منطلقات نشأته العسكرية وانتمائه لمنطقة الرئيس سنحان وتمتعه بخبرات وقدرات وعلاقات وتجارب نجاحات سابقة تجعل منه مناسباً للرئاسة ولو من باب خطة يكون فيها الرئيس الفعلي شخصاً آخر غيره.

أما النائب المثير للجدل محمد عبدالإله القاضي المتمرد على حزبه وقرابته الأسرية بالرئيس وقوة نفوذه على أقطاب صناعة القرار ورسم مسارات المستقبل تعزز من موقعه في إطار الترشيحات للمنصب الرئاسي حتى وإن لم يفصح جميع هؤلاء عن النوايا، فإن التحركات على الأرض تحمل ما يشير إلى طموح مشروع وحلم ممكن.

ناصر.. العطاس.. الجفري.. ياسين سعيد.. سالم صالح

أسماء "تأريخية" من الوزن الثقيل بألوان "اشتراكية" جنوبية

مقابل الدماء الشمالية الشابة.. تقف على الجهة المقابلة أسماء من العيار الثقيل.. شخصيات "تاريخية" من المنتمين للمحافظات "الجنوبية" من القيادات الكبيرة التي لها تجارب سابقة في المواقع الرئاسية.

الرئيس الأسبق علي ناصر محمد يكاد يكون الأبرز والأكثر ترديداً وطرحاً.. يليه الرئيس السابق للجنوب وأول رئيس وزراء في دولة الوحدة حيدر العطاس والاثنان –كلاهما- قامة بارزة ومسيرة حياة حافلة بالتجارب ومعاصرة الأحداث والمشاركة في صنع التغييرات ورسم مسار تفاعلات الخارطة السياسية.

عبدالرحمن الجفري داهية الجنوب وأحد أقطاب الهاشمية في اليمن وزعيم حزب رابطة أبناء اليمن العريق.. جرب المنصب عدة شهور كنائب لرئيس دولة الانفصال في 94 وانتهى به الحال في المنفى ليعود 2006م محافظاً على لياقته السياسية ومكانته بين الكبار.. صار حالياً أحد الأسماء القوية على الساحة وبين شخصيات الجنوب المؤهلة للرئاسة.

أما الدكتور ياسين سعيد نعمان فهو الأقرب للإجماع والتوافق وهو رجل الحكمة والحنكة والخبرات المتراكمة من موقعه المتقدم في سلطة الجنوب إلى رئاسته لأول برلمان وحدوي قبل أن يغادر منتصف التسعينيات ليعود زعيماً للحزب الاشتراكي ويعيد إليه بعض البريق.

كذلك يمكن وضع عضو مجلس الرئاسة بدولة -الوحدة- ومستشار رئيس الجمهورية حاليا سالم صالح محمد ضمن التشكيلة الجنوبية المخضرمة نصيبه من القوة تجاربه الماضية وعلاقته الحميمية مع الجميع وانتمائه القبلي إلى قبيلة يافع فاعلة التأثير والحضور.

غير أن الملاحظة تبرز في تشكل الصف الشمالي الثاني من الجيل الشاب فيما الصف الجنوبي مكون من الرعيل الأول جيل الرواد.. كما أن شباب الشمال قادمون من وسط الأسر الحاكمة ومن الداخل.. في حين كبار رجالات الجنوب قادمون من المنفى أو باقون فيه ويتوزعون على تيارات وقوى ومناطق متنوعة بعكس الشبان الشماليين.

  مجاهد.. المتوكل.. الشيخ عبدالله.. بن شملان.. جار الله عمر

ا لكبار الراحلون تركوا المقعد شاغراً

الذين كان ينظر إليهم كقامات كبيرة قادرة على ملء المنصب الرئاسي.. غادروا الحياة في مشهد دراماتيكي واحداً بعد الآخر.

مات مقتولاً برصاص التطرف "جار الله عمر" مهندس اللقاء المشترك والقيادي الاشتراكي المتزعم للمعارضة وفيلسوف التغيير والتداول للكرسي وحامل مشروع العدالة والشراكة.

رحل بعده الحكيم المؤثر "يحيى المتوكل" بتأريخ حياته المرصع بالمواقف والمنعطفات والتجارب والحيوية الدائمة مع الوطن وقضايا الأمة لتخسر البلاد رمزاً لا يتكرر.

لحقه سريعاً "مجاهد أبو شوارب" الشيخ المحترم والمناضل الجسور، الشخصية اليمنية القوية التي أعطت بلا حدود وقدمت تضحيات وصنعت أحداثاً دون منّ ولا بحث عن مطامع تاركا بعده اليمنيين يبحثون عن قاسم مشترك لجميع الفرقاء قادر على سد ما خلفه من فراغ.

آخر كبارات رجال الشمال الأقوياء.. كان المرحوم عبدالله بن حسين الأحمر" شيخ القبيلة ومرجح كفة السياسة بعد حياة مليئة بالمواقف والوقفات شاهداً على العصر اليمني ومشاركاً في صياغة تاريخه.

وبعد فرج بن غانم كان الفارس الجنوبي "فيصل بن شملان" هو آخر خسارات الوطن الفادحة برحيله والبلاد تشهد مخاضات عسيرة وهو الجسور المقدام وصاحب السجل النظيف والمشرق نزاهة وشرفاً.

هؤلاء الخمسة من صنعاء وعدن هم الأبرز في قائمة الراحلين المؤهلين لقيادة زمام البلد وتسنم دفة القيادة.