إحتفال عدن وتزييف إرادة الجنوبيين.
بقلم/ محامية/ليندا محمد علي
نشر منذ: 11 سنة و 10 أشهر و 3 أيام
الجمعة 22 فبراير-شباط 2013 05:57 م

لا يوجد مبرر واحد لنهج التوتير الاستفزازي الذي تتبعه السلطة المحلية في عدن عندما تعلم أن الأجواء مشحونة بكل عوامل التفجير، وعناصر الاحتقان، فتأتي لتستفز المواطنين باحتفال تحتفل به وحدها من دون سائر محافظات اليمن بعيد لها وحدها، وهو يوم الواحد والعشرين من فبراير يوم انتخاب الرئيس هادي الذي جاء انتخابه منفردا وبدون منافس.

يعلم السيد وحيد علي رشيد محافظ عدن أن محافظات الجنوب لم تشارك في الانتخابات إلا في أضيق الحدود لسبب بسيط وهو أن ذلك اليوم من العام 2012 كان يوم صراع عسكري بامتياز حيث انتشر رجال الأمن وأطلقوا النار على المواطنين وسقط الشهداء والجرحى من الرافضين للانتخابات وكما جرت العادة يؤتى بالعسكر والمقيمين في عدن لينتخبوا بدلاٍ من أبناء عدن لأنهم يعلمون أن لا احد في عدن مؤيد لهم وأتحداهم ان يحللوا السجلات الانتخابية وينشروها في الصحافة ليكتشف الشعب اليمني ان المشاركين في تلك الانتخابات هم من العسكر والوافدين من خارج عدن والمحافظات الجنوبية، وحتى اليوم لم يعلن عن عدد المشاركين من أبناء الجنوب، وتمت الإشارة إلى إجمالي عدد المشاركين دون التعرض لأي محافظة، وكم نسبة المحافظات الجنوبية في المشاركة في الانتخابات الرئاسية التي يحتفلون بها وكأنها الحدث الذي حلت به اليمن مشاكلها كاملة.

لم يستطع السيد رشيد تقديم أي شيء لأبناء عدن منذ توليه منصب المحافظ، فلا استطاع حل مشكلة البطالة ولا تمكن من محاربة الفساد والفاسدين الذين تضاعف عددهم بعد مجيئه ـ بعد الثورة التي حملته إلى الكرسي الأول في المحافظة، ولا حل مشكلة انقطاعات الكهربا ولا تلاشي الخدمة الطبية وانهيار التعليم، ولا انعدام المياه في أول المدن التي عرفت المياه النقية في الجزيرة العربية، وفي حين تنتشر الجماعات المسلحة في كل أحياء وضواحي عدن دونما أي إجراء من السيد رشيد وجهازه الأمني، يعتقل المئات من نشطاء الحراك السلمي تمهيدا لاحتفاله بعيد لا يعني شيئا المواطنين من قريب ولا من بعيد، وعندما حشد الحراك السلمي الملايين في ثلاث مناسبات متتالية، 14 أكتوبر، 30 نوفمبر 2012م، و13 يناير 2013م أغاض هذا السيد رشيد وبعث فيه حالة الهوس والحسد وربما وجد من يؤنبه من قيادات ناهبي الأرض والثروة وطلبوا منه أن يثبت وجود من يؤيد النهب والسلب والإقصاء الجنوب، وأبدوا استعدادهم لتزويده بالمدد البشري ليتحدث بعد ذلك عن مليونية التأييد لوحدة (السلب والنهب والإقصاء) لأنهم يعلمون أنه لا يوجد جنوبي واحد ينحاز إلى فكر التعصب القبلي والمذهبي الذي يكرس سياسة التسلط والانفراد والفساد والاستبداد، عدا قلة من المنتفعين الذين لا قيمة لهم بالنسبة لملايين الضحايا.

ليس صعبا على كل من شاهد احتفال عدن أن يشاهد أن المنصة كانت خالية من أبناء عدن (باستثناء وحيد رشيد وبعض القيادات الإصلاحية) كما إن عريف الحفل قد جرى استيراده من خارج عدن ومن خارج الجنوب، وبشعارات لا يفهمها الجنوبيون الذين لا يعلمون ما معنى، ""زلج"" ""وشرج""،"والسرج" التي ظل يرددها طوال ساعات الاحتفال . . .للأسف الشديد الرسالة التي أراد أن يوصلها الراغبون في توتير الأجواء في الجنوب وصلت وهي: أن الثورة لم تغير الموقف من الجنوب والجنوبيين، وإن عبد ربه منصور هادي لا يختلف عن علي عبد الله صالح في شيء بالنسبة للجنوب والجنوبيين، فالمعتقلون في عهد صالح هم أنفسهم المعتقلون في عهد هادي والضحايا هم نفس الضحايا، والمتسلطون هم أنفسهم وإن تغيرت الأسماء خاصة إذا ما علمنا أن السيد وحيد رشيد هو من نفس المدرسة، وقد ظل منذ العام 1994م هو الظل الملازم لطه غانم، ويحيى الشعيبي وأحمد الكحلاني، وعدنان الجفري، وعبد الكريم شائف وبقدرة قادر تحول إلى نصير للثورة ومنقذ لعدن وأبنائها.

تكثيف حملة الاعتقالات قبيل يوم من احتفال وحيد علي رشيد، وإطلاق النار على ناشطي الحراك، وإسقاط الشهداء والإتيان بمؤيدين من خارج عدن لوحدة ما تزال تغتصب حق الجنوبيين وتنهب مقدراتهم وتصادر حقهم في التعبير وتمنعهم من ممارسة حقهم المدني في الاحتجاج والاعتراض، لا يمثل إلا تدليسا واضحا أراد به منظمو هذه الفعالية تزييف واقع الحال وتزوير إرادة الجنوب والجنوبيين.

بقيت الإشارة إلى حقيقة استفزازية أخرى وهي الحديث عن الشهيد محمد علي شاعن باعتباره أول شهداء الثورة في عدن، ونحن إذا نترحم على روح الشهيد شاعن ونسأل الله له الرحمة والغفران، فإننا نتساءل، أين موقع شهداء الحراك الجنوبي، ألم تقولوا أن الحراك هو أول ثورات الربيع العربي، وإن الحراك هو حراك كل اليمن، وأن القضية الجنوبية هي قضية كل اليمن، إذن ماذا عن شهداء المنصة في العام 2007، وماذا عن شهداء الضالع والمكلا والهاشمي والحوطة وشبوة وزنجبار وساحة العروض والمنصورة والمعلا وجميعهم سقطوا قبل الشهيد شاعن عليهم رحمة الله جميعاً، أم أن التمييز يستمر حتى بين الشهداء، فهناك شهداء درجة أولى وهناك شهداء درجة ثانية وثالثة ورابعة، تماما كما هي المواطنة اليمنية.

أن من يقمع جرحى الثورة ويعتدي على نائب الأحرار القاضي احمد سيف حاشد هو نفسه من يختطف أبناء الجنوب ويخفيهم في المعتقلات حتى يتسنى له انتحال شخصية الجنوبيين لإقامة احتفال يكرس سياسة الاستبداد من خلال مد بشري أتى به من خارج الجنوب للتعبير عن إرادة غير إرادة أبناء الجنوب.

نحن هنا لسنا ضد من يأتي من أبناء المحافظات الأخرى إلى المحافظات الجنوبية بالعكس هم ايضا أبناء الوطن ولكن نحن ضد ان يتم استخدامهم لتزيف إرادة الجنوب وتصوير الوضع على غير حقيقته.

إنني أدعو أبناء الشعب اليمني من شباب الثورة ونشطاء الحراك السلمي الى التخلص من وصاية القوى التقليدية التي اختطفت ثورة الشعب وامتطت حصانها،. . . أدعوهم إلى تشكيل حزب سياسي جديد من شباب الحراك السلمي و الثورة الشبابية يتخلص من تسلط القوى التقليدية وثقافتها المتحجرة والمتسلطة على حق الشعب،. . .حزب جديد ينتقل باليمن إلى الدولة المدنية، . . دولة المواطنة المتساوية والحريات العامة المستندة على النظام والقانون والرامية إلى إحقاق الحقوق وإقامة العدالة الاجتماعية المفقودة على مدى تاريخ اليمن.