توريث السلطة في الدول العربية
بقلم/ مأرب برس
نشر منذ: 17 سنة و 6 أشهر
السبت 05 مايو 2007 08:36 م

  اصابت الانظمة الجمهورية في العالم العربي ظاهرة بروز " ابن الرئيس " وتوليه سلطات فعلية تتجاوز احيانا سلطات الشخصيات الرسمية في هذه الدول التي يوجد بها نائب للرئيس ، وسلطات رئيس الوزراء .

فقد لمع ابن الرئيس حافظ الاسد في سوريا " باسل الاسد " وعندما توفي في حادث سيارة استدعي شقيقه بشار من لندن ، حيث كان يواصل دراسته العليا في طب العيون ، وتولي بالفعل رئاسة الجمهورية بعد وفاه والده في يونيو عام 2000 ، حيث جري تعديل الدستور السوري في دقائق لينطبق علي الوريث .

وفي نفس التوقيت تقريبا جري التركيز علي ابناء رؤساء اليمن وليبيا ومصر والعراق في عهد الرئيس المخلوع " صدام حسين " وبدا الحديث سرا وعلنا في هذه البلاد عن توريث ابناء الرؤساء للحكم وعن الجمهوريات الوراثية او الملكية او الجمهوريات الملكية .

الوراثة في مصر

يلاحظ رجال السياسة والمثقفون وحتي المستشرقون ورجال الاعلام الغربي مدي الصعود المتنامي لجمال مبارك نجل الرئيس المصري حسني مبارك بشكل يوحي بانه الرئيس المصري القادم .

"حسين عبد الرازق" الامين العام لحزب التجمع المعارص في مصر يقول .. رغم ان جمال مبارك قال بحسم " ان مسالة توريث السلطة غير وراد ، وان اي اطروحات تتضمن الاشارة لهذا المعني مرفوضة ايضا " ، وان الرئيس حسني مبارك نفي ذلك الامر في مناسبات عديدة .. وهذا صحيح ، الا ان الراي العام في مصر ما زال يري ان هناك امكانية ليست قليلة لان يخلف جمال مبارك ابيه في اكتوبر القادم او في اي مرحلة تالية .

وهناك اكثر من سبب لحالة عدم التصديق العامة في مصر والالحاح علي رفع شعارات مثل .. لا لتوريث السلطة ولا للتجديد ، فقد اصبح جمال مبارك يتحرك كالرجل الثاني في الدولة ، واصبح متحدثا دائما في الصحافة واجهزة الاعلام في جميع شئون الوطن والدولة من السياسة الي الاقتصاد الي القضايا الاجتماعية والرياضة ، واصبح له رجاله في الحزب والدولة ، وفي الوزارة الجديدة برئاسة د . احمد نظيف قفز عدد كبير من لجنة السياسات الذين يعملون معه الي مواقع وزارية رفيعة بالتشكيل الوزاري .

"ايبرهارد كينك" المستشرق الالماني يري ان وصف مصر كبلد في انتقال الي الديمقراطية يصبح موضوع تشكيك بسبب احتمال تعاقب شبه وراثي علي راس الدولة .

ولا شك في ان مساواه كل المواطنيين امام القانون التي يصعب من دونها تخيل الديمقراطية لا يمكن ان تستثني الاولاد او البنات من الترشيح او الانتخابات الي مناصب كان يشغلها سابقا ابائهم او امهاتهم .

ولا شك في ان جمال مبارك سينتخب رئيسا وفقا للدستور ، وبتاييد الثلثيين سيختاره البرلمان كمرشح وحيد ، الذي يحتاج الي تثبيت من قبل غالبية الناخبين الذين يدلون باصواتهم في استفتاء .

المشكلة تكمن في ان الانتخابات لن اتكون انتخابا ، خصوصا اذا تذكر المرء عدم التكافؤ البنيوي للاحزاب والمرشحين في انتخابات برلمانية انتجت دائما غالبيات مؤيدة للرئيس والنظام ، بمعني اخر لا يجري اختيار المرشح الوحيد خارج البرلمان فحسب ، بل انه ينتخب ايضا من نواب كان نفسه او سلفه قد اختارهم في وقت سابق ، وتستجيب هذه الاعلانات تماما لعلاقات القرابة الابوية .

" الدكتور محمد السيد سعيد " نائب مدير مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالاهرام يشير الي الغموض الذي يكتنف كلمة توريث السلطة ويقول : ان هناك طريقين يمكن ان يدخل بها جمال مبارك امين لجنة السياسات بالحزب الوطني الي الحكم ..

الاول .. ان يتنازل له الرئيس مبارك عن السلطة ويرشحه بنفسه في مجلس الشعب ليحصل علي ثلثي الاصوات ويخضع للاستفتاء في ظل رئاسة والده .

الثاني .. الذي يحتوي علي شكل اقل للتوريث يعد توريثا للسلطة من وجهة نظري ، فخوض جمال مبارك لانتخابات علي منصب الرئاسة مهما بلغت نزاهتها يحمل معني التوريث ، لانه به نوعا من توظيف واستغلال المصالح، واضاف .. ان خوض جمال مبارك للانتخابات في ظل وجود والده في السلطة المطلقة والكاملة لرئيس الدولة في مصر يفتقد معني التكافل والعدالة ، خصوصا مع الدعاية الواسعة التي يتمتع بها جمال مبارك الذي يمارس فعليا قدرا كبيرا من السلطة والاحترام الجبري .

الدكتور "فوزي حنفي" استاذ علم النفس بجامعة عين شمس يؤكد ان ابرز صور التوريث الجديدة صورة نائب الرئيس الذي يعادل " ولي العهد " في النظم الملكية الوراثية التقليدية ، ولقد حرص الرئيس مبارك حتي الان علي الاقل الا يقوم بتعيين نائبا له ، اي يختار لنا وليا للعهد ، وهو موقف اقرب الي الديمقراطية دون شك ، غير ان ما يستوقف النظر حقا ان العديد من المثقفين اليبراليين ظلوا وما زالو يطالبون الرئيس بتعيين النائب ، اي ولي العهد او الحاكم القادم ، رغم حرصهم في نفس الوقت علي تاكيد ادانتهم لمبدا التوريث .. متجاهليين ان ما يطلبون به ويرفضه الرئيس مبارك هو جوهر فكرة توريث السلطة .

ولو تمعنا النظر في الموقف قليلا لبدا لنا ان المطالبين بتعيين ولي العهد ، انما يتحفظون علي ان يكون السيد جمال مبارك هو الرئيس القادم ، رغم انهم يعلنون انه لا اعتراض عليه شخصيا ولا علي توجهاته السياسية ، لكنه اعتراض علي المبدا !! والسؤال الان .. علي اي مبدا يعترضون حقا ؟

ان الموقف الاقرب الي ديمقراطية انتقال السلطة يقتضي المطالبة بالتمسك باسسها ، ومزيد من الحريات لتشكيل الاحزاب ، ومزيد من حرية الصحافة والحريات العامة ، والتاكيد علي شفافية الانتخابات والاحتكام الي صناديق الانتخاب ، وفي هذا الاطار مرحبا بجمال مبارك اذا ما اختاره الشعب .

اليمن وسؤال الخلافة

يتسائل الكثريين من اليمنيين عن مستقبل العقيد "احمد علي صالح" نجل الرئيس اليمني "علي عبدالله صالح" ، والذي يشغل العديد من المناصب الهامة مثل قيادة الحرس الجمهوري ، وعضوية البرلمان ، وعدد من الهيئات الشبابية .

ولقد برز دوره مؤخرا في القضاء علي تمرد "الحوثي" وانصاره ، وكذلك تصفية بعض خلايا تنظيم القاعدة في اليمن ، وادوار اخري في دوائر صنع القرار في اليمن ، ورغم ان الرئيس اليمني علي "عبدالله صالح" في حواره مع مجلة " الرجل " نفي عزمة توريث السلطة لنجله" احمد علي صالح" ، واعتبر ذلك مجرد شائعات مثل غيره من انجال الرؤساء العرب كنجل الرئيس مبارك ونجل الرئيس القذافي .

ويعتقد كثير من المراقبيين ان الفرصة متاحة امام نجل الرئيس اليمني لخلافة والده ، بفضل سيطرته علي امور الجيش وعلاقاته الوطيدة بالقبائل الكبري ، ويري اخرون ان الكاريزما التي يتمتع بها الرئيس "علي عبد الله صالح" وقدرته علي البقاء في السلطة لاكثر من 25 عاما ، بالاضافة الي توازناته السياسية الداخلية والخارجية ، كلها تمهد الطريق لخلافة طبيعية لابنه في السلطة .

وكانت موائمات العقيد علي صالح وكرونته في مجال السياسة الخارجية خاصة مع الولايات المتحدة الامريكية في مرحلة ما بعد صدام ، قد جعلته يجنب بلاده الكثير من الصدام والتحرشات الامريكية .

ابناء القذافي والخلافة

لمع اسم "سيف الاسلام القذافي" نجل الرئيس الليبي "معمر القذافي" مؤخرا بعد ان نسبت اليه عمليات اصلاح مفاجئة وتغيرات انقلابية في سياسة ليبيا الخارجية .

ويري كثير من المراقبيين ان انفتاح ليبيا علي العالم الخارجي وانتهاء مرحلة العزلة جاء بعد خطوات مهد لها سيف الاسلام القذافي برئاسته لمؤسسة القذافي الخيرية العالمية ، والتي تقوم بدور الوساطة الانسانية لاعادة الرهائن واسري الحروب والنزاعات المسلحة ، كما حدث في ازمة الرهائن بالفلبين ، ونجاح سيف الاسلام في اجراء مفاوضات مع جماعة "ابو سياف" ، وسواء تم دفع فدية كبيرة لهذه الجماعة ام تم الاتفاق علي صفقة ما .. فان المجتمع الدولي اشاد بجهود بالقذافي الابن ، وكانت تلك الجهود في مجالات الاغاثة والسلم الدوليين ومسانده منظمات الامم المتحدة كفيلة باشادة كوفي عنان السكرتير العام للامم المتحدة بجهود"سيف الاسلام القذافي" في دفع عملية السلام والامن الدوليين للامام .

ويسعي المهندس "سيف الاسلام" الي تحسين صورة بلاده في المجتمع الدولي ، ولذلك فقد كانت جهوده وراء خروج تصريحات بالغاء المحاكم الثورية التي غالبا ما تم فيها اعدام المعارضين .

والخطورة الاهم هي اعلان القذافي الاب تخلي ليبيا عن اسلحتها النووية وانتهاء مرحلة تصدير الثورة ومساندة حركات العنف في ايرلندا والانقلابات في افريقيا الي مرحلة جديدة من الانفتاح علي العالم الخارجي ، والاعتراف بالاخطاء الكبري مهما كلف ذلك من مبالغ باهظة لدفع التعويضات عن اعمال لمجرد الاشتباه في ان مرتكبيها ليبيون ، كما حدث في ازمة طائرة" لوكيربي" وغيرها .

القذافي الابن في حواره لصحيفة "لموند" يقول .. انني لن اعيش في جلباب ابي ، ولن احترم كثيرا من ارائه !! ويتذكر القدافي الابن بكثير من الحزن والاسي لحظة هجوم الطائرات الامريكية علي منازلهم وقتل عمته والذي حدث في عام 1986 في عهد الرئيس الامريكي ريجان ، ولكنه في نفس الوقت يرغب في فتح مساحة كبيرة من الحوار مع الامريكيين ويدعوهم للاستثمار في بلاده .

ولم تطل الشائعات بخلافة "سيف الاسلام القذافي" لوالده فقط ، بل ان هناك ابناء اخرين للزعيم الليبي طالتهم الشائعات لدورهم البارز في بعض الاحداث السياسية والعالمية .

اما "الساعدي القذافي" الذي يراس اتحاد الكورة في ليبيا ، والذي اصبح من كبار الشخصيات الرياضية المعروفة في العالم والذي لا يفضل جذب المحترفين من لاعبي كرة القدم لبلاده ، بالاضافة الي انشطته المميزة في الرياضات الاخري ، ولم يقتصر امره علي الرياضة فقط بل يقوم والده بتكليفة بمهام سياسية وجهود وساطة بين بلاده والغرب .

اما "عائشة القذافي" ابنه الزعيم اللليبي فهي محامية وناشطة في مجال المراه والتنمية ، وقد تطوعت مؤخرا للدفاع عن الرئيس العراقي صدام حسين ، ولقد سافرت قبل احتلال العراق في مهام وساطة بين النظام العرقي والامم المتحدة لرئاستها لاحدي المنظمات الانسانية .

المصدر / إذاعة هولندا